الرئيسية اراء ومواقف أهمية الشراكة التربوية في تدبير الحياة المدرسية

أهمية الشراكة التربوية في تدبير الحياة المدرسية

كتبه كتب في 1 أبريل 2014 - 11:46

                                 محسن الندوي – باحث في الشأن التربوي

(مداخلة في ملتقى تربوي نظمه المركز الجهوي للتوثيق والتنشيط والإنتاج التربوي

بالأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين لجهة طنجة –تطوان)

تقديم:

تولي الحكومات والمجتمعات المعاصرة أهمية كبرى لمشاركة المؤسسات والمنظمات المجتمعية المختلفة في عملية النمو والتطور في مجالات الحياة المختلفة ومنها المجال التربوي.

وقد اقترن ظهور نظام الشراكة، بالعديد من التحولات التي شهدها عالمنا المعاصر في جميع الميادين وانبثقت عنها بعض المفاهيم مثل: المساهمة، الاندماج، التكتل، التكامل،احترام الخصوصيات، انفتاح المؤسسات على محيطها… تلك المفاهيم التي تشكلت وتبلورت لينبثق عنها توجه جديد في العديد من المجالات الاقتصادية و الاجتماعية.

والمؤسسة التعليمية كمؤسسة تربوية، لها من الفاعلية والأهمية ما يجعل الحكومات والمجتمعات المحلية تركن إليها كاستثمار بشري وتنمية وطنية مستقبلية واعدة ولعل ذلك ما ذهب إليه  ديفز Davies (2000) عندما أشار إلى أن ” العلاقة القائمة بين المدارس والأسر والمؤسسات والهيئات المجتمعية على اختلاف أشكالها تشكّل مجموعة من مجالات التأثير المتداخلة، وهي تمثل الوحدات الاجتماعية الأساسية الأكثر فاعلية “. وهذا بدوره ينعكس على إصلاح التعليم وجودته، حيث أن هناك العديد من التجارب التي أثبتت نجاح المشاركة المجتمعية في الإصلاح المدرسي، وذلك من خلال المشاركة الفاعلة وإتاحة الفرص الحقيقية لأفراد المجتمع ومؤسساته من أسر، ومجالس آباء، ومدرسين، وأفراد، وقيادات مجتمع، للمساهمة والمشاركة في المهام والتخطيط المدرسي.

  وتعد الشراكة التربوية من أهم مستجدات التربية الحديثة التي تبناها النظام التربوي المغربي ضمن عشرية الميثاق الوطني للتربية والتكوين، ومن أهم دعائم انفتاح المؤسسة التعليمية على محيطها السوسيو-اقتصادي، و انفتاحها  على التجارب التربوية الأخرى قصد الرفع من مستوى التلاميذ ودعم قدراتهم التحصيلية وتقوية جانب التواصل والتفاعل الثقافي لديهم ، وخلق فضاء تربوي تنشيطي أساسه الحياة المدرسية السعيدة  التي تساهم فيه كل الأطراف الفاعلة من داخل المؤسسة أو من خارجها. إذاً، ماهي الشراكة التربوية؟ وماهو سياقها التاريخي والتربوي في الغرب والمغرب؟ وماهي العوامل التي أفرزت مفهوم الشراكة؟ وماهي مواصفات هذه الشراكة التربوية وأنواعها؟ وماهي السلبيات التي تعيق نجاح وتطور هذه الشراكة التربوية؟ وما هي أهمية الشراكة التربوية في الحياة المدرسية؟

 وعليه، سنحاول بداية أن نشير بعجالة إلى مفهوم الحياة المدرسية وأنشطتها وآليات تفعيلها، قبل أن نتطرق إلى الشراكة التربوية لمحاولة اللإجابة عن التساؤلات المطروحة.

 المبحث الاول – مفهوم الحياة المدرسية:

تعتبر الحياة المدرسية كصورة مصغرة للحياة الاجتماعية، بأنها الحياة التي يعيشها المتعلمون في جميع الأوقات والأماكن المدرسية ( أوقات الدرس والاستراحة والإطعام…، الفصول والساحة والملاعب الرياضية، ومواقع الزيارات والخرجات التربوية…) قصد تربيتهم عبر جميع الأنشطة المبرمجة، التي تراعي الجوانب المعرفية والوجدانية والحس حركية من شخصياتهم، مع ضمان المشاركة الفعلية والفعالة لكافة الفرقاء المعنيين ( متعلمون، مدرسون، إدارة تربوية، أطر الإشراف والتوجيه التربوي، شركاء المؤسسة، من جمعية آباء وأولياء التلاميذ، وجمعيات دعم مدرسة النجاح، والجمعيات التربوية، والجماعات المحلية، والمقاولات، وجمعيات المجتمع المدني…)

أنشطة الحياة المدرسية:  

1ـ الأنشطة الصفية التي تتم داخل الفصل.

