الرئيسية الصحة تحقيق خطير..أسرارا مثيرة عن سوق ” ليكوش ” الفاسدة

تحقيق خطير..أسرارا مثيرة عن سوق ” ليكوش ” الفاسدة

كتبه كتب في 2 سبتمبر 2015 - 15:47

تقبل العديد من الأسر المعوزة على شراء حفاظات للأطفال تباع بالتقسيط وبسعر جد منخفض، إلا أن معظم هذه الحفاظات مجهولة المصدر، فهي منتهية الصلاحية وتدخل في تركيبتها مواد خطيرة، مما يؤدي إلى إصابة الرضيع بطفح جلدي وتعفن على مستوى الأرداف والجهاز التناسلي.
موقع يكشف من خلال هذا التحقيق أسرار سوق الحفاظات، ومدى خطورتها على صحة الأطفال.
تغزو كميات كبيرة من الحفاظات منتهية الصلاحية ومجهولة المصدر السوق السوداء بعدد من المناطق المغربية. وقد تمكنت في الشهر الماضي لجنة المراقبة بمقاطعة مرس السلطان بمدينة الدار البيضاء من حجز حوالي ثلاثة آلاف حفاظة منتهية الصلاحية، داخل محل تجاري ومخزن للسلع. مصادر «الأخبار» أفادت للجريدة أثناء إعداد هذا التحقيق، أن اللجنة المختلطة الدائمة بالمقاطعة ذاتها توصلت بشكاية من طرف أحد الزبائن، تفيد بأن المحل المذكور يتاجر في حفاظات فاسدة تتسبب في تقرحات جلدية للأطفال.
ومن أجل معرفة المزيد من الأسرار عن تجارة «ليكوش» الرخيصة، انتقلنا إلى أبرز أسواق الحفاظات غير معروفة المصدر بمدينة الدار البيضاء، وتنقلنا بين أبرز البؤر التي تنشط فيها هذه التجارة، عبر حي السدري وحي الرجاء ببورنازيل وحي الدوما بسيدي مومن.

«ليكوش دلبال»
تشهد أسواق بيع الحفاظات نشاطا كبيرا، إذ تضم عشرات الماركات العالمية المتفاوتة في الجودة، منها الباهظة الثمن، إضافة إلى أنواع رخيصة لا يتعدى سعرها نصف درهم، وهي التي يطلق عليها عدد من الزبناء «ليكوش دلبال».
انتقلنا إلى سوق حي السدري، حيث تتعالى أصوات التجار الذين يبيع بعضهم بالجملة وآخرون بالتقسيط، هناك تحدثنا إلى عدد من المعنيين بهذه التجارة.
راضية سيدة في عقدها الرابع، صادفناها داخل محل لبيع «الكوشات» بالجملة، حيث كانت تجلس القرفصاء وتعمل على فرز الحفاظات وطيها وتغليفها.
في حديثها مع «الأخبار»، تقول راضية: «أشتغل في السوق من الساعة الثامنة صباحا إلى غاية الساعة السابعة مساء مقابل 50 درهما لليوم، حيث أقوم بفرز الحفاظات السليمة من غير السليمة، أي التي لا يوجد بها لصاق خاص. معظم الحفاظات التي تباع هنا تأتي من الخارج، حيث يتراوح ثمن البالة (أو الكولية) ما بين خمسة آلاف درهم إلى تسعة آلاف درهم. ويصل ثمن الحفاظة الواحدة في سوق الجملة إلى 80 سنتيما، ويختلف سعر الحفاظات حسب جودتها».
وتضيف راضية أن السوق يتوفر على مختلف أنواع وماركات الحفاظات، فمنها الجيدة والتي تتوفر فيها المعايير الصحية، ومنها الحفاظات الرديئة، أي المصنوعة من البلاستيك، أو منتهية الصلاحية ومجهولة المصدر، والتي دخلت إلى السوق المغربية عن طريق التهريب.

«المكورة والمصرانة»
يطلق تجار «الحفاظات» أسماء غريبة عليها كـ«السبرديلة» و«المصرانة» و«المكورة»، فضلا عن أوصاف أخرى كـ«النصاف» و«الصوبا» و«الديشي».
عبد الرفيع بائع «ليكوش» بحي السدري يشرح في حديثه مع «الأخبار» مميزات كل «كوشة» قائلا: «إن ماركة «المكورة» سميت بذلك بسبب شكلها وتباع مقابل خمسة وسبعين سنتيما، أما «المصرانة» فهي عبارة عن شريط طويل، فيما «السبرديلة» تشبه الحذاء الرياضي وهي مصنوعة من القطن».
ويردف عبد الرفيع أن البعض يبيع حفاظات تم تجريدها من اسمها التجاري، ولا يوجد أي لصاق عليها، ولا تصلح للاستعمال تسمى بـ«الديشي» و«الصوبا» ويصل سعرها إلى سبعين سنتيما.
يرى التاجر عبد الرفيع أن معايير الجودة تتعلق بالمواد التي صنعت منها الحفاظة، فـ«الكوشات» الجيدة هي التي تتكون من القطن والثوب، بينما الرديئة تتكون من البلاستيك، والذي يؤدي إلى حساسية الجلد بالنسبة إلى الأطفال.

