الرئيسية حوارات الرميد: أمينة افتضت بكارتها برضاها ولن أعدل الفصل 475 تحت هول الصدمة

الرميد: أمينة افتضت بكارتها برضاها ولن أعدل الفصل 475 تحت هول الصدمة

كتبه كتب في 20 مارس 2012 - 01:54

قال وزير العدل مصطفى الرميد إن ما رفضت الجمعيات النسائية سماعه هو تفريقه بين الاغتصاب والتغرير بقاصر. وأكد أنه استند في الجزم بأن أمينة لم تغتصب، وإنما جمعتها ممارسات جنسية رضائية بمصطفى الفلاق، على أقوال أمينة نفسها المدونة في محضر الشرطة القضائية على عهد وزير العدل السابق الأستاذ محمد الناصري.  وأضاف أنه لن يتخذ أي قرار يقضي بتعديل الفصل 475 من عدمه، وهو تحت هول الصدمة التي خلفها انتحار أمينة.
أثار تصريحك في شأن حالة انتحار أمينة الفيلالي، عند الإشارة إلى أن الأمر يتعلق بـ”افتضاض بكارتها بمحض ارادتها” وليس اغتصابا، غضب الحركة النسائية والحقوقية. فلماذا هذا التصريح وأنتم تعلمون أننا أمام حالة إنسانية لقاصر بدون ارادة، لا تعرف مصلحتها من عدمها؟

إن ما ورد في بلاغ وزارة العدل هو قراءة لوثائق ومعطيات القضية من الناحية القانونية، وإن تحدث البلاغ عن “افتضاض البكارة” فقد تحدث أيضا – وهذا ما رفضت بعض الجمعيات الحقوقية سماعه، عن جريمة التغرير بقاصر، وإذ أؤكد لكم أن التكييف المعطى لوقائع القضية هو تكييف يستند إلى نص القانون ومحكوم بمبدإ الشرعية الجنائية، فإنني أؤكد كذلك في نفس الوقت أنه ليس من صلاحيات وزير العدل أن يكيف وقائع معروضة على أنظار القضاء، خاصة وأن الواقعة موضوع السؤال تعود إلى تاريخ سابق واتخذت بشأنها التدابير اللازمة..

ومع ذلك، وتوضيحا للرأي العام الحقوقي، ينبغي التمييز من الناحية الجنائية بين الاغتصاب الذي هو “مواقعة رجل لامرأة بدون رضاها” وبين التغرير الذي هو نوع من الاحتيال الذي يهدف إلى استدراج الضحية القاصر دون استعمال العنف، وبالتالي فإن عنصر الإكراه له اعتبار خاص في تكييف الواقعة بأنها اغتصاب أو غيره حسب الأحوال، وهو أمر لم يثر أي خلاف في التفسير لدى محاكم المملكة منذ أن كان القانون الجنائي سنة 1962.

أما بالنسبة للمعطيات الخاصة بهذه القضية، فينبغي أن نوضح الوقائع التالية:
إن وقائع القضية من حيث توقيتها تعود إلى فترة الحكومة السابقة، ومن حيث سياقها فهي تدخل في إطار اجتماعي له حيثياته وظروفه كما أوردتها المرحومة في تصريحات في محضر الشرطة القضائية بشأن تعرفها على المغرر بها لمدة من الزمن، في إطار علاقة تطورت إلى حد ممارسات جنسية رضائية، في إطار تغرير باعتبارها قاصرا، وليس في إطار اغتصاب، وبالتالي فإن أي معالجة جنائية للمضوع ينبغي أن تأخذ بعين الاعتبار هذه المعطيات.

وتأسيسا عليه، فقد استندت في تصريحي  إلى ما ورد على لسان المرحومة أمينة أمام ضباط الشرطة القضائية بحضور والدتها بهذا الخصوص، وهي التصريحات نفسها التي اعتمد عليها السيد الوكيل العام للملك في القرار الذي اتخذه آنذاك، بعدما أكدت أمامه أنها ترغب في الزواج من المغرر بها، وهو الأمر الذي أكده أيضا أبوها من خلال الطلب الذي تقدم به أمام السيد رئيس المحكمة الابتدائية بالعرائش والرامي إلى الإذن بتزويج ابنته القاصر من “خطيبها”  السيد مصطفى الفلاق وذلك “لرغبتها الأكيدة في الزواج ولما فيه من المصلحة والعفاف والإحصان”.

وبناء على ذلك، تم رفع الأمر الى السيد قاضي الاسرة لدى المحكمة الابتدائية بالعرائش، فحضرت المرحومة أمينة أمامه بإرادتها اربع جلسات، عبرت خلالها كل مرة عن رغبتها في الزواج من “خطيبها”، وهو ما أسفر عن الإذن لها بإبرام عقد الزواج .