2ـ الأنشطة المندمجة: ـ أنشطة التفتح  ومنها أنشطة التربية الصحية، والبيئية، والتربية على التنمية المستدامة، الأنشطة الثقافية والفنية والإعلامية، الأنشطة الرياضية المدرسية، أنشطة التربية على حقــــــوق الإنسان والمواطنة…)

                         ـ أنشطة الدعم ( أنشطة الدعم الاجتماعي، أنشطة الدعـــــم  التربوي والنفسي، أنشطة التوجيه التربوي…)وقات الأ

آليات تفعيل أنشطة الحياة المدرسية:

1ـ المشروع الفردي للمتعلم.

2ـ مشروع القسم.

3ـ مشروع النادي التربوي.

4ـ المشروع الرياضي للمؤسسة.

5ـ مشروع المؤسسة.

المبحث الثاني- مفهوم الشراكة التربوية :

المطلب الاول – تعريف الشراكة التربوية ونشأتها وعوامل ظهورها:

الفرع الاول – تعريف الشراكة التربوية :

            الشراكة في اللغة تعني التعاون والتشارك والتفاعل التواصلي وتآزر الشركاء من اثنين أو أكثر. وقد تحيل الشراكة على الشركة والمقاولة والاتحاد والرابطة العضوية التي ينشئها مساهمون مشتركون. وفي الاصطلاح التربوي فالشراكة عبارة عن تعاون مشترك بين أطراف تربوية وأطراف أخرى سواء أكانوا من داخل المؤسسة التعليمية أومن خارجها أم من جهات أجنبية تجمعهم مشاريع تربوية مشتركة،الغاية منها تحقيق التواصل اللغوي والثقافي والحضاري بين المتشاركين أو التشارك من أجل إيجاد الحلول المناسبة لمجموعة من الوضعيات والعوائق والمشاكل التي تواجهها هذه الأطراف المتعاقدة.

. ويعرفها كل من سيروتنيك ودلاد  بأنها:” اتفاق تعاون متبادل بين شركاء متكافئين ومتساوين، لتحقيق أغراضهم الخاصة، وفي نفس الوقت ،تقديم حلول للمشاكل المشتركة”. ويرى الباحث محمد الدريج أن الشراكة تفترض:” بين المؤسسات إحصاء وملاحظة المشاكل المشتركة وتشخيص أهمية النشاط المشترك وتحديد مهام محددة في الزمان وتوزيع المسؤولية وتخطيط مجالات التدخل بالنسبة لكل طرف وكذا أساليب ضبط الإنجازات وتقويم النتائج حسب المعايير المتفق عليها والمقبولة من كل الأطراف”.

وتذهب وزارة التربية الوطنية في مذكرتها رقم 27 بتاريخ 24 فبراير1995 إلى أن الشراكة :” عموما تقتضي التعاون بين الأطراف المعنية وممارسة أنشطة مشتركة وتبادل المساعدات، والانفتاح على الآخر مع احترام خصوصياته. أما في الميدان التربوي، فإن الشراكة التي تندرج ضمن دينامية مشاريع المؤسسات تتطلب مجموع الفاعلين التربويين من مفتشين وإدارة تربوية وأساتذة ، وتلاميذ وآباء، وغيرهم…”.

       ففي المجال التربوي فإن مختلف التعريفات لمصطلح الشراكة وكلها حديثة نسبيا، تحدد الشروط الدنيا التي تميز الشراكة عن غيرها من أشكال التعاون. تلك الشروط التي تلتقي كلها عند فكرة انفتاح المؤسسة التعليمية على المجتمع ؛ بحيث يهيأ المجال لتقديم خدمات من طرف متدخلين من خارج المؤسسة وتقديم المساعدات من الممولين وإقامة علاقات تبادل واتصال في إطار شبكات وبنيات مرنة . كما يسمح للمؤسسة التعليمية بالتفاوض وإبرام اتفاقيات بينها وبين أطراف أخرى معترف بها ولها سلطة القرار .

