الرئيسية مجتمع المغاربة يتجهون إلى تقنية VPN لتجاوز منع الوتساب وسكايب

المغاربة يتجهون إلى تقنية VPN لتجاوز منع الوتساب وسكايب

كتبه كتب في 10 يناير 2016 - 09:38

حتى والدتي اشترينا لها هاتفا ذكيا وعلمناها كيف تتصل بابنها في أمريكا لتتحدث معه وتراه يوميا.. لكن اليوم توقف كل هذا». يقول عزيز باستياء عارم، ويشاركه فيه العديد من أفراد الأسر المغربية التي دأبت على التواصل مع ذويها خارج المغرب بالصوت عبر الواتساب وفايسبوك، أو الصوت والصورة عبر السكايب، وفايبر، وفيستايم، وغيرها من التطبيقات التي تتيح الاتصال المجاني عبر الأنترنيت، والتي أصبحت ممنوعة في المغرب مثل دول عربية أخرى كالسعودية والإمارات ومصر. ما جعل مواقع التواصل الاجتماعي تشتعل بالانتقادات ضد شركات الاتصالات المغربية التي لجأت إلى المنع، وتطور الأمر إلى توقيع عرائض على الأنترنيت، وينتظر أن يتحول إلى فعل على أرض الواقع سواء بمقاطعة خدمات شركات الاتصالات، أو بمراسلة «الواتساب» و»الفايسبوك» للتدخل لدى الحكومة المغربية. فما هي خلفيات المنع؟ وهل يمكن أن يصمد طويلا؟ وكيف تعاملت الدول مع خدمة الاتصال عبر الأنترنيت؟

أسباب المنع
شركات الاتصالات «إينوي»، و»اتصالات المغرب» و»ميديتل»، اتفقت على قطع خدمة الاتصال عبر الأنترنيت، VOIP، دون أن تخبر الزبناء بذلك. وفي هذا يقول متتبعون إن خسائرها كبيرة من وراء استعمال الاتصال عبر الأنترنيت، ولهذا أقدمت على هذه الخطوة، لكنها لا تريد أن تظهر أمام زبنائها بأنها هي التي اتخذت قرار قطع الخدمة، ولهذا لم يخرج أي مسؤول في هذه الشركات ليوضح الأمر للزبناء. وحده المدير العام لشركة اتصالات المغرب خرج بتصريحات يُحمِّل المسؤولية فيها لوكالة تقنين المواصلات ANRT. ويقول إنها هي التي اتخذت قرار قطع الخدمة.
وأضاف أحيزون أن الوكالة أصدرت قرارا بوقف هذه الخدمات نظرا إلى عدم توفر الشركات صاحبة التطبيقات على رخص الاستغلال. في المقابل ردت الوكالة في بيان لها، بتأكيد أن قطع هذه الخدمة أو السماح بها يتم عبر شركات الاتصالات، من جهة، وبأنها أيدت هذا القرار من جهة ثانية.
ووفقا لما جاء في بيان الـANRT، فإنه «لا يمكن أن يتم نقل وتمرير كل حركة هاتفية في اتجاه الزبون النهائي إلا من طرف متعهدي الشبكات العامة للاتصالات، وفق الشروط المحددة في دفاتر تحملات التراخيص الممنوحة لهؤلاء المتعهدين»، أما بخصوص استعمال هذا النوع من الخدمات، فتقول الوكالة إنه «بالإضافة إلى الخسارة التي تلحق بالسوق الوطنية للاتصالات، فيما يخص رقم المعاملات، بالنظر إلى استعمال خدمات مجانية للهاتف عبر بروطوكول الأنترنيت، فإن هذه الأخيرة لا تستوفي جميع الشروط المتطلبة لكي تُعَدَّ مطابقة للنصوص التنظيمية الجاري بها العمل». وتضيف «وعليه، فإن توقيف هذه الخدمات يندرج في إطار امتثال المتعهدين للالتزامات الملقاة على عاتقهم بموجب دفاتر تحملات التراخيص التي يتوفرون عليها».
بيد أن عددا من المتتبعين يتساءلون لماذا انتبهت شركات الاتصالات ووكالة تقنين المواصلات الآن فقط، إلى أن تلك التطبيقات لا تستجيب للشروط المطلوبة، مع العلم أن خدمات «السكايب» و»الواتساب» و»فايبر» وغيرها من التطبيقات، دخلت المغرب منذ سنوات؟
واعتبر رشيد جنكاري، الخبير المغربي في مجال الاتصالات والتكنولوجيا الحديثة، أن تصريحات أحيزون التي تحمل المسؤولية لوكالة تقنين المواصلات، «غير صحيحة»، مضيفا أن «القرار اتخذته شركات الاتصالات، لأنها هي التي تتحكم في صبيب الأنترنيت، أما ANRT فهي مجرد إدارة تنظم القطاع».
وحسب جنكاري دائما، فإن شركات الاتصالات تختبئ وراء قرار صدر سنة 2004 للوكالة، في حين أن الحقيقة هي أن هذه الشركات تعرضت لضربة كبيرة بسبب تقلص مداخيلها من استعمال المكالمات عبر الأنترنيت، وهذا يؤثر على أوضاعها المالية، خاصة وأنها تقوم باستثمارات ضخمة. كما أن هذه الشراكات تؤدي إلى ضرائب هائلة، وأي تراجع في مداخليها سيؤثر سلبا على حجم هذه الضرائب التي تنعش خزينة الدولة.
ضمن هذا الإطار، تقول شركات الاتصالات المغربية، إن تطبيقات فايبر والواتساب رغم أنها مجانية، فإنها تحصل على مداخيل مهمة عبر الاشهار، في حين تخسر شركات الاتصالات التي تستثمر وتؤدي الضرائب. لكن الواتساب مثلا لا تعرض إشهارات فماذا ترابح؟
حسب جنكاري، فإن هذه الشركات ترتفع قيمتها كثيرا بسبب كثرة المستعملين، مثلا الواتساب اشترته فايسبوك بمبلغ 19 مليار دولار.
الخبير المغربي اتهم، كذلك، وكالة تقنين المواصلات بالتواطؤ مع شركات الاتصالات، ودعاها إلى لعب «دور استشرافي في فتح التواصل عبر الأنترنيت، نظرا لما له من نتائج اقتصادية وتكنولوجية». وشدد على أن «شركات الاتصالات تضيع الوقت في منع الاتصال عبر الأنترنيت، بدل أن تبحث عن تنويع الخدمات»، مضيفا «أن التطور التكنولوجي سيجعل من السهل ابتكار طرق أخرى للاتصال عبر الأنترنيت».

