الرئيسية مجتمع تحقيق :القهر الأسري والوصم الاجتماعي وراء تفاقم ظاهرة “الهاربات”

تحقيق :القهر الأسري والوصم الاجتماعي وراء تفاقم ظاهرة “الهاربات”

كتبه كتب في 7 ديسمبر 2016 - 02:00

أثار موضوع “هروب” أو “تغييب” مجموعة من الفتيات بمناطق متفرقة من إقليم تنغير، جنوب شرق المغرب، لغطا وجدلا كبيرين جعلنا نحاول فهم بعض الثاوي خلف هذه الحالات التي وصفت بالظاهرة الخطيرة و “الدخيلة”.

بداية، فهذه الظاهرة ليست جديدة، وليست خاصة بمنطقة دون أخرى، كما أنها ليست “دخيلة” ولا “خارجة” ، فهي ظاهرة اجتماعية تعرفها وعرفتها كل المجتمعات عبر التاريخ، وكغيرها من الظواهر الانسانية لا يمكن التعميم بشأنها، ولا يمكن إرجاعها إلى سبب محدد، فلكل حالة أسباب نزول معينة بين الاجتماعي والاقتصادي والنفسي.

تمكنا في موقع “دادس أنفو” بتعاون مع مرصد دادس للتنمية والحكامة الجيدة، من الحصول على معطيات صادمة، وتكاد تكون مفارقة لأغلب ما تداولته الشبكات الاجتماعية ومواقع الكترونية حول ظاهرة اختفاء فتيات تنغير والتي ربطتها بشكل مباشر أو غير مباشر بالانحراف الأخلاقي “الجنسي”.

في هذا التحقيق سنضطر للسكوت عن بعض التفاصيل حماية للمعطيات الشخصية، وكي لا تتشابها الأحداث والمعطيات مع حالات مغايرة، فكل تشابه في التفاصيل فهو من محض الصدفة.

هاربات من “القهرة” متهمات بتلطيخ “الشرف”

بعد تتبعنا لبعض حالات “الهروب” أو “الاختفاء” أو “التغييب” ، كانت صدمتنا عندما وجدنا أن أسبابا تكاد تكون “تافهة” وبسيطة وراء اضطرار مجمل “الهاربات” لمغادرة الكنف الأسري،  لكن قهرية الوصم الاجتماعي لما بعد انتشار خبر “الاختفاء” يجعل المشكل يتطور ويتعقد بسبب العقلية الذكورية السائدة، كما وجدنا أنه في بعض الأحيان يكون “تغييب” أو “هروب” الفتاة عن بيت عائلتها “هروب ايجابي” كحالات الهروب من محاولات الاعتداء الجنسي من أحد المحارم، أو الهروب من “زواج قسري” ،  أو حالات اختباء فتيات عند أقارب أو أصدقاء بعد اكتشافهن حقائق حساسة كانت مخفية عنهن، كحالة إحدى “المختفيات” التي اكتشفت أنها “بنت بالتبني” فلجأت إلى عائلة إحدى صديقاتها هربا من الحقيقة الصادمة.

إن عدم عودة فتاة إلى البيت لفترة يجعل الكل ينخرط في التأويل والتحليل وإطلاق الاوصاف والنعوت والتي غالبا ما تكون سلبية ضدها، حيث تتحرك اليات الوصم الاجتماعي مما يزيد في تعقيد المشكل.

كنا، وربما الكثيرون غيرنا، نعتقد أن مشاكل معقدة وكبرى وراء اختفاء هؤلاء “الهاربات” ، لكن واقع الكثير منهن غير ذلك تماما، كما أن هناك من رجح فرضية وجود مافيا تستقطب الفتيات للدعارة بحكم تقارب حالات هذه الاختفاءات زمنيا فالكثير منا يحكم على الامر منذ الوهلة الاولى بمقولة “ليس هناك دخان بدون نار”.

إحدى اللائي استقصينا حالاتهن، مراهقة متمدرسة، غادرت منزل عائلتها هربا من مشاهد العنف اليومي الذي يمارسه الأب على الأم، “لم أعد قادرت على تحمل رؤية أمي تتعذب” “تمنيت أن أعيش يوما بعيدا عن ذلك” هكذا عبرت عن قصتها في جمل، غادرت منزلها ذات صباح الى بيت احدى صديقاتها دون اخبار أحدا وظلت هناك لأيام قبل أن تعود.

