الرئيسية ثقافة وفن ابن زهر: المتاحف في علاقتها بالذاكرة والهوية والتنمية.. موضوع ندوة دولية

ابن زهر: المتاحف في علاقتها بالذاكرة والهوية والتنمية.. موضوع ندوة دولية

كتبه كتب في 19 مايو 2024 - 13:05

خليفة بوطيب**
احتضن فضاء الإنسانيات بكلية الآداب والعلوم الإنسانية، التابعة لجامعة ابن زهر بأكادير يومه الأربعاء 15/5/2024 ، ندوة دولية حول “المتاحف أساس لحفظ الذاكرة وتعزيز الهوية والتنمية المحلية”، والتي نظمت من طرف مختبر البحث المغرب في إفريقيا: التاريخ والذاكرة والمحيط الدولي، بشراكة مع شعبة التاريخ وبتنسيق مع قصبة سوس- بنسركاو. وهي الندوة التي حضرها ثلة من الأساتذة الباحثين، والطلبة من مختلف الأسلاك الجامعية، وكذا المهتمين بكل ما له علاقة بالمتاحف، في علاقتها بالتاريخ والتراث المادي واللامادي سواء داخل المغرب أو خارجه، انطلاقا من مشاركة متابعين وباحثين مختصين من بقية القارات، عبر تقنية التواصل المباشر المرئي، والذي عبره استمتع الحاضرون والمتابعون لمداخلة عن بعد من بروكسيل، ألقاها Paul DAHAN. الباحث في التراث والثقافة اليهودية المغربية، والذي أشار في مداخلته إلى تعدد المتاحف عبر العالم،مع توجيهه إلى ضرورة تطوير كل دولة لمتاحفها في ارتباط بهويتها وتاريخها، وذلك حتى لا تضيع الهويات وتنمحي، متحدثا عن الثقافة البربرية ودور المتاحف في التعريف بها والحفاظ عليها
هاته المتاحف التي تحوي لقى وعناصر، تثير تساؤلات الزائرين باعتبارها وسائل بيداغوجية، شبهها بالمرآة التي تعكس الماضي، ومشيرا في مداخلته لمتحف طنجة، وقصبات الأطلس والتراث اليهودي، وكل ما يربط الهوية بالأرض، هاته الأرض التي يعتبر نفسه جزء منها، انطلاقا من موطن ميلاده بمدينة صفرو، رغم انحداره من أبوين يتأصلان من تافيلالت.هذه المداخلة التي أعقبها طرح أسئلة أجاب عنها السيد Paul في حينها.
الندوة الدولية هاته، شهدت جلسة افتتاحية ثم جلستين علميتتين، لتعرف بعدهما جلسة ختامية، تمثلت في زيارة متحف قصبة سوس- بنسركاو، وهي الخرجة التي خصصت للمشاركين. في حين أن الجلسة الافتتاحية، شهدت كلمة للسيد عميد الكلية د.الناجي، الذي أكد على دور المتاحف سواء في التنمية المحلية أوفي دينامية البحث الجامعي، من خلال اقتراحه لتدريس علم التحافة سواء في الماستر أو الإجازة، وخاتما كلمته بتقديم توصيات.
في حين أن د.محماد لطيف رئيس المختبر، فقد تحدث عن سياق تنظيم هاته الندوة الدولية، والذي أتى بعد زيارة متحف قصبة سوس-بنسركاو، وما تلاها من نقاش واقتراحات، ومشيرا إلى دور المتاحف، في تجديد الحديث عن قضايا الهوية واللغة والذاكرة والتنمية المحلية، وكذا مهامها وارتباطها بالقيم كأدوات للتعايش العالمي.أما السيد أيت داود عبد اللطيف المشرف على متحف قصبة سوس بنسكاوأكادير، فقد تحدث عن الظروف التي رافقت اشتغاله لسنوات ،قصد إعداد وتكوين المتحف الذي يشرف عليه كمبادرة فردية، ومتحدثا كذلك عن سياق تنظيم هاته الندوة الدولية. أما اللجنة المنظمة فقد كانت لها كلمتها، من خلال ما أشار إليه د.محمد لزهر، الذي أكد على انخراط جامعة ابن زهر في دينامية الاعتزاز بالهوية المغربية والتراث المتحفي، ومتحدثا عن علاقة مجال المتاحف الغني بالتراث المادي واللامادي في علاقته بالبحث العلمي.
