الرئيسية اراء ومواقف كرامة الأستاذ(ة) يا معالي الوزير!

كرامة الأستاذ(ة) يا معالي الوزير!

كتبه كتب في 31 ديسمبر 2014 - 14:57

لم تستسغ أسرة التعليم المدرسي قرار منعها من متابعة الدراسة الجامعية، واعتبرتها نكبة مست المنظومة التعليمية في شموليتها حتى تبعتها نكبة أخرى تتعلق بشأن القرارات التأديبية المتخذة من طرف مجالس الأقسام موضوع المذكرة الوزارية رقم 14/867 الصادرة بتاريخ 17 أكتوبر 2014. مذكرة أقل ما يمكن القول عنها أنها تمس أسرة التعليم في كرامتها، وعرضها، وتضرب في الصميم بصيص الاستقرار الذي كانت تنعم به المؤسسات التعليمية، بل تشجع على العنف المدرسي ضد نساء ورجال التعليم، وتجعلهم عرضة للسب، والقذف، والشتم، والضرب، والجرح، وغيرها من أشكال العنف الذي كانت تواجهه مجالس الأقسام المنعقدة كهيئة تأديبية بحزم يجعل المتعلمين ينضبطون داخل الفضاءات المدرسية، ويحسبون لها ألف حساب.

ماذا حملت هذه المذكرة من حماية لأستاذة صفعها تلميذ داخل الثانوية التي تعمل بها وأمسكها من عنقها وطرحها أرضا بعد أن جرها لمسافة طويلة؟ وماذا عن تلك التي نعتها تلميذها أمام زميلاته وزملائه ببنت الزانية وسبها سبا مبرحا داخل الفصل؟ وأين من أهانه تلميذه وصفعه بمسطرة الأشغال التطبيقية من هذه المذكرة؟ وما ذنب الأستاذ(ة) إذا استقالت أسرة التلميذ من مهامها كمدرسة أولى للتربية؟ ألم تأت المذكرة الوزارية لاستفزاز الأسرة التعليمية، وترفع أوجه الحماية واستثاب الأمن داخل الفضاءات التربوية المدرسية؟

أجل، لأن الحجج التي جاءت بها وزارة التربية الوطنية لتبرير قرارها الاحتفاظ بالتلميذ “المذنب” أحيانا و”المجرم” أحيانا أخرى واهية، وعارية من الصحة، ولا تمت للواقع بأية صلة. بل تعمق جرح المنظومة التعليمية، وتكهرب أجواء العمل داخل المؤسسة.

إصلاح التعليم لا يكون بإصدار مذكرات من هذا النوع، لأن مجلس القسم ينعقد كهيئة تأديبية إصلاحية للبث في السلوكات المشينة الصادرة عن أي تلميذ، ويدرس الحالة المعروضة على أنظاره من جميع الجوانب، ويجري مشاوراته بعد الاستماع لأطراف عدة قبل الخروج بقرار يحمي التلميذ أولا من نفسه، ويحمي زملاءه منه ثانيا، ويعيد الاعتبار للأستاذ(ة) وللفعل التربوي أخيرا. لكن ورغم كونه مجلسا يضم أساتذة قسم معين في جميع المواد المدرسة، إضافة إلى جمعية الآباء، والإدارة التربوية،… فإن المذكرة الوزارية جاءت لتقول أن كل هؤلاء الأعضاء لا رأي لهم، ولا معرفة لهم بالشأن التربوي التعليمي، ولا يحرصون على المصلحة الفضلى للتلاميذ، ولا يسعون للارتقاء بالمدرسة المغربية.

إنها في الحقيقة صفعة مدوية في وجه أسرة التربية والتكوين بالمملكة المغربية، حيث أنها عمقت الهوة بين الأستاذ(ة) وإدارته المركزية، وستكون لها انعكاسات خطيرة وتداعيات لن تحمد عقباها ما دامت لا تحفظ كرامة الأستاذ(ة) واعتباره(ا)، وتعرضه(ا) للتجريح، والتحقير، وتمس بسلامته(ا) الجسدية، والنفسية، وتجعله(ا) أضحوكة أمام الجميع داخل وخارج المؤسسة. فأين هي كرامة الأستاذ(ة) يا معالي الوزير؟

رشيد زكي

مشاركة