حالة أخرى ل “هاربة” من “تزويج قسري” ، وأخرى لم توافق عائلتها على “علاقتها” مع أحد الشباب الذي وعدها بالزواج، فهي تحب شخصا والعائلة تريد لها شخص اخر، وأخرى  اختفت بعد أن أتهمها أقاربها بالفساد، لأنهم أكتشفوا لديها هاتفا محمولا تلقته هدية من زميلها، والأقارب “طبعا” لم يتقبلوا الأمر ولم يتفهموه وواجهوها بالضرب والكلام الجارح والعنف المادي والمعنوي، فحزمت بعض ملابسها وخرجت نحو المجهول، وحالة أخرى “هربت” من كثرة الأعمال المنزلية وما سمته “أعمال السخرة” لزوجات الاخوة أو “الهروب” من “تمارا” و “القهرة” بين الحقول والجبال، أو أخرى “هربت” بعد أن عنفت داخل الاسرة بسبب سرقتها ل 500  درهم من أبيها.

لا أحد سيفهم مثلا أن فتاة هربت لأنها لم تعد تتقبل “بخل أبيها الغني” وإحساسها بنوع من الظلم و “الحكرة” عندما تقارن “حالها” بحال بنات أسر فقيرة لكن يظهرن أفضل منها، ومن حديثها يستشف أن “البخل” هنا ليس فقط ماديا، بل عاطفي أيضا، خاصة عندما تقول “كم تمنيت أن يحضني أبي بحب ولو مرة واحدة في حياتي” ، وربما هو حال العديد من الابناء والبنات الذين يجدون الاب مشغولا في توفير رغيف العيش ولا يهتم أو لا يعرف فضل قبلة حب لأبنائه أو أهمية لمسة حنان.

مجمل الحالات التي توقفنا عندها تعود لفتيات تتراوح اعمارهن بين 15 و 28 سنة، لمسنا أن أغلبها كان ممكن ايجاد حلول لها بالحنان الابوي وبالحوار الاسري الشفاف والواضح البعيد عن اللغة الموارية، حيث أن دراسات اجتماعية وسيكولوجية كشفت أن التمويه وتجنب الخطاب المباشر والجريء في الأحاديث الاسرية لا يحل مكامن الصراعات والمشاكل ويراكم عقدا اجتماعية ونفسية.

مثل هذه الحالات، التي يختلط فيها النفسي بالاجتماعي لا يمكن أن نتسرع بالحكم عليها على أنها “انحراف أخلاقي” ، أو التسرع في إصدار التعميمات و “التيكيتات” الاجتماعية فهي مجرد اختلال في السلوكات يمكن علاجها بتوسيع فضاءات الحوار الاسري.

حين تقول الأسرة ” ليتني كنت نسيا منسيا”

يكتشف الأهل حالة “الاختفاء” المفاجئ، فينتشر الخبر وتزداد قهرية الامر على “الهاربة” وعلى “عائلتها” معا، لا أحد سيتفهم أن سبب الاختفاء مشكل بسيط، فغالبا ما يؤول السبب إلى “فساد جنسي” ، فبقدر ما يمكن نشر الخبر والصور عبر وسائل الاعلام والاتصال في العثور على “المختفية” وربما انقاذها من السقوط في براثين عصابات “الدعارة” عندها تسقط “الهاربة” المستجيرة من نار “العائلة” في جحيم “الدعارة”، بذات القدر يشكل ذلك مشكلا اخر يساهم في “وصم” المختفية بنعوت مسيئة على غرار “واقعة الافك” في التراث الاسلامي حيث أن مجرد “تأخر” فتاة عن موعد الدخول الى البيت يجعلها متهمة ب “الفساد”.