دود وسط «الحفاظات»
تتابع العديد من الأمهات بقلق كبير وبنوع من التيه، عصبية أطفالهن، وقلقهم، أمام كثرة البكاء، والذي يعود سببه لدى البعض إلى حدوث طفح جلدي نتيجة لاستعمال الحفاظات، وهذا الطفح هو عبارة عن التهاب يصيب المنطقة التي تغطيها «الكوشات»، والتي تهم الأرداف والفخذين والأعضاء التناسلية، ويظهر عادة على شكل احمرار وبقع لامعة مصحوبة ببثور صغيرة وانتفاخ.
نادية مفتاح، أم لطفلين تقطن بحي سيدي مومن بمدينة الدار البيضاء، تعرضت طفلتها التي تبلغ من العمر سنتين ونصف السنة لتعفن على مستوى الجهاز التناسلي والفخذين بسبب حفاظة فاسدة.
تقول نادية مفتاح في حديثها مع «الأخبار»: «خلال شهر رمضان الماضي ذهب زوجي لشراء حفاظات لدى محل للبقالة في الحي الذي نقطن به، لكن البقال قدم له نوعا من الحفاظات لم يسبق لنا استعماله، بدعوى أنه جديد وذو جودة عالية، وفي تلك الليلة لم أفحص الحفاظات فاستعملتها لابنتي مستعينة بإضاءة خافتة، إلا أن طفلتي لم تتمكن من النوم من شدة الألم، فلم أعرف ما سبب ذلك، وفي اليوم الموالي إذا بي أتفاجأ بوجود الدود يملأ جميع الحفاظات بما فيها التي استعملتها لابنتي». وتضيف نادية أن زوجها ذهب لدى البقال من أجل التأكد من مدى سلامة نيته، لكن بعدما طلب منه حفاظة أخرى، اكتشف أنها فاسدة ويخرج منها الدود.
وتحكي نادية أنها طلبت من البقال التكلف بمصاريف علاج ابنتها، بعدما تعرضت لتعفن على مستوى الجهاز التناسلي والأرداف، إلا أنه رفض ذلك، مدعيا أنه يمتلك نفوذا وأنه أقوى منها لأنها فقيرة، حسب ما تضمنه حديثها للجريدة.
وتردف نادية أنها بعدما ذهبت إلى جماعة سيدي مومن لتقديم شكاية في الموضوع، انتقلت لجنة المراقبة إلى محل البقال المذكور، إلا أنها لم تعثر على الحفاظات الفاسدة والتي أتلفها البقال بعد انفضاح أمره.
وبالرغم من حصول والدة الضحية على شهادة طبية تثبت أن صغيرتها تعرضت لتعفن بسبب الحفاظة، كما أنها ما زالت تحتفظ بـ«الكوشات» الفاسدة، إلا أنه لم يتم إنصافها.
وتطلب نادية مفتاح التكلف بمصاريف علاج طفلتها المريضة، وذلك بسبب ضيق ذات اليد، خاصة أن زوجها يعاني من مرض القصور الكلوي. وتختم حديثها بالقول والدموع تنهمر من عينيها المحمرتين: «وجدت جميع الأبواب مغلقة في وجهي، منذ شهر رمضان الماضي إلى حدود اليوم، أشعر بـ«الحكرة»، وبأن يدي مغلولتان لأنني لم أستطع الحصول على حق ابنتي».

