الرئيسية أخبار الجمعيات تسييج غابات الأركان الشامخة .. بادرة تدفئ قلوب ساكنة سوس

تسييج غابات الأركان الشامخة .. بادرة تدفئ قلوب ساكنة سوس

كتبه كتب في 22 أبريل 2017 - 12:07

مساحات شاسعة من الحقول، وأراضٍ مترامية الأطراف تزينها أشجار الأركان الشامخة التي تضرب بجذورها عميقا في الأراضي السوسية، حتى باتت الواحدة تُحيل على الأخرى محليا وعلى المستوى العالمي، وصارت الشجرة علامة مميزة للمغرب وثروة محلية لا محيد عنها.

يوم صحو ودافئ يعلن حلول فصل الربيع؛ فيما تقطع مركبتنا رباعية الدفع طريقا معبدة انطلاقا من مدينة أكادير وصولا إلى جماعة أمسكروض التابعة ترابيا لأكادير إداوتانان..على امتداد المسار قطعان من الأغنام والماعز ترعى بين الأشجار؛ فيما لم تتوان بعضها عن الوصول إلى أعلاها، مفضلة الأغصان الطرية أعلى الأركانة.

الأجواء الربيعية تبسُط رداءها الأخضر على روابي المنطقة.. غابات ممتدة من الأركان، بعضها خضع للتَّسييج في إطار إستراتيجية المندوبية السامية للمياه والغابات ومحاربة التصحر للحفاظ على الموارد الغابوية، خاصة مِنْهَا أشجار الأركان، التي تتعرض للرعي الجائر والاستغلال من أجل الحطب واقتلاع حبات الأركان قبل نضجها.

التسييج .. حماية

قبل سنة من الآن، عمدت المندوبية إلى إحاطة 100 هكتار من غابات الأركان بسياج حديدي وغرس الآلاف من الشتائل حفاظا على الغابة والعمل على تنميتها، مع منح حق الاستفادة لسكان الدواوير المحيطة بها، دون السماح لهم برعي ماشيتهم داخلها؛ وهي المبادرة التي لاقت ترحيبهم، مُطالبين برفع المساحات المُسيَّجة وأعداد شتائل الأركان المغروسة.

“وضعنا طلبا لإقامة سياج يحيط بالغابة، وهو ما استجابت له المندوبية وبادرت إلى تفعيل مشروع تشجير الأراضي بشتائل الأركان على مساحة 100 هكتار، على أن تستمر الخطوة نفسها على مستوى 100 هكتار أخرى في المقبل من الأيام”، يقول بنطالب امبارك، رئيس جمعية “ذوي الحقوق لشجرة أركان بأمسكروض”.

20 ألف شجرة أركان جديدة تم زرعها في الهكتارات المائة المسيجة حديثا، مع منع الرعي داخلها لمدة تتراوح ما بين 8 و10 سنوات إلى حين اشتداد عود شجرة الأركان؛ ذلك أن الماعز تقدم على تحطيم الشجيرات الصغيرة واقتلاعها من جذورها، ما يُقوض جميع المجهودات المبذولة.

ساكنة الدواوير المستفيدة من المشروع، والتي يمكنها استغلال محصول الأشجار موسم الحصاد وتجميع الكلأ الخاص بالماشية وفق حصص متساوية متوافق عليها، ثمنت المشروع، بل وطالبت بتعميمه وتوسيعه حتى تعم الفائدة وتحفظ أشجار الأركان بعيدا عن أيادي من لا يقدرون قيمتها.. “نطالب بزيادة أعداد الشجيرات المزروعة.. هادشي مزيان ولكن بغينا الزيادة”، يقول بنطالب لجريدة هسبريس.

ولأن الأشجار تتعرض لاعتداءات من الماشية، إلى جانب جني الثمار قبل أوانها من قبل دخلاء، يطالب رئيس الجمعية التي تمثل ساكنة كل من دواوير “تونفل” و”تيزوكان” و”نبولبرج”، وبعضا من ساكنة “سيدي بوسحاب”، بتسييج أكبر مساحات ممكنة وتقديم المسؤولين مساعدات أكثر لساكنة المنطقة.

أفياش..كلمة السر

لا شك أن هذه الشجرة الذهبية تساهم في إعالة جل الأسر القروية بالمنطقة وسد حاجياتها، إلا أن للنساء حكاية أخرى مع الأركان، وهن اللواتي خَبِرن الطريقة الصحيحة والمتدرجة لاستخراج زيت نادر ينساب رقراقا بين أصابعهن من حبة ” أفياش” قاسية.

على بعد 4 كيلومترات من الهكتارات الشاسعة المسيجة يقع مقر تعاونية نسوية رأت النور قبل 5 سنوات، تجمع بين جدرانها حكايات أزيد من 200 امرأة من المعيلات لعوائلهن وأطفالهن اليتامى، يشتغلن على طول أيام السنة بوتيرة مستقرة، فيما يشح الطلب شهري يوليوز وغشت؛ ذلك أن جمع الحصاد يتم خلال هذه الفترة

فاطمة شداخ، رئيسة “التعاونية الفلاحية النسوية تفاوت نبولبرج”، تشرح طريقة الاشتغال التي تنطلق مع اقتناء “أفياش”؛ وهو الاسم المحلي الذي يطلق على حبات الأركان القاسية المتساقطة على الأرض إعلانا لاستكمال نضجها، لافتة إلى أن المحصول بات يقل في السنوات الأخيرة “بسبب تعرض الأرض التي لم تكن مراقبة لعبث رعاة الماشية بالخصوص”.

يصل ثمن الكيلوغرام الواحد من “أفياش” إلى 4 دراهم، ما تعتبره شداخ مجانبا لمصلحة التعاونية التي تتحمل مصاريف كثيرة. “مازلنا لم ننتفع من مشروع تسييج الغابة وغرسها، ونرجو أن نبدأ في الاستفادة منه ابتداء من يوليوز المقبل”، تقول فاطمة.

ضد الفقر والهجرة

مراحل عديدة يمر بها العمل المنوط بنسوة التعاونية، بدءا من كسر “أفياش” وتقشيره وتنقيته وتحميره وطحنه، الذي يتم إما بواسطة الرحى الصخرية التقليدية وإما عبر الآلات المصنوعة من “الإينوكس”، لتقدم نساء التعاونية زيتا جاهزا للاستهلاك بثمن يتراوح بين 170 درهما و220 درهما للتر الواحد، ما يعتبرنه ثمنا بخسا مقارنة مع المصاريف.

رئيسة التعاونية تقول إن الثمن المسطر لا يمكنه سد أجور النساء والمشتغلين داخلها؛ فيما تحاول التعاونية التي تضم 21 منخرطة وعشرات المتعاونات تسويق منتجاتها محليا ووطنيا، وتعمل على تصديرها إلى خارج أرض الوطن مستقبلا بعد ضمان حصولها على شهادات الجودة الوطنية والدولية واحترام شروط السلامة الصحية، داعية السلطات إلى دعمها عبر توفير مقر قار خاص بها، إلى جانب توفير التجهيزات، في محاولة لمحاربة الفقر والهشاشة والهجرة القروية.

ماجدة أيت لكتاوي

مشاركة