الرئيسية مجتمع عودة الحرب على الكيف بتاونات بعد هدنة أعقبت الربيع العربي

عودة الحرب على الكيف بتاونات بعد هدنة أعقبت الربيع العربي

كتبه كتب في 17 مايو 2015 - 17:44

يضع مزارعو القنب االهندي (الكيف) بإقليم تاونات أيديهم على قلوبهم بعد شروع السلطات الإقليمية، انطلاقا من بحر الأسبوع المنصرم، في حملة واسعة لمحاربة هذه الزراعة الممنوعة، واستهدفت هذه العملية، لدى انطلاقتها، الحقول المنتشرة بالنفوذ الترابي لجماعة ودكة لــ “تزحف”، هذه الحملة،  نحو الجماعات الأخرى.

وتتواصل هذه العملية على قدم وساق بالجماعات التابعة لدائرة غفساي قبل أن تنتقل نحو الجماعات القروية التابعة للنفوذ الترابي لدائرة تاونات، وهما الدائرتان المعنيتان بهذه الزراعة التي تمس صورة المغرب لدى المنظمات الدولية المهتمة بمحاربة المخدرات بالعالم، وخاصة مكتب الأمم المتحدة لمحاربة الجريمة والمخدرات، والاتحاد الأروبي الذي ما فتئ يدعو المغرب لمحاربة هذا النوع من الزراعة التي تهدده في عقر داره.

وجندت السلطات، في حملتها لهذا الموسم على الكيف، العشرات من أفراد القوات المساعدة والدرك الملكي الذين شوهدوا وهم يتنقلون في مركبات وعربات نحو المناطق المستهدفة مدعومين بالجرارات والمواد الكيماوية المخصصة لإتلاف مزروع القنب الهندي، وذلك انطلاقا من مركز الورتزاغ الذي تم اتخاذه قاعدة لانطلاق العمليات نحو المناطق المستهدفة.

kiff

إلى ذلك، كانت حملات زراعة القنب الهندي قد تراجعت منذ بدء ما يسمى بالربيع العربي وهو ما دفع المزارعين إلى توسيع مساحاتهم المزروعة بهذه النبتة المخدرة، وذلك بالموازاة مع إدخالهم لأصناف جديدة منها تتميز بإنتاجها الوفير، وخاصة الصنف المعروف بــ”خردالة” و”الباكستانية”، وهي أصناف سقوية تتطلب كمية كبيرة من مياه السقي وينطلق موسم زراعتها بدءا من شهر ماي لتكون ناضجة في شهر شتنبر أو أكتوبر، عكس الكيف المغربي، الذي يتم زراعته في المناطق البورية ويكون ناضجا مع بداية شهر يونيو، وهو المستهدف من هذه الحملة.

في غضون ذلك، كان وزراء الداخلية المغربي والإسباني والفرنسي والبرتغالي، في لقاء جمعهم بالرباط  بحر السنة المنصرمة، قد نوهوا بالجهود التي يبذلها المغرب في مجال مكافحة زراعة القنب الهندي، والتي أدت إلى تقليص المساحات المزروعة بحوالي 65 في المائة منذ 2003، كما أكد الوزراء الأربع في بيان مشترك أن مكافحة المخدرات تعتبر أولوية بالنسبة لهذه الدول، مشيرين إلى أن الأرباح الطائلة التي تدرها تجارة المخدرات توجه لتمويل المنظمات الإجرامية، مؤكدين على العمل سويا بواسطة تمويلات ذاتية أو عن طريق المساعدات المقدمة من طرف الإتحاد الأوربي ومكتب الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة والمخدرات من أجل المحاربة الفعالة لظاهرة تجارة المخدرات، لا سيما عن طريق برمجة مشاريع تنموية بديلة في المناطق المعنية بهذه الزراعة.

في ذات السياق، تطالب منظمات المجتمع المدني والفعاليات السياسية بإقليم تاونات ببدائل “حقيقية” لزراعة القنب الهندي حتى يتسنى للمزارعين التخلي طواعية عن هذه الزراعة، وذلك بالاعتماد على المقاربة التنموية الشمولية عوض نهج المقاربة الأمنية والبوليسية التي أثبتت أن نتائجها تكون محدودة، وتزيد من استفحال الوضع الاجتماعي بالمنطقة، علما أن آلاف المزارعين يوجدون، تبعا لهذه السياسية، في حالة متابعة قضائية بتهمة زراعة القنب الهندي وهو ما يجعلهم في حالة فرار دائم من السلطات خوفا من اعتقالهم، كما أن السلطات المحلية نفسها كانت دائما متهمة بالانتقائية في وضع لائحة المتهمين بزراعة الكيف، حيث يتم تسجيل المزارعين الصغار فيما يتم التغاضي عن أباطرة المزارعين وذوي النفوذ الذين يبقون بعيدين عن الملاحقات، كما يوجد في قفص الاتهام أيضا فعاليات سياسية التي يشار إليها على أنها تعمد إلى استغلال ورقة زراعة القنب الهندي في حملاتها الانتخابية، علما أن العديد من “السياسيين” ذاتهم بالمنطقة مذنبون بتهمة زراعة القنب الهندي، وقد تم ضم أسمائهم إلى لائحة المُلاحقين، كما تم منعهم من الترشح للانتخابات في استحقاقات سابقة.

هذا، وكان فرع الجمعية المغربية لحقوق الإنسان بغفساي قد دق ناقوس الخطر في أكثر من مناسبة منبها لخطورة انتشار زراعة القنب الهندي بإقليم تاونات، متوقفا بالخصوص على ما يرافق هذا النشاط الاقتصادي الممنوع من مظاهر الجريمة والفساد السياسي، فضلا عن خطورته على البيئة، حيث تستنزف هذه الزراعة المُدّخرات والمخزونات المائية للمنطقة، وخاصة بعد أن تم إدخال أصناف بديلة للقنب الهندي المغربي كـ”خردالة” و”الباكستانية” التي تعتمد على السقي المكثف، وهي المزروعات التي يتم ريها انطلاقا من الآبار والوديان وحتى حقينة سد الوحدة،  باعتماد مضخات يمكنها نقل الماء مئات الأمتار إن لم نقل كلمترات عدة، وذلك أمام ومرأى السلطات المحلية.

 

رشيد الكويرتي لسوس بلوس

مشاركة