الرئيسية تربويات أكادير: عز الدين .. طالب يتحدى غياب الولوجيات للدراسة

أكادير: عز الدين .. طالب يتحدى غياب الولوجيات للدراسة

كتبه كتب في 26 فبراير 2017 - 11:12

قد تتأخر لدقيقتين أو أكثر عن حصّة دراسية إذا كنتَ طالبا، تُسرع الخطى، تصعد الدرج نحو قاعتك في الطابق الأول، تدفع باب القاعة معتذرا ثم تأخذ مكانك بين زملائك.

يبدو هذا الأمر عاديا، إلا أن الشأن ليس كذلك بالنسبة للطالب عز الدين سُڭري الذي يتابع دراسته بمسلك التحرير الصحافي بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بأكادير.

فوضعيته في إحالة إعاقة تجعله يثابر كثيرا للوصول إلى قاعة الدرس، وهو الذي يتابع دراسته في السنة الأخيرة من هذا التكوين الجامعي المهني.

“تساعدني عائلتي ووالداي وإخوتي في الوصول إلى الكلية التي أتابع فيها دراستي الجامعية، ولحسن حظي فزملائي الطلبة طيبون وذوو أخلاق عالية، يساعدونني كثيرا، محبة لي، على الصعود نحو القاعة التي أدرس بها، ثم يساعدونني على النزول كذلك بعد نهاية الحصة، كما أن أساتذتي بكلية الآداب يتعاملون معي بشكل جيد، وهذا ما خفف عليّ معاناتي وجعلني أعيش بشكل عادٍ، وأعقد العزم على مواصلتي مشواري الدراسي والتفوق فيه”، يقول عز الدين سڭري في حديثه لجريدة هسبريس الإلكترونية.

وأضاف: “ليس أمامي سوى الصبر، وهذا ما أنصح به من هم في وضعية إعاقة مثلي، الصبر والإيمان بالله، والمثابرة من أجل تحقيق الأهداف؛ فالحياة غير مفروشة بالحرير لغيرنا، وما بالك بمن هو في وضعيتنا؛ إذ يحرم من ولوج مجموعة من الأماكن والفضاءَات، لسبب بسيط هو أن مصممي تلك الأماكن لم يأخذوا حالته بعين الاعتبار”.

من حسن حظ الطالب عز الدين أنه وجد في محيطه مجموعة من الطلبة الذين لا يبخلون عليه بالمساعدة، ويقدرونه لشخصه وذكائه، ويعاملونه كفرد منهم لا يختلف عنهم في شيء، كما عاينت هسبريس ذلك أثناء إنجازها هذه المادة عن هذا الشاب.

غياب الولوجيات في الكلية التي يدرس بها بأكادير، وفي أغلبية المرافق بالمدينة، ووضعه الصحي كمستعمل لكرسي متحرك، عوامل لم تمنع عز الدين من التفوق والنجاح، والحصول على دبلوم تقني متخصص في الطبع المعلوماتي.

عمره 21 سنة، يتنقل عبر كُرسي متحرك، درس تعليمه الابتدائي بمدرسة خالد بن الوليد بأكادير، ثم الإعدادي بإعدادية محمد السادس، فالثانوي بثانوية يوسف ابن تاشفين، إلى أن حصل على شهادة الباكالوريا في العلوم الفزيائية.

التحق عز الدين بالمركز المختلط للتكوين المهني بالمدينة حيث درس بتفوق إلى أن حصل على دبلوم تقني متخصص في الطبع المعلوماتي، إلا أنه قرر أن يواصل تعليمه الجامعي بدراسة الصحافة، من خلال تكوين مهني بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بجامعة ابن زهر، يتيح لحملة دبلوم الدراسات الجامعية العامة، أو ما يعادله، متابعة الدراسة في مسلك التحرير الصحافي، وهو الأمر الذي اختاره عز الدين لإيمانه بالعلاقة الوثيقة بين ما درسه كتقني في الطبع المعلوماتي وميدان الصحافة.

“أعتبر مركز التكوين المهني الذي درست فيه سابقا أحسن مكان للدراسة من حيث توفر الولوجيات، وسهولة الوصول إلى القاعات وغيرها من المرافق، يقول عز الدين ثم يردف: “لقد أنساني هذا المركز نسبيا بعض المعاناة التي كابدتها عندما كنت أدرس بالابتدائي والإعدادي لوجود بعض القاعات الدراسية في الطوابق العلوية. ورغم حرص العديد من الإداريين والأساتذة والزملاء على تقديم المساعدة لي، ولغيري، إلا أنه يجب أن يكون لي وللفئة التي تشبهني منفذا إلى الخدمات والفضاءَات العمومية”.

بحسب زملائه الطلبة وأساتذته بابن زهر، الذين استقت هسبريس آراءهم، فالطالب عز الدين السكري مجد ومُتَخلق، ولم يسبق له أن تغيّب يوما عن حصصه الدراسية رغم وضعه الصحي، يساعده والده كل يوم في الوصول إلى باب الكلية، ثم يتدخل زملاؤه لمساعدته على صعود السلاليم نحو قاعته حيث يدرس، يأخذ مكانه بين الرفاق، يشارك، ويساهم مثل البقية في بناء الدرس وتبادل المعلومات.

يقول عز الدين: “أحد أساتذتنا كلفنا بعمل تطبيقي يتعلق بإنجاز ربورتاج عن ظاهرة معينة، وأنا كلفني بأن أنجز عملي حول العجلة الدوّارة التي توجد في شاطئ أكادير، وهي عجلة للألعاب. زرت المكان أول مرة، والتقيت أصحاب المشروع وبعض المواطنين الذين جاؤوا رفقة أولادهم لركوب تلك العجلة، لكنني لم أستطع الولوج إلى الداخل لأرى تلك الآلات ولأنجز عملي، وهذا نموذج للمشاكل التي عانيت منها مع الولوجيات”.

ثم يردف: “الولوجيات مشكل مؤرق بالنسبة لمن هم في وضعية إعاقة كحالتي، فما أكثر المرافق التي لا أستطيع الولوج إليها بالمدينة، مثل باقي المواطنين، وكثيرا ما عانيت في حصص الترويض الطبي، خاصة وأن أغلب الأطباء يوجدون في طوابق علوية والسلاليم غير مساعدة حتى للأشخاص الذين يودون أن يقدموا لي يد المساعدة”.

ثم يضيف متحسرا: “بالنسبة لي، لقد تعلمت كيف أتكيف مع العوائق، وأواجه الصعوبات، سأنجز عملي الذي كُلفت به، بطريقة أو بأخرى، لكنني وضعت نفسي مكان طفل في وضعيتي يريد أن يجرب لعبة ويستمتع للحظة، ولم يجد منفذا لذلك، مثل بقية أقرانه، سيشعره ذلك بالحزن”.

ميمون أم العيد

مشاركة