الرئيسية مجتمع أكادير: اختتام أشغال المنتدى الثقافي المغربي الألماني

أكادير: اختتام أشغال المنتدى الثقافي المغربي الألماني

كتبه كتب في 31 مارس 2015 - 19:15

رغبة في خلق فضاء للتبادل و الحوار، و تأسيسا لدينامية ثقافية و مدنية منفتحة، تؤمن بقيم التعدد و الانفتاح و المضي نحو الذات و الاخر. شهد فضاء أكادير منتدى ثقافيا مغربيا ألمانيا، جمع مختلف المهتمين بالعلاقات الثقافية المغربية الألمانية، من فاعلين ثقافيين، أكاديمين، أساتذة، طلبة و مهتمين. انتظمت أشغال هذا المنتدي حول جلستين علميتين ولقاءات و عروض غنية و متنوعة بالإضافة إلى خرجات.

المنتدى الثقافي المغربي الألماني ليس ترفا ثقافيا أو فعلا موسميا منعزلا، بل هو نتاج سياقات ثقافية و تاريخية، يستمد مشروعية انبثاقه من التراكم النوعي و الهام الذي حققته جمعية تيماتارين في مجال التبادل الثقافي المغربي الألماني و في المجال الثقافي بشكل عام على مدى سنوات، ما جعل المنتدى تتويجا لهذا الاشتغال و الانشغال بالمغربي-الألماني لدي تيماتارين، و مما يجعل منه كذلك تجربة بمخاضها الخاص لا وليدة ولادة قسرية.

1

فضاء المعهد الألماني للغات بأكادير احتضن فعاليات اليوم الأول من المنتدى، الذي تم افتتاحه بكلمة السيدة مديرة المعهد الألماني للغات بأكادير تلتها كلمة جمعية تيماتارين قدمها  رئيس المكتب التنفيذي للجمعية، بين خلالها السياق العام لتنظيم للمنتدي الثقافي المغربي الألماني و كذا البرنامج العام للتظاهرة، كما تقدم بالشكر لمختلف الشركاء المساهمين في هذا اللقاء الثقافي. ليتم بعد ذلك الانتقال للأنشطة المبرمجة.

” المغرب – ألمانيا : رؤى متقاطعة” كان عنوان العرض المصور الافتتاحي، الذي أعده كل من الفنانين الفوتوغرافيين رشيد تاكلا من المغرب و أولي رود من ألمانيا، هذا العرض عكس من خلال فن الصورة رؤية مغربية للفضاء الألماني و العكس،هذا ما أشار اليه الفنان رشيد تاكلا خلال كلمته التي تحدث خلالها عن عن سفره الأول إلي المانيا و انطباعاته الأولي تجاه هذا البلد المتنوع ثقافيا و حضاريا. أما الفنانة الألمانية أولي رود فقد مكنت الحاضرين المغاربة من خلال صورها من اكتشاف ثقافتهم من جديد برؤية مغايرة و بقراءة جديدة.

العرض الثاني كان من تقديم الفاعلة السياحية و البيئية  سيلفيا بوشين تحت عنوان “بين عالمين” ، قدمت عبره تجربتها بين المغرب والمانيا، هذه التجربة التي ابتدأت بقدومها للدراسة بجامعة أكادير سنة 2008 ، و بالموازاة مع دراستها انخرطت في أنشطة سياحية و ايكولوجية بالجنوب المغربي، مما جعلها تتبنى لاحقا مشروع تويك للسيارات الطاقية الصديقة للبيئة. عرض سيلفيا رغم أنه حمل عنوان “بين عالمين” فانه عبر عن انمحاء تام للحدود اذ أن تجربة سيلفيا بالمغرب أغنت مسار سيلفيا و أتمت جانبا شخصيا و مهنيا لدى سيلفيا لم تكن لتدركه خارج هذه التجربة,

بعد عرض سيلفيا بوتشين الذي رصد عبورها من ألمانيا صوب المغرب، عبَر أوبها ابراهيم بالحاضرين من خلال عرضه الى الاتجاه الاخر، أي من المغرب صوب ألمانيا بتقديم تجربته بالمنحة الدولية البرلمانية بألمانيا، حيث تطرق الى تجربته  خلال هذه المنحة في البرلمان الألماني حيث ركزت على بعض ملامح الديمقراطية الالمانية التي تبلورت في اطار مسلسل تاريخي طويل على امتداد قرون من الزمن، مشيرا الى تجارب رائدة في هذا المجال من قبيل تدبير التعدد اللسني و الثقافي.

الأستاذ حميد بوخراز ممثل بوابة خريجي ألمانيا الالكترونية AlumniportalDeutshland بالمغرب عرض الاهداف العامة للبوابة و كيفية الولوج اليها، مبرزا اهم الشركاء و الفاعلين داخل هذه البوابة.  مؤكدا على الدور الاساسي الذي تلعبه في التبادل الثقافي الأكاديمي.

كما كان مبرمجا، شهد اليوم الثاني جلستين علميتين بغرفة التجارة و الصناعة و الخدمات بأكادير، الأولى صباحا حول التجارب الجهوية المقارنة المغربية الألمانية و مستقبل الديمقراطية، من تأطير الدكتور الباحث في التاريخ الألماني بيتر فيسلر، و الدكتور رشيد كديرة الأستاذ بجامعة ابن زهر.

