الرئيسية مجتمع «الهاربات».. تعددت القصص المأساوية والمصير واحد‎

«الهاربات».. تعددت القصص المأساوية والمصير واحد‎

كتبه كتب في 24 نوفمبر 2014 - 22:05

تتواتر حوادث هروب فتيات من كنف أسرهن صوب مدن أخرى أو بالأحرى صوب المجهول. ورغم اختلاف مسببات هروبهن إلا أن مصيرهن واحد وهو الضياع. «الأخبار» تفتح ملف «الهاربات» وتروي قصصهن المأساوية. لنتابع.

 في الغالب لا تتوفر الفتيات «الهاربات» على أي دبلومات أو شهادات دراسية تمكنهن من إيجاد عمل إثر وصولهن إلى مدن أخرى غير مدنهن الأصلية. فيبحثن بشتى الطرق عن وسيلة تمكنهن من سداد السومات الكرائية لغرف حقيرة يكترينها بعد فرارهن خاويات الوفاض من منازلهن. منهن من تشتغل كنادلة في مقاهي الشيشة وأخريات يبحثن عن حلول سريعة كما جاء على لسانهن ألا وهي الغوص في دروب الدعارة المضللة. ونهايتهن في المجمل تكون مأساوية حيث الشارع لا يرحم والمجتمع أيضا.

هروب من الموت
تتشابه قصص «الهاربات» إلى حد كبير وأغلبها تتمحور حول فرارهن من كنف عائلاتهن بسبب ربطهن لعلاقات ينجم عنها حمل غير مشروع ورفض قاطع للاعتراف به من قبل والده الحقيقي.
بعد التقصي فطنا إلى مكان فتاة في التاسعة عشرة من عمرها تشتغل بأحد مقاهي الشيشة بمركز المدينة. إثر وصول صحافية «الأخبار» إلى مقر اشتغالها صباحا الذي دلتنا عليه سيدة على دراية بقصة الفتاة المعنية وجدناها في صدد تنظيف أرضية المقهى. وبعد أن علمت بالغاية التي أتينا من أجلها أبدت عدم رغبتها في الإذعان لطلبنا قائلة إنها لا تود تذكر قصتها ولو كانت تود تذكرها لما فرت من منزلها الكائن بمدينة آسفي صوب البيضاء. فتوسلناها أن تقص علينا قصتها دون أن ندلي بأي أوصاف تدل عليها لأن هدفنا معرفة الأسباب الفعلية وراء هروبها فوافقت على مضض بعد أن وافقنا بدورنا على مدها بمبلغ مالي يعينها على سداد كراء الغرفة التي تكتريها بالمدينة القديمة بالبيضاء بمبلغ 1000 درهم شهريا. تقول هذه الفتاة إنها تورطت في علاقة مع أحد الشبان نتج عنها حملها بمولود خارج إطار الزواج. وكما هو متعارف عليه رفض عشيقها الاعتراف بطفله وألح عليها أن تجهضه إن هي أرادت التخلص من الفضيحة وإنقاذ ماء وجهها. فرفضت طلبه وشدت الرحال نحو البيضاء هاربة من موت محقق. وهكذا اشتغلت هذه الأخيرة في أحد مقاهي الشيشة واكترت غرفة تسدد نفقات كرائها على مضض. وتجني الفتاة وراء اشتغالها في ذات المقهى مبلغ 1500 درهم شهريا إضافة إلى البقشيش الذي يتفضل به زبناء المقهى الذي قد يصل إلى 5 دراهم عكس المقاهي العادية التي لا يستفيد منها النادل من أكثر من درهمين على أقصى تقدير. ولما جاءها المخاض توقفت عن العمل قسرا ولازمت غرفتها وعاشت لأشهر بمبالغ مالية متفاوتة يجود بها عليها معارفها. وعندما اشتد عودها عادت إلى عملها كنادلة في مقهى الشيشة ذاك، إلا أن مصاريف طفلها أثقلت كاهلها فأصبحت تبيع خدماتها الجنسية عند انتهاء دوامها لتستطيع دفع أتعاب سيدة تتكفل بطفلها في غيابها. وأحيانا تمارس البغاء بصالات السينما تحت الأنوار الخافتة بمعية زبناء يبحثون عن اللذة العابرة هدفهم الأسمى قضاء وطرهم بسرعة. ومن وقت لآخر، ترجع باكية إلى مقر سكناها إذ يرفض بعض الزبائن مدها بالمبالغ المالية المتفق عليها في ليال حمراء ماجنة. وتارة ينهالون عليها بالضرب إن هي تمسكت بحقها في الحصول على أموال محرمة من جيوب رجال لاهثين وراء غرائزهم الحيوانية. العمل كباغية يتطلب من «الهاربة» معاقرة الخمر مع زبونها والتدخين إن كان مدخنا لتلطيف الأجواء، مشددة على أن معظم «الهاربات» تدمن على تعاطي المخدرات وشرب الكحول.

