الرئيسية اراء ومواقف إسلام متعدد وقراءات متعددة ومذاهب متغايرة

إسلام متعدد وقراءات متعددة ومذاهب متغايرة

كتبه كتب في 24 نوفمبر 2015 - 20:30

الواقع بعد إطلاعاتي المتواضعة على التراث الإسلامي والتاريخ الإسلامي, والصراعات التي شهدتها مساحة هذا التاريخ طولا وعرضا,أستطيع ان أقول أنني أنفي وجود إسلام واحد ؛ بل أنني أتحدث عن إسلام متغاير ومتباين بإختلاف الفرق والمذاهب والحركات والفقهاء والأئمة, فضلا عن الإختلاف بين الشعوب وإختلاف تطورها ولغاتها وسجاياها, وهذا ليس إسقاطا على الواقع أبدا, وإنما هو الواقع بعينه, ويستطيع أي إنسان أن يدركه بوضوح وبدون الحاجة إلى عبقرية وقوة ذهنية, ولا ينقض ذلك وحدة ممارسة الطقوس والعبادات والشعائر الدينية, ولكن الحديث عن التماهي الكلي والوحدة الكلية التامة والمعنى الأحادي هو وهم وخداع للذات وللعقل, لأن الواقع كاسر ولو رفضناه, وصادق ولو رفضناه, ومجسد أمامنا في حياتنا ولو لم نعترف به.

ولا حاجة الى شواهد,فالواقع المعاش بليغ, فالمسلمون مختلفون في ما بينهم بعد وفاة الرسول الكريم,يمارسون هذا الإختلاف في تفسير النص المقدس, وتأويل الخطاب, ويتصارعون في محاكمة الحوادث التاريخية على طول التاريخ الاسلامي, مما جعل الهوية الواحدة لا تتناغم ولا تتفق مع ذاتها من خلال تباين مكوناتها وممارساتها وانماط صياغتها.
وقد يحتج غاضب وينفعل..!!! ولكن الغضب لا يخفي الواقع والانفعال لا يحل إشكالا تاريخيا ولا مشكلة تتعمق وتزداد مأساوية مع الأيام والسنين والعقود والقرون, بل علينا أن ندرك بأن هذا ليس عيبا ولا نقصا ولا نقوصا في قيمة الإسلام وشموخه الأخلاقي وتساميه العالي وما يتفق مع فلسفة الخلق الإلهية والتي تضع الانسان في أحسن الصور؛ بل بالعكس تماما بأن في هذا الإختلاف ما ينتج الابداع والابتكار في إعادة صياغة مشروع الفهم ومنهجية البحث والدراسة لتشكيل أرضية للإنطلاق ونفض ما تكلس وتخثر وتحجر وتجمد طول عدة قرون.
كم أحزن كثيرا عندما أرى صدامات إطلاق النار هنا بين أصحاب المذاهب والرؤى المختلفة… وأرقبها وأحاول أن أفكك ثناياها وكم أدرك أن كلا من المتصارعين يحمل الآخر من خلاله بدون أن يراه ويشعر به وهذا ما يذكرني بقوس قزح وألوانه المتداخلة معا…
إن الاقرار بتعدد القراءات للإسلام الحنيف, وإختلاف هذه القراءات ليس سياقا شاذا فجميع الديانات القديمة والسماوية تعيش حالة تباين القراءات والسلوكيات والممارسات…
وهنا أذكر حادثة:أنني إلتقيت في إحدى المرات مع شباب من فرنسا وجلسنا معا لإحتساء القهوة  في مكان لطيف؛واستغربت منهم عندما قالوا إننا مسيحيون ولكننا لا نؤمن بعذرية مريم…!!! وأن كنيستهم بالقرب من الكنائس الأخرى…!!!
واستدركوا ان كلا منا يمارس طقوسه لوحده بحرية تامة…!!!!!
إخواني أخواتي ؛إن الإعتراف بهذا يشكل مجالا للحوار ولممارسة الإبداع والإبتكار, ويشكل نضوجا واضحا لمحاورة الآخر والاتصال والتواصل معه ويخلق مساحة رحبة للتفاعل والتبادل وهذا يطرح قبول الآخر وإحترامه في وطن واحد.؛بدون الدخول في مهاترات ما يسمى بالتقارب بين المذاهب والتي لا أرى فيها محاولات جادة على الإطلاق طيلة عدة قرون في التاريخ؛خصوصا أنها قد تحوصلت حول نفسها وانغلقت عليها وأصبحت”إيدولوجية” شاذة؛وأعتقد أن عدم الإعتراف بهذا التعدد لن يكون إلا مشروع فتنة وتحريض وقتل وتخريب وتاريخ أدمغة متزمتة وأجساد مفخخة قابلة للإنفجار في أي زمان ومكان على إمتداد التاريخ القادم.
وأرجو أن نفهم الواقع ومتغيراته لصالح الانسان الذي خلقه الله تعالى على صورته.
بقلم:أحمد الهلالي

مشاركة