الرئيسية حوارات هشام الحسني نائب وكيل الملك بأكادير: كل يوم يولد 53 طفل خارج مؤسسات الزواج

هشام الحسني نائب وكيل الملك بأكادير: كل يوم يولد 53 طفل خارج مؤسسات الزواج

كتبه كتب في 9 سبتمبر 2014 - 12:59

 بدأت تطفو على سطح المجتمع المغربي ظاهرة تتميز بالحساسية  الشديدة مما ادخلها في باب المسكوت عنه اجتماعيا وهي ظاهرة الأمهات العازبات اللواتي عانين من ظروف اجتماعية مختلفة أدت يهن إلى العيش مع أطفالهن الذين ولدوا خراج إطار الزواج الشرعي والقانوني وهذا الملف لا يمكن للقضاء معالجته لوحده لأنه لا يمكن حل مشاكل اجتماعية بما هو قانوني فقط .

ولعلل تأسيس بعض المنظمات والجمعيات الوطنية والمحلية واهتمامها بهذه الفئة ومساعدتها وتوفير فرص الشغل حتى تتمكن من تحمل مسؤولياتهن وتربية أبنائهن وكذا البحث عن الأب الشرعي لإصلاح ما أفسدته الظروف القاسية.

أما فيما يخص التدخل القضائي في هذا الإطار يتمكن من انجاز وثائق وإجراء الأبحاث الضرورية وكذا العمل على استصدار أحكام الإهمال الخاصة بهم حتى تكون وضعيتهم القانونية سليمة، وكذا في الحالات التي يتم فيها استقبال أم عازبة من طرف النيابة العامة  يتم إشعارها بالواجبات الملاقاة على عاتقها.

 مقاربة ملف الأطفال في وضعية صعبة والأمهات العازبات  يصطدم بترسانة قانونية ، وصعوبات في إجراءاتها في واقع يتداخل فيه الاجتماعي بالديني والاقتصادي  ، ما هي الخلاصات المتوصل بها أثناء التنفيذ ؟

 ما أريد أن أشير له بداية هو ضرورة التفريق بين الطفل في وضعية صعبة الذي يحدد إطاره التشريعي قانون المسطرة الجنائية وبين الطفل المهمل الذي يجد إطاره التشريعي في القانون رقم 01-15 المتعلق بكفالة الأطفال المهملين.

أما فيما يخص الأمهات العازبات فليس هناك أي إطار قانوني يعالج هذه الظاهرة بشكل مباشر لاسيما بعض القواعد العامة التي تلزم الأم بتسجيل طفلها بالحالة المدنية وكذا بعض النصوص الجنائية التي تعاقب الأم على بعض الجرائم المرتكبة ضد الطفل كالإجهاض وإعطاء القدوة السيئة مثلا.

وجود ترسانة قانونية فان ما يعاب على هذه الأخيرة كونها لا ترقى إلى تطلعات الحقوقيين والقضاء.

ما هي أهم المؤاخذات المسجلة في مقاربة الظاهرتين الأطفال والنساء؟

 إن في نظري إن القوانين المنظمة لهذه الفئات الاجتماعية الهشة قد روعي فيها الجانب الاجتماعي وروعيت فيها المصلحة     للطفل بالإضافة إلى أن هذه القوانين لا  دخل للقضاء في سنها وهي من اختصاصات السلطة التشريعية كما أن القاضي أو ممثل النيابة العامة يجتهد من جهته في حالة وجود فراغ قانوني والقاضي في جميع الأحوال بإلزامية البث في الملف رغم وجود نصه وإلا كان منكرا للعدالة. كما أن النصوص المنظمة للأطفال جاءت شاملة لمختلف الحالات المنصوص عليها في قانون المسطرة الجنائية سواء الأطفال في وضعية صعبة أو الأطفال الجانحين أو الأطفال ضحية الجريمة.

 كما جاءت بمختلف التدابير التي يمكن اتخاذها في حقه حسب الحالات ومنها مثلا اتخاذ قرار لفائدة الحدث الموجودين في وضعية صعبة وبتوبيخه وتسليمه لوالده أو إخضاعه لتدابير الحراسة  المحروسة  وبتسليمه لعائلته أو أي شخص جدير بالثقة.

كما يمكن إيداعه بأحد المراكز أو الأقسام العمومية مكلفة برعاية الطفولة أو أي جمعية ذات منفعة عامة.

وما يلاحظ كذلك على هذه المقتضيات أنها تقتصر فقط على الطفل دون الأم إذن فليس هناك أي نص في قانون المسطرة الجنائية ينص على حماية الأم العازبة التي أنجبت طفلا وأصبح في وضعية صعبة.