فرار اضطراري
تغص البيضاء بعشرات الفتيات اللواتي تلقبن بـ«الهاربات»، جلهن تكترين غرفا بأحياء متفرقة وفي الغالب تشترك مجموعة منهن في غرفة واحدة وتتقاسمن سومتها الكرائية.
عثرنا هذه المرة على فتاة فرت هي الأخرى من منزلها، تبلغ من العمر 20 سنة وتنحدر من منطقة سيدي بنور، بإقليم الجديدة. تحكي الفتاة المعنية بلهجة بدوية، أنها كانت تقطن في منزل أسرتها المكونة من 6 أفراد ضاحية سيدي بنور. وعن أسباب فرارها قالت إن والدتها أخبرتها أن أحد أعوان قبيلتهم تقدم لخطبتها. وهو رجل ميسور الحال غير أنها رفضت الاقتران به لأنه يكبرها بسنوات ولديه زوجتان أنجب منهما أطفالا، رافضة أن تكون الزوجة الثالثة لرجل يكبرها بما يقارب عقدين من الزمن، ورغم أن والدتها تعلل بأن «الشرع عطاهم أربعة» إلا أن الفتاة أصرت على المغادرة حيث حزمت أمتعتها الضرورية واستغلت استغراق أسرتها في النوم وغادرت في الصباح الباكر في اتجاه مدينة الدار البيضاء وبالضبط الحي الحسني. هناك تعيش خالتها الأرملة رفقة أطفالها في فقر مدقع. ولتدبر مصاريفها قررت ذات الفتاة التنقيب عن فرصة عمل لكن دون جدوى، حسبها. فتعرفت على سيدة تستضيف الفتيات في منزلها على أن تشغلهن في مجال الدعارة وتستفيد من المبالغ المالية المحصل عليها وتمدهن بعمولات تقتطع منها تكاليف إقامتهن لديها. وتحكي الفتاة «الهاربة» كيف تحولت حياتها إلى جحيم بعد أن سلكت طواعية سبيل الانحراف، الشيء الذي يجعل إمكانية رجوعها إلى «الدوار» من سابع المستحيلات، كما أنها لا تستطيع الاشتغال في عمل محترم، قائلة: «ولفت فلوس فابور»، قبل أن تردف، أنها أصبحت من المدمنات على التدخين والخمور والأقراص المهلوسة. ليس هذا فحسب، بل تلطخ سجلها العدلي بعد قضائها لعقوبة حبسية إثر اعتقالها من قبل إحدى الدوريات الأمنية ليلا وهي في صدد العراك مع أحدهم لعدم تمكينها من مستحقاتها المادية فور انتهائهما من ممارسة الجنس.

