الرئيسية اراء ومواقف الامازيغية….أمريكا….وحكومة مانزكين

الامازيغية….أمريكا….وحكومة مانزكين

كتبه كتب في 25 مارس 2017 - 14:30

جل المتتبعين للشأن السياسي بالمغرب، مقتنعون بأن المتغير الحكومي له علاقة وطيدة بالمتغير السياسي الأمريكي، بمعنى صعود الرئيس ترامب في أمريكا أدى إلى سقوط ابنكيران في المغرب. قد نتفق مع هذا الطرح لاعتبارات عديدة منها علاقة النظام السياسي بالمغرب بالمرشحة الأمريكية كيلنتون ومواقف هذه الأخيرة وحزبها من حكومات الإخوان المسلمين، حيث تفضل مساعدتهم للوصول إلى الحكم في بلدانهم والتعامل معهم لمحاصرة المد المتطرف الارهابي. اما ترامب فإنه يفضل عزل ومسح رائحة الإخوان من الجدر في الساحة السياسية داخل العالم الإسلامي، ويضع هو وحزبه كل الإسلاميين في سلة واحدة.
المغرب، وكما هو معلوم حفاظا على مصالحه الجيوستراتيجية، يريد دائما البقاء على العلاقات الجيدة مع الدولة العظمى في العالم، أمريكا. ولكن خيوط نسيج العلاقات المغربية الامريكية، ليس فيها فقط قضية الإخوان المسلمين، تتشابك فيها عدة قضايا أخرى تعطي لها أمريكا اهتمام كبير قد يكون أكثر من قضية الإسلاميين، أهمها قضية حقوق الإنسان، واحترام الدستور والمؤسسات واحترام الحريات خاصة حرية التدين والتعبير….وغيرها. حيث السؤال العسير ليس هو ما يقوم به المغرب من مجهودات…، بل هو ما الذي تريده أمريكا من المغرب، أو بالأحرى ان يقوم به.
في أبريل 2016، وقع مستجد مهم في تاريخ العلاقات المغربية الامريكية، يتجاهله المحللون والمراقبون هنا في المغرب، لاعتبارات عديدة، المستجد هو صدور تقرير من الوزراء الخارجية الأمريكيي يرصد الأوضاع العامة لحقوق الإنسان والحريات في المغرب، قدمه وزير الخارجية جون كيري؛ والجديد فيه هو ما يتعلق بحقوق الأمازيغ ووضعية اللغة الامازيغية في المغرب. لأول مرة تتحدث أمريكا في تقرير رسمي يتلوه وزيرها في الخارجية يتحدث عن حقوق الأمازيغ المهضومة في المغرب، ويؤكد ذلك بالتهميش الذي تعاني منها المناطق التي يقطنها الأمازيغ، ويقول كذلك ان اللغة الامازيغية لا تحظى بالمساواة مع العربية في التعليم والقضاء والادارات…
قد يكون المغرب متعودا على قراءة التقارير الأمريكية وبعض المنظمات ترصد واقع حرية التعبير والتدين وحقوق النساء وقضية الصحراء وحقوق الإنسان بصفة عامة، ويتعامل معها بطرقه الخاصة، ولكن ان تتحدث أمريكا عن حقوق الأمازيغ والامازيغية …فهذا كلام آخر..والجميع يعرف رهانات أمريكا في الشرق الأوسط وشمال افريقيا، وكيف تتعامل مع قضايا ونزاعات الهويات والمجموعات الثقافية…
هل تريد أمريكا حل المشكل السياسي للامازيغ في شمال افريقيا على حساب المغرب، الذي سبق الجميع بترسيم اللغة الامازيغية في الدستور ؟