من خلال ما توصلنا به، في موقع دادس أنفو، من بعض الحالات وجدنا أن طريقة تعامل الأسر والمجتمع مع اختفاء أحد الأبناء تكون سببا في تعقيد الأمور، فعوض استحضار اليات الحوار والتفهم والتفاهم والإنصات يتم اعتماد مقاربة التهديد والوعيد والعنف، حيث أن سببا بسيطا قد يجعل فتاة “تتغيب” عن منزلها الاسري وسوء التعامل والتقدير يجعل فكرة العودة والرجوع صعبة على الفتاة مخافة العقاب، فتجد نفسها بعد ذلك ضحية شبكات الاستغلال الجنسي التي تترصد مثل هذه الفرص” ، فحسب أغلب التصريحات والشهادات التي توصلنا بها، لاحظنا أن السقوط في الانحراف الاخلاقي والفساد يكون نتيجة سوء التعامل مع الفتاة بعد هربها وليس قبله بالضرورة.

خلال بحثنا، وجدنا أنه في حالات قليلة فقط كان اختفاء فتيات من المنطقة بسبب “جنسي” ، كحالات اكتشاف تعرض الفتاة لاغتصاب، أو علاقات نتج عنها حمل غير مرغوب فيه،  اضافة الى حالة لفتاة تعرضت للابتزاز بنشر صورها عارية من طرف أحد زملائها في الدراسة، أو حين تتعرض فتيات للاستغلال من أشخاص ذو سلطة ونفوذ عليها وتكون ملزمة “اجتماعيا” ب “السترة” فتهرب الى مكان لا يعرفها فيها أحد … لكنها في المجمل حالات محدودة لا يمكن تعميمها.

وحسب دراسات عديدة، تتنوع أسباب “هروب” الفتيات والفتيان من البيوت، بين الحرمان العاطفي والحرمان المادي والعنف المادي والرمزي من طرف الاقارب أو الاستغلال الجنسي والتحرش  والقهر أو الظلم التهميش والتحقيق أو الحمل غير المرغوب فيه أو التدليل المبالغ فيه وعدم اهتمام الاسرة وتهاونها إضافة إلى السقوط ضحايا التغرير وصراع القيم والتفكك الاسري التمييز بين الابناء وغيرها من الاسباب الكثيرة فليس السلوك الانحرافي للطفل  الذي قد يكون سبب هروب الابناء.

مستشار اجتماعي : أسرة “الطفل الهارب أو المتغيب”  تكون كلها محتاجة للمصاحبة والمتابعة النفسية والاجتماعية وليس الطفل فقط، وهذه بعض طرق حسن ادارة مشكل هروب الابناء في حال وقوعه.

في تصريح للموقع يقول الأستاذ هشامي محمد،  المستشار الاجتماعي والباحث في السياسات الاجتماعية أن »  تغيب او هروب الابناء من المنزل من الطابوهات الاجتماعية قليلة التداول، وغالبا ما يكون موضع تكتم شديد لدى العائلات بسبب ثقافة “العار” و “الشرف” و “السمعة” وغالبا حتى في الابلاغ عن “التغيب” يقال أنه “اختطاف” ، لان الوعي الجمعي يعتبر “تغيب” الفتاة عن البيت “فضيحة” ، فبعض الآباء يفضلون ان يقتلوا أبناءهم على أن يهربوا، في حين قد يكون “التغيب” بسبب نفسي أو بسبب الاستلاب بمعتقدات فكرية أو دينية معينة مخالفة لمعتقدات العائلة أو غيرها من الاسباب  « .

 »لكن على العموم أغلب حالات “التغيب” تكون راجعة للتفسخ الاسري وضعف مراقبة الاسرة وعدم قيام الآباء بأدوارهم التنشئوية، فاغلب الآباء يتزوجون ويلدون دون أن يتوفروا على معرفة وتكوين في طرق التربية السليمة والوسائل الحديثة للتعامل مع مشاكل الأطفال، فعلى الفرد قبل أن يفكر في الانجاب أن يفكر ماذا أعد لهذا الابن القادم، ويتساءل هل أنا مؤهل أن أكون أبا أو أما، لأنه “ماشي غي أجي وولد الولاد” ، فالآباء والأمهات لا يقومون عادة بنقد ذاتي لممارساتهم في تعاملهم مع أبنائهم، وزاد الإعلام ووسائل التواصل الحديثة الامر تعقيدا حيث أن الابناء يقضون معظم أوقاتهم في “عالم افتراضي” لا يعرف عنه الاباء أي شيء « .

