الرئيسية مطبخ وديكور بدأت فصولها من أكادير: أكبر عملية نصب سياحي تعرض لها آلاف الضحايا بالمغرب

بدأت فصولها من أكادير: أكبر عملية نصب سياحي تعرض لها آلاف الضحايا بالمغرب

كتبه كتب في 26 أبريل 2012 - 16:37

 “تشير الساعة إلى الرابعة بعد الزوال. تمتطي سيارتك وبجانبك زوجتك، وتتوجه للتسوق في أحد أكبر الأسواق الممتازة بالمدينة. إذن من المؤكد أن يستوقفك عدد من الشباب والشابات بملتقى الطرق بمحاذاة السوق الممتاز، وهم في لباس شبه موحد. سراويل سوداء وأقمصة ناصعة البياض، ويحملون شارة تثبت هويتهم، وفي أيديهم أوراق وملفات. يبادرك أحدهم بالتحية وبابتسامة عريضة، وقبل أن يقدم نفسه، يطرح عليك عددا من الأسئلة السهلة جدا والبسيطة، يدور محورها حول السفر والسياحة. ما إن يتأكد الشاب أو الشابة أنك تستجيب للمعايير المطلوبة لديه، حتى يفاجئك بأنك فزت برحلة وإقامة لليلتين في فندق خمس نجوم تختاره من بين عدة وجهات سياحية معروفة من اختيارك، وأن عليك مرافقته إلى أحد الفنادق القريبة لتستلم جائزتك”.

  هكذا بدأ محمد الإدريسي حكايته مع النصب الذي تعرض له من شركة “عطلتي”، التي تدعي، يقول محمد، أنها جزء من “نادي الصحراء” العالمي المعروف. ويضيف محمد، ” ما إن وصلت رفقة زوجتي إلى الفندق، حتى تفاجأنا باستقبال رائع وبوجود العشرات من العائلات ينتظرون دورهم لاستلام جائزتهم. جلسنا ننتظر دورنا. بعد أقل من خمسة دقائق تمت المناداة علينا للجلوس إلى إحدى الطاولات لتسلم الجائزة وشرح طريقة عمل الشركة وكيف يمكن الاستفادة من العرض. كنا متلهفين لتسلم الجائزة، ولم ننتبه لمرور الوقت. كان الأمر شبيها بحلم رائع يتحقق. بدأ أحد موظفي الشركة في الشرح، وأسر لنا أننا محظوظين لأن الشركة ذلك اليوم لديها عروض جديدة وتخفيضات هامة، تهم الانخراط في أحد نوادي السياحة وبأثمنة جد بخسة، وبواسطة الانخراط يمكننا السفر والإقامة في عدد من الإقامات الفخمة في أزيد من 50 دولة في العالم”.

  يتوقف الشاب محمد عن الحديث للحظات، ليتجرع غصة عالقة بحلقه، قبل أن يضيف، “لتكتمل حبكة عملية النصب، عمد الموظف إلى الطواف بنا في بعض أرجاء الفندق، ويبهرونا بنموذج الإقامة التي سنستفيد منها والخدمات التي ستقدم لنا خلال عطلنا. وعند عودتنا إلى طاولتنا، شرع الموظف في شرح العروض المتوفرة، والتي تتوزع بين سفرية واحدة إلى أربع سفريات في السنة، وكل وحدة تحتوي على إقامة ومبيت لثمانية أيام وسبع ليال، وأنه يمكن الانخراط لشخصين أو أربعة أو ستة أو حتى ثمانية أفراد، وأن الانخراط صالح إلى غاية 31 دجنبر 2037. واخترنا أسبوعا واحدا في السنة، وطلب منا دفع مبلغ 28 ألف درهم. وبما أنني أوضحت للموظف أنني لا أتوفر على المبلغ كاملا في الوقت الحالي، أجابني أن المفاجآت لا تنتهي لديهم اليوم، وأن من حقي الاستفادة من أجل يصل إلى شهرين لتدبر المبلغ، وليس من الضروري دفع المبلغ دفعة واحدة. إلا أنه يلزم دفع تسبيق وتوقيع العقد لأن ذلك اليوم هو آخر يوم في عروض التخفيضات، وبعدما سيتضاعف مبلغ الانخراط أضعافا مضاعفة”.