أما الإشكال الحقيقي ليس في الترسانة القانونية  ومختلف  النصوص المنظمة لقضاء الأحداث ولكن في تفعيلها على ارض الواقع  وان تتوفر لجهاز القضاء آليات التطبيق ومؤسسات كفيلة بتربية وتكون وتاطير هذه الفئة من الأفعال وسد الفراغ العاطفي والأبوي الذي يعانون منه.

يعاب على اكادير أنها تحتضن اكبر قاعدة للأمهات العازبات ، وان المؤشرات مقلقة بخصوص الأطفال المتخلى عنهم داخل المجتمع السوسي هل من معطيات احصائية ؟

 حسب علمي فان منطقة سوس ماسة درعة تسجل خلال آخر سنة 0,623 حالة وتكون بذلك حلت المرتبة الثانية بعد جهة مراكش التي توجد في مقدمة الجهات المعنية بظاهرة الأمهات العازبات ب 3,066 حالة.

تم الدارالبيضاء الكبرى ب 2,798 حالة وطنجة 479،2 حالة تم الرباط 1,974 حالة ومكناس تافيلات 1,915 حالة ، فيما احتلت جهة واد الذهب الكويرة المرتبة الأخيرة ضمن الجهات الستة   ب 142 حالة .

وحسب الإحصائيات دائما فالملاحظ أن ظاهرة الأمهات العازبات في تصاعد مستمر يكفي القول بأنه كل يوم يولد 53 طفل خارج مؤسسات الزواج ضمنهم 24 طفل يتم التخلي عنهم وان 82,5  في المائة من الأطفال يعيشون مع أمهاتهم فيما الباقي تتكلف به بعض الحضانات.

ما هي مقاربتكم لهذا الملف من رؤى ومداخل متنوعة وتشاركية ناجعة لمعالجة ظاهرة ( الأطفال المتخلى (عنهم )والأمهات العازبات)  ؟

 أود أن أشير إلى أن هذه الظواهر تشمل جميع الفئات العمرية والشرائح الاجتماعية وعلى المستويات الثقافية فهناك فئات من الأمهات العازبات خادمات البيوت ، وهناك الطالبات وهناك الموظفات وهؤلاء غالبا ما يبحثن عن علاقة شرعية قصد تأسيس أسرة ويقعن في فخ مع احد الشباب الذي يعدهن بالزواج إلى أن يقع الحمل ويتملص من وعوده ويقع المشكل فتبقى المرأة تعاني تبعات ما وقع فتواجه مصيرا مجهولا لوحدها.

وللتغلب  على هذه الظاهرة لا يكفي  وضع نصوص قانونية جامدة بل تحتاج كذلك للأطر الكفئة المتخصصة في جميع المجالات والتي تعطي الروح لهذه النصوص وبالأخص المساعدين الاجتماعين سواء على مستوى المحاكم أو المستشفى أو باقي المصالح وذلك لتقديم الدعم النفسي لهؤلاء الأطفال والنساء ومساعدتهم بداية لولوج المصالح والمحاكم.

 كذلك بالرغم من جهود المنظمات المحلية والدولية وكذا تغيير بعض بنود مدونة الأحوال الشخصية مازلت الطريق شاقة أمام المرافعين عن حقوق الأمهات العازبات ، فالمجتمع المغربي مازال ينظر بازدراء واحتقار إلى الأم العازبة ، وفي هذا الأمر علامة استفهامية على وجود بعض القوانين والقيام بمجموعة من الترقيعات الظرفية من طرف الدولة ، ولكن هذا  المسعى يمكن أن يتحقق إذا تم التفكير في فتح باب الجدل حول المشروع المجتمعي الديمقراطي الذي تكون فيه ثنائية الحق والواجب محددا أساسا للانتماء إلى الوطن وتساهم فيه كل الفعاليات والقوى داخل المجتمع عموما والأم العازبة شانها شان المواطن المغربي ، هي في حاجة إلى نظام تكون فيه السيادة  لدولة المؤسسات الضامنة للتعايش والسلم والكرامة لكل فئات المجتمع.

منذ زمن كان الراهبات والمنظمات العالمية مثل منظمة أرض البشر تقدم العون والرعاية للأمهات العازبات تم منذ الثمانيات بدا الوعي بهذه المسالة وفي هذه الفترة بادرت عائشة الشنا بتأسيس جمعية التضامن النسائي سنة 1965 وهي  الآن من المنظمات الرائدة في هذا المجال وساعدت مجموعة من النساء فهي نموذج المرأة الجريئة التي تخطت كل العقبات والانتقادات  وفازت بجائزة الييزابيت غور فال بفرنكفورت

حقائق مغربية

مشاركة