الرئيسية مجتمع محللون: خطاب الملك “جريء” يكشف حقيقة نزاع الصحراء

محللون: خطاب الملك “جريء” يكشف حقيقة نزاع الصحراء

كتبه كتب في 7 نوفمبر 2014 - 20:31

لم يشذ خطاب الملك محمد السادس، ليلة أمس الخميس بمناسبة الذكرى الـ39 للمسيرة الخضراء، عن عدد من خطاباته الأخيرة التي باتت توصم بـ”الثورية” باعتبار حمولات الانتقاد ولغة الصراحة التي صارتا تطبعانها، حيث جاء مقرونا بعدد من اللاءات والحقائق التي تتعلق بقضية الصحراء والعلاقة مع الجزائر.

العاهل المغربي في خطابه الجديد لم يلُك الكلمات في فمه كما يقال، بل بادر بلغة صريحة وجديدة مشوبة بنبرة قوية غير معتادة إلى وضع الأصبع على الجرح، وتسمية الأشياء بأسمائها، فبسط حقيقة المشاكل التي تعترض ملف الصحراء، متهما الجزائر علنا بتورطها في النزاع.

شيات: تشخيص الأعطاب

وفي قراءة للخطاب الملكي، قال الدكتور خالد شيات، الأستاذ بجامعة وجدة والخبير في ملف الصحراء، في تصريحات لهسبريس، إن هذا الخطاب اتسم بالجرأة والواقعية والوضوح في مقاربة قضية الصحراء على مستويات متعددة في ثلاثة أبعاد كبرى.

البُعْدُ الأول، وفق شيات، يتمثل في تشخيص أعطاب مرتبطة بممارسات غير وطنية لأشخاص يسترزقون بالقضية الوطنية، ويستثمرون في استمرار النزاع، سيما في منظومة ريع تكرس التفاوت الاقتصادي والاجتماعي بين ساكنة الصحراء”.

وسجل المحلل ذاته أن الملك محمد السادس اعتبر أن استمرار مثل هذا النموذج يقوض أي حل قاعدة اجتماعية حقيقية، خاصة أنه قائم على ثنائية “الوطنية والخيانة” التي لا تقبل التأويل، وكان فيها الملك حاسما”.

وأما البُعد الثاني، يُكمل شيات، فهو في ثوابت الحوار والبحث عن الحل مع الانفصاليين، حيث يعتبر الحكم الذاتي سقفا أقصى، وهو الذي يشكل أساسا للتنسيق سواء مع الانفصاليين أو مع المؤسسات الدولية الوسيطة لإيجاد حل وصفه بأنه يحفظ ماء وجه الجميع.

وبالنسبة للبُعد الثالث، فهو يجمع بين تحديد مسؤوليات أطراف أساسية في النزاع، خاصة الجزائر كمعني أساسي بذلك”، يقول شيات الذي أضاف بأن “الخطاب الملكي كان مناسبة للتذكير بدور الجزائر السلبي في استمرارية النزاع الذي يهدد استقرار المنطقة عموما”.

وزاد المتحدث بأن الخطاب ذكر أيضا دور الوسطاء الدوليين لحل النزاع، والاعتبارات غير الموضوعية التي تتحكم أحيانا في رسم خريطة الحل النهائي لنزاع الصحراء من جهة، ودور قوى دولية خصها الملك بتقدير خاص من جهة أخرى.

ولفت إلى الدور المغربي المرتبط بدعم المسارات الديمقراطية بالمنطقة واستتباب الأمن لا يقل عن التوازنات التي تفرضها الجزائر، تبعا لقدراتها الطاقية، وهو ما يستدعي تحديد موقف عادل لا يقوم على التوازن التقليدي بين المغرب والجزائر” يقول شيات.

الصديقي: تحديد المسؤوليات

وفي قراءته أيضا لبعض محاور الخطاب الملكي الأخير، قال الدكتور سعيد الصديقي، أستاذ العلاقات الدولية بجامعة العين بالإمارات وجامعة فاس، إن الخطاب يعكس أمرين اثنين، أولا الوضع الحساس الذي توجد فيه قضية الصحراء على المستوى الدولي”.

وتابع الصديقي، في تصريحات لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن هذا الوضع الحساس لملف الصحراء دوليا استوجب من الملك محمد السادس التعبير عنه بلغة واضحة وكاشفة، خاصة فيما يتعلق بتحديد الأطراف المتدخلة في هذه القضية”.

أما الأمر الثاني، يكمل الصديقي، فهو التدهور الشديد في علاقات المغرب والجزائر بسبب تداعيات قضية الصحراء، وتجسد في توترات سياسية ودبلوماسية خلال الشهور الماضية، آخرها إصابة مواطن مغربي برصاص الجيش الجزائري على الحدود الشرقية للمغرب.

وسجل المحلل أن وصف الجزائر باعتبارها طرفا أساسيا في نزاع الصحراء هو وصف لواقع قائم، حيث ما كانت لهذه القضية أن تستمر كل هذه العقود، لو رفعت الجزائر دعمها المالي والعسكري والدبلوماسي السخي لجبهة البوليساريو الانفصالية.

ولفت الأستاذ الجامعي إلى أن الكثير من التقارير الدولية تشير أن تورط الجزائر في ملف الصحراء كلفها حتى الآن ما يفوق 200 مليار دولار، حيث أنفقتها في دعم البوليساريو، وشراء ذمم السياسيين والدبلوماسيين عبر العالم لمساندة موقفها في الملف.

وأوضح الصديقي أن الجزائر تدعي إمكانية الفصل بين العلاقات الثنائية وقضية الصحراء، حيث ترى إمكانية انتعاش هذه العلاقات وتفويض أمر قضية الصحراء لمسلسل التسوية الذي تشرف عيه الأمم المتحدة، وهو تصور سليم لو التزمت الجزائر بالحياد في هذه القضية”.

“بما أن الجزائر هي الحاضن الأساسي لجبهة البوليساريو، وأطروحتها الانفصالية بكل الوسائل، فإنه لا يمكن أن ننتظر أي تحسن جوهري لهذه العلاقات أو استقرارها، لأن أي تقدم في مسار التعاون سينسف بسلوك الجزائر المعارض لمغربية الصحراء” يؤكد الصديقي.

هسبريس ـ حسن الأشرف

 

مشاركة