الرئيسية اراء ومواقف لماذا يعنف أمازيغ مراكش بالسيوف والمزابر؟

لماذا يعنف أمازيغ مراكش بالسيوف والمزابر؟

كتبه كتب في 29 يناير 2016 - 19:41

في ذلك الزمان البعيد، اتخذ الموحدون شعارا أساسيا في استنهاض همم الأتباع والأنصار وبناء حضارتهم ودولتهم التي كانت امبراطورية بمعنى الكلمة، كان شعارهم، هو “أسوارنا سيوفنا”، الأمر الذي أدى إلى تشييد مدن عظيمة ذات أسوار متينة في الأندلس ومجموع بلاد المغرب، وبذلك الشعار يندهش المهندسون اليوم من عبقرية عمران وهندسة حضارة دولة ابن تومرت وعبدالمومن…. لكن بعد قرون عدة ما هو شعارنا نحن اليوم في هذا العالم المتقلب المتطور؟

“عقولنا نهضتنا” بكل تأكيد، وجزم ويقين، هذا هو شعارنا، إن النهضة الامازيغية المعاصرة التي تنهض بها كل ربوع تمازغا، وستنتشر أكثر فأكثر في المستقبل، هي نتيجة لمجهود عقلاني، وتمكين للفكر في ماهية الأشياء، في فلسفة الوجود. فالدفاع عن الهوية والثقافة والتاريخ، يقتضي بالضرورة تملك مفاتيح التحليل العقلي والفلسفي، ويتطلب أيضا تملك المعرفة، واكتساب آليات الفهم والتفسير….

هل من الصدفة أن تبدأ أول خطوة الربيع الامازيغي من جامعة “تيزي وزو”، سنة 1980 التي هي عاصمة كل أمازيغي الدنيا، إنتبهوا إن النهضة الامازيغية المعاصرة بدأت من رحم الجامعة…..انتبهوا مرة ثانية إن الوعي الامازيغي المعاصر قاده بالدرجة الأولى جامعيون ومفكرون وعباقرة، أمثال مولود معمري وصدقي علي ازايكو، والهباز، وقاضي قدور، وسالم شاكر….واللائحة طويلة جدا…

هي إذن، معركة فكرية بين العقل والوهم، بين الفكر والايديولوجا، تسلح “مولود معمري” بالمعرفة لتفكيك ايدلوجيا الفكر العروبي البعثي الاشتراكي في الجزائر، وتملك علي ازايكو التحليل التاريخي والعدة المعرفية في شتى علوم الإنسان ليكسر الفكر العروبي السلفي الهدام،،،وفعلا شتته تشتيتا….

عرجنا هكذا سريعا، لنبين أن الدماء الامازيغية التي تسيل في الجامعات المغربية، بسيوف ومزابر مرة تحملها أيادي “القاعدي” ومرة تحملها  أيادي “الصحراوي”، (ومن يدري هويات كل الأيادي المتشابكة)، إنما تستهدف اغتيال العقل الامازيغي، بعد أن حقق صحوة غير مسبوقة في التاريخ على أساطير وأكاذيب الأوليين واللاحقين، هل يوجد شخص واحد لازال يقتنع تمام الاقتناع بالعروبة والقومية، لا أعتقد. مستحيل، بسبب طفرة عقل الامازيغ في المغارب وصحوة الأكراد في المشرق….

فاستهداف العقل – الخطاب الامازيغي في الجامعة ليس ضربة طائشة، وإنما خطة إجرامية من طرف أقلية مهددة بالانقراض والموت، وإن لم نقل إنها ميتة منذ مدة، طارت لهم الثورة وبقي العنف بين أيديهم، وغاب الفكر في عقولهم، واستبدت بهم الغريزة والهمجية وأخرجوا سيوفهم ومزابرهم… فلماذا مراكش كل مرة؟

نختصر الكلام ونقول أن مراكش عرفت اختناقا ثقافيا محزنا ومخزيا منذ الاستقلال، تكدست به نخب تحمل فكر عروبي وقومي سلفي منذ الثلاثينات، وورثت مراكش هذا الفكر المأزوم منذ تلك السنوات، وما يفسر ذلك، هو كونها معقلا لحزب الاستقلال منذ الخمسينات إلى السنوات الأخيرة، هذه النخبة سيطرت على جامعة قاضي عياض لعقود من الزمن، وخلقت جوا ثقافيا وفكريا أحاديا، سماته العروبة والبعثية والقومية….وشكل هذا الفكر حصارا قويا ومنيعا لثقافة مراكش وأحوازها وجبالها، فكثير من أبناء الجبل ضواحي مراكش، كانوا طلبة، تم استقطابهم في سنوات الرصاص وتجنيدهم في معسكر العروبة والبعثية والناصرية، وكانوا ضحية لهذا الفكر البئيس (حتى لا اذكر الاسماء) ..

فمن المؤكد تاريخيا أن هذه المدينة تعيش وتقتات من المناطق الجبلية والسهلية المحيطة بها، وكل التحولات التي عرفتها المنطقة جاءت من الاحواز منذ العهد المرابطي إلى عهد “الباشا الكلاوي”، ولضبط ثقافة الجبل الثائرة والمتمردة بالطبع، كان ولابد بعد الاستقلال إلى تهميش الجبل تنمويا واقتصاديا، ومحاصرته ثقافيا واستهداف خصوصيته اللغوية والهوياتيتة…وتم بعد ذلك تمركز الفكر العروبي وسيطرته على الأحزاب والنقابات والشباب ثم الجامعة…حتى لا يدخل الفكر الامازيغي إلى الحرم الجامعي ويكتسح أسوار المدينة ودروبها….

المدينة خلقوها وحصنوها لينصهر فيها فكر الجبل ويصير كالجليد الذي يأتي من القمم الشامخة ويذوب ماء عذبا يشربونه ويتناوبون عليه في الكؤوس المزركشة…..

إن الرهان أصبح قويا أمام الجميع، هو الاستمرار في تملك العقل وتشغيل الذهن لإتمام صرح النهضة الفكرية والثقافية…. الامازيغية هي ورش المستقبل يساءل العقل والفكر والمنطق، أما العنف وسفك الدماء غريزة مآلها الزوال والاندثار…

كل التضامن مع ضحايا العنف الدموي في موقع مراكش.

عبد الله بوشطارت

مشاركة