الرئيسية اراء ومواقف التحريض على القتل إعلان هزيمة المتطرفين

التحريض على القتل إعلان هزيمة المتطرفين

كتبه كتب في 5 يوليو 2012 - 21:57

ما أقدم عليه الخطيب عبد الله نهاري من تحريض صريح على القتل واعتماد للعنف اللفظي ضدّ رئيس تحرير الأحداث المغربية، الذي عبّر عن رأيه، هو عمل متهور يدلّ على قدر كبير من الجهالة والعمى الإيديولوجي، ويجعلنا ندعو بوضوح إلى التدقيق في بعض الأمور: أولها ضرورة إنهاء التناقض واللعب على الحبلين فيما يخصّ استعمالات الدين الإسلامي ومنهجية تعاملنا معه، هل هو مرجعية شمولية للدولة ككل بأحكامه وشرائعه النصّية، أم أنه قطاع يتم تدبيره في إطار دولة عصرية تتجه نحو حماية التعدّدية والإختلاف وترسيخ الديمقراطية وحقوق الإنسان، هل يسمح الدستور المغربي الحالي بما ورد فيه من مضامين تخصّ إسلامية الدولة ووجود دين رسمي، بقطع الرؤوس والأيدي والرجم بالحجارة والجلد بالسياط، هل نحن في دولة دينية ؟ إذا كان الأمر كذلك فإن أمثال نهاري على حق تماما، وعلينا في هذه الحالة أن نقيم نظام الحسبة القديم ونعود إلى تقاليد الحدّ والتعزير، وننغلق عن العالم قابعين في تخلف القرون الغابرة، ونعلن يأسنا من اللحاق بمصاف الدول المتقدمة. أما إن كان الدستور الذي طالما نبّهنا إلى تناقضاته وحذرنا من التأويلات المتطرفة التي من المحتمل أن تطاله، إن كان ضامنا لحقوق الإنسان كما هي متعارف عليها في العالم (والتي هي منظومة غير قابلة للتجزيء كما يقول نص الدستور حرفيا )، فإن المطلوب اتخاذ الإجراءات الحازمة ضدّ كل دعاة الكراهية والعنف باسم الدين، عبر إحالة الخروقات التي يرتكبونها على القضاء ليقول فيها كلمته إنصافا للذين ظلموا، واقتصاصا من المعتدين من ذوي النزعات الإجرامية. إذ لا بدّ من التمييز الواضح بين التعبير الحرّ عن الرأي، والذي لا يمكن إلا أن يواجه بالحجة والبرهان العلمي والمنطقي، وبين التحريض على الجريمة بهدف إسكات الخصم وإرغامه على الركون إلى الصمت والعزلة. الأمر الثاني أنّ فهم الدين الإسلامي وقراءته وتأويله أمور لم تعد ممكنة بتاتا من خارج العصر الذي نحن فيه، وخطأ فقهاء الظلام هو أنهم يعتقدون بأن “العلم” هو حفظ بعض النصوص والمتون والحواشي وآراء الموتى من الفقهاء، والحكم بها على حاضر حيّ ما فتئ يعيش طلاقا يوميا مع تقاليد المجتمع التقليدي القديم، من هنا يحتاج الخطباء المفوّهون ـ إضافة إلى البلاغة ـ إلى السوسيولوجيا والإقتصاد وعلم النفس وعلوم السياسة كما يحتاجون إلى الأدباء والفنانين والفلاسفة، إذ عليهم قبل البتّ في أمر من الأمور فهمه من جميع جوانبه، وهو ما لا تسعفهم بالإحاطة به معرفتهم الدينية المحدودة، مما يجعلهم قاصرين عن بلوغ المرام في تلبية حاجات المجتمع المعاصر. ومثال ذلك ما صرح به أحد الجُهّال يوما عندما قال بصدد الحديث عن المثليين إنّ الشرع يأمرنا بقتلهم، بينما يعرف الجميع بأنّ الفرق بين عصرنا هذا والعصور الغابرة هو احترام الإنسان وتراكم المعارف العلمية التي جعلتنا نفهم العديد من الظواهر النفسية والفيزيولوجية التي لم يكن القدماء يفهمونها، ولهذا كانوا يتعاملون معها بالقتل والتصفية، سواء في الشرق أو في الغرب. الأمر الثالث الذي يترتب عما أسلفناه هو أن الرأي الفقهي اليوم ـ إن صدر عن علماء دين حقيقيين وليس عن مشعوذي منابر الإثارة، هو رأي نسبي يطرح ضمن آراء أخرى، ولا يعتبر “فتوى” ما دامت هذه الأخيرة ممأسسة لضمان البت الجماعي النيّر في القضايا المستجدّة، وتجنب الوقوع في الشطط الذي تقود إليه نوازع التطرف والغلوّ في الدين التي تستبدّ ببعض الأفراد. الأمر الرابع هو ضرورة إنهاء التناقض فيما يخصّ الآيات والأحاديث التي تتضمن عبارات القتل والتقتيل بصيغة الأمر، والتي يستغلها المتطرفون أسوأ استغلال، هل هي أوامر دينية وردت على العموم أم أنها مختصة بسياق وأسباب معلومة ينبغي تبيانها للناس، فإن كانت قد وردت على العموم فإن تعطيلها واجب لأن ضرورات الوقت تلزمنا به، وذلك مثل إبطال الرقّ والعبودية وتقسيم الغنائم وإعلان الحرب على الجيران لنشر الدين وقطع الأيدي والرؤوس والرجم بالحجارة ، وإن كانت قد وردت على الخصوص فبيان ذلك واجب حتى لا يشتدّ شغب المتطرفين على الناس ويهدّد استقرار البلاد ويعوق تطورها.

