الرئيسية عدالة مراكش: انتشار الجريمة وسؤال الأمن

مراكش: انتشار الجريمة وسؤال الأمن

كتبه كتب في 9 أكتوبر 2014 - 18:53

منذ سنوات استطاعت مدينة مراكش أن تصنع الحدث، وتتبوأ مكانة كبيرة في الشأن الثقافي، والفني، والاقتصادي، والاجتماعي من خلال تظاهرات متميزة جعلت من مدينة النخيل قبلة للسياح، ومنارة مشعة يقصدها المغاربة والأجانب من كل فج عميق. إلا أن وبأ الجريمة بدأ يدب في شرايينها، ومرض اللامبالاة ينتشر في أعضاءها، والتخلي عن مسؤولية حماية المواطنين صار عنوانا يصنع الحدث في كل وقت كما يصنعه في مجموعة من المدن المغربية التي تعيش على وقع سلسلة من الجرائم البشعة في وضح النهار، والتي راح ويروح ضحيتها أبرياء لا ذنب لهم سوى أنهم مارسوا حقهم في الخروج والتجول قرب منازلهم في غياب تام للتدخل من طرف رجال الأمن الذين من مسؤوليتهم استتباب الأمن وحماية المواطنين في أعراضهم، وأموالهم، وأنفسهم.

الحدث هذه المرة عاشته مدينة مراكش يوم الأحد 14 شتنبر 2014 بحي المسيرة 1، حيث اعترض شابان سبيل فتاة كانت متوجهة إلى أحد المحلات التجارية على الساعة الخامسة والنصف مساء، فوجه أحدهم إليها لكمة أصابت عينها اليسرى وكسرت نظارتها الشمسية، بينما وجه لها الثاني طعنات بسكين كبير الحجم مزقت عضلة ذراعها الأيسر بالكامل إضافة إلى جروح عميقة من سنتمترين إلى إثنا عشرا سنتمترا على مستوى الظهر والكتف. طعنات وصفها الطبيب المعالج للضحية بالخطيرة وقدر نسبة العجز في خمس وأربعين يوما.

لم تنفع صرخات الضحية في تدخل المارة بقدر ما زادت من هيجان المجرمين اللذين لاذا بالفرار بعد تركهما للشابة تنزف دما وفي حالة نفسية يصعب وصفها، ولولا تدخل أحد جيرانها الذي حملها إلى المصحة لفارقت الحياة. أما رجال الأمن فكانوا على مقربة من الحدث وشاهدوا حركة غير عادية تدعوا إلى التدخل، لكن يبدو أنه لابد لهم من الحصول على أمر من عميدهم، ولذلك لازموا مكانهم وتركوا المجرمين يكملان عملهما في أماكن متفرقة من الحي نفسه، كما اكتفوا بزيارة الضحية في منزلها وفي المصحة التي خضعت فيها لتدخل جراحي بواسطة فرقة تتكون من أربع أطباء أخصائيين وممرضين. عملية جراحية استغرقت زهاء ساعتين وكلفت الضحية سبعة آلاف درهم كمبلغ أولي مادامت الإصابة تحتاج إلى مجموعة من حصص الترويض الطبي وما يترتب عنها من مصاريف إضافية، كما أن الشابة التي تعمل في القطاع الخاص فقدت عملها، وأضحت تعيش نوبات نفسية بين الفينة والأخرى.

وبعد أن أسدل الليل غطاءه انتشر الخبر في المدينة انتشار النار في الهشيم ليقر آخرون بأنهم تعرضوا للسرقة والتهديد بالسلاح الأبيض من طرف الشابين نفسهما دقائق بعد تنفيذهما لعمليتهما القذرة بحي المسيرة 1. وفي حديث مع مجموعة من المارة أكد الجميع أن اعتراض السبيل والتهديد والضرب والجرح بالسلاح الأبيض وغيرها من عمليات السطو جديدة على مدينتهم. ولم تفتهم فرصة انتقاد أداء الأمن الوطني وتهميش أحياءهم وعدم استفادتها من خدماته التي تبقى حكرا على المناطق السياحية فقط.

إذا كان المواطن المغربي يؤدي للدولة واجباته الضريبية، فإن من حقه أن يعيش في أمن وأمان، وأن يشعر أنه مغربي حقا. وعلى الدولة توفير فرق أمنية سرية تجوب الأزقة والأحياء باستمرار وفي مختلف الأوقات، والقيام بدوريات مكثفة على امتداد السنة، وتفتيش حقائب الشباب الذين يجوبون الشوارع طولا وعرضا ويعتدون على المواطنين بدلا من نهج سياسة صم الآذان والهروب إلى الأمام. أما النيابة العامة فلابد أن تفتح تحقيقا وتحرر مذكرة لاعتقال المجرمين خصوصا أنهما حران طليقان يمارسان عملهما الإجرامي بشكل عادي بل شوهدا في أماكن عدة من المدينة. أما جمعيات حقوق الإنسان فعليها التدخل لحماية المواطنين والمساهمة في إيجاد حلول للقضاء على هذه الجرائم مع توخي الحذر في الدفاع عن مثل هؤلاء المخربين خصوصا إذا أقبلت الدولة على تفتيش حقائب المشتبه

بقلم رشيد زكي

 

مشاركة