الرئيسية سوس بلوس TV سوس : ثغرات قاتلة في ميزانيات جماعات قروية

سوس : ثغرات قاتلة في ميزانيات جماعات قروية

كتبه كتب في 13 أبريل 2015 - 09:02

في كثير من الحالات ثبت صرف جماعات لمبالغ، صغيرة أو كبيرة، مقابل توريدات لم تكن تحصل عليها. على سبيل المثال، أنفقت جماعة آيت باها، في إقليم شتوكة آيت باها، ميزانية كبيرة لشراء لوحات تحمل أسماء أزقة وأحياء سنة 2012، وكان من المفترض تسلمها 5 لوحات قيمة الواحدة منها 166 درهما و23 لوحة قيمة كل واحدة منها 23 لوحة، غير أن ذلك لم يتم.
الغموض يكتنف عادة تدبير سندات الطلبات، وهي عمليات مالية يخولها القانون للجماعات من خلال اختيار ممون للحصول على خدمة أو سلعة مقابل مبلغ لا يتجاوز 20 مليون سنتيم. هذا الضابط يُتجاوز ويصير وسيلة لتفويت امتيازات لمقاولات بعينها. النموذج من جماعات «أولاد داحو» بعمالة إنزكان، فقد تبين لقضاة الحسابات غياب تحديد دقيق لموضوع سندات طلب بهذه الجماعة، كما تبين أن عددا من سندات الطلب فاقت مبالغها السقف المحدد قانونيا، وهو 20 مليون سنتيم، علما أن الجماعة ذاتها، على غرار جماعات أخرى، تعمدت النفخ في قيمة سندات طلب، من قبيل تحديد مبلغ 6 آلاف درهم لشراء طابعات علما أن ثمنها الحقيقي، وفق تقييم مجلس الحسابات، لا يتعدى ألفا درهم.
من خلال التتبع الاعتباطي لتقارير المجالس الجهوية للحسابات، تظهر حيلة أخرى تعمد إليها جماعات، خاصة القروية، لتبرير أو تغطية ثغرات مالية ونفقات واجبة لم تؤد في حينها. الأمر يتعلق بإبرام صفقات ليس بغرض توفير خدمة أو مستلزمات بل لأجل أداء دين سابق. مثال ذلك ما رصده قضاة الحسابات خلال افتحاصهم لمالية جماعة «أفرا» التابعة لإقليم زاكورة، والتي أبرمت صفقة سنة 2013 بمبلغ يقارب 20 مليون سنتيم تتعلق بأشغال ربط دوارين بشبكة الماء الصالح للشرب، غير أن الأشغال المكونة لهذه الصفقة، كما يشير قضاة الحسابات، سبق أن تم إنجازها سنة 2011 من طرف الشركة نفسها الحاصلة على الصفقة، والمبلغ ذاته المحدد لها، بموجب سند طلب هذه المرة.
التحري أظهر أن الجماعة لم تتمكن حينها من تسديد مبلغ الصفقة للمقاولة، إذ ظل المبلغ مدرجا بلائحة المصاريف الملتزم بها وغير المؤداة، ما جعل الجماعة تلجأ إلى إبرام صفقة على الورق لأداء مقابل سند الطلب المذكور. الجواب عن هذا الاختلال كان هو الإحالة المعروفة على «العهد السابق».
الطريقة ذاتها لجأت إليها جماعة أكادير ملول، الواقعة بإقليم تارودانت، فقد اتضح أن هذه الجماعة القروية ظلت تلجأ في بعض الأحيان إن إنجاز «سندات طلب للتسوية»، إذ إن تأشيرة القابض على مقترحات الالتزام المتعلقة بهذه السندات تأتي لاحقة على تسلم المواد المقتناة، وهكذا، وعلى سبيل المثال، حصل أشخاص على مساعدات من الجماعة المذكورة، في شكل مواد غذائية، حتى قبل التأشير على شرائها.
خلال تصفح تقارير المجالس الجهوية للحسابات والراصدة لاختلالات تدبير جماعات قروية، تتكرر ملاحظة، بصيغتين مختلفتين، على نحو مثير للانتباه، وهي «استفادة نفس المقاولة من جل طلبيات الجماعة»، أو «احتكار بعض المقاولات لمعظم طلبيات الجماعة واللجوء المتكرر لنفس عارضي الأثمان المضادة». الملاحظة نفسها نجدها، على سبيل المثال، في التقرير الخاص بجماعة أكادير ملول سالفة الذكر، فقد اتضح أن شركة بعينها نالت، ما بين 2009 و2012، نحو 55 في المائة من المبالغ المنفقة من طرف الجماعة في إطار سندات طلب. هذا الأمر دفع قضاة الحسابات إلى استنتاج كون الجماعة لا تعمل على توسيع مجال المنافسة باستشارة أكبر عدد ممكن من المقاولات أثناء إعداد سندات الطلب.
نسبة الاحتكار بلغت في جماعة «سيدي بيبي»، بإقليم شتوكة أيت باها، على سبيل المثال، حصول أربع مقاولات على 35 في المائة من طلبيات هذه الجماعة. الأمر بلغ في إحدى الجماعات حد تكليف مقاولة معينة بجل الطلبيات، مهما اختلفت المستلزمات أو الخدمات المطلوبة.
مبررات مسؤولي الجماعات على هذه الاحتكارات الغامضة هو عدم وجود مقاولات مؤهلة لتزويد الجماعة بحاجياتها.

 عزيز الحور

مشاركة