الرئيسية سوس بلوس TV “الماحيا”.. أسرار الصناعة التحويلية في بلاد الشريحة!

“الماحيا”.. أسرار الصناعة التحويلية في بلاد الشريحة!

كتبه كتب في 4 أبريل 2017 - 22:37

لا يتعلق الأمر بصناعة تحويلية متطورة، ولا بمعامل في المدن الكبرى، بل هو نوع من الإبداع والمهارة والتفنن؛ الإبداع في صناعة مشروب ماء الحياة، أو كما يسميه المغاربة باللفظ الدارج “الماحيا”.

عبقرية في إنتاج مسكر داخل “معامل” محجوبة عن الأنظار، تتوفر على أدوات وتجهيزات تقليدية، ابتكرها العقل “المخمور” لتحويل الشريحة، التي تشتهر بها منطقة الشمال، لعصير يذهب العقل، ويفتح باب الانحراف على مصراعيه، كيف لا وأعراس بعض المغاربة تدور على إيقاع “رويبعة”، لكنها تنتهي في مخافر الشرطة والدرك.

الماحيا والشريحة.. قصة البداية

يقول “احمد.ح”، شاب في عقده الثالث ينحدر من دوار بضواحي كتامة، إن مشروب “الماحيا” له اتصال مباشر بالشريحة، لكن الأمر يفترض الأخذ بعين الاعتبار شروط كثيرة قبل عملية العصر، وعلى رأسها الاحتفاض بكمية من الشريحة تحت أرض رطبة قصد تخميرها، أو وضعها في برميل مع خميرة عجين.

ويضيف المتحدث، في تصريح ل”اليوم24″، أن تخمير “الكرموس” هو السر في عملية عصر مشروب ماء الحياة، ذلك أن تحلل كمية الشريحة يسهل عملية عصرها، ويضمن “عصيرا” بجودة عالية، طبعا في إطار التنافس داخل أسواق “الماحيا”.

وينبه المصدر نفسه، أن الشريحة المطلوبة في عملية التحويل غالبا ما تكون من النوع الرديء “السواقية”، لأن النوع الجيد يباع في الأسواق على شكل شريحة “مزلكة”، وتشحن في تجاه مدن مراكش والدار البيضاء.

في نفس السياق، يؤكد “علي.ك”، أن مشروب ماء الحياة قديم في منطقة الشمال، لأنها منطقة معروفة بشجر الشريحة، الذي يحول جزء كبير من ثمره لإنتاج “الماحيا”، هذا المشروب المسكر يوزع محليا وخارج الإقليم، مقابل مبلغ مالي يكلف 10 دراهم لربع لتر.
وزيادة في الإيضاح، يقول ” علي.ك” إن الماحيا هو مشروب الفقراء، لأن “البوفري” لا يستطيع توفير مصروف قنينة “ويسكي” من النوع الممتاز.

هكذا تعصر الماحيا..

بعد انقضاء فترة التخمير، يعمد صانع “الماحيا” إلى وضع كمية من التين في أنية طبخ “كوكوط”، وتوضع فوق نار هادئة، بعد ربط الكوكوط بأنبوب نحاسي لإفراغ العصير المستخلص، وذلك خلال مدة قد تطول أو تقصر، حسب جودة ونوعية الشريحة.
معطيات أوفى يحكيها “علي.ك”، مؤكدا أن ” بعد مرحلة العصر الأولية يتم إفراغ طنجرة الطبخ لوضع كمية جديدة من التين المجفف، ثم استئناف عملية العصر”، والنتيجة، ينهي المتحدث، لترات من “الماحيا” تخزن في براميل لبدء عملية الترويج.

معطى مثير كشف عنه متحدث ل”اليوم24″، ويتعلق بضرورة الاحتفاظ بالماء المستخلص في مكان رطب وبارد، وحتى مستودع العصر، من شروطه التوفر على درجة أعلى من الرطوبة، وغالبا ما تقع هذه المستودعات في أماكن يجهلها عموم الناس، تجنبا لمضايقات السلطة وأعوانها.

الماحيا “السواقية”.. تغيب فيها شروط الجودة

عالم “الماحيا” غريب ومثير، والوعي بشروط إنتاجها لا يتأتى للجميع، لذلك تجد القليل من أصحاب “البلية” من يتقن عصرها، والباحث عن الجودة، يؤكد “احمد” من دوار نواحي تاونات، من الأفضل له أن يعصرها لنفسه وبنفسه، كي لا يستهلك المواد السامة الممزوجة مع الشريحة.

في هذا الإطار، يميز “احمد” بين ماء الحياة “السواقية” التي تتداول في الأعراس، وتباع في أماكن يعلمها الجميع، و”ماحيا” يعصرها “العشاق” على ذوقه، ويحرص على أن تتوفر فيها شروط الجودة، وعلى رأسها شريحة بيضاء من النوع الجيد.

وفيما يخص ثمن اللتر الواحد من ماء الحياة، يضيف المصدر أن لتر واحد من “الماحيا” يكلف مبلغ 70 درهما، وقد يرتفع الثمن حسب قانون العرض والطلب، لكن المتعارف عليه بين أهل “البلية” هو أن الاستهلاك لا يكون إلا ب”الرويبعة”، التي يضيف لها البعض قليلا من الماء.

الزيزوار.. الخليط العجيب

يتداول عارفون بشروط “الحرفة” لجوء بعض “الكرابة” لاستعمال مواد سامة أثناء عملية طبخ التين المخمر، لتقوية مفعول “الماحيا”، ومن هذه المواد طبخ شفرات حلاقة مع الشريحة.
مصادر “الموقع” قالت إن هناك من يضع الأظافر في الخليط المطبوخ، ويقلل من كمية التين المجفف، بل هناك من يخلط الوصفة العجيبة بالبول، وماخفي أعظم.

“الماحيا” والعلاج..

معلومة غريبة أكدها مصدر مقرب من الحرفة، وهي أن استهلاك “الماحيا” يقي من بعض الأمراض، كما أنه يعالج أمراض أخرى، لكن شريطة أن لا تكون “سواقية”.

ومن بين الأمراض التي تعالجها “الماحيا”، حسب نفس المصدر، مرض البواسير المزمن، ذلك أن كثيرا من الحالات شفيت نتيجة مفعول ماء الحياة، لأن القاعدة، يؤكد المتحدث ” سال المجرب لا تسال الطبيب”.

بوجمعة كرمون

مشاركة