الرئيسية مجتمع تارودانت : الركود يخيم على أجواء احتفالات يوم ” تامصرايت ”

تارودانت : الركود يخيم على أجواء احتفالات يوم ” تامصرايت ”

كتبه كتب في 13 أغسطس 2012 - 16:29

كما جرت العادة يوم خامس عشر من شهر رمضان من كل سنة، تكون  ساحة سيدي احساين وسط مدينة تارودانت، من موعد تنظيم يوم ” تامصرايت “، من خلاله تعرف الساحة سالفة الذكر رواجا تجاريا كبيرا، وذلك لكون يوم الحفل بهذه السنة مع زيارة المكان من طرف عدد كبيرا من الزوار من مختلف المناطق، سواد الرقيبة من المدينة أو من خارج الدائرة الترابية التابعة لها، وذلك قصد التبضع، بحيث الاقتصار على مستلزمات البيت، خاصة الأواني الفخارية منها، هذا بالإضافة إلى شراء الألبسة واللعب للأطفال، لكن هذه السنة، عرفت منعطفا آخر، تمثل في الركود وانعدام الإقبال على السلع المعروضة والتي خرجت عن نطاق التقليد، والسبب في ذلك راجع بالأساس إلى موجهة الحرارة التي عرفتها المدينة والتي فاقت الأربعين درجة، الشيء الذي جعل زائروا ساحة سيدي حساين للمشاركة في أحياء الذكرى بزيارة ضريح الوالي الصالح سيدي عباس التلمساني والمعروف لدى عامة الناس ب ” سيدي عباس المنساني “، العدول عن الزيارة، بحيث ظل موردوه من باعي الخزف وأواني الفخار ولعب الأطفال والملابس بشتى أنوعها، بعيدين كل البعد عن الرواج المعتاد في هذه المناسبة، وكانت هذه المناسبة بالنسبة لبعض المشاركين في إحياء الذكرى بمثابة خسارة كبرى، خاصة وان  من بينهم من قطع مسافات كبيرة من اجل ترويج سلعته، اغلبهم من مدينة آسفي ومراكش وإنزكان.

أما الحديث عن ” تامصرايت ” أو الاحتفال بها، يعد من بين العادات والتقاليد التي لا زالت الذاكرة الرودانية تحتفظ خصوصا في شهر رمضان الأبرك، رغم ما عرفته من تغييرات جذرية سواء على مستوى التنظيم أو التسيير، الاحتفال بيوم ” تامصرايت ” أو ما أصبح يطلق عليه بالعامية ” سوق النساء ” فمن من الصعب تحديد علاقة كلمة ” تامصرايت ” وسبب إطلاقها على الموسم الخاص بالنساء المنظم سنويا في اليوم الخامس عشر من رمضان، وقد جرت العادة أن يعقد هذا الموسم بالفضاء الداخلي لحي سيدي حساين الذي يتميز بقدسيته نظرا لمداورته للمسجد الأعظم (مسجد محمد السادس).أما بشأن التسمية، فقد تعددت حكاياتها بحسب الروايات الشفاهية والتي تحكي أن بداية الاحتفال بالموسم تعود إلى فترة استقرار الأسرة الوقادية التلمسانية بمدينة تارودانت والتي أي (الأسرة) أغنت الحياة العلمية المحلية، إذ انه بعد وفاة سيدي عباس التلمساني، سن أولاده عادة إيواء وإطعام الجياع والغرباء، فتحولت هذه العادة الحميدة التي كانت تنظم مرة في السنة إلى موسم ديني عرف لدى العامة ب ” تامصرايت “، ولعل هذا ما حدا بالأسرة الوقادية إلى بناء زاوية تضم قبر سيدي عباس التلمساني ثم ضريح ابنته للارقية التلمسانية، مما يؤكد مسؤولية هذه الأسرة على شؤون رعاية الموسم الذي ظل يشكل مظهرا حيا من مظاهر الثقافة الشعبية المحلية وجزءا من الذاكرة الجماعية للسكان، أما الموسم بشكل عام فيتميز بإقامة طقوس وشعائر دينية تعبدية تتصل بالطريقة الصوفية الناصرية، ومن هذه الطقوس نجد ذبح الفدية الحيوانية بالزاوية لإعداد طعام خاص بزائرات ضريح للارقية التلمسانية على اعتبار أن الموسم خاص فقط بالنساء اللواتي يقصدنه من تارودانت والنواحي، وقد تتم دعوة النساء المسنات المنتسبات للطرق الصوفية الأخرى كالتيجانية والناصرية والدرقاوية للمشاركة في إحياء الموسم وترديد الأذكار والاوراد عند قبر للارقية وفي زاوية سيدي عباس التلمساني.

أما الرواية الثانية المتداولة تشير أن موسم “تامصرايت” موروث عن احد القضاة والذي يدعى ابن الوقاد التلمساني، فمن خلال مزاولته للقضاء بمدينة تارودانت، لاحظ أن المتقاضين لا يثقون اللغة العربية، ومن تم اهتدى إلى تعليم الساكنة اللغة العربية عن طريق الأذكار والأمداح، فبدأ العمل إلى جانب زوجته حيث كان هو يعتني بتعليم الرجال وزوجته تقوم بنفس الشيء مع النساء، وبعد وفاته دفن في الزاوية وبقيت هذه العادة مستمرة ومتوارثة تقوم بأدائها مجموعة من النساء داخل الزاوية، ومن بصماتها انه في ” تامصرايت” لحد الآن هناك الحضارات بالزاوية يشتغلن طيلة ذلك اليوم على إيقاع الأمداح والأذكار داخل بيت في أعلى الزاوية يسمى ب ” تامصرايت ” أي المصرية أو البيت.

والحديث عن موسم ” تامصرايت ” في صيغته الأولى حيث الأذكار وترديد والأمداح النبوية والدعاء الصالح والتقرب إلى الله، ثم إطعام المعوزين والفقراء والمحتاجين، مشيا على سنة عائلة الفقيه العلامة رحمهم الله، وذلك بكل من زاوية سيدي عبد القادر التلمساني ثم بالمسجد الأعظم الذي كان يلقي فيه الشيخ العلامة دروسه الدينية وأداء الصلوات الخمس، لكن مع مرور الزمن، وللأسف الشديد فان الاحتفال بيوم ” تامصرايت” لم يحتفظ على طابعه الديني الأصيل، حيث تحول من عيد للنساء لترديد الأذكار والأمداح ابتداء من عشاء يوم رابع عشر إلى يوم خامس عشر رمضان، إلى سوق للممارسة التجارية والبحث عن الأرباح بدل التقرب إلى الله، بحيث لم يبعد الاحتفال باليوم الديني بساحة سيدي حساين بالقرب من ضريح الوالي الصالح سيدي عبد القادر التلمساني فق بل تعدى ذلك وخرج عن  السيطرة، حيث اخذ في التوسيع على نطاق واسع، ليسمح للتجار بشتى الطرق لاحتلال ساحات وأماكن واسعة على جنبات الطرق المجاورة للساحة السالفة الذكر، وبذلك يخرج المتتبع للشأن الثقافي والديني بالمدينة على أن الاحتفالات بيوم ” تامصرايت ” انحرفت وتغيرت المسألة من الجانب الديني أو العمل الاجتماعي، ومن سوق للنساء إلى سوق للرواج التجاري والفوضى العارمة.

سوس بلوس

الاحداث المغربية

مشاركة