الرئيسية مطبخ وديكور آلاف من جمال وماعز الرحل تجتاح أكادير والصويرة وتتوغل نحو وجدة والناظور

آلاف من جمال وماعز الرحل تجتاح أكادير والصويرة وتتوغل نحو وجدة والناظور

كتبه كتب في 21 مارس 2012 - 19:55

فجأة تحولت أراضي أكادير والصويرة إلى خيام متنقلة يبدو ساحل أكادير باتجاه موكادور هادئا إلا من زمجرة المد والجزر، وما أن تتوغل في عمق الجبال والأودية حتى تطالع الزائر  الجمال بأعناقها، وقطعان الماعز تتطل عليه من الأعالي، تتسلق الجبال وأشجار الأركان. إنهم الرحل حلوا بالمكان دون استئدان، نزول غير مرحب به من أهل المكان.

جولة بين خيام الرحل بإداوتنان

” قررت الاستقرار بجبال أورير، وعدم التوجه إلى الصويرة لأنه ما عندي  حديد فاش نهز جمالي وقطعان الماعز، إلى جانب قلة عدد أفراد اسرتي المرافق لي في هذه الجولة” يقول محمد علي القادم من آسا الزاك وهو يتحدث عن اجتياحهم الكبير كرحل لإقليم الصويرة، و يردف  محمد علي القول وهو يجهز الشاي على الطريقة الصحراوية ” الصويرة مزيانة فيها الرعية، لكن عمرات بالكامل عن آخرها بالكسيبة، أزيد من 20 ألف جمل نزلات بها وخصك لحديد والناس لي تخدم معاك باش تحول كل مرة، أنا عندي ست ولاد يقراو خليتهم هناك في آسا، جاو معايا غير لي مزوجين واحترفو  حتى هوما الكسيبة”.

امتلأت غابات الأركان بأكادير عن كاملها بالرحل،مروا من الدراركة وأورير،ثم  أقصري، وتغازوت، واجتاحوا تامري،و إمسوان بعدها كان التهافت على الصويرة الفضاء الذي يسيل اللعاب، اتخذوا من شجر الأركان والأعشاب الوفيرة مجالا خصبا للرعي انطلاقا من إمسوان إلى اسميمو” . مجموعة من السكان تضررت مغروساتهم، وأشجار الأركان غير أنهم فضلوا عدم الاستمرار في المواجهة كما تم باشتوكة وتيزنيت، والاكتفاء بتسجيل شكاوى لدى السلطات المحلية على مستوى أكادير والصويرة.

الرعاة حطوا رحالهم بقوة بالصويرة، ووصلوا الحدود المتاخمة لسيد المختار بشيشاوة، لم يوقف زحفهم سوى السطح القاحل، وانعدام الكلأ، غير أن مئات منهم فضلوا الانتشار في أرض الله الواسعة، وصلوا سهل سايس بفاس حيث المرعى أوفر،ويتحدث زملاؤهم بأكادير عن اندلاع مواجهات بسبب سوء التفاهم. زملاء آخرون لهم حطوا رحالهم بالمغرب الشرقي بوجدة، وبالناظور شمال المملكة، يتواصلون فيما بينهم بالهاتف، ويتحدثون عن ظروف نزولهم الثقيل  بين أهالي غير مرحبين. غير أن الحسين من تاغجيجت بدوره ليست له القدرة للتنقل من أقصى الجنوب إلى أقصى الشمال، دق خيامه بجبال أورير بدوره، رفقة أبنائه وحفدته وزوجاتهم، بحثا عن الكلأ.

ظلت المواجهات طيلة السنة الماضية بين البدو الرحل , وأهالي سوس في الحدود المتقدمة للجنوب بتزنيت واشتوكة ايت بها وتارودانت، ومع استمرار آفة الجفاف وانحباس المطر توغلت قطعان الإبل والماعز لتجتاح أكادير، ثم توغلت إلى قلب إقليم الصويرة، ومنها نحو وسط المملكة وحيثما وجدت مراعي الملك الغابوي والأراضي المخزنية ولما لا أراضي الخواص المجاورة لها التي خلفت مواجهات سابقة بإقليم تيزنيت واشتوكة ايت باها.