كوشة بـ«التقسيط»
تقبل العديد من الأمهات على شراء الحفاظات بالتقسيط، بسبب سعرها المنخفض، والذي يتراوح ما بين نصف درهم ودرهم ونصف درهم للقطعة الواحدة، لكن معظم هؤلاء النسوة يجهلن مصدرها وتاريخ صلاحيتها.
هند أم شابة في عقدها الثالث، لم تكن تعلم أن قطعة واحدة من «ليكوش»، بنصف درهم ستصيب طفلها بتعفنات خطيرة كادت تؤدي إلى عقمه. وتحكي هند في حديثها مع «الأخبار» أنها اعتادت شراء حفاظات ذات جودة عالية من الأسواق الممتازة، إلا أنها قبل حوالي سنة ذهبت لزيارة إحدى قريباتها والتي تقطن بأحد الأحياء الشعبية بالعاصمة الاقتصادية، واضطرت إلى شراء «كوشة» تباع بالتقسيط. وتضيف هند بحرقة أنها تفاجأت بعد ذلك بظهور بثور وطفح جلدي على مستوى أرداف والجهاز التناسلي لطفلها، فتم نقله على وجه السرعة إلى المستشفى، حيث خضع الطفل لعملية ختان، بعدما تعرض لانسداد مسالكه البولية.
منذ وقوع الحادثة سالفة الذكر لم تعد هند تستعمل حفاظات «ديطاي» لطفلها، إذ أصبحت جد حريصة على التأكد من تاريخ صلاحية الحفاظات والمكونات التي تدخل في تركيبتها، خاصة القطنية بدل المكونة من البلاستيك.

العقم والسرطان
تعتمد بعض العلامات التجارية المصنعة للحفاظات على البلاستيك، مع إدخال القليل من المواد القطنية التي تتميز بامتصاصها للرطوبة وعدم تأثيرها على البشرة الرقيقة للطفل، خاصة وأنها تكون ملامسة للمناطق الحساسة المغطاة عادة.
وقد أكد باحثون ألمان أن الحفاظات التي تستخدم لمدة طويلة تسبب العقم، وقد أجرى البحث فريق من جامعة كييل في ألمانيا، حيث تم فحص 48 طفلا ذكرا من ضمنهم خمسة من الخدج المولودين قبل أوانهم. ورصد الباحثون، وعلى مدى أربع وعشرين ساعة، تغيرا في درجة حرارة المنطقة المغطاة بالحفاظات من أجسام الأطفال الذكور، في حالتي استخدام الحفاظات المغلفة بالبلاستيك، وتلك المصنوعة من مادة قطنية.
وأكدت الدراسة ذاتها أن حفاظات الأطفال التي تستهلكها الكثير من الأمهات ويتركنها ملتصقة بأجسام أطفالهن لساعات تسبب العقم بين الذكور، وتؤدي إلى الإصابة بسرطان الخصيتين، فالحفاظات المبطنة بمادة بلاستيكية تؤدي إلى تجمع الحرارة حول الخصيتين، ويمكن بذلك أن تعيق تطورهما في مرحلة حاسمة من نمو الطفل، وهو ما أدى إلى تفاقم مرض انخفاض عدد الحيوانات المنوية، إلى جانب سرطان الخصيتين عالميا، خلال الخمس والعشرين سنة الماضية.

hf

نادية رضوان: «الأطفال يصابون بتقرحات جلدية بسبب حفاظات مجهولة المصدر»
كشفت نادية رضوان، أخصائية طب الجلد، أن هناك العديد من الحفاظات التي تدخل إلى السوق الوطنية، لكنها تختلف من حيث الجودة، موضحة في تصريح لـ«الأخبار» أن الحفاظات الصحية تكون مصنوعة من القطن، بينما باقي الحفاظات التي تدخل في تركيبها مواد مجهولة تؤدي إلى تقرحات والتهابات واحمرار وحساسية للجلد، وذلك نتيجة لتفاعلها مع المواد الملاصقة لجسم الطفل والموجودة بالحفاظة، فتخترق الجسم مادة الهيدروجين الناتجة عن البول وتتفاعل مادة البلاستيك.
وترى نادية رضوان أن بعض الأطفال قد يتعرضون لتقرحات جلدية، وذلك بسبب استعمال حفاظة واحدة لمدة طويلة وعدم تغييرها، مبرزة أنه بالرغم من احترام بعض الحفاظات للمعايير الصحية، إلا أن الأمهات لا يضعن مرطبات وكريمات واقية على خصر الطفل ولا يقمن بتغيير الحفاظة على رأس كل ساعة، أو ساعتين.
وأشارت أخصائية الجلد إلى أن الأطفال المصابين بحساسية الجلد، هم الأكثر عرضة للإصابة بتعفنات، بينما هناك أطفال لا يتأثرون بالحفاظات. وعلاوة على ذلك نصحت نادية رضوان الأمهات بعدم استعمال حفاظات مجهولة المصدر، والتي دخلت عن طريق «الكونتر بوند»، بالإضافة إلى المقلدة، مضيفة أنه يستحسن استعمال الحفاظات المجربة والمعروفة بجودتها.
نادية رضوان أخصائية طب الجلد والأمراض التناسلية.

كوثر كمار

مشاركة