مستنقعات الدعارة
قصص ترتعد لها الأوصال تلك التي ترويها «الهاربات» عن سبب هروبهن الذي تصفنه بالاضطراري. أغلبهن تحولن إلى بائعات للهوى تبعن أجسادهن بأبخس الأثمان لجني لقمة العيش المر بمستنقعات الدعارة.
ووردت على الجريدة قصة سيدة أرملة في الثلاثين من عمرها، تنحدر من مدينة مراكش، جميلة الشكل، ومستواها الدراسي لا يتجاوز الثالثة إعدادي. تروي هذه السيدة كيف تحولت بين عشية وضحاها إلى عاهرة، إذ انتقلت بعد وفاة زوجها في حادثة مميتة إلى مدينة الدار البيضاء بعد أن ضاقت درعا من حياتها الكئيبة رفقة أهل زوجها حيث كانوا يقتسمون المنزل نفسه. ولم تعد تستسيغ شتائمهم، إذ أصبح لقب العاقر لصيقا بها وهي التي بذلت الغالي والنفيس لإنجاب الأطفال دون طائل. زيادة على ذلك فوفاة زوجها معيل الأسرة جعلتها تتحول إلى خادمة، مؤكدة أنها ملت من التناحر بشكل يومي مع أخواته العوانس اللواتي تتهمنها بكونها المسؤول الأول عن وفاة أخيهن. لكل هذه الأسباب، هاجرت محدثتنا نحو البيضاء حيث تكتري غرفة بحي مولاي رشيد مع فتاتين من مدن أخرى. ولتسديد نفقات كراء الغرفة وحاجياتها الأساسية، اتجهت محدثتنا إلى البغاء لتصبح عاهرة ترتمي مكرهة بين أحضان هذا وذاك على حد وصفها. وهي الآن غارقة في الفساد من قمة رأسها إلى أخمص قدميها.
لا تكتفي «الهاربات» بممارسة البغاء بل الحاجة إلى مأوى والبحث عن لقمة العيش كفيل بجعلهن تبحثن عن أسهل الطرق لجني المال وبطرق سريعة قد تكون مشبوهة. فمنهن من تحترف السرقة وأخريات تتجه أنظارهن إلى ألعاب الحظ والقمار. وهنالك من يقمن ببيع ملابسهن وأي أغراض ذات قيمة يتوفرن عليها يمكن أن يقتنيها منهن أحدهم.

مراهقة حرجة
تحكي أخت إحدى «الهاربات» وقد خنقتها العبرات قصة فرار شقيقتها الصغرى عندما كانت تبلغ من العمر 18 سنة. تعرفت الفتاة المعنية على شاب يكبرها بـ3 سنوات ونسجت معه علاقة حب محرمة. فقررا الهرب معا. لكن الهرب خارج مدينة الدار البيضاء يتطلب توفرهما على مبلغ مالي يعينهما على تنفيذ خطتهما خصوصا أنهما كانا تلميذين. فكرت ذات الفتاة في طريقة للحصول على المال فلم تجد أمامها سوى حل واحد، فقامت بسرقة مبلغ 1000 درهم يعود لوالدها التاجر البسيط كان يخبئه المسكين في خزانة ملابسه عله يعينه على نوائب الدهر وهو المعيل لأسرة مكونة من 8 أفراد.
وهكذا غادرت كنف أسرتها رفقة عشيقها في اتجاه مدينة أكادير. وأمضت معه هنالك 20 يوما فقدت فيها أغلى ما تملك أي فتاة وهو الشرف. وفور علم أسرتها بموضوع هربها حزن والدها حزنا شديدا وأصيبت والدتها بمرض السكري. فكيف لا وهي المسؤولة عن تلطيخ سمعة عائلة بأكملها في الوحل. فجميع أقاربها يتساءلون عن مكانها لتسرب خبر هروبها وانتشاره كالنار في الهشيم في أوساط العائلة. أما أشقاؤها الذكور فأصبحوا يمشون في الشوارع مطأطئي رؤوسهم خجلا من أفعال شقيقتهم. وبعد مرور المدة سالفة الذكر عادت الفتاة المعنية إلى منزل أسرتها وأحست بالمعاناة التي تسببت فيها لذويها فأقدمت على محاولة انتحار ببلعها ما مقداره علبة دواء. كانت محاولتها فاشلة إذ أنقذتها والدتها في الوقت المناسب مادة إياها بكوب من الماء المالح فاستفرغت وتم نقلها على وجه السرعة للمستشفى. لم تنته قصة هذه «الهاربة» هنا، بل واصلت طريقها نحو الهاوية، فغادرت منزل أسرتها مجددا في اتجاه غرفة تكتريها مع فتاتين من مدن بعيدة بزنقة «أكادير» وأصبحت مومسا محترفة ذائعة الصيت. مرت أعوام وسنوات، تحولت فيها الفتاة المراهقة إلى امرأة على مشارف الخمسين.
لم يعد يكترث لأمرها أحد وفقدت كثيرا من جاذبيتها. فعادت إلى منزل عائلتها التي استقبلتها مرغمة عملا بالمثل المغربي القائل: «اللحم إلى خناز كيهزوه ماليه». وللإشارة فلم تتوقف «الهاربة» المعنية عن ممارسة البغاء إلا بعد أن ألم بها مرض جعلها تغادر ذاك العالم بصفة نهائية. بالمقابل أصبحت مدمنة على لعب القمار ما يجعلها تبحث عن المال بأي طريقة كي تتمكن من اللعب.