وردا على سؤال الموقع فيما إذا كان غياب الحوار حول الثقافة الجنسية سببا في تفاقم مثل هذه المشاكل داخل الأسر يقول محمد هاشمي » إن أغلب الاباء لا يكونون على تواصل حقيقي مع أبنائهم، ولا يتحاورون معهم ويصاحبونهم ولا يرافقونهم ويكونوا قريبين منهم، مثلا الأسرة هي النواة الاولى التي يجب أن يتعلم فيها المراهق والمراهقة الثقافة الجنسية بلغة مبسطة لكن واضحة، كي يتعلم الطفل أن يناقش أي مشكل داخل عائلته دون حرج، ويتشجع ليخبرهم بأي شيء كيفما كان، مثلا يمكن أن يتحدث الابوين مع أبنائهم عن قصة تعارفهما ونشوء الحب بينهما، ويمكن للأم مثلا أن تشرح لابنتها المراهقة معنى العادة الشهرية، والحدود التي لا يجب أن تتجاوزها في حال تعرفها على شاب، وعواقب إقدامها على ممارسة جنسية مع شخص ما، كما يجب على الآباء أن يربوا بناتهم على أن أساس انسانيتهن في علمهن وإنتاجهن وليس في جسدهن، إلى غير ذلك من الأمور التي يفضل أن يعي بها الأطفال من خلال آبائهم قبل أن يتعرفوا عليها ويكتشفوها بطرق غير سليمة من أصدقاء السوء أو من الانترنت  « .

وحول السبل الناجعة للتعامل مع مشكل هروب الأبناء في حال وقوعه، يقول محمد هشامي، الباحث في القضايا الاجتماعية،  »مجرد وقوع مشكل مثل هذا، قد يجعل الأسرة تنهار، في حين أن الامر ليس نهاية العالم ونهاية الحياة، ولا يجب أن يصور على أنه كذلك، بل على كل أب و أم أن يكون قد فكر في أنه يمكن أن يهرب أحد أبنائه لسبب ما، وأول شيء يجب أن تتنبه إليه الأسر هو حسن إدارة اللحظة الأولى لوقوع المشكل و “اختفاء” الابن سواء بنت أو ولد، نعم بالفعل تكون هناك صدمة نفسية قوية لكن على الأسرة أن تحسن التصرف، ولا تظهر الوعيد والعنف للمختفي، بل العكس أن تبين أن الأمر لا يستعدي الهروب وأن لكل مشكل حل بالحوار، كما أن البحث عن المتغيب أو المتغيبة يجب أن يكون بوعي، مثلا الأسرة تبدأ بالبحث لدى الأقارب والأصدقاء دون أن تظهر هلعا وغضبا، بل أن تتعامل مع الأمر بشكل عادي،  كما أنه من المفروض أن تكون الأم والأب على معرفة بأصدقاء أبنائهم ومحلات سكناهم « .

ويضيف هشامي محمد  »بعد تعذر العثور على “المتغيب”، من الأفضل الاتصال بالشرطة خلال 24  ساعة، حتى لا تكون “المتغيب” قد ابتعدت كثيرا، وأنصح في حال الاستعانة بالشبكات الاجتماعية والمواقع أن يكون الاعلان عن المتغيب مصاغا بطريقة تربوية علمية وليس فيه تهويلا أو ذو طابع فضائحي «

ويسترسل هشامي قائلا  »ما يعتقده الكثيرون أن الفتاة أو الفتى المختفي هو الذي يحتاج الى متابعة نفسية بعد عودته، لكن في الحقيقة فالأسرة كلها في تلك الحالة تحتاج إلى مصاحبة نفسية واجتماعية للتكيف مع الوضع الجديد، لتتصرف بطريقة تربوية وعلمية مع الطفل أو الشاب المختفي بعد عودته، بعد عودة “المتغيب” يجب استقباله بحب وعطف وحنان ونستقبله مثلا ب  “لقد اشتقنا لك”  “هل أكلت” “هل تشعر بالجوع” “لقد حزنا لغيابك” عبارات مثل هذه، لا أن نسأله مباشرة عن أسباب الهرب وأين كان ومع من وماذا فعل، لأنه في تلك المرحلة لا يكون قد أستوعب الأمر بعد، ومن الأفضل أن لا يناقش في الموضوع إلا بعد مرور فترة من الوقت «

