الرئيسية سياسة العثماني وأخنوش والعنصر .. “إيمازيغن” يتصدرون السياسة بالمغرب

العثماني وأخنوش والعنصر .. “إيمازيغن” يتصدرون السياسة بالمغرب

كتبه كتب في 22 مارس 2017 - 22:03

منذ نال المغرب استقلاله، لم يسبقْ لأيّ وزير أوَّل يتحدث الأمازيغية أن تولّى قيادة أي حكومة من الحكومات التسع والعشرين التي تشكّلتْ خلال الفترة بين 1955 و2016، والتي قادَ أولاها، التي لم تُعمّر سوى ثلاثة أشهر، مبارك البكاي لهبيل، وقادَ آخرَها عبد الإله بنكيران بعد أن تم تغيير اسم الوزير الأول برئيس الحكومة في دستور 2011.

هذه القاعدة ستُكسر يوم الجمعة الماضي، بتعيين سعد الدين العثماني، الأمازيغي المتحدّر من سوس، من طرف الملك محمد السادس رئيسا للحكومة خلفا لبنكيران، ليكون، بالتالي، أوَّل رئيس حكومة في المغرب يتحدث الأمازيغية، في مُناخ سياسي يتسم ببروز عدد من السياسيين الأمازيغ في الواجهة.

فقبْل وصول العثماني إلى رئاسة الحكومة كانَ سياسيان أمازيغيّان “يملآن الدنيا ويشغلان الناس”، وهُما إلياس العماري، الأمين العام لحزب الأصالة والمعاصرة، المتحدّر من الريف، وعزيز أخنوش، رئيس حزب التجمع الوطني للأحرار، المتحدر من سوس.

وإذا تمكّن سعد الدين العثماني من تشكيل الحكومة، وقَبِل الشرط الذي وضعه أخنوش المتمثل في دخول حزب الاتحاد الاشتراكي، فإنَّ الحكومة القادمة ستكون مشكّلة من أحزابٍ يقودُ أغلبها أمازيغ: عزيز أخنوش، إدريس لشكر، امحند العنصر، محمد ساجد، إضافة إلى سعد الدين العثماني.

فهلْ يعني بُروزُ قيادات أمازيغية بقوة على الساحة السياسية “مُصالحةً سياسية” بين النظام والأمازيغ، الذين طالما اشتكوا من إبعادهم من مضمار السياسة؟ “الواقعُ أنّ الأمازيغ كانوا دائما في مراكز القرار؛ لأنهم الأغلبية الساحقة من الشعب”، يردّ الناشط الأمازيغي أحمد عصيد.

ويُسجّل أنَّ الفارق بين الأمس واليوم هو أنَّ الأمازيغ كانوا، في الماضي، يؤدّون وظائفهم “بدون وعي أمازيغي؛ حيث كانوا يمارسون السُّخرة الإدارية، ويتهربون من أمازيغيتهم، اعتقادا منهم أنَّ الترقّي في المناصب والمسؤوليات يقتضي الانفصال عن هويّتهم الأمازيغية”.

وعْيٌ جديد

في يوم دراسي نظمه حزب الأصالة والمعاصرة قبل أسابيع بمجلس المستشارين، حوْل القانون التنظيمي لتفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية، قالَ الأمين العامّ للحزب، إلياس العماري، المتحدّر من الريف، إنّ مجرّد فتح نقاش خلال سنوات السبعينات والثمانينات من القرن الماضي حول الأمازيغية كانَ أمرا أقربَ إلى الممنوع.

بعد مجيء الملك محمد السادس، بدأَ “طوقُ الحصار” المفروض على الأمازيغية يتداعى، خاصّة بعد إصدار الملك لمرسوم إحداث المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية سنة 2011، وإلقائه خطابا في أجدير، سنتين بعد ذلك، أعلن فيه عن إدماج الأمازيغية في المنظومة التربوية، لتنكسر آخر حلقات الطوق سنة 2011 باعتماد الأمازيغية لغة رسمية إلى جانب العربية في الدستور.

“الآن هناك تغيير واضح في العقليات؛ فقد أصبح لدى الأطر الأمازيغية وعي جديد إزاء أمازيغيتها، وأضحت تعمل على أن تنال الأمازيغية مكانتها اللائقة في الدولة، وتغيير التوجّه الرسمي للدولة إزاءها من داخل المؤسسات”، يقول أحمد عصيد.

هذا التغيير، الذي طالَ وعيَ الأطر الأمازيغية، بحسب عصيد، أفرزه تغيّر توجّهات الدولة إزاء الأمازيغية بعد مجيء الملك محمد السادس، بفضل النضال والضغوط من الداخل والخارج، وهو ما دفَع بأطرٍ أمازيغية تحملُ وعْيا جديدا إلى تصدُّر المشهد السياسي.

الناشط الأمازيغي أورَد في هذا السياق نموذج إلياس العماري، الذي كان ناشطا في الحركة الأمازيغية، قبْل أن يتولّى مواقع سياسية هامّة، وإدريس لشكر، الذي قالَ بشأنه عصيد إنه “من أكبر المدافعين عن الأمازيغية، ويختلف كلّيا عن النهج الاتحادي القديم، الذي كان قوميّا عربيا متشدّدا”.

العثماني.. كُوّة أمَل

خلال الولاية الحكومية السابقة، سادَ توتّر كبير بين الأمازيغ وحزب العدالة والتنمية، وخاصّة أمينه العام عبد الإله بنكيران الذي اتهمته الحركة الأمازيغية، غير ما مرّة، بالتلكّؤ في تفعيل مقتضيات الدستور في ما يتعلق بترسيم الأمازيغية، بعدَ تأخّر الحكومة في إخراج القانونين التنظيميين المتعلقين بتفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية وإحداث المجلس الوطني للغات والثقافة المغربية، اللذيْن أثار مشروعاهما المُحالان على البرلمان غضب الأمازيغ.

وإذا كان بنكيران قد رحل، فإنَّ نشطاء الحركة الأمازيغية يتوسمون خيرا في خليفته سعد الدين العثماني، الذي يرى أحمد عصيد أنّ موقفه من الأمازيغية “مخالف تماما للتوجّه العام السائد وسط حزب العدالة والتنمية”، لافتا إلى أنّ رئيس الحكومة المُكلف “كان في سنة 2011، إبّان مراجعة الدستور، وحده يدافع عن رسمية الأمازيغية، بينما كانت الأمانة العامة لحزبه تدفع في اتجاه ألاّ يتمّ ترسيم الأمازيغية في الدستور”.

ويتوقّع عصيد أن يكون للحضور البارز لشخصيات سياسية أمازيغية في مراكز القرار وتصدُّرها للمشهد السياسي تأثير إيجابي على مستقبل الأمازيغية في المغرب، خاصّة وأنّ الدولة تتجه نحو تدبير تعدديتها وتنوعّها “بشكل عقلاني”، مُعتبرا أنَّ أهمّ عمل ينبغي أن تنهض به هذه الشخصيات، وخاصة رئيس الحكومة المكلف، هو مراجعة مشروعي القانونين التنظيميين للأمازيغية، اللذين “لا يطابقان الدستور ولا يعكسان روح المرحلة”، يختم الناشط الأمازيغي.

مشاركة