أهل المكان يحتجون

جولة عبر مرتفعات دواوير: إزيون، تاهنون، اسرسيف، ايت امحند، وتماروت حيث ضرب الرحل خيامهم بينت عمق الأضرار التي تكبدها شجر الأركان، بعدها كان الحديث مع احماد ولحسن، مسن عمره 76 سنة، يقول بلهجته الأمازيغية . العرف لددينا أن الرعي يتوقف بمناطق أركان الحصينة المسماة ” أكدال” تدخل في راحة إلى أن تنضج الثمار، وتنبثق زهور أركان الموسم الموالي على شكل حبيبات، الآن ها أنتم ترون، جمال وماعز لا تعترف بأكدال ولا بالراحة، تأتي على الثمار والزهور وحتى الأغصان، ما\ا سنعل رفعتنا مظلمتنا للسلطة المحلية، ثم سكتنا”.

” قضم الجمال كل جوانب الأشجار، وأكمل الماعز ما تبقى فوق الأشجار، الطرقات تحفرت بسبب الحوافر، والمطفيات نضب ماؤها بسبب حاجة الإبل والمواشي للماء الشروب وحاجة البدو الخاصة  للماء، الغابة سالات” بالنسبة إلينا ماذا سنفعل، الأعلاف غالية الثمن والماء الشروب نادر، والطرق السالكة تحفرت”.

الكلمة للرحل

يشعر الرحل بالغبن، لديهم ما يقولونه للإعلام وللمسؤولين ولا أحد يقترب منهم:” الله يسمح لينا منهوم، الله يعمرها دار والله يرحمنا ويجيب الشتا” يقول محمد علي القادم من آسا الزاك، ثم يضيف “ما عندنا مان نديروا إن غضب البعض عنا هنا. حنا الشجر لو كان بمقدورنا لغرسناه، لم نأتي هنا لندمر الغابة، أو نحرم قاطنيها من معاشهم، الله كتب علينا نعيشوا هاكا، تبعنا حرفة الواليدين” هكذ ايتحدث محمد علي، يحس المستمع إليه وكأنه يشعر بوخز الضمير.

حياة وواقع مؤلمين يتحدث عنه ابنه المتزوج عمر، وجارهما في الترحال جامع الحسين ” عشرات من الأغنام نفقت خلال هذه الايام، الأعلاف يقتنونها من أورير بثمن غال، ليس هناك طبيب بيطري، يتنقل بينهم لمعرفة اسباب الوفيات في صفوف الأغنام. عمر تحدث بمرارة عن عرقلة مشروع دعم الرحل بالصحراء، بعدما أعدته وزارة الفلاحة، المشروع يهدف لوضع الأعلاف رهن الرحل بثمن تفضيلي يدفع نحو الاستقرار، إلى جانب تخصيص منحة مادية عن ميلاد كل جمل. اين المشروع؟ يتساءل عمر ثم يجيب عن سؤاله بقوله لقد اقبرته لوبيات سياسية، لم تعجبها نتائج الاقتراع الانتخابي.

مقاولات جوالة، ومعارك طاحنة

الرعي بالترحال، لا يتوقف عند البسطاء المعدمين، فهناك من ييسخرون للعملية شاحنات، وسيارات رباعية الدفع مستعدة لمقاومة الجبال، والمسالك الوعرة، هؤلاء يسخرون بعض العائلات من البدو الرحل لرعاية قطيع الإبل والمواشي مقابل نسبة مائوية.

وبسبب ذلك دارت معارك طاحنة بينهم وبين الساكنة، من المعارك تلك التي دارت بمنطقة أنزي التي وجدت نفسها في قلب المواجهة اليومية مع الرحل الذين حلوا بآلاف  بجبال قبيلة إداوسملال، منطقة أنزي ظلت تعاني من المشكل لمدة لكن خلال هذه السنة الماضية تفاقم المشكل وتحول إلى مواجهات دموية، فالسكان وجدوا انفسهم في قلب المواجهة بعدما غزت قطعان الإبل والماعز والأغنام شجر الأركان والمزروعات. السلطات المعنية وجهت أمرا للرحل بضرورة إخلاء المكان لكن يطرح السؤال إلى أين؟

دهب رئيس جماعة الساحل بتزنيت وتبعته أغلبيته، جميعهم استقالوا  من مسؤولياتهم بهده الجماعة التي حطت بها جحافل الرحل منتشرة بين سهول وسفوح الجماعة لتدخل مع مالكي الأرض ودوي الحقوق في تطاحنات وصراعات سالت إثرها مند مدة دماء كثيرة.

