الرئيسية اراء ومواقف المساعدات الإنسانية الموجهة للبوليساريو

المساعدات الإنسانية الموجهة للبوليساريو

كتبه كتب في 18 سبتمبر 2017 - 13:42

 

بقلم : د/خالد الشرقاوي السموني

مدير مركز الرباط للدراسات السياسية و الاستراتيجية

 

كثيرون من يتساءلون حول دوافع كسب جبهة البوليساريو للكثير من المساعدات الانسانية في العالم تقدر بملايين الدولارات منذ سنوات .وهناك من يرجع اللوم على الدبلوماسية المغربية التي قصرت في هذا الجانب لعدم محاصرتها للجبهة التي حازت تعاطفا دوليا ، خصوصا حينما استطاعت جبهة “البوليساريو” مؤخرا أن تحصد دعماً مالياً مهماً باسم المساعدات الإنسانية.

ففي الشهر الماضي قدمت إدارة دونالد ترامب مليون دولار أمريكي للجبهة ، ومنح لها الإتحاد الأوروبي مساهمة تبلغ 5.5 ملايين دولار، كما تكلف صندوق الأمم المتحدة للطفولة “اليونيسف” بالجزائر، بدعم النظام التعليمي لجبهة البوليساريو .

إن كسب البوليساريو للكثير من المساعدات الانسانية في العالم ليس جديدا، ولا يمكن اعتبار ذلك  تقصيرا في  الدبلوماسية المغربية ، لأنها مساعدات ذات طابع إنساني موجهة لساكنة تندوف الذين – في اعتقاد المنظمات الإنسانية – هم في حاجة لها، ثم أن بعض الأطراف الغربية الداعمة ماليا للجبهة تدري ما تقوم به لأسباب جيو- ستراتيجية أو لدعمها لأطروحة ” تقرير المصير ” أو لإرضاء دولة الجزائر ، خصوصا تلك الدول التي تربطها علاقات قوية مع هذه الأخيرة.

لكن مما يؤسف له ، أن جل هذه المساعدات لا تذهب إلى الوجهة الصحيحة ، حيث أن الواقع قد أثبت أن ساكنة تندوف لا تستفيد منها كما ينبغي ، فهؤلاء مازالوا يعانون من الفقر و اليأس و الحرمان، ومن خرق منهجي لحقوقهم الأساسية، و يسكنون في الخيام ولايتوفرون على صناديد المياه الصالح للشرب، ويفتقدون لمقومات الحياة المدنية المتحضرة ، ولتعليم حديث ومتقدم ولمدارس و مستشفيات تليق بالسكان وتضمن لهم كرامتهم.

علما أن الدول والمنظمات الدولية الداعمة للجبهة ترصدلها مئات الملايين من الدولارات كمساعدات إنسانية والتي تتجاوز 60 مليون أورو سنويا، دون أن تتحسن أوضاع ساكنة تندوف الذين لا يتجاوز عددهم 40 ألفا على أقصى تقدير،ناهيك عن الغنى الفاحش لزعماء الجبهة الذين يملكون العقارات ويتوفرون على حسابات وأرصدة بنكية بأوروبا وأمريكا اللاتينية من جراء المساعدات الدولية ، تاركين الساكنة فيوضعية مأساوية ولاإنسانية، حيث استغلوا مأساة مجموعة من نساء وأطفال الصحراء وحولوهم إلى غنيمة حرب، ورصيد للإتجاراللامشروع ووسيلة للصراع الدبلوماسي مع دولة المغرب منذ أكثر من أربعين سنة.

فمما لا شك فيه أن زعماء جبهة البوليساريو يستغلون معاناة ساكنة تندوف للحصول على المساعدات المالية و الامتيازات المتنوعة من بعض الدول والمنظمات الانسانية ، ويجولون عبر العالم ، وينزلون في أفخم الفنادق، تاركين وراءهم مجموعة من الرجال والنساء والأطفال تائهين في منطقة من الصحراء تحت الخيام وسقوف البنايات العشوائية ، ينتظرون الوهم. فقد حان الوقت ، لكي يفضح سكان تندوف الزعماء الانتهازيين الذين يتاجرون بقضية الصحراء ويجنون من ورائها ثروات هائلة.

وعندما نتحدث عن معاناة سكان منطقة تندوف ، فإن ذلك لم يأت من فراغ ، أو هو عبارة عن تضليل أو مزايدة  أو تسويق لموقف جهة معينة، وإنما ثابت في تقارير عدد من المنظمات الدولية التي تعنى بحقوق الإنسان ، فقد سبق أن كشف تقرير للجنة الأمريكية لشؤون اللاجئين والمهاجرين صدر في 2010م، عن تورُّط قادة البوليساريو في قضايا يُجرمها القانون الدولي تتمثل في الاستغلال والعنف الجنسي والتعذيب والتجارة في الأطفال.

وحسب هذا التقرير فإن ممارسات الاستغلال تتمثل في نهب المساعدات الإنسانية التي ترسلها المجموعة الدولية لسكان المخيمات وتبيعها في أسواق الجزائر ومالي وموريتانيا.

ولذلك ، يجب أن تعي الدول و المنظمات الدولية أن المساعدات الإنسانية الموجهة لساكنة تندوف ، لا يستفيد منها بالدرجة الأولى إلا زعماء و قيادات جبهة البوليساريو.

مشاركة