هل تقرير وزارة الخارجية الأمريكية ينبه المغرب، بعد إعلان حكومة دولة القبايل في المنفى؟ وتأسيس حركة تحرير الازواد في مالي ومحاولة انفصال امازيغ الطوارق عن جمهورية مالي؛ وكذلك ما يعيشه امازيغ ليبيا من حراك ودينامية بعد الثورة.
يجب التمييز بين تقارير المنظمات الحقوقية غير الحكومية، وتقارير الدولة الأمريكية، فهذا النوع الأخير هو الذي يتحدث عن الامازيغية، وبالتالي فهو يعبر عن رهانات سياسية، وعن رؤية جديدة تقارب بها أمريكا الوضع في شمال إفريقيا وجنوب المتوسط.
اهتمام أمريكا بالامازيغية ليس بجديد، وإنما الطريقة والوثيرة هي التي تغيرت، فتوجد علاقات مدنية وجمعوية قوية بين بعض الجمعيات الامازيغية ونظيرتها الامريكية، وقسم الشؤون السياسية بالسفارة الأمريكية بالمغرب. ومؤخرا معهد أمريكي يقوم بمساعدة بعض الجمعيات الامازيغية لخلق مشروع مجتمعي، وهو معهد مانح لتمويلات مادية لفاءدة جمعيات ومنظمات مدنية في عدة من البلدان. وهذا يعني ان أمريكا تريد مساعدة امازيغ المغرب للانتقال الى العمل السياسي المنظم.
عيون أمريكا تراقب كل شيء، هذا ليس بجديد، وقد يذهب بعض المتسرعين إلى القول بأن أمريكا تدعم الأمازيغ لاثارة الفتن وتقسيم المغرب. وهذا غلط، يروجه بعض خصوم الامازيغية لأهداف معروفة، ولكن الحقيقة ان أمريكا ترى في الحركة الامازيغية الدينامية الجديدة والقوية التي تدافع عن قيم الحداثة والحريات، من شأنها (الحركة ) الحفاظ على التوازن الثقافي والسياسي داخل المغرب، وقد سبق لأمريكا ان أشارت في تقرير سنة 2014 بأن امازيغ المغرب لا يحملون نزوعات انفصالية وبالتالي لا يهددون الوحدة الترابية للمغرب.
امريكا تعرف جيدا قدرة الحركة الامازيغية ومنافعها في التصدي للفكر الديني المتطرف، وبالتالي فهي ضرورية في حربها على الارهاب. ولكن الأمازيغ هم أيضا في حاجة إلى المزيد من الحريات والدعم والحقوق، أولا لكي لا يتحولون إلى مجموعات عنيفة، وثانيا للدخول في العمل السياسي بشكل سلس ومرن.
هذه الإشارات والمعطيات ليست غريبة عن النظام السياسي في المغرب، الذي يعرف جيدا ان القضية الامازيغية، لم تعد قضية هامشية او ثانوية، وإنما أضحت قضية شهداء ومعتقلين وتضحيات، قضية التأثير والتعبئة، قضية خرجت من كل إطارات الضبط والتحكم…. ما هي امتدادات الامازيغية في المستقبل؟ لا أحد يمكن له الإجابة…
الحاصل هو ان الامازيغية قضية سياسية شائكة، ولكن التعامل معها ليس بالمستحيل، فهي أيضا قضية مفيدة وتعطي الحلول، فقد خلصت المغرب والمخزن من نظام الحزب الوحيد في وقت عصيب سنة 1958…وفي نفس الان تعقد الامور كامازيغية عدي اوبيهي او الامازيغية في زمن الانقلابات العسكرية، الامازبغية هي القوة التي تتموج ولا احد يعرف ما الذي سيخرج من الموجة، هي دائما موجودة فوق مسرح الأحداث الكبرى في التاريخ السياسي للمغرب.
ومن يدري قد تكون حلا في مغرب 2017 استجابة لإشارة أمريكا…في اطار ما يسمى “سيروا هضروا بالشلحة” تحت عنوان حكومة مانزاكين.
ع. بوشطارت

مشاركة