الرئيسية مجتمع سلسلة نسائية احتجاجا على تزايد العنف ضد النساء

سلسلة نسائية احتجاجا على تزايد العنف ضد النساء

كتبه كتب في 7 ديسمبر 2012 - 11:26

لم يفلح لون الملف البنفسجي بتدرجاته المبهجة والذي ضم ملخصا عن التقرير السنوي الرابع حول العنف ضد النساء، من التخفيف من سوداوية المعطيات الصادرة عن المرصد المغربي للعنف ضد النساء. وردت المحاور نفسها وهي تتحدث عن أنواع مختلفة من العنف المسجل في حق نساء من مختلف الفئات العمرية، والانتماءات الاجتماعية.

سجلت 47587 حالة عنف، أي بزيادة 9955 حالة عنف جديدة مقارنة بالسنة الماضية، كما أن عدد الوافدات على مختلف مراكز الاستماع زاد بمجموع 550 امرأة، «لكن الأرقام لا تشير إلى الحجم الحقيقي للعنف الذي تتعرض له النساء، لأنها مجرد جزء بسيط من العنف المسجل في الواقع على نساء لا يقصد جلهن مراكز الاستماع» تقول نجاة الرازي خلال الندوة الصحفية التي أقيمت من أجل الوقوف على حصيلة سنة بدت ثقيلة مقارنة بسابقاتها.
ست حالات قتل بكل من مكناس وبني ملال، والجديدة سجلت هذه السنة مقارنة بحالة قتل واحدة خلال السنة الماضية، وكانت الحصيلة لترتفع بعد تسجيل أربع محاولات قتل أخرى داخل الدار اللبيضاء وأكادير، إلا أنها انتهت بالفشل بعد محاولة ذبح الزوجات الشابات من طرف أزواجهن.
لم يكن من الممكن لمن رحلن في صمت الإدلاء بشهاداتهن، إلا أن شهادات بعض الأقارب وتقارير الطب الشرعي كشفت بعضا من بشاعة هذا العنف الذي اختزلته حالة زوجة من الجديدة كانت تتعرض لأبشع “فنون” التعذيب التي تحاكي جو المعتقلات المظلمة. لم يكتف الزوج بركل زوجته ورفسها، أو شدها من شعرها، ولطمها، وغيرها من نماذج الإذلال التي تكشف عنها المعنفات داخل مراكز الاستماع، ليتطور الأمر إلى نزع أسنانها بالكلاب، وحبسها في الإسطبل مع الدواب إمعانا في تعذيبها وتجويعها. بعد وفاة الزوجة أثبت التشريح وجود تبن في معدتها مما يعني أن الزوجة المعذبة كانت تشارك الدواب في أكلها بعد أن أنهكها الجوع. الصادم في قضية الزوجة هو تبرئة الزوج.
الشهادة الثانية التي نقلتها نجاة الرازي بسبب تغيب المتضررات، كانت لسيدة لم تفارق الحياة، لكن معاناتها استمرت لمدة عشر سنوات من التحرش على يد مديرها داخل إحدى الجماعات. عدم التجاوب مع شكايات الضحية دفعها للتفكير في الانتحار، والدخول في إضراب عن الطعام أمام مكتبها بعد اصطدامها بالعديد من العثرات القانونية وفي مقدمتها إثبات حالة التحرش، « منين غادي نجيب ليكم الشهود، واش هو مللي غادي يبغي يتحرش بيا غادي يعيط على الموظفين باش يشوفوه و يشهدو معايا» تقول نجاة الرازي وهي تنقل كلام الضحية خلال الندوة.
رد الشرطة كان محبطا للضحية بعد أن تمسكت بعناد في تقديم شكايات متكررة علها تجد من ينصفها، «في النهاية كان جواب الشرطة واضحا.. معندنا ما نديرو ليك را حجرتو ثقيلة». رد الشرطة المحبط اختزل أهم المعيقات القانونية أمام القضية النسائية، وهي الخلل في تطبيق القانون، وتعقيد المساطر، وإلزامية وسائل الإثبات، والعقليات التي تسهر على تطبيق القانون من يعيق تنزيل النصوص المنصفة للمرأة في بعض جزئياتها.
الحل في تجاوز العقبات القانونية وفقا لمداخلة زاهية اعمامو هو التملص من العلاقات الاجتماعية التي تواجه القانون الذي يرتكز على نوع من التمييز بين الرجل والمرأة، حيث يتم ترسيخ النظرة الدونية للمرأة، مع نقلها من خانة الضحية إلى خانة المتهم من خلال لومها عن وقت خروجها، وطريقة لباسها وكأن المعطيين يشكلان إشارة خضراء من الضحية للمتهم فيما يخص حالات الاغتصاب والتحرش.
أثارت الندوة موضوع الإجهاض من زاوية أخرى، حيث تم التساؤل عن المسوغ الذي يدفع القانون إلى تجريم الإجهاض في حال كان الأمر باختيار المرأة سواء كانت أما عازبة أو زوجة، مقابل عدم تجريم القانون للكثير من حوادث الإجهاض التي تتعرض لها الزوجة بسبب العنف داخل بيت الزوجية، سواء تعلق الأمر بالزوج، أو الحماة.
من المفارقات التي سجلتها بعض الحاضرات انطلاقا من عملهن داخل مراكز الاستماع، تبادل الأدوار بين الشرطة والجمعيات، «ففي الوقت الذي يتوجب فيه تدخل الشرطة مباشرة بعد تقدم الضحية بالشكاية، يتم إحالتها من طرف الشرطة نحو الجمعيات النسائية، وكأننا نحن المسؤولين عن تنفيذ القانون» تقول إحدى الجمعويات مبدية تذمرها من استخفاف جهاز الشرطة في التعامل مع بعض الشكايات، بل إن بعض الحالات تسجل صدمة وتخوفا من الاتجاه نحو الشرطة، أو المستشفيات لإثبات حالات اغتصاب، « فهن يصبحن عرضة للاغتصاب من جديد، لأن العقلية السائدة ترى أن انتهاك جسد المرأة مؤشر للتلاعب به مرة ثانية وثالثة مادامت فقدت عذريتها» تقول إحدى الجمعويات.
سوداوية المعطيات التي كشفت عن ارتفاع حالات العنف الممارس في حق النساء، دفع بتحالف ربيع الكرامة للدعوة إلى إقامة سلسلة بشرية تضم ضحايا العنف من النساء إضافة إلى مجموعة من المساندين لهن من الجنسين، وذلك بعد غد السبت 8 دجنبر 2012 بالرباط، وستنطلق السلسلة من أمام البرلمان وصولا إلى وزارة العدل. ويسبق الوقفة لقاء تعريفي بطبيعة هذا النشاط اليوم الجمعة على الساعة الثالثة بعد الزوال لتحديد أهم أهدافها.
المجتمعات داخل الندوة سجلن تخوفهن من تراجع جميع المكاسب التي تم تحقيقها بسبب الجمود الذي عرفته القضية النسائية خلال السنة الأولى للتجربة الحكومية الجديدة.

سكينة بنزين

مشاركة