الرئيسية مجتمع تزايد الإقبال على المساجد .. نفحات إيمانية أم موضة رمضانية؟

تزايد الإقبال على المساجد .. نفحات إيمانية أم موضة رمضانية؟

كتبه كتب في 8 يونيو 2016 - 01:26

متى رُفع أذان الصلاة خلال شهر رمضان إلا وأتى المغاربة، شيبا وشبابا، من كل فج عميق إلى المساجد، مقبلين، أفواجا أفواجا، على صلاة الجماعة التي تكتسي طابعا خاصا، في مشهد بات حكرا على الشهر الفضيل دون غيره من باقي شهور السنة.

إقبالٌ متزايدٌ تشهده المساجد خلال هذا الشهر، وتحديدا في صلاة التراويح التي تتحول فيها الجماعة إلى أعداد غفيرة من المؤمنين والمؤمنات، القادمين من كل حدب وصوب، خاصة عند ما يتعلق الأمر بمقرئين “نجوم”، تحرك تلاوتهم للقرآن مشاعر الخشوع والإيمان.

في شهر الصيام يصوم الكثيرون عن الأكل والشرب، لكنهم يقطعون صومهم عن العبادة ليفطروا على صلوات عديدة لا تنقطع، من طلوع الشمس حتى أفول القمر، ناهيك عن تلاوة القرآن والإكثار من الدعاء طمعا في مغفرة موعودة.

خلال هذا الشهر تتغير بوصلة العديد من المغاربة الذين يولون وجوههم شطر المسجد الأقرب، لتأدية الفرائض وما تيسر من النوافل، الأمر الذي يثير نقاشا لدى البعض واستغرابا لدى البعض الآخر، ليطرح السؤال حول السبب وراء هذا الإقبال على بيوت الله خلال شهر الصيام والقيام.

“إن الله غفور رحيم”

عودة المغاربة إلى المساجد خلال الشهر الفضيل تمثل، بحسب لحسن السكنفل، رئيس المجلس العلمي المحلي لمدينة تمارة، “دليلا قويا على إيمان الناس وتعلقهم بخالقهم”، مضيفا أن “كثيرا من الناس رجعوا إلى ربهم وأقبلوا عليه بنية صادقة خلال شهر رمضان. وبعد انتهائه، بقيت آثاره ظاهرة عليهم فالتزموا التزاما كامل”.

وأوضح السكنفل، في تصريح لهسبريس، أن الرجوع إلى الله خلال شهر رمضان إنما يكون “طمعا في ما عند الله”، رافضا تفسير هذه العودة بـ”بأي تفسير آخر سوى أنهم قصدوا ربا غفورا رحيما ولجؤوا إلى رحابه يرجون عفوه ومغفرته”.

“ليس لأي كائن من كان الحق في أن يحاسبهم على ما فرط منهم”، يقول رئيس المجلس العلمي المحلي لتمارة، “لأنهم، إنما اغتنوا فرصة شهر رمضان لينيبوا إلى ربهم ويسلموا له أمرهم والله أعلم بنياتهم، ونحن إنما نحكم على الظاهر والله يتولى السرائر”.

رضوخ للقيود

ممارسة التدين والطقوس الروحانية خلال شهر واحد دون غيره “لا يمكن اعتباره سكيزوفرينيا اجتماعية لدى المغاربة”، بحسب آيت لحو إدريس، أستاذ علم الاجتماع بجامعة القاضي عياض بمراكش الذي أوضح أن الأمر يتعلق بـ”نوع من الهروب من الواقع الذي يعيشه المغاربة طيلة 11 شهرا”.

“اللجوء إلى ممارسة هذه الطقوس والشعائر الدينية خلال شهر رمضان يشكل وسيلة لإشباع بعض الحاجات الدفينة لدى المواطن المغربي الذي يعيش تمزقا هوياتيا”، يقول آيت لحو، في تصريح لهسبريس، مضيفا أن “بروز هذه المظاهر في شهر رمضان يدخل ضمن خانة القيود المجتمعية المفروضة والمترسخة في عقلية المغاربة”.

وأبرز أستاذ علم الاجتماع أن “المجتمع المغربي يفرض بعض الممارسات على مواطنيه رغم عدم اقتناعهم بها باطنيا، من بينها ممارسة هذه الطقوس الخاصة، التي لا يستطيع المواطن التمرد عليها نظرا لحساسيتها”، وفق آيت لحو الذي لفت إلى أن المواطن المغربي بدوره “يجد راحة نفسية في الخضوع لما هو مجتمعي معياري وديني”.

ترسخ هذه الظاهرة خلال الشهر الفضيل يدخل ضمن إطار تدبير الدولة للحقل الديني، بحسب آيت لحو، وذلك من خلال “توجيهات وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية التي ساهمت في غرس طريقة معينة في ممارسة الشعائر الدينية في عقلية المواطنين”، ما يعكس في العمق “علاقة تأثير وتأثر بين الدولة والمجتمع”، وفق منظور المختص في علم الاجتماع.

وحول صمت المجتمع على هذه الممارسات، أكد إدريس آيت لحو أن “الأغلبية الساحقة من المغاربة يعرفون أن ما يقومون به في شهر رمضان ليس على صواب”، إلا أن الأمر “يبقى مقبولا اجتماعيا” بسبب حضور ما سماها “الشرعية الاجتماعية” التي تبيح القيام بهذا النوع من الطقوس الروحية.

*أيوب التومي صحافي متدرب

مشاركة