وبصفة عامة عندما تطبق الشراكة في المجال التربوي ، فإنها تكون في الغالب بين مؤسستين أو أكثر، وتندرج في إطار مشاريع تطوير المؤسسات وتحديثها ، وتجنيد جميع الفاعلين ( الطلاب ، المدرسين، المهنيين ، الإدارة…) لتطوير العمل التربوي و تحديثه.
و يقتضي نظام الشراكة أن تحترم كل مؤسسة المؤسسات الأخرى المتعاونة، فيما يتعلق مثلا، بالتشريعات و اللوائح التنظيمية و باستعمالات الزمن والمقررات الدراسية وخبرة المدرسين و الهياكل التربوية الموجودة…(L.P.Jouvenet 1993).
كما تقتضي أن تقدم كل مؤسسة دعما للمؤسسات الأخرى ، كأن تضع رهن إشارتها مختلف الإمكانيات المادية والبشرية المتوفرة…
وأن تنفتح كل مؤسسة على الأخرى في اتجاه الانفتاح على المحيط الاقتصادي و الاجتماعي

 

الفرع الثاني – نشأة الشراكة التربوية وتطورها:

برزت الإرهاصات الأولى لمفهوم الشراكة في نهاية مرحلة الستينات من القرن الماضي، وكان ذلك تحت مسميات: التشارك؛ التعاون… وهي مفاهيم تندرج كلها في مفهوم أوسع ألا وهو المشاركة بكل مظاهرها .

وقد استعمل هذا المصطلح لأول مرة في اليابان في الثمانينيات في مجال المقاولات قبل أن ينتقل إلى بعض الدول الأمريكية ومنها إلى أوربا.

 هذا، وقد أصبحنا نتحدث عن عدة شراكات: شراكة اقتصادية وشراكة اجتماعية وشراكة تجارية وشراكة سياسية وشراكة تربوية وشراكة عسكرية وشراكة نقابية وشراكات: ثقافية وفنية ورياضية…

أما في مجال العلاقات الدولية فإن أصل استعمال كلمة شراكة تم لأول مرة من طرف مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية في نهاية الثمانينات من القرن الماضي.

  كما استعمل مفهوم الشراكة على نطاق واسع في  السنوات الأخيرة من طرف بعض المؤسسات الدولية، حيث ما فتئ تقرير اليونسكو المعنون” التعليم ذلك الكنز المكنون” يؤكد على هذا المفهوم. وإذا كان من شيء ثابت يمكن رصده في استعمال هذا المفهوم هو بدون شك ذلك “البعد الانفتاحي على المحيط”. وتؤكد زاي Danielle Zay أن بروز مفهوم الشراكة يندرج في إطار التحولات التي عرفتها أدوار كل من المؤسسة التعليمية ومختلف الفعاليات المتواجدة في محيطها. وبالتالي، هي دعوة للفاعلين التربويين والاجتماعيين والمهنيين للعب أدوار طلائعية وحيوية في وظائف المرافق العمومية للنظام التربوي .

أما بالنسبة لمجال التربية والتعليم، فمنذ أواسط الثمانينات، بدأت الشراكة تبرز وتتسع لتشمل قطاعات من مجال التربية والتعليم والذي لم يكن قد عرف هذا النظام، مثل التعليم العمومي بالإعداديات والثانويات في بعض الدول الأمريكية (ككندا والولايات المتحدة الأمريكية على وجه الخصوص) قبل أن ينتقل إلى العديد من الدول الأوروبية مثل إسبانيا وفرنسا.

الفرع الثالث – عوامل ظهور الشراكة في المجال التربوي:
يذهب الباحث التربوي الدكتور محمد الدريج بأن العديد من العوامل تظافرت وراء ظهور الشراكة التربوية على الصعيد العالمي، وهي في مجملها نفس العوامل التي شجعت بشكل عام، ظهور ما يعرف بمشروع المؤسسة كأداة للتطوير والتجديد التربوي في الأنظمة التعليمية. فارتبطت الشراكة التربوية فيها، بالعديد من التحولات السياسية والاجتماعية التي عايشتها في العقدين الأخيرين.