هل للمنع أسباب أمنية؟
إن الاتصال عبر الأنترنيت من خلال تطبيقات السكايب والواتساب وفاير وغيرها يبقى خارج مراقبة وكالة تقنين الموصلات، وخارج الرقابة الأمنية، لأنه رغم أن المتصل يستخدم شبكة أنترنيت محلية، إلا أن المكالمة تخرج عن نطاق المراقبة، لكن أمين رغيب، الخبير في الأمن المعلوماتي، يقول إنه في حالة مراقبة الأجهزة الأمنية لمجرم ما، فإنها يمكن أن تطلب بيانات التسجيلات من الشركة صاحبة التطبيق، لكن هذه الشركات توجد خارج المغرب وهناك تعقيدات في التواصل معها.
من جهة ثانية يوضح رغيب، جوانب سلبية للتطبيقات، ذلك أن جميع هذه التطبيقات التي تتيح الاتصالات المجانية، تقوم بالمقابل، بتسجيل جميع المكالمات التي يقوم بها المتصل، عبر العالم، كما أنها تتمكن من الولوج إلى جميع المعطيات الشخصية للمستخدم وللأرقام الهاتفية التي يتصل بها. رغيب يقر بأنه هناك جانب تجسسي في عمل هذه الشركات. ولهذا لا يستبعد أن تكون الهواجس الأمنية ساهمت في اتخاذ قرار المنع. لكن مصدرا أمنيا سبق أن نفى لموقع «اليوم24»، أن يكون للإدارة العامة للأمن الوطني أي دخل في هذا القرار.

الحل السحري؟
هناك وجه آخر لقرار المنع يتعلق بحرية الولوج إلى الأنترنيت، وبالتطور التكنولوجي المرتبط به، وما إذا كان ممكنا إغلاق الباب في وجهه. بعض دول العالم الثالث سبقت المغرب إلى سياسة المنع، منها مصر، الكويت والسعودية، والإمارات، وغيرها. فهذه الدول لجأت منذ مدة إلى منع الاتصال الهاتفي عبر الأنترنيت إما لأسباب أمنية، أو لأسباب اقتصادية. فماذا فعل المواطنون في هذه الدول لحل هذه المشكلة؟ يقول أمين رغيب، الخبير في الأمن المعلوماتي،  هناك تقنية جديدة تعرف إقبالا كبيرا في الدول التي منع فيها الاتصال عبر الأنترنيت، وذلك باستعمال اتصال من خارج الشبكة الوطنية، وهي تقنية VPN». ويتوقع رغيب أن يلجأ المغاربة إلى البحث عن هذه التقنية، مضيفا «منذ أن أعلنت في فيديو على يوتيوب عن تقنية VPN، دخل 160 ألف مغربي للاطلاع على الفكرة»، كما كتب مقالة تشرح الفكرة، قرأها 300 ألف شخص.
في الدول التي منع فيها الاتصال عبر الأنترنيت لم تقع ردود فعل كبيرة للضغط على الشركات للتراجع، لكن في دولة مثل البرازيل، أثيرت ضجة عندما تم قطع فيسبوك، وتابع رغيب حديثه قائلا إن المواطنين احتجوا كثيرا، إذ وصل بهم الأمر إلى حد الضغط على مدير فيسبوك عبر مراسلات وعرائض، فقامت إدارة فيسبوك بالتواصل مع الحكومة البرازيلية لإعادة الخدمة.
لكن كيف تعاملت الدول الأوروبية الليبرالية مع موضوع الاتصالات عبر الأنترنيت؟ وفي هذا يقول رغيب إن معظم شركات الاتصالات في الدول الغربية، تعاملت بذكاء مع التطور التكنولوجي ولم تلجأ إلى المنع. فقد تخلت عن التركيز على المكالمات التقليدية، واستثمرت في خدمات الأنترنيت، بما فيها الاتصال عبر الأنترنيت، وقدمت عروضا جيدة، مثلاً عبر تطبيقات الواتساب والسكايب و»هكذا لم تخسر صورتها لدى الزبناء وحافظت على مداخيلهم». ولعل هذا النهج هو الذي يستحسن أن تسلكه الشركات المغربية حسب المتخصصين.

عبد الحق بلشكر

مشاركة