مشاركة
تعليقات الزوار ( 1120 )
  1. الاخ الكريم سي عصيد احمد تخصصك فلسفة وسياسة وعلوم انسانية نحترم اراءك ونستمع اليك وان كان يضايقنا انك احيانا لاتتكلم باسمك بل باسم الامازيغ وهذا في شق مقبول… ولكن حين تحاول ان تفتي في الدين ويظهر انك ناقص ثقافة في هذا الشان اضافة الى انك تتخوف ومرعوب من الدين كايمان وتخلط احيانا بين عادة اعراب منحطة وبين روح الدين الذي يجهله الاعراب اكثر من غيرهم من الشعوب…رجاء لاتبالغ وكف هجومك على الاسلام كدين لانه ديننا نحن الامازيغ في العمق لان فطرتنا اصلا تناسب فطرة الايمان والاسلام واجدادنا هم حقيقة من نشروه هنا وفي جهات اخرى….رجاء اخي لاتمارس باسم الامازيغ وصاية فكرية والزم حدودك في تخصصك او ثقف نفسك جيدا وانزل الى واقعنا مع الدين ولاتحاول ان تظهر ان الامازيغ في خصام مع الاسلام بل العكس فمن يحمل اعتقادا الاسلام في قلوبهم هم الشعوب الاسلامية ذات الفطرة الطبيعية كالاتراك والامازيغ والهند والصين والباكستان وماليزيا واندونيسيا والسينغال …اما ان كان عندك مشكل مع الاعراب فالميدان شاسع لمقارعتهم في السياسة والمجتمع والعادات وحقوق الشعوب ووو….الخ اما الاسلام المحمدي الحقيقي-الدين عند الله الاسلام- وانتم العلمانيون معذورون لانكم لاتعرفون معنى الله- فلا احد يستطع ان يزيله من عقولنا وافكارنا ونحن اكثر الناس فهما له والحمد لله عن قناعة فكرية عميقة وعقلانية …ولا نريد اي كان ان يحجر علينا فيه سواء كان من العرب او من الامازيغ…وفي غير ذلك فليتنافس المتنافسون فيما شاءت لهم نقاشاتهم الهامشية او الصميمية

  2. عصيد يبدو انه يريد جر الامازيغ الى نزواته وطيشه، والواقع يقول ان 99 في المائة من الامازيغ هم مسلمون وعن قناعة، ولايعرفون لا العلمانية ولا حب الملوك.
    هذه الشطحات العصائدية تبقى وجهات نظر خاصة ، عفى الله عليه من وهم ظل متشبثا به، محاربا طواحين هواء، فلنبشر نحن الامازيغ بكوننا اصبحنا كالاسبان، لنا دون كيشوتنا، وهو عصيد، الذي اصبح يكتب في المجالات التي لاعلم له بها، ونظنه معاديا لأركان الاسلام وبشكل ثبوتي، فإن كان الصوم يرهبه، فالامازيغ يحتفلون به وسيظلون.
    احمد عصيد لايمثلنا كأمازيغ، فهو لايمثل إلا نفسه، وليس هنالك امازيغيا واحدا حشر انفه في قضية الغزيوي/النهاري إلا هو، والفرق واضح: الرجل اصبح يكتب حول كل شيء، وغدا لاتستغربوا ان تقرأوا له عن طوم ودجيري او أليس في بلاد العجائب .

  3. مع احترامي للسيد عصيد، فالعنوان منذ البداية واضح انه غير عقلاني، لأن النهاري بصيغة مفرد، والعنوان حوله الى جمع، وهذا إسقاط تعميمي .
    فلو كان نهاري امازيغيا، فهل سيتفضل السيد عصيد باستعمال: المتطرفين الامازيغ؟ ام انه متقوقع حول تحليل هش، وواضح ان اشتغاله كمدرس لسنوات شل فكره وجعله لايواكب عصره على الاقل؟

Comments are closed.