 ويؤكد الأستاذ هشامي محمد  » أنه بالرغم من الكم الهائل من الجمعيات التي تشتغل في مجال الطفولة والشباب، وبالرغم من إارتفاع نسبة التمدرس لكن هناك فشل كبير في نشر التوعية الاسرية والتربية السليمة والثقافة الجنسية، مثلا من خلال العديد من الحالات التي صادفتها خلال عملي، هناك حالات لفتيات تعرضن لاغتصاب واستغلال جنسي  وهن لم يكن يعرفن أن تلك الممارسات التي كن يمارسنها تؤدي للحمل، كما أن هناك تمثلات كثيرة خاطئة عن الحب والصداقة والتحرش وعدم الوعي أن الشخص الذي تعرض للاغتصاب أو التحرش هو ضحية وليس مجرما، كما لا زالت أسر تعتبر البنات مجرد مشروع زوجات، وهذا يجعلنا ندرك أنه لا يزال هناك مجهود كبير يجب بدله من طرف الأسرة والمدرسة والجمعيات، خاصة على مستوى التنشئة السليمة للأبناء وكذا على مستوى نظرتنا للإنسان وكينونته «   .

ناقوس الخطر

ما يمكن أن نخلص إليه من خلال هذا التحقيق أن القهر والظلم الاجتماعي والأسري الممارس على الكثير من الفتيات بالمنطقة إلى جانب الاغراءات التي تزيد وسائل الاعلام والتواصل الحديثة في كشفها تخلق حالات من الاغتراب عن الواقع وعدم تقبله مما يولد ضغطا نفسيا واجتماعيا على بعض الشابات يدفعهن ” للهروب” إلى عوالم مجهولة ربما قد تكون أقل ألما كما ان الارتماء في “الفساد” أو”ممارسة الدعارة” و “التعرض للاغتصاب والاستغلال الجنسي” يكون نتيجة لسوء تدبير التعامل مع “الهروب المؤقت” من البيت الاسري وليس سببا له بالضرورة.

كما أن ظاهرة الوصم الاجتماعي السلبي خاصة في مثل هذه المجتمعات التقليدية تصعب من الاخبار والتبليغ عن حالات الاختفاء من جهة حيث أن عدم التبليغ المبكر يزيد من فرص “لوبيات” استقطاب الفتيات لعالم “الدعارة” كما أن ظاهرة الوصم تصعب كذلك من إعادة اندماج “الهاربة” في حالة عودتها حيث يبقى “الوصم” لصيقا بها وبعائلتها في الكثير من الاحيان حتى وان كان “اختفائها” لسبب تافه بل إن العائلة ذاتها تمارس عليها عنفا رمزيا منذ اللحظة الأولى لعودتها ب “إجراء اختبار سلامة بكرتها” وعنفا دائما في انتظار “تزويجها” لأحد كي “يسترها”.

كما أن المجتمع لا يستثار كثيرا بهروب “الذكور” مثل استثارته لهروب “الإناث” ولا يتعامل معه بالحساسية ذاتها بالرغم من أن “الذكور” قد يتعرضون أيضا للاستغلال الجنسي كما قد يكون سبب هروبهم “جنسي” أيضا وان كانت دراسات تشير الى أن الفتيات هن أكثر هروباً من الفتيان عادة لا يهرب “الذكر” حتى وان اقترف “جرائم أبشع” لكن “الفتاة” قد تهرب  لمجرد أن أسرتها وجدت لديها رسالة غرامية من زميل دراسة.

لهذا فتزايد حالات “الاختفاء” في صفوف الشباب سواء إناث أو ذكورا يتطلب تضافر جهود الجميع أولا لفهم مثل هذه الظواهر ثم لحسن التعامل معها وقاية وعلاجا.

كريم أسكلا

 

مشاركة