الرئيسية سياسة تابعمرانت تخلق الحدث بمجلس النواب

تابعمرانت تخلق الحدث بمجلس النواب

كتبه كتب في 2 مايو 2012 - 20:01

«سيكون لهذه الجلسة ما بعدها» بهذا وصف النائب البرلماني بالفريق الاشتراكي حسن طارق سؤالا شفويا طرحته النائبة البرلمانية عن فريق التجمع الوطني للأحرار فاطمة تابعمرانت على وزير التربية الوطنية محمد الوفا باللغة الأمازيغية. وقبل أن توصف الجلسة العامة بهذا الوصف، كانت كل المؤشرات تدل على عودة الحياة الرتيبة إلى مجلس النواب، بالكاد اجتمع بعض النواب داخل قاعة الجلسات العامة، التي تم الانتهاء من أشغال توسيعها حديثا حتى تفي للعدد الإضافي من النواب البرلمانيين. في الواقع طفا الملل على الوجوه قبل ساعات من بداية الجلسة العامة بعد الاطلاع على برنامج الأسئلة الشفوية التي كانت مقررة في جلسة زوال أول أمس الإثنين. وحده سؤال فاطمة شاهو، المعروفة بـ«فاطمة تابعمرانت» قلب الطاولة وجعل حسن طارق يعتبر أن هذه الجلسة «تاريخية وأن يومها سيكون له ما بعده».

طرحت تابعمرانت سؤالها بلسانها الأصيل، وجرت الكل إلى نقاش لا يبدو أنه سيغلق في العاجل من الأيام. «السيد الوزير أوري فلاون أخفي» (لا يخفى عليكم). بهذا خاطبت تابعمرانت الوزير الوفا، ثم سرعان ما خرجت الكلمات تباعا وغاب التلعثم عن النائبة البرلمانية. واصلت إلقاء السؤال بلغتها الأم متسائلة عن سياسة الدولة في تعليم الأمازيعية التي رسمها الدستور كلغة رسمية للبلاد.

التفت الوزير الوفا إلى السيدة التي أثارت بركانا كان خامدا إلى حين. لم يكن محمد الوفا يحاول فهم ما تقوله تابعمرانت، بل كان يوهم النواب أنه يتتبع كلماتها ويحاول فهمها. جلست تابعمرانت في مكانها، لكن الضحكات البسيطة التي قابل بها بعض النواب البرلمانيين طرح سؤال شفوي بالأمازيغية، سرعان ما اختفت، فالسؤال كان بالفعل محرجا للكل، هل يعتاد النواب بأن يطرح سؤال شفوي بالبرلمان بلغة رسمية للبلاد يقول أكثرهم، إنه يجهل معانيها أم يعتبرون الأمر يدخلا في صلب إعمال الدستور؟

صفق الكل بعد انتهاء السؤال. ولم يصفق أحد بعد انتهاء جواب الوزير. فالظاهر أن الجواب لم يكن يعني أحدا. النقاش فتح بعد ذلك. استهجن عبد القادر الكيحل النائب الاستقلالي من سرعة الجواب الذي تلاه وزير التربية الوطنية قائلا: «إن الوزير توصل بالسؤال مكتوبا باللغة العربية، وأجاب عليه بنفس اللغة. عبد القادر لم يعب على النائبة تابعمرانت طرح السؤال بالأمازيغية ولكنه طالب بما أسماه «حقنا كنواب أن نفهم ما يقال. أنا أمازيغي ولم أفهم ما قيل. ثم إن السؤال المكتوب وجه إلى الوزير باللغة العربية. من حقنا أن نفهم وهذا إشكال».

عبد العزيز العماري، رئيس فريق «العدالة والتنمية»، كان أكثر تحفظا من الكيحل. العماري في نقطة النظام التي أتارها نبه إلى تفعيل المادة الخامسة من الدستور على أرض الواقع لازال رهينا بإصدار القانون التنظيمي. تحول العماري للحديث بالدارجة: «من حقها تهضر بالأمازيغية، كاين اللي كيهضر بالريفية والحسانية، ولكن كاينا إشكالات مرتبطة بالترجمة في انتظار صدور القانون التنظيمي».

خديجة الرويسي، النائبة عن فريق «الأصالة والمعاصرة»، قدمت دعما غير مشروط للنائبة تابعمرانت. الرويسي أشادت بما قامت به تابعمرانت بل اعتبرت الجلسة التي طرح فيها سؤال بالأمازيغية جـلســــة تاريخية وانتصار للأمازيغية والمادة 5 من الدستور. «أعبر عن سروري البالغ، قالت الرويسي، لما سمعت النائبة المحترمة تتحدث بالأمازيغية، مكتب مجلس النواب مطالب بأن يوفر الترجمة الضرورية لجميع التدخلات». في تلك الأثناء، كان البرلماني إدريس لشكر عضو المكتب السياسي للاتحاد الاشتراكي ينتقل من مكانه متوجها إلى تابعمرانت ليعبر لها عن دعمه ومساندته لمبادرتها.

توالت طلبات التدخلات في إطار نقط النظام، حسن طارق، النائب عن الفريق الاشتراكي، قال إن جلسة زوال أول أمس الإثنين «تاريخية سيكون لها ما بعدها». بعدها استعان طارق بلغة التحفظ أيضا، و نبه إلى أن الدستور يتحدث «عن لغة أمازيغية «معيارية» يعمل المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية على إعدادها لتكون صالحة للترسيم».

لم يغب عن طارق نقاش دفاتر التحملات بعد، وقال في رد مباشر على رئيس فريق «العدالة والتنمية» إن «الحكومة لم تنتظر إصدار القانون التنظيمي المتعلق بالأمازيغية لتضمنها في دفاتر تحملات الإعلام العمومي». لمزيد التوضيح أيضا، ضرب طارق المثال بقانون الإضراب، قائلا إنه قانون غير موجود منذ 5 عقود ومع ذلك لا يمنع هذا ممارسة حق الإضراب المنصوص عليه دستوريا،أي انتظار القوانين التنظيمية لا يعني تأجيل الحقوق». يضيف النائب الاتحادي.

لم تجد الحكومة في شخص الوزير المكلف بالعلاقات مع البرلمان بدا من التوضيح. «ستكون لدينا الرغبة نحن أيضا في الحكومة للإجابة عن الأسئلة باللغة الأمازيغية، يقول الشوباني. نحن نعي جيدا أهمية هذا الموضوع، وسنعلن قريبا عن مخطط تشريعي حول القوانين التنظيمية وستكون فيه الأولوية للقانون الخاص بالأمازيغية».

انتهى شوط، من السجال حول سؤال برلماني طرح بالأمازيغية، والظاهر أن ألسنة اللهب لن تخمد في القريب، بل ستجد الحكومة نفسها مجبرة على تنزيل سريع للمادة الخامسة من الدستور في مشروع قانون تنظيمي لا يدري أحد أي قطاع حكومي سيتكلف بصياغته. لكن الأهم الذي حققته تابعمرانت، هو أنها ألقت فوق مكتب رئاسة المجلس بملف مستعجل، إنه توفير اللوجستيك الضروري للترجمة، حتى يتسنى للنواب استعمال اللغة الوطنية التي يختارون.

سوس بلوس

مشاركة
تعليقات الزوار ( 1120 )

Comments are closed.