الرئيسية عدالة المديرية العامة للأمن الوطني تعزز الآليات الوقائية ضد التعذيب والمعاملة القاسية

المديرية العامة للأمن الوطني تعزز الآليات الوقائية ضد التعذيب والمعاملة القاسية

كتبه كتب في 21 مارس 2016 - 18:41

ليس صدفة أو مجاملة أن يجزم الأمين العام لمنظمة العفو الدولية ” أمنستي”، خلال زيارته الأخيرة لبلادنا، بأن “المغرب قطع أشواطا مهمة في مجال حقوق الإنسان”، وأن ” المنظمة مقتنعة بأن التعذيب ليس سياسة ممنهجة للدولة”.

فهذه القناعة التي تكوّنت لدى منظمة أمنستي، في تطور لافت في علاقتها بوضع حقوق الإنسان بالمغرب، تؤكد أن الخطوات التي اتخذتها المؤسسات الوطنية في مجال حماية الحقوق والحريات الفردية، حققت نتائج ملموسة في مجال القطع النهائي مع الخروقات والانزلاقات التي تمس بحقوق الإنسان.

وفي هذا الصدد، نوّهت العديد من الفعاليات والمنظمات الحقوقية بالمجهودات التي تبذلها مختلف المؤسسات التي تعمل في خط تماس مع حقوق الإنسان، إن على مستوى إشاعة ثقافة حقوق الإنسان في صفوف العاملين بها، أو على مستوى زجر ومتابعة الموظفين الذين تنسب إليهم خروقات يمكن تصنيفها في خانة أفعال التعذيب. ومن جملة هذه المؤسسات، هناك المديرية العامة للأمن الوطني التي كانت قد أصدرت في شهر أكتوبر من السنة الماضية، دورية تحمل توقيع مديرها العام الجديد عبد اللطيف حموشي، والتي تنص على ضرورة تدعيم ضمانات الحرية الفردية في الممارسة الشرطية.

وحسب مصدر أمني، فقد شدّدت هذه الدورية على وجوب أنسنة ظروف إيداع الأشخاص الموضوعين تحت الحراسة النظرية، ووجوب عرض المصابين منهم على الخبرة الطبية قبل إيداعهم في مراكز الاعتقال، فضلا عن تطوير آليات البحث الجنائي بشكل يغني عن اللجوء إلى الاعتراف كوسيلة إثبات وحيدة، وذلك لسد الباب أمام أية خروقات محتملة.

وتجسيدا لهذه الدورية، التي وصفها البعض بأنها مذكرة مصلحية بأبعاد إنسانية وحقوقية، فقد كشف مصدر من المديرية العامة للأمن الوطني بأن هذه الأخيرة عززت آليات المراقبة الداخلية لرصد أية تجاوزات مفترضة، حيث تم فتح تحقيق في مواجهة 23 من موظفي ولاية أمن الدار البيضاء خلال سنتي 2015 والأشهر الثلاثة الأولى من سنة 2016، في ستة قضايا تتصل بحماية وصون حقوق الإنسان.

فهؤلاء الموظفين، حسب المصدر الأمني دائما، اشتبه في تورطهم في قضايا تتعلق بالمساس بضمانات الحرية الفردية، أو في تصرفات تدخل في نطاق التعذيب، وهو ما جعل مصالح الأمن تحيلهم على التحقيق الإداري قبل أن تشرع في متابعتهم قضائيا، بعد تسجيل قرائن مادية ترجح ارتكابهم لأفعال تقع تحت طائلة القانون الجنائي.

ومن بين الموظفين المتابعين، سبعة عناصر كان يعملون في منطقة أمن عين السبع، يشتبه في تعريضهم، في شهر غشت 2015، لشخص كان في حالة سكر متقدمة لعنف نجم عنه وفاة داخل غرفة الاعتقال، وهو ما استدعى تقديمهم أمام العدالة حيث لازالوا يتابعون من أجل أفعال التعذيب.

وفي تعليق على هذه المعطيات، نوّه مصدر رسمي بطريقة تعامل مصالح الأمن الوطني مع مزاعم التعذيب، حيث أكد أنها تشرع مباشرة في فتح تحقيق معمق في الادعاءات المسجلة، قبل أن تعاقب الموظف المخالف إداريا وتتابعه قضائيا في حالة التثبت من وقوع تلك التجاوزات.

كما أن التشدد في متابعة الموظفين المخالفين، والمنسوبة إليهم تلك الخروقات، يعكس التزام الدولة عموما، ومصالح الأمن على وجه الخصوص، بالقطع النهائي مع التعذيب، ويسقط عن الدولة فرضية ” المقاومة المؤسسية”، التي تحدثت عنها اتفاقية مناهضة التعذيب.

وفي الأخير، لابد من التأكيد على أن الوصول إلى إشهادات دولية بأن ” التعذيب ليس سياسة ممنهجة بالمغرب”، هو نتيجة تراكمات وطنية، يساهم فيها الفاعل المؤسساتي والمنظمات المدنية، وهو أيضا إجراءات عملية تقوم بها مجموعة من المؤسسات الوطنية، بما فيها إدارة الأمن الوطني، التي اتخذت مؤخرا تدابير ملموسة لإنعاش منظومة حقوق الإنسان في الوظيفة الشرطية، وإسقاط أفعال التعذيب نهائيا من الممارسة العملية لمصالح الأمن.

جواد هادي لسوس بلوس

مشاركة