وتقدم دنيال زاي Danielle Zay ( 1994) تحليلا للتطور الموازي الذي حدث في المجتمعات الغربية، تستخلص فيه أهم السمات التي تفسر ظهور وتطور نظام الشراكة.
من هذه السمات على سبيل المثال، سياسة الإصلاح والتجديد التربوي في أمريكا و التي أوجدت الرغبة في التشارك داخل النظام المدرسي، بين هذا النظام وبين المؤسسات الاجتماعية الأخرى.

ومن السمات البارزة كذلك، تحول المجتمعات الخاضعة للصناعة إلى مجتمعات تابعة للإعلام والاتصال والخدمات وتعاظم الوعي فيها، بأهمية “التبعية المتبادلة” بين مختلف القطاعات. وتظافر ذلك مع عوامل نظرية وعملية شجعت على خلق أنشطة للتعاون بين المؤسسات لحل المشاكل المشتركة، من مثل مشكلة الفشل المدرسي والانقطاع المبكر عن الدراسة وما يخلفه من آثار سيئة على الأفراد والجماعات.
كما نشطت الشراكة في المجال التربوي بفعل ظهور “التوجه إلى المحلي” وبالأهمية المتعاظمة للأقاليم و المناطق والجهات الاقتصادية والمدن والتجمعات السكنية في الأحياء. الأمر الذي أتاح إمكانيات واسعة للمبادرة والاستقلال في اتخاذ القرار على كافة الأصعدة، بما فيها المؤسسات المدرسية والتي أصبحت في مستوى التفاوض و إبرام الاتفاقيات والدخول في علاقات تعاونية مع محيطها .

وفي المغرب لم يطرح مفهوم الشراكة التربوية إلا في بداية التسعينيات من القرن العشرين إثر مجموعة من الندوات واللقاءات والتظاهرات،لتقوم،بعد ذلك،وزارة التربية الوطنية بصياغة مفهومها عن الشراكة التربوية وترجمته من خلال مذكرتين وزاريتين أساسيتين:

أ‌ –  مذكرة وزارية رقم 73 بتاريخ 12 أبريل 1994 وهي خاصة بمشروع المؤسسة.

ب‌ – مذكرة وزارية رقم 27 بتاريخ 24 فبراير 1995 وهي التي تناولت مفهوم الشراكة التربوية.

فالمذكرة  27 التي تتحدث عن الشراكة ترى أن مشروع المؤسسة هو جوهر هذا المفهوم ومجاله المحوري الذي لاينبغي أن تخرج عنه أية شراكة مهما كانت صياغتها،ومن هنا يتضح التداخل الموجود بين مفهوم مشروع المؤسسة ومفهوم الشراكة التربوية.

كما جاء في المذكرة 27:” عبرت بعض المؤسسات عن رغبتها في ربط علاقة شراكة تربوية مع مؤسسات تابعة للقطاع الخاص أو شبه العمومي أو مع الجماعات المحلية، أو مع مؤسسات تابعة للمصالح الثقافية الأجنبية.

وقبل ذلك أبان جاك شيراك الرئيس الفرنسي الاسبق في خطابه أثناء زيارته للمغرب عن استعداد فرنسا في الدخول في شراكة بيداغوجية مع المغرب لتعزيز المكاسب اللغوية عن طريق تبادل الزيارات وتفعيل التواصل الثقافي واللغوي في إطار التصور الفرانكفوني :” شراكة بيداغوجية حقيقية بين المؤسسات التعليمية المغربية ومثيلاتها التابعة للبعثة الثقافية الفرنسية. والعمل على تطوير، في الوقت ذاته، قنوات دولية في نظام التعليم بالمغرب”.

وعليه، فإن المذكرة الوزارية التي تتحدث عن الشراكة ترى أن مشروع المؤسسة هو جوهر هذا المفهوم ومجاله المحوري الذي لا ينبغي أن تخرج عنه أية شراكة مهما كانت صيغتها. ومن ثم، يتداخل مفهوم  مشروع المؤسسة مع مشروع الشراكة.

