الرئيسية مجتمع زاكورة…أطفال يقطعون كيلومترات للدراسة بفرعية منسية

زاكورة…أطفال يقطعون كيلومترات للدراسة بفرعية منسية

كتبه كتب في 29 نوفمبر 2016 - 15:21
 
 رحلة يومية شاقة يقضيها تلاميذ فرعية “الروي” التابعة لمجموعة مدارس تناكمت في جماعة بني زولي بإقليم زاكورة، إحدى البقع الشبه منسية من المغرب العميق طلبا للعلم، فلم يكلوا ولن يملوا في سبيل محو أميتهم الأبجدية. لكن أين؟.. سؤال مؤرق لهم قبل أولياء أمورهم الغاضبين من ضعف بنية تحتية، لم توأد أملهم في البحث عن منافذ وخارطة طريق تخرج فلذات أكبادهم من الجهل بمنطقة تحتاج إلى جرعات اهتمام رسمي يبعد عنها شبح الإقصاء والتهميش.
الطريق إلى فرعية “الروي” متعبة في غياب أي مبادرة مما تلوكه الوزارة الوصية من شعارات النهوض بالتعليم بالعالم القروي، البعيد التحقق لأطفال يعيشون آلام رحلة الشتاء والصيف، ببردها وحرها في انتظار أن ترأف قلوب المسؤولين إلى حالهم الذي لا يحسدون عليه.
فرعية في الفيافي
تقع المدرسة في مكان مكفهر موحش، على بعد 18 كلم من جماعة بني زولي، أما تلاميذها من الجنسين، يقطعون طريقا غير معبدة تبعد عن محل سكنى بعضهم بسبعة كيلومترات، في ظروف قاسية يقاومونها والإطارين التربويين الوحيدين اللذين ضاقا ذرعا من ظروف التدريس بفرعية نائية، بعد أن قدما إلى المنطقة والأمل يحذوهما لمنح أطفال المنطقة بعضا من علمهما، لكنهما صدما بواقع بئيس لتلاميذ يقطعون الكيلومترات ” لطلب العلم” في تحدي للظروف الطبيعية يخبو مع نهاية التعليم الابتدائي.
فرعية “الروي” نموذج من مدارس المغرب العميق، المنفية في الفيافي يتيمة بحاجة لمن يرأف لحالها ويجسد شعارات على أرض الواقع وليس للاستهلاك فقط.
img_22181
رغم إحداث حجرة دراسية جديدة، إلا أنها لم تحل المشكل، فمع قساوة الظروف الطبيعية وبعد سكن أغلب التلاميذ وصعوبة عودتهم في فترة ما بعد الزوال لمتابعة الدراسة، تم الاتفاق على تخصيص الفترة الصباحية للدراسة، حتى يتمكن الأطفال من العودة إلى منازلهم، خاصة وأننا مقبلون على فصل الشتاء، وكان الحل الوحيد استعمال الحجرة المجاورة التي تفتقد للنوافذ في مشهد مقزز، مما يدفع المعلم إلى استبدال الخشب بالبلاستيك درء للبرد وتسرب المطر، والخوف لا يكاد يفارقه من إمكانية انهيار أو تشقق في الحجرة، في غياب لكل المكونات اللائقة للتدريس من غياب النوافذ وباب واقي من البرد، فعقد الآباء آمالا كبيرة على الحجرة الجديدة التي ما تزال تفتقر إلى بعض الضروريات، حسب بعض أولياء التلاميذ.
في غياب الاستقرار تفتقر المدرسة إلى سور يمنح تلامذتها الأمان ويضمن للمؤسسة التعليمية هيبتها، مما جعل السيارات والدراجات النارية والهوائية وبعض الحيوانات تجتازها، الشيء الذي دفع بالإطارين التربويين إلى وضع حجارة لمنع مرور بعض وسائل النقل القليلة التي تغامر بالمرور بالمنطقة المحتاجة إلى قلوب رحيمة بسكانها البسطاء الغارقين في الفقر. “
كرامة الأستاذ…عنصر مغيب
كرامة الأستاذ عنصر مغيب بالفرعية وغيرها من مدارس المغرب العميق التي تعتبر خارج تغطية وزارة بلمختار، حيث تختفي شعارات ضمان كرامة الأستاذ لتحسين جودة التعليم، كما اختفاء شروط التدريس في ظروف طبيعية على غرار مدارس المدن والمناطق المحظوظة والأوفر حظا.
إن رجل التعليم بهذه المناطق عزل بدوره، تؤكد مصادر من المنطقة للجريدة24، في مناطق معزولة بسبب رداءة الطرق وضعف التجهيزات وصعوبة التضاريس التي تدفعه لقطع كيلومترات لجلب احتياجاتها من بني زولي، مع غياب أي محل للبقالة والمواد الغذائية بأقرب دوار، في وقت حرم من السكن الوظيفي الذي من شأنه تأمين استقرار نفسي.
img_2212
معاناة مضاعفة لم يكن من الساكنة سوى التدخل وإعادة بناء أقدم قسم بني من طين وحجر، لتمكين معلمين شابين من التأقلم مع الوضع ومحاولة تسهيل إقامتهما… هم أخذته على عاتقها وحاولت ضمان سكن ولو بأضعف الإمكانيات، في حين تم تجاهل الوزارة توفير هذا المطلب، حتى يتمكنا من القيام بواجبهما المهني على أكمل وجه.
معاناة تلاميذ في غياب وسيلة نقل
أما معاناة 47 تلميذا بالفرعية فلا تنتهي في غياب وسائل النقل المدرسي المتشدق بها أو حتى دراجات هوائية مستعملة، التي كان بعضهم محظوظا بالتحوز بها دون الباقي العاجز عن ذلك ، لكون المدرسة تبعد عن أقرب دوار بحوالي كيلومتر وعن أبعد دوار ب 7 كيلومترات، وأغلبهم يضطرون إلى قطع المسافة سيرا على الأقدام، في رحلة تنهك قدرتهم على التحمل، فيخرجون عبر مجموعات تقطع الكيلومترات ليصلوا الفرعية منهكين.
وتزداد محنة هذه الفئة مع حلول فصل الصيف أو الشتاء، خاصة مع السيول التي تعرفها المنطقة والفيضان الذي يعرفه الوادي المحاذي للمدرسة، ليعلن عن توقف الدراسة، ولا يتم فك العزلة عن المدرسة إلا بتدخل الساكنة، فيما تسجل كل سنة نسبة متفاوتة من الهدر المدرسي بسبب صعوبة الظروف الاجتماعية والتضاريس.
ويجد كثير من التلاميذ أنفسهم عاجزين عن مواصلة الدراسة بسبب مشاكل جعلت أولياء وآباء التلاميذ، حسب مصادر “الجريدة 24” تطالب بتوفير دراجات هوائية للمعوزين من التلاميذ، ومد المدرسة بالماء الصالح للشرب، وتجهيز المدرسة بالتجهيزات الضرورية من طاولات وكراسي ومكتب للأساتذة، وإحداث سور يحيط بالمدرسة…
أمينة المستاري
ج24
مشاركة