«هاربات آسفي».. صفحة بالعالم الأزرق تشهر بفتيات الليل عبر نشر صورهن الفاضحة

انتشرت صفحة ماجنة بموقع التواصل الاجتماعي «فايسبوك» يطلق عليها اسم «هاربات آسفي». تتضمن هذه الصفحة المخلة بالآداب صورا لفتيات في وضعيات مثيرة وأخريات عاريات بالكامل أو بصدور مكشوفة. ومن بين رواد هذه الصفحة الخادشة للحياء شباب يضعون أرقام هواتفهم رهن إشارة الفتيات «الهاربات» المنشورة صورهن مصحوبة بتعاليق تشمئز منها الأنفس. علاوة على ذلك، تنشر هذه الصفحة الخليعة صورا لفتيات سحاقيات في وضعيات فاجرة. وفتيات بملابس فاضحة تدل ملامحهن على أنهن أجنبيات. أما صفحة «هاربات البرنوصي» فلا تخلو هي الأخرى من مشاهد سافرة لفتيات بملابس سباحة تتمايلن على الشواطئ في وضعيات منحلة. وهنالك صفحة أخرى تشهر بالفتيات تدعى «هاربات أكادير» تنشر صورهن وأرقام هواتفهن والخدمات التي تعرضن على زبائنهن مع إمطارهن بوابل من السب والشتم. زيادة على التشهير بالفتيات اللواتي يرافقن رجالا من جنسيات خليجية. والمؤسف هنا، نشر هذه الصفحة لصور فتيات محجبات مع أرقام هواتفهن والأحياء التي تتواجدن بها على صعيد مدينة أكادير. هذا دون إغفال أن صفحة «هاربات أكادير» تضم الوضعية العائلية لـ«الهاربات» وتكشف مهن آبائهن. ونشير أيضا إلى صفحة سافرة تسمى «هاربات الداخلة» تسلط الضوء على فتيات مذكور أنهن منحدرات من  ذات المدينة تقمن بتبادل القبل بشكل يندى له الجبين إضافة إلى قيامهن بإيحاءات جنسية. ومما يثير الاستغراب حقا، وجود صفحة تميط اللثام عن «هاربات» تقدمن خدمات جنسية مجانية تستعرضن فيها مفاتنهن دون أن يرف لهن جفن، إذ يصرح القائمون على الصفحة أنهم سيفضحون الزانيات وينشرون مزيدا من صورهن المقززة.

نورا أفرياض

مشاركة