المطلب الثاني – أنماط الشراكة التربوية وشركاء المؤسسة التعليمية:

الفرع الاول – القواعد الأساسية للشراكة التربوية:

إذا كانت الشراكة التربوية من أهم المبادئ التي بني عليها”الميثاق الوطني للتربية والتكوين”، وتشكل في نفس الوقت تحديا وانشغالا لجميع الفرقاء لما لها من أهمية في تنظيم الحياة المدرسية، فإننا نعتقد أن الشراكة الناجحة تتطلب مجموعة من القواعد الأساسية والمواثيق الأخلاقية التي يجب أن تحكم كل تعاون وتشارك بين الهيئات والإطارات ذات الطبيعة التربوية والاجتماعية والاقتصادية. ويمكن حصر هذه القواعد في ما يلي:

• إن تحقيق الأهداف التربوية يجب أن يكون حاضرا في مختلف مشاريع وبرامج الشراكة وينبغي أن يحرر وبشكل صريح في ديباجة اتفاقية الشراكة وفي الاهداف المتوخاة منها؛

• أثناء الانفتاح على المحيط، لايجوز إعطاء الأولوية لطرف على حساب الآخر، فتنوع الشركاء وتعددهم يجعل الجهود تتكامل والطاقات تتساند؛
• يجب دعم التجارب الانفتاحية الناجحة، والبحث عن أخرى من خلال بناء علاقات مع شركاء خارجيين وتنظيم لقاءات للتفكير والتشاور والنقاش المفتوح حول هذه المسألة داخل المؤسسة التعليمية؛

• تحديد المعايير المؤسسية من أجل تأطير أحسن لعمليات الانفتاح والوقوف على الإيجابيات والسلبيات، وتصويب العملية التشاركية للبحث عن حلول لبعض المشاكل التربوية والاجتماعية، خاصة المشاكل المتعلقة بالتعثر والدعم الدراسيين بكل أشكالهما؛

الفرع الثاني – أنماط الشراكة التربوية  :

أنواع الشراكة التربوية:

       هناك ثلاث أنواع من الشراكات التي يمكن أن تعقدها مِؤسسة تعليمية مع مؤسسة تعليمية أخرى أو مع أطراف فاعلة أخرى،وهي على الشكل التالي:

أ شراكة داخلية: وهي شراكة يساهم فيها الفاعلون الداخليون الذين ينتمون إلى المؤسسة التعليمية كالتلاميذ والأساتذة والإدارة التربوية وجمعيات الآباء عن طريق اقتراح مشاريع تربوية واجتماعية وبيئية وثقافية وفنية ورياضية والتي تهم المؤسسة أو مؤسستين فأكثر كمشروع دعم التلاميذ معرفيا ومنهجيا والتكوين الإعلامي لفائدة الأساتذة والتلاميذ ورجال لإدارة،وتدريس اللغات الأجنبية…

ب شراكة المؤسسة مع محيطها الخارجي: وهنا نستحضر انفتاح المؤسسة على محيطها السوسيو – اقتصادي من خلال خلق شراكات مع الجماعات المحلية والجمعيات التنموية الفاعلة في المنطقة والقطاع الخاص ومراكز التكوين والمعاهد والجامعات ….

ج شراكة خارجية : تعقد المؤسسات التعليمية شركات تربوية مع مؤسسات أو أطراف عربية أو أجنبية قصد تبادل الزيارات والخبرات والتجارب في إطار التفاعل الثقافي والحضاري.

الفرع الثالث – سلبيات الشراكة التربوية في النظام التربوي المغربي:

       ما يلاحظ على مشروع الشراكة التربوية في المغرب أنها ما تزال ضعيفة على مستوى المؤسسات التعليمية،كما أن أغلب هذه الشراكات من نوع الشراكات الداخلية ولا تتعداها إلى شراكات خارجية مع مؤسسات أجنبية لأسباب إدارية وتنظيمية ومالية وقانونية، وأهم مشكل يقف وراء فشل أغلب الشراكات التربوية هو البطء الإداري والبيروقراطية وانعدام الإمكانيات المادية والمالية والبشرية والتقنية وكذا انعدام المتابعة الادارية لأجرأة هذه الشراكات التربوية بعد المصادقة عليها ودعمها بالوسائل اللازمة لتحقيق أهدافها …

 فمشروع الشراكة التربوية لايمكن أن يحقق ثماره المرجوة ونجاحه المرغوب إلا بترجمة مضامين المذكرات الوزارية والقرارات الصادرة في هذا الشأن إلى أعمال وسلوكات ميدانية وعملية في الواقع والممارسة،

الفرع الثالث – الشراكة التربوية رافعة أساسية لتنمية المؤسسات التعليمية – نماذج وطنية وعربية وأجنبية  ناجحة للشراكة التربوية :

 لقد ارتأيت أن أدرج في هذه المداخلة مضامين وتوصيات هامة لندوة وطنية تربوية نظمها المجلس الأعلى للتعليم يومي 20-21 أكتوبر