  هنا يتوقف محمد مرة أخرى عن الحديث، ويتيه ببصره في الأفق، وهو يفرك فروة رأسه، قبل أن يجمع قبضته ويضرب بقوة على بطن كفه الأخرى، ثم يرتشف جرعة من كأس قهوة سوداء مرة موضوع أمامه. ثم يقول، “كنت غبيا، ولم أخذ الوقت الكافي للتفكير، ووجدت نفسي مع تشجيعات زوجتي أوقع الأوراق وأدفع لهم مبلغ ألف درهم كتسبيق. وحتى بعد خروجي من الفندق الذي اتخذته الشركة كمقر مؤقت لها، لم أعمل على الاتصال أو السؤال عن الموضوع. لقد كنا أنا وزوجتي في نشوة الفائزين بجائزة كبيرة، وبدأنا في التفكير في الوجهات التي نفضل أن نبدأ بها رحلاتنا. بل الأكثر من ذلك، بادرت إلى البحث عن طريقة لتدبر المبلغ المطلوب قبل انصرام الأجل المحدد من طرف الشركة في شهرين. وكانت دفعتي الثانية بعد أسبوعين من الأولى، بعد أن تدبرت مبلغ 4000 درهم. تلتها دفعة ثانية بعد 20 يوما أخرى، أدفعت خلالها مبلغ 2000 درهم، ثم دفعة ثالثة من 1000 درهم بعد ذلك بأسبوعين. ليصل المبلغ الإجمالي الذي دفعته هو 10500 درهم.

  ويسترسل محمد في حكايته ويقول، “إلى هنا تبدو الأمور كلها عادية. إلا أنه منذ عدة أيام، ذهبت لدفع باقي المبلغ، قبل انصرام الأجل، وتفاجأت بالعاملين بالفندق يخبروني بأن شركة “عطلتي” غير موجودة وأنها كانت فقط تكتري إحدى قاعات الندوات داخل الفندق، وأن الفندق وقع على حقيقة أنهم مجرد نصابين، وقام بطردهم”. لم يصدق محمد الخبر، وأكد أنه حاول الاستفسار وطرح عدة أسئلة لفهم ما جرى ويجري، وكيف يمكن أن يقع ضحية نصب بهذه السهولة، إلا انه يقول أن لا يتلقى إلا إجابة واحدة “أولئك الناس مجرد نصابين، وعليك بالتوجه مثلك كثل بقية الضحايا إلى الشرطة لتقديم شكاية بهم”.

  وبعد أن استفاق محمد من هول الصدمة، واتصاله بعدد من الضحايا والمواطنين ورجال القانون، بدأت تنكشف له خيوط العملية شيئا فشيئا. ووقف على أن الأمر يتعلق بعملية نصب كبيرة مدبرة بإحكام، جنى منها أصحابها ملايير السنتيمات، ويصل ضحاياها إلى الآلاف، موزعين عبر مجموعة من المدن المغربية، بالدار البيضاء وتطوان ومراكش وأكادير.

  وفي اتصال هاتفي أجرته “أخبار اليوم” مع الفندق الذي احتضن شركة “عطلتي”، أشار مصدر من إدارة الفندق إلى أن الشركة المذكور اكترت منهم قاعة الندوات فقط، وأنه بعد انصرام مدة عقدة الكراء، ذهبوا إلى حال سبيلهم وأنهم لا يعلمون أي شيء عن نشاط الشركة. وأضاف ذات المصدر إلى أنهم تفاجؤوا بالعديد من المواطنين يشتكون من الشركة المذكورة.

  وفي اتصال آخر بإدارة فرع “نادي الصحراء” العالمي بالمغرب، أكدت إدارة النادي على أنهم أيضا تعرضوا للنصب من طرف الشركة المذكورة، وأنهم بصدد استكمال إجراءات رفع دعوى قضائية ضد شركة “عطلتي”، كما أنهم مستعدون لتبني شكايات المواطنين ضحايا هذه الشركة وتضمينها لملفهم.

  وحاولت أخبار اليوم الاتصال هاتفيا بشركة “عطلتي”، إلا أن جميع الأرقام المثبتة في الأوراق التي يتوفر عليها الضحايا ترن دون إجابة، كما هو الشأن بالنسبة لرقم الهاتف الثابت الخاص بالمقر الرئيسي المزعوم للشركة، كما أن جميع أرقام الهواتف النقالة التي كان يتواصل بها الضحايا مع موظفي الشركة قبل اكتشاف عملية النصب أصبحت خارج التغطية أو الخدمة.

الحسين أرجدال

مشاركة
تعليقات الزوار ( 1120 )

Comments are closed.