لكن، نحن اجرينا حوارا مع والدها حسن الفيلالي الذي أكد لنا أن ابنته تعرضت للتهديد حتى بعد اغتصابها من طرف مغتصبها، الذي كان يطالبها بالتعبير عن رغبتها في الزواج منه رغبة منه في الإفلات من العقوبة الحبسية، وهذا معناه أن تصريحات امينة التي بنيتم عليها للقول بأن الأمر لا يتعلق باغتصاب، هي تصريحات أدلت بها أمينة تحت إكراه التهديد.

(يقاطع) أعرف أنها قاصر، وأن سنها لا يخوله لها أهلية اتخاذ القرار بشأن أمرها أو بشأن جسدها، لهذا أؤكد على أن الأمر يتعلق بتغرير وليس باغتصاب.
لكن، كما سبق القول إن التعبير عن الرغبة في الزواج لم يقتصر على الضحية القاصر خلال مختلف أطوار القضية فحسب، بل حتى لو تمسكت بطلبها منفردة لما أخذ بعين الاعتبار بالنظر إلى سنها، وإنما قدم طلب الإذن بزواجها من طرف والدها باعتباره ولي أمرها، وطبعا لا وجود لواقعة التهديد إلا في تصريحات الأب التي تطلعونني عليها الآن.

ثم إنني أعتقد أن واقعة الانتحار كما يمكن أن تكون لها علاقة بالزواج، يمكن أن تكون لها علاقة بالنتائج الاجتماعية التي خلفتها واقعة افتضاض البكارة خارج نطاق الزواج الشرعي، مما جعل الضحية مرفوضة في نظر محيطها بدءا من اسرتها التي سعت إلى تزويجها واسرة زوجها، فلم تعامل نتيجة ذلك معاملة الزوجة، كما لم تجد في زوجها الرعاية اللازمة.

هل موقفكم هذا يعني أنكم متشبثون بالفصل 475؟

أعتقد أنه لا يتعين اختزال موقف وزير العدل والحريات في التمسك أو عدم التمسك بمقتضيات الفصل 475 من القانون الجنائي، خاصة إذا ما ارتبط برد فعل اتجاه واقعة لم يثبت يقينا أنها نتجت عن سوء تطبيق مقتضياته من جهة، ومن جهة أخرى يصعب علي أن أقوم برد فعل تكون نتيجته تغيير مقتضيات جنائية تحت صدمة انتحار أمينة، وإن كان الأمر من الناحية الشرعية بالنسبة إلي محسوم.

سيدتي، إن إلغاء مقتضيات الفصل المذكور لا ينبغي أن ينظر إليها من زاوية مأساة انتحار الضحية أمينة فقط، ولكن أيضا من زوايا متعددة، أمثل لها بحالات الاغتصاب، وحالات التغرير بقاصرات، وحالات الفساد التي قد ينتج عنها حمل، وتختار الضحية أن تتزوج بمرتكب الجريمة حينما تخير بين الزج به في السجن أو الزواج منه، (طبعا بعد الاستبراء من الناحية الشرعية).

لأجل ذلك يمكن أن أقول إن اتخاذ قرار حاسم في هذا الأمر أمر صعب للغاية، خاصة أمام غياب دراسات اجتماعية وقانونية دقيقة حول الموضوع، ولعلمكم فإننا لا نتوفر على معطيات دقيقة حول حجم الظاهرة وآثارها المختلفة، كما لا نستطيع الوقوف عند نسبة نجاح أو فشل الزيجات التي قدر لها أن تعقد في مثل هذه الظروف. أعرف أن حالات الزواج قد تشجع الافلات من العقاب، لكن في نفس الوقت لا أستطيع أن أجزم، ونحن في مجتمع محافظ، إن كان علينا أن نغلق باب الزواج الذي تلجأ اليه بعض الأسر التي ترغب في صون عرض بناتها.

ولهذا ليس أمامي الآن حلا مثاليا، لكنني حريص على أن لا أتخذ أي قرار الآن، وأنا تحت هول الصدمة، وحريص كذلك على التعامل مع الموضوع بما يستحقه من عناية تعود بالخير على أسرنا وتحمي فلذات أكبادنا من كل سوء.

وكيفما كان الحال، فإن مسودة القانون الجنائي في مجمله ستعرض على البرلمان، والكثير من النصوص في حاجة إلى نقاش، وهي فرصة سانحة للتأمل في مقتضيات الفصل المذكور على ضوء هذه الواقعة وامثالها، علما أن القول الفصل في الموضوع سيبقى لممثلي الأمة بصلاحياتهم التشريعية التي نحترمها وسيحترمها طبعا القضاة في تطبيق تام لمبدإ استقلال السلطة التشريعية عن السلطة القضائية.

مريم مكريم/ فبراير.كوم

 

مشاركة