الرئيسية اراء ومواقف تفعيل المشاركة السياسية للشباب

تفعيل المشاركة السياسية للشباب

كتبه كتب في 8 أكتوبر 2014 - 16:07

تعتبر المشاركة السياسية الهاجس الأكبر للدولة و لكل القوى و الأحزاب السياسية ، على اعتبار أن المشاركة السياسية بمختلف  أنواعها تعد ابرز مؤشر على ديموقراطية النظام السياسي ؛و تعكس ثقة الشعوب في المنظومة السياسية القائمة ،

 و من هذا المنطلق فقد حظيت قضية المشاركة السياسية للشباب على الخصوص باهتمام كبير للدولة في السنوات الأخيرة ، على اعتبار أن الشباب هم قوة التغيير الوازنة و المؤثرة في المجتمع ، و كذلك لكونهم هم صمام الأمان لمستقبل كل دولة ، فضلا على أن المشاركة السياسية للشباب أصبحت من ابرز متطلبات المرحلة في ظل عملية الإصلاح السياسي التي تمر بها الدولة , وما تفرضه بالضرورة  من مشاركة لكل شرائح المجتمع و على الخصوص الشباب منهم باعتبارهم الشريحة العريضة في المجتمع ،

غير انه كلما كثرت الدعوات الرسمية للمطالبة بتفعيل المشاركة السياسية للشباب كلما زادت مقاطعة هؤلاء ، و استنكافهم عن المشاركة في الحياة السياسية و ذلك راجع بالأساس إلى مجموعة من العوامل من أهمها فقدانهم الثقة في العمل السياسي ،  فالسياسات العمومية الممنهجة من طرف الدولة على طول السنوات الماضية و كذا الغياب الديمقراطية الحقيقية داخل الأحزاب السياسية، وتقادم خطابها السياسي وعدم مواكبتها لمتطلبات الشباب العصرية واحتياجاتهم الراهنة؛ و سيادة مجموعة من السلوكات الغير الاخلاقية بالعمل السياسي ، و انتشار الفكر الانتهازي الوصولي الذي يعتمد بالأساس على منطق الولاءات الشخصية بدل مبدأ الكفاءة …، ساهم بشكل كبير في ارتفاع نسبة عزوف الشباب عن المشاركة في الحياة السياسية الشيء الذي يشكل تهديدا حقيقيا لمستقبل الدولة سواءا في الأمد القريب أو البعيد ،فتدني المشاركة السياسية للشباب و من تم تدني الوعي السياسي لديهم و إحساسهم بالإقصاء و التهميش و غياب العدالة الاجتماعية سيجعلهم لقمة صائغة بيد التنظيمات المتطرفة، الأمر الذي يستوجب بالضرورة وضع الدولة  للسياسات العامة وفق رؤية شمولية  , تبدأ بالتشخيص الحقيقي للواقع السياسي والاجتماعي للدولة و العمل على  إيجاد البيئة السياسية المناسبة للحياة الفاعلة والمؤثرة في صياغة المستقبل السياسي , بالشكل الذي يعيد الاعتبار للأخلاق و المبادئ في العمل السياسي ، و يضمن حراكاً سياسياً حزبياً ديمقراطيا داخل المؤسسات الحزبية  , ويعطي للشباب دوراً في تلك الأحزاب , من خلال اختيار عناصر شبابية في هيئاتها ولجانها وبرامجها اعتمادا على مبدأ الكفاءة و ليس المحسوبية و الزبونية ،

كما انه من الواجب لتحقيق المشاركة الفعالة للشباب في الحياة السياسية وجب إعادة النظر في المنظومة التعليمية وبناؤها بشكل تشاركي ديمقراطي يعطي للعقل قيمته الحقيقية و يغرس قيم المواطنة  و مفاهيم الثقافة الديمقراطية وآليات ممارستها في الأجيال الصاعدة،

فضلا على ذلك فإنه من الضروري إعادة الاعتبار للدور الريادي للجامعات و جعلها مساحة حرة للنقاشات الفكرية و مختبرا للممارسات السياسية الديمقراطية من خلال السماح بتأسيس واشتغال الاتحادات والمؤسسات الطلابية داخل الجامعات،

إن إعطاء الشباب المكانة اللائقة بهم أصبح ضرورة حتمية ، غير انه لم يعد من المقبول رغم الصعاب و التحديات و الإكراهات ،أن يبقى الشباب على الهامش ينتظرون المنة من احد ، بل عليهم أن يرفعوا التحدي و يلجوا المؤسسات و الأحزاب السياسية و يحاولوا التغيير من الداخل ، فهذا الوطن لنا جميعا و مستقبله يهمنا أكثر من غيرنا ، و مسافة ألف ميل تبدأ بخطوة واحدة .

مشاركة