استقالة جاءت بعدما غزا الرحل بجماعة الساحل دواوير بوزرز وإكَرار وانعامر وتاملالت وسيدي بونوار ..، بعدها تفاجأت ساكنة دوار السهب بمنطقة بوزكَض بهده الجماعة  بنزول فلول قطيع من الغنم تجاوز عددها الألف رأس اكتسحت حقول مشروع  لغرس شتائل نبات الصبار أعدت في إطار برنامج شراكة مع وزارة الفلاحة, أتت الأغنام  على أربع هكتارات في ظرف ساعة ونصف، تلته مواجهات استعملت فيها المقاليع ليتراجع سكان الدوار واستنجدوا بالسلطات المحلية فحضرت بمعية فرقة من الدرك الملكي لتهدئة الوضع والتفاوض مع الرعاة للانسحاب من المنطقة.

بجماعة الساحل كما بكل تراب الإقليم وبسيدي افني كما باشتوكة أيت باها الصورة موحدة، قطعان من الأغنام والماعز والجمال تعد رؤوسها بالآلاف، قادمة من الصحراء تكتسح في دقائق معدودة آلاف الهكتارات من المزروعات ، وعند الصباح يكتشف السكان فاجعتهم بعد فوات الأوان فبعض الرحل يختارون أوقات الغفلة والنوم، بينما آخرون يكتسحون المجال عنوة وبالقوة مدججين بالمقالع التقليدية والأسلحة البيضاء، تحرسهم سيارات دات دفع رباعي. عشرات المواجهات عبر هده الاقاليم نشبت على طول هده السنة دون جدوى بعدما ترك رحل أقصى الجنوب يتناحرون مع ساكنة سوس المدافعين عن شجر صبار اتلفت جدوعه القطعان، وحبوب أركان التهمها القطعان لتنقلها إلى ثمار في ملكية الرحل بعد اجترارها بالحظائر المتنقلة.

فخلال الشهور الأخيرة قبل أن يصل الزحف شمال وشرق المملكة، توقفت 15 من سيارت الأندروفير التابعة لمالكي قطيع الإبل بجماعة بونعمان، مند البداية، تدرك أن الدخول للمرعى بشكل يوصف بالجائر ليس هينا خلال هذه الأيام، وذلك ما كان بعد حدوث المواجهة.” الرحل بغاو يرحلونا من هاذ البلاد، والسلطة كاتفرج فينا، واش السيبة ولات فهاذ لبلاد” يقول محتج من ” دوار أبحري بجماعة بونعمان بتزنيت”، ويضف آخر أن حوالي 20 من الرحل بسياراتهم حلوا بجمالهم ومواشيهم ” ليستبيحوا أراضينا المكونة من المغروسات وشجار الأركان”.

مثل باقي المناطق باشتوكة وتارداونت وتزنيت خرجت ساكنة دوار ” أبحري”  للدود عن اراضيهم، ليبدأ مسلسل الرشق بالحجارة بواسطة المقاليع ردا على دفاع السكان واستماتتهم وهم يمنعون الرحل من إطلاق العنان لقطعانهم داخل هذه الحقول.  وتتهم الساكنة الوافدين ب” إتلاف المزروعات وإفراغ الظفائر من الماء” مستنكرين ” السكوت المطبق للسلطة المحلية، لكون  قطعان الماشية والإبل والماعز تعود ملكيتها إلى أعيان بارزين”.

وزارة الفلاحة ومصالح المياه والغابات تقول إنها بصدد إعداد خطة لتحديد الأراضي الصالحة للرعي الجماعي، وإجراء تحديد دقيق لكل الأمكنة والأزمنة التي يفتح فيها موسم الرعي، وتلك التي يحظر فيها. فمشكل الرعي الجائر كما يرى عبد الله الغازي رئيس المجلس الإقليمي لتزنيت استفحل بسبب تجاوز العصر لمعطيات العرف الذي ظل ينظم عملية الرعي، والآن تعيش المؤسسة فراغا قانونيا يحل محل الأعراف.

إنجاز :مكتب الأحداث المغربية بأكادير

 إدريس النجار

إبراهيم فاضل

مشاركة