بعد ذلك،تابع الحاضرون محاضرة افتتاحية ألقاها د.الشرقي دهمالي عن بعد، وهو محافظ متحف اتصالات المغرب، وعضو المجلس الدولي للمتاحف بالرباط، والذي تناول موضوع ” تطور الاهتمام باليوم العالمي للمتاحف”، وهو اليوم الذي يصادف 18 ماي من كل سنة. لتليها مداخلات السادة الباحثين، من خلال الجلسة العلمية الأولي التي ترأسها د.عبد الرحمن ايبهى، والتي اختير لها كعنوان عام ” مقاربات نظرية للمتاحف” ، هذا العنوان الذي كان موجها لمداخلات السادة: د.محمد لزهر والطالبة سعيدة أمكون، من خلال الحديث عن التراث المتحفي والبحث العلمي والمجتمع، كمجالات ثلاثة تم تناولها بالتعريف، وكذا العوامل التي أسهمت في بلورة قيم التراث المتحفي ومساره.
في حين أن د.محمد الملوكي، تناول في مداخلته المتاحف ودورها في تطور الكتابة التاريخية، مشيرا إلى أنه مع المتاحف، يمكننا أن نكتب ونصنع التاريخ انطلاقا من لقى، هي نتاج مجتمعات دفينة تمكننا من صناعة التاريخ، من خلال إعطاء تفسيرات لهذه اللقى، بعد عرضها داخل المتاحف، مع اعتماد منهجيات وطرق تأويل هذه المعروضات، ومحاولة الدخول إلى الماضي عبرها، من خلال السياق التاريخي الذي تجسده، وكل هذا تجنبا لكل تزييف للتاريخ.
د.محماد لطيف، ومن خلال حديثه عن المتاحف وأهميتها في كتابة تاريخ النساء، أشار إلى أن اهتمام المتاحف بقضايا الرجال وماضيهم، أدى إلى ظهور حركة احتجاجية نسائية ضد تهميش دور النساء التاريخي عند تأسيس المتاحف، وهو ما أدى إلى تأسيس مجموعة نسائية أمريكية توسعت بعدها لتشمل فرنسا، والغاية كانت الاحتجاج على تغليب الثقافة الذكورية المهمشة للنساء، وهو بالتالي ما ساهم في ظهور المتاحف النسائية والتي حددها في 89 متحفا عبر العالم, هاته المتاحف التي أسست شبكة بينها، غايتها وضع مفاهيم حول مقاصد وغايات متحف النساء- ومشيرا إلى احتضان المغرب لنموذج متحفي نسائي بمراكش- بالإضافة إلى دولة الإمارات العربية المتحدة كنموذج آخر، وموضحا بأن اختيار تسميته بمتحف النساء عوض المرأة، هو نابع من أن مفهوم ” النساء” يحيل على الوحدة في تناول موضوعها، في حين أن المرأة تشير إلى التعدد.
الجلسة العلمية الثانية والتي استؤنفت بعد استراحة شاي، ترأسها د.محمد لزهر، وحملت عنوانا هو: ” تجارب متحفية وطنية ودولية”، وهي الجلسة التي شهدت ثماني مداخلات من مختصين ومسؤولين، في متاحف بسلطنة عمان والإمارات العربية المتحدة، ثم مدن أكادير والرباط وتطوان المغربية، وكلها نقلت تجارب وتقنيات حديثة وظفتها تلك المتاحف، من أجل حسن التواصل والرقي البيداغوجي الذي اضطلعت به هاته الأخيرة، فكانت تلك المداخلات علامة بارزة، في نقل المكانة المتميزة لهاته المؤسسات المتحفية في خدمة التراث، والتي جسدتها مداخلات كل من: د.إيبهي وذ.أيت داود ود.المحروقي (سلطنة عمان) ثم د.إدثناين ود.لعيب (الإمارات العربية المتحدة) وكذاد.الشادلي ثم دة.البحري والباحثة توكماتي.
الندوة الدولية إذن، والتي احتضنتها جامعة ابن زهر بأكاديرالمغربية، كانت فرصة لتأكيد دور المتاحف في سيرورة بناء المعرفة التاريخية، انطلاقا من استنطاق مكوناتها وفق منهجية دقيقة، بعيدا عن كل اصطفاف إيديولوجي قد يشكل حاجزا، أمام إعطاء تفسيرات موضوعية لكل حدث تاريخي، مرتبط بهاته اللقى والمكونات المتحفية.

**طالب باحث في سلك الدكتوراه.
التاريخ والتراث.. سايس- فاس

مشاركة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.