النظام الفيدرالي الألماني، في النشأة و التطور، هو ما استهل به الدكتور بيتر فيسلر مداخلته، اذ أوضح أن الفيدرالية الألمانية لها جدور تاريخية عريقة في ألمانيا، كما مرت عبر تطورات تاريخية هامة، مشيرا كذلك الى خصوصية الفيدرالية الألمانية عن غيرها من الفيدراليات، حيث أن بخلاف الدول الفيدرالية الأخرى مثل الولايات المتحدة الأمريكية, التي تتسم بوضوح التقسيم في الصلاحيات السياسية بين واشنطن و مختلف الولايات, يتسم النظام الفيدرالي الألماني بالتعاون الوثيق و تنسيق وطيد بين الإتحاد و باقي الولايات. يسمى هذا النوع من الفيدرالية بالفيدرالية التعاونية.

4

ركز ذات المتدخل على مبدأ Subsidiarität أي التعاون و مبدأ Solidarität التضامن باعتبارهما أهم مبادئ النظام الفيدرالي الألماني.  و يقصد بمبدأ التعاون , أن الإتحاد مبدئيا يتكلف فقط بالمهام التي لا يمكن للولايات ان تقوم بها، أما مبدأ التضامن يعني ان الولايات و الأتحاد تتعاون فيما بينها و تتضامن في تقديم المساعدة فيما بينها. أفضل مثال يتجلى فيه هذا المبدأ هو التكافئ في ميزانية الولايات الذي يهدف إلى خلق توازن في الموارد المالية بين الولايات.

من جانبه عرض الدكتور رشيد كديرة خلال مداخلته بعض معالم المشروع الجهوي المغربي بعد دستور  2011 و تساؤلات النموذج الديمقراطي للتدبير الترابي، اذ بسط تدخله غبر مجموعة من المحاور الأساسية، التي استهلها بسؤال اختيار المشاريع الجهوية المقارنة اليوم بعد أن أكمل الجهاز التشريعي المسطرة التشريعية التشاورية، متحدثا عن امكانية مساعدة التجربتين الألمانية و المغربية من الناحية القانونية و التنظيمية في انجاح او عرقلة المطالب الديموقراطية، و في هذا الجانب أبرز نقاط القوة الالمانية المتمثلة في التراكم العلمي و الفكري المرافق للتحولات الاجتماعية و السياسية مقابل الضعف الفكري و الثقافي المعرقل للشأن المغربي. كمحور اخر من النقاش قارب المتدخل كيفية اعداد المشاريع الجهوية الألمانية و المغربية قانونيا و سياسيا، متسائلا بصدد مساحة المجتمع السياسي و المدني في صناعة و تفعيل مشروع الجهوية في البلدين.

 الجلسة الثانية طرحت موضوعا ذو أهمية كبرى، يتجلى في استقراء حصيلة و رصد أفاق التبادل المغربي الألماني، من خلال جوانب متعددة، منها العلمي و الإعلامي و كذا السياسي.

الحوار الثقافي المغربي الألماني من خلال الإعلام، هو ما تناوله الأستاذ عبدالرحيم بوكايو خلال مداخلته، مؤكدا على وجود فراغ اعلامي كبير في هذا المجال بالرغم من الأهمية التي يحظى بها خصوصا في زمننا الحالي، زمن التواصل المعلوماتي بامتياز، أشار الأستاذ الى تجربة دورية تيماتارين باللغة الألمانية، باعتبارها تجربة فتية و نوعية تشق طريقها و تحاول سد الفراغ الحاصل.

الأستاذ خالد أوبلا، استهل مداخلته حول صورة الجنوب المغربي من خلال مؤلفات هانس شتوم بالحديث عن سياق ظهور الدراسات الكولونيالية و ادوات اشتغالها و كذا مراحلها، كمرحلة الاستكشاف La période de découverte كمرحلة أساس مهدت لباقي المراحل، بعد ذلك رصد بعد من أهم مؤلفات هانس شتوم اذ اعتبرها نصوصا تتسم بالفردة و النوعية، مركزا على الصورة التي حملتها عن الجنوب المغربي الى القارئ الألماني، كما أشار الى الدور الهام للرواية الشفاهية في منجز هانس شتوم.

ربيع 2011 كان له تأثيره حتى على العلاقات المغربية الألمانية، هو ما حاول الأستاذ محمد أمشتكو -نيابة عن الأستاذ لحسن حندي- رصده مبرزا تطور هذه العلاقات في السنوات الأخيرة و مواكبة ألمانيا للتطوارت الحاصل خلال فترة ما بعد الربيع، ما ترجمته مبادرات رسمية بين الجانبين.

اختتاما لفعاليات المنتدى، نظمت خلال اليوم الأخير رحلة استكشافية الى المخزن الجماعي “اكودار” موقع أكادير ن ايكونكا صباحا، بعد ذلك تم التوجه الى قرية “تامزا” بالأطلس الصغير في ضيافة جمعية “تامزا ن وامان” من أجل زيارة مشروع التنمية المحلية بهذه لقرية و الممول من طرف البنك الألماني للتنمية و الذي تم الانتهاء مؤخرا من أشغاله، هذا المشروع الذي لاقى استحسان الساكنة نظرا للمنفعة العامة التي يقدمها و كذلك لكونه  أنجز باعتماد المقاربة التشاركية مع الساكنة المستهدفة انطلاقا من إشراكها في عملية التشخيص مرورا بتمكينها من الاستفادة من برنامج التكوين الذي يؤهلها لتسيير المشروع المنجز قبل أن يسلم لها.

مشاركة