الرئيسية اراء ومواقف حتى لا يتظاهر أحد أمام البرلمان مطالبا بالكوميرالمستورد..

حتى لا يتظاهر أحد أمام البرلمان مطالبا بالكوميرالمستورد..

كتبه كتب في 18 نوفمبر 2011 - 13:15

في ظروف يعرف فيها المشهد الوطني ما يعرف من ضغوط اجتماعية وسياسية من اجل صياغة الشروط المثلى لقيام العهد الجديد الذي يؤسس له دستور فاتح يوليوز، بدأ العد التنازلي لانتخاب أعضاء الغرفة التشريعية الأولى بدخول  الحملة الانتخابية يومها الثامن،  والتي يشارك فيها للمرة الأولى في تاريخ البلاد أربعة آلاف من الملاحظين والمراقبين الوطنيين والدوليين، حملة، تقول المؤشرات أن مجمل الأحزاب المشاركة في هذه التشريعيات في كامل جاهزيتها لمخاطبة الشعب المغربي بخطاب جديد، قائم على الواقعية والقراءات الصحيحة والسليمة للواقع المغربي بعيدا عن الجنوح نحو المقاربات التي لا يتجاوز عمرها الافتراضي ساعات وأيام الحملة الانتخابية، هي بداية، هكذا تروي بعض نواياها، نتمنى ألا تكون مجرد بداية، وإنما إستراتيجية حقيقية للتكيف مع متطلبات المرحلة  التي لن يتقبل فيها الشعب المغربي فشل هذه المحطة الانتخابية في إفراز الوجوه والنخب التي يرى فيها التغيير، وهذا معطى، مطلوب أن تستحضره كافة المكونات السياسية والنخب المشاركة حتى نضمن عبورا جيدا لمرحلة ما بعد الدستور الجديد، عبور لا يكون فيه مجال للتشكيك في المستقبل  وما يرسمه من تصورات وحلول للمعضلات الاجتماعية والاقتصادية التي تعيشها معظم فئات الشعب، المنتسبة لمغاربة الهامش الذين طالهم التهميش والإقصاء ردحا من الزمن بسبب سياسات عمومية لم تنشغل بشكل صحيح من اجل بلورة البرامج المستبصرة، القادرة على محاربة الفقر والتقليص من الفوارق التي أصبح اتساعها لا حدود له في السنوات الأخيرة، مغاربة،  لم يعرفوا غير الأمل مذاقا في حياتهم طوال عقود من الزمن، سيذهبون بلاشك هذه المرة إلى صناديق الاقتراع بآمال أخرى أكثر وضوحا، يلخصها الدستور الجديد في الكرامة لكل المواطنين، الكرامة التي يضمنها العيش الكريم، ما يدعو النخب التي تخوض غمار هذه الانتخابات و القوى السياسية التي تطمح أن تفرزها صناديق الاقتراع لقيادة المرحلة وكذلك السلطات العمومية وكافة القوى الفاعلة في الانتخابات أن  تدرك أن ميزان قياس درجة  الكرامة  والكبرياء  أضحى مع التحولات والظروف التي يعرفها الشأن الإقليمي والوطني بشكل خاص مرتبطا بمدى تبني الوصفة الديمقراطية واحترام نتائجها  يوم الخامس والعشرين نونبر الجاري بصورة نزيهة وشفافة تكون تكريسا للثراء الحضاري والموروث الثقافي والتواصل الاجتماعي، صورة تعكس التنافس الشريف بين المرشحين، دون اللجوء إلى مظاهر الفساد كشراء الأصوات واعتماد الترهيب والبلطجة احتراما لمبدأ تساوي الفرص وتقديس الأصوات حتى يكون الموعد الانتخابي محطة ديمقراطية حقيقية، وليست مجرد كرنافال للتهريج يساعد على تضاعف الشعور بالإحباط واليأس لدى عموم الشعب، إننا لا نريد أن ترتسم أمام أعيننا صورة كارثية تترجم هشاشة الوعي بأهمية الانتخابات في هذه المرحلة بالذات، فمجتمعنا عريق ومؤطر بوعي سياسي مهم لا يجب أن يفلت هذه المحطة ليجد لنفسه مكانا بين الدول الديمقراطية الحداثية الباحثة ، نحن لا نريد أن نبقى شعبا ينظر إلينا العالم المتقدم مجرد مصدر مهم ومضمون للطاقة والخامات، وأننا متحف كبير لبقايا حضارات وأمم قديمة مرت من هنا،  أو أننا وطن للسياحة والاسترخاء..هي طموحات مشروعة تضمنها فلسفة الدستور الجديد، غير انه كان الله في عون الحكومة المقبلة في بلورتها لما يتطلبه الأمر من معركة مفتوحة ضد الفقر والبطالة  والتخلف والأمية الأبجدية والفكرية والأمراض وسوء العيش في الكثير من المناطق النائية، ومواجهة اليأس والقنوط والتشاؤم، ومحاربة الريع بكل مظاهره، السياسية منها والاقتصادية، تراكمات يجب أن يكون في الحسبان انه بدون التغلب عليها لا يمكن التطلع إلى شيء اسمه مغرب المستقبل، مغرب الديمقراطية والكرامة، إنها معركة جديدة يرفع راية تدشينها دستور فاتح يوليوز من اجل التحرير من واقع لم يعد يلبي حاجيات المغربي في العيش الكريم والكبرياء، واستبداله بواقع جديد مصنوع بإرادة الإنسان المغربي وفق النهج الديمقراطي في إطار ثوابت الأمة المنصوص عليها دستوريا،  يجيب عن كافة الأسئلة والتطلعات التي يمكن أن تسكن فئات الشعب، مثلما تكون فيه رغبة الشعب هي أساس سيادة أية حكومة انطلاقا من صناديق الاقتراع.

نعم، سيكون يوم الخامس والعشرين من الشهر الجاري امتحانا صعبا، سيختبر فيه المغرب قدراته على إنتاج قيم جديدة تؤسس لوعي متجدد بقيمة المؤسسات المنتخبة بشكل ديمقراطي ونزيه، وعي يوطد العلاقة بين المؤسسات التمثيلية والمواطن..وإذا قدر الله عليه الفشل مثل كل التشريعيات التي فاتت فعلى الشعب المغربي أن يخرج في مسيرات لطلب الشتاء من الله، فالشتاء ستضمن له على الأقل الخبز والطماطم ..حتى لا يحتاج الى الوقوف امام  هذا البرلمان  يطالب بالكوميرالمستورد..

مشاركة