الرئيسية مجتمع نساء فضلن التزام الصمت بدلا من مواجهة المتحرشين

نساء فضلن التزام الصمت بدلا من مواجهة المتحرشين

كتبه كتب في 3 يوليو 2014 - 13:26

وضعتهن الظروف في مواجهة مع عدد من المتحرشين، الذين يرون في أجسادهن مرادفا للمتعة المجانية. بالرغم من المواقف المهينة والمحرجة التي وقعن ضحايا لها في أماكن عملهن ومختلف الفضاءات التي يقصدنها، فضلت هؤلاء النساء التزام الصمت خوفا من الفضيحة وتفاديا للمزيد من المشاكل، في غياب قانون يحميهن من هذا النوع من الممارسات.

وجدت نفسها تحت وطأة الفقر والحاجة مرغمة على الخروج إلى ميدان العمل كي تتقاسم أعباء الحياة مع زوجها، وتوفر الاحتياجات الضرورية لأبنائها، لكنها ستصطدم في سبيل تأمين لقمة العيش بالكثير من المشاكل في مقدمتها التحرش الجنسي الذي ستصبح عرضة له بشكل دائم.

تحرش بطعم «الحكرة»

نادية ذات الثامنة والثلاثين عاما تعرضت غير ما مرة للتحرش الجنسي في الشارع العام، خاصة أن طبيعة عملها بأحد المصانع ترغمها أحيانا على التنقل في ساعات متأخرة من الليل، الأمر الذي يجعلها في مواجهة دائمة مع المتحرشين جنسيا خاصة المنحرفين الذين يبيتون على الأرصفة.

«أصطدم بالمتحرشين في كل مكان مهما حاولت تفاديهم» تؤكد نادية، التي صار المرور من بعض الشوارع والأزقة بمثابة كابوس تعيش تفاصيله بشكل يومي، حيث تتسارع نبضات قلبها من شدة الخوف من أن تتعرض للمضايقات.

لا تنكر نادية أنها تعرضت أيضا للتحرش الجنسي في مقر عملها على يد الرجل الذي كانت تعمل تحت إمرته في المصنع، بحيث حاول استمالتها بكل الطرق بغية إقناعها بإقامة علاقة معه، قبل أن يدبر لها مكيدة تسببت في قطع مورد رزقها، عقابا لها على تعنتها.

تنفست المرأة الصعداء بعثورها على وظيفتها الحالية واعتقدت أنها واقعة التحرش السابقة ستظل مجرد ذكرى أليمة، لكن الأيام ستظهر لها غير ذلك، بحيث لن تسلم من مختلف أشكال «لحكرة» وأسلحة التحرش التي يشهرها الرجال بمحيط عملها في وجه العاملات، مستغلين فقرهن وحاجتهن الماسة إلى العمل، بالإضافة إلى عجزهن عن مواجهة المتحرش خوفا من الفضيحة.

«التحرش أصبح واقعا يجب التعايش معه»، تقول نادية بنبرة لا تخلو من يأس، مؤكدة أن التحرش الجنسي سواء في الشارع أو في أماكن العمل قد أصبح من الأمور الدائمة الحدوث والتي يجب على المرأة التعايش معها في غياب قانون يحميها وينصفها من المتحرشين بها جنسيا.

فضلت الصمت

لا يختلف الوضع كثيرا بالنسبة إلى فاطمة الزهراء، فهي بدورها زوجة وأم لأبناء لكنها وجدت نفسها عرضة للتحرش من طرف أحد مدرائها الذي لم يعر أي اهتمام لكونها مرتبطة وأصر على مطاردتها بنظراته.

سرعان ما انضافت إلى نظرات المدير التي كانت تثير الشك والريبة في نفس الموظفة تصرفات أكثر جرأة، بحيث أصبح يختلق الأعذار للتردد عليها بمكتبها، قبل أن تبدأ نواياه الحقيقية في الظهور، بمجرد أن يبدأ في ترديد عبارات الغزل على مسامعها، فيمتدح تارة ملابسها المتناسقة وينتقل تارة أخرى إلى التغزل بملامح وجهها وشعرها.

ظلت فاطمة الزهراء تتظاهر بعدم استيعابها للغاية من وراء تلك التصرفات وتتعامل بحذر مع المواقف المحرجة التي تواجهها، لكنها ستفاجأ في أحد الأيام بالمدير يطلب أن يجمعه بها موعد حميمي، بعيدا عن مقر الشركة وهو الطلب الذي أربكها كثيرا.

سيطرت مشاعر الغضب على فاطمة الزهراء، لكنها لم تستطع ترجمتها إلى رد قاس يعيد لها الاعتبار، ويخلصها نهائيا من مطاردة رب العمل، حيث فضلت الصمت على ما اعتبرته إهانة لها والاكتفاء بإبداء موافقة مبدئية متذرعة بضيق الوقت الذي يمنعها من تلبية الدعوة، لأن الموظفة تدرك جيدا أنها إذا رفضت طلب المدير ووبخته على تصرفه قد تواجه خطر الطرد في أي وقت.

للمسنات نصيب…

ما كان أحد ليصدق تعرض امرأة مسنة للتحرش الجنسي، لو لم يسمع تفاصيل الواقعة الغريبة على لسان بطلتها أمينة، التي وجدت نفسها بالرغم من كبر سنها عرضة لهذا الفعل على يد رجال وفتيان في عمر أحفادها.

«استهداف الجميلات أو اللواتي يرتدين ملابس جريئة مجرد أكذوبة»، تقول المرأة الستينية، مؤكدة أنها كما هو الشأن بالنسبة إلى الكثيرات ممن في سنها لم يسلمن من مختلف أشكال التحرش.

تعترف أمينة بأنها تعرضت غير ما مرة للتحرش الجنسي في العديد من الأماكن العامة على يد رجال كانوا يصرون على التغزل بجسدها المكتنز بكلمات تخدش الحياء، بل وتجاوز الأمر في مواقف أخرى حدود التحرش اللفظي ليصل إلى اللمس.

«لا أحد يحرك ساكنا لحماية النساء من التحرش» تؤكد أمينة، فهي كانت شاهدة على حوادث تحرش عديدة حاولت خلالها النساء الضحايا الاستنجاد بالمارة، لعل أحدهم يتولى مهمة تأديب المتحرش، لكنهن اصطدمن بتجاهل من استغثن بهم، بل ووقوفهم في صف المتحرش متهمين إياهن بالإغراء ومحاولة لفت الانتباه.

بالرغم من المعاناة النفسية التي تجرعت مراراتها، فضلت أمينة التزام الصمت وإبقاء تلك الحوادث سرا في طي الكتمان، خوفا من أن تجعل منها تلك الحوادث المتكررة موضعا للسخرية بين المحيطين بها، خاصة أن تعرض امرأة مسنة للتحرش لايزال من الأمور التي يصعب تصديقها من طرف الناس.

شادية وغزو

مشاركة