الرئيسية الصحة ولادة رضيع برأسين أحدهما عبارة عن ورم ضخم بـ …

ولادة رضيع برأسين أحدهما عبارة عن ورم ضخم بـ …

كتبه كتب في 14 مايو 2014 - 13:01

رحلة معاناة ومكابدة عاشتها أسرة متواضعة على امتداد أيام نهاية الأسبوع المنصرم، حين قادتها الظروف للاحتماء بجدران المركز الاستشفائي الجامعي محمد السادس،لتسهيل عملية وضع معسرة.

فلم يكن يخطر للمعلم حسن (38سنة) وهو يرافق زوجته السعدية(26 سنة) من بيتهما الأسري بأحد الدواوير المنزوية بفضاءات إقليم آسفي صوب رحاب مدينة سبعة رجال،أن تفاصيل هذه الرحلة سترسم بذاكرته تفاصيل معاناة أليمة لن تفارقها ما دام في العمر بقية.

أطباء المستشفى الإقليمي بآسفي وبعد أن استعصت عليهم حالة الولادة التي كانت السعدية تعيش أولى تجاربها، سيقومون بتوجيه الزوجين  إلى المركز الاستشفائي،دون أن تكلف أية جهة نفسها توفير وسائل نقل آمنة وفق ما يتطلبه حرج الحالة.

اعتمد الزوجان على إمكانياتهما البسيطة،وشدا الرحال اتجاه  مراكش، ومبلغ مناهما وآمالهما أن تجري الأمور في ظروف مناسبة، وتمتعهما العناية الإلهية بأول مولود بكر،يضيء سماء حياتهما الزوجية بنجوم السعادة.

من خلال  آلام المخاض، كان واضحا أن السعدية تكابد الأمرين وهي تعيش تجربة الوضع الأولى في حياتها،والتي تعتريها الكثير من تفاصيل الولادة المستعصية،وتطلبت منها العملية مجهودات خارقة جعلت حياتها قاب قوسين أو أدنى من الهلاك المحقق،قبل أن تدق ساعة الصفر ويشرع الجنين في إلقاء أول إطلالة على العالم الخارجي بعيدا عن دفء رحم الأم.

ظل الانتظار والترقب سيد الموقف طيلة ساعات المخاض،إلى أن أطلق الرضيع أول صرخة حياة إيذانا بدخوله عالم الحياة من بابها الضيق، حين تكشف الوضع عن رضيع يجر خلف رأسه الصغير رأسا آخر عبارة عن ورم كبير،وأثقل من يحمله جسده النحيل.

ظهر الرضيع محملا بتشوه خلقي مثير، استوجب إحاطته بمراقبة وإجراءات طبية دقيقة،ستكشف مجريات الأحداث أن مستشفياتنا العمومية مازالت تفصلها عنها سنوات ضوئية، حين طلب من الوالد أن يحمل رضيعه على كتفيه وينتقل به لفضاءات مستشفى ابن طفيل قصد إجراء الفحص بالأشعة والمتابعة الطبية الضرورية،مع الاحتفاظ بالأم رهن أسرة مستشفى الأم والطفل.

جاهد الوالد المسكين ملء قدراته البسيطة والمتواضعة،في نقل رضيعه بمصاحبة الجدة من الأم إلى المستشفى المحدد،ليسلمه للمصلحة الطبية المختصة، ومن ثمة انطلاق فصول معاناة جديدة ملؤها الإهمال وعدم الاكثرات.

“راه يومان وولدي مليوح مادها فيه حتى حد، ومن حيث غوت صيفطوني  لواحد القسم ديال الراس،لقيت فيه واحد السيدة، قالتي بلا حشمة بلاحيا ،ماعندي بلاصا وما عندي ماندير ليك “، جمل مترعة بنفحات الإحساس ب”الحكرة” كان الوالد يجاهد لإطلاقها من خلف  فورة غضب جامحة مشفوعة بتيار جارف من الدموع المتهاطلة، وهو يشير إلى الرضيع وقد خبت فيه جذوة الحياة بين يدي جدته المسنة.

ففي غمرة”سير واجي يهديك الله”،فاضت روح الرضيع وأسلمت إلى باريها، فغادر إلى دار البقاء وفي نفسه شيء واقع قطاعنا الصحي المريض،مخلفا وراءه الوالد المكلوم تائها في  مساحة  شاسعة مملوءة بألغام الحنق والغضب،ولسانه لا يفتأ في ترديد شعار”اللهم إن هذا منكر،اللهم فاشهد”.

إسماعيل احريملة

مشاركة