الرئيسية اراء ومواقف عندما يبتزّ السلفيون الحكومة

عندما يبتزّ السلفيون الحكومة

كتبه كتب في 17 مايو 2012 - 17:21

الرسالة التي وجهها المغراوي إلى حزب العدالة والتنمية عبر لقاء لشبيبة الحزب، والتي تضمر تهديدا مبطنا، تكشف عن أمر كنا أشرنا إليه من قبل، مباشرة بعد فوز حزب المصباح في الإنتخابات الأخيرة، وهو أن الحزب سيجد نفسه محاصرا في منطقة يتجاذبها قطبان متعارضان تعارضا تاما، مما سيجعله أمام تحديين، الأول تحدي إرضاء الملكية والطبقة السياسية الحليفة له، عبر التظاهر بالإبتعاد ما أمكن عن استعمال الدين لأغراض سياسية والحرص على تجنب المواقف المتشدّدة التي تبعده عن حلفائه العلمانيين، والإلتزام بقواعد وقيم الديمقراطية، والثاني هو تحدي إرضاء المتشدّدين من أتباع الحزب أو من السلفيين الذين صوتوا للحزب على أساس تعاقد آخر غير معلن لكنه واضح تماما من خلال تصويت السلفيين للحزب، ومن خلال اعتماد إسلاميي الحكومة أسلوب  المحاباة اتجاه هذا التيار الذي كانوا إلى وقت قريب ينعتونه بالتشدّد والغلوّ في الدين.  وهو التحدّي الذي يتعارض كليا مع الأول، مما يعني أن الحزب سيواجه صعوبة إرضاء الطرفين في شبه مهمة مستحيلة.

يفسّر هذا مصدر التصريحات المتناقضة لأعضاء حزب المصباح من الوزراء، وترنحهم بين المواقف الديمقراطية والمواقف الغريبة التي تثير استنكار الديمقراطيين بين الفينة والأخرى، كما يفسّر أسلوب التدبير الذي ينتهجونه في بعض القطاعات، والذي يرمي إلى تمرير أسلمة متشدّدة لكن بجرعات قليلة وبالتدريج، وفي إطار خطاب ذي واجهة ديمقراطية، لتجنب إثارة ردود الأفعال الصاخبة.

رسالة المغراوي تكشف عن مقدار بُعد السلفيين عن المشروع الديمقراطي المغربي، كما تسقط القناع عن الاستراتيجية الحقيقية لحزب العدالة والتنمية، فاعتقاد المغراوي في إمكان بقاء طرف ما في السلطة “إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها”، وتوهمه بأن الدين يمكن أن يضمن للحاكم الإستئثار بالحكم ومناصب الترأس، واعتقاده بأنه بصدد “نشر الدين” من جديد في مجتمع “كافر” ومنحرف عن “الدين الصحيح”، يعكس جهلا كبيرا بواقع المغرب الراهن، وبطبيعة التحديات الحقيقية التي تواجه البلاد، كما تظهر مقدار الغرور الذي استبدّ بأقلية محدودة من السلفيين أصبحت تعتقد أن لديها القدرة على التحكم في المسارات السياسية والإنتخابية، مستغلة في ذلك عزوف الأغلبية الساحقة من المغاربة عن لعبة أصبحت تشعرهم بالقرف والنفور، بعد مسلسل من الخيبات المريرة.

ومن جانب آخر فالعناية التي يخصّ بها حزب المصباح هذا التيار من الإسلاميين لغرض انتخابي محض، والتي ظهرت بوضوح في مساعي وزير العدل للإفراج عن المعتقلين السلفيين، وزيارته لمقر المغراوي بمراكش، الزيارة التي حاول فيها الوزير أن يظهر بمظهر التلميذ الجاثي على ركبتيه أمام شيخ يعيش في القرون الوسطى، وكذا استضافة شبيبة الحزب للشيخ رغم تباعد المسافة بين الطرفين (هذا إذا صدقنا شبيبة الحزب في القراءة التي تعتمدها للدين)، هذه العناية لا تفهم في السياق الحالي إلا باعتبارها محاولة للحفاظ على حبل الودّ متصلا بين الحزب والسلفية إلى حين اجتياز محطة الإنتخابات الجماعية القادمة، التي تبدو أنها تشغل الحزب أكثر مما يشغله البحث عن حلول لمشاكل المغاربة.

لكن العنصر الذي لا ينبغي أن يغيب عن أنظارنا هو رهانات لوبيات المخزن في كل ما يجري، فغرور السلفيين واندفاعهم، وحربائية الحزب الإسلامي المشارك في الحكومة، كلها عناصر لا يمكن عزلها عن التاكتيك الظرفي للسلطة، التي سرعان ما حولت غضبها على السلفيين إلى رضا بعد أن أظهروا غاية الطاعة والولاء للتصويت بـ”نعم” على دستور مجهض، وتولوا مهمة التهجم على المتظاهرين وحركة الشارع المغربي، كما لا يمكن فصلها عن مخطط سلطوي يرمي إلى ركوب الموجة، والاحتفاء بوهم “التغيير” الذي لم يحصُل، باستعمال بطارية “البيجيدي” بعد أن استنفذت مصداقية كلّ الأحزاب الأخرى.

 

مشاركة
تعليقات الزوار ( 1120 )
  1. “دستور مجهض” ورغم ذلك تتغنى به حين دستر تمازيغت؟؟ حلال عليك حرام على العباد؟ اي تحليل متناقض وانتهازي هذا ياسي عصيد؟؟ فاذا كان الدستور مجهضا فالحكيم يرفضه بالمطلق، لكنك عصيد بمعنى الكلمة، كلامك كالعضيدة تماما….لامعنى له ولا أسس فكر، اللهم الاسهال المتعفن في الكتابة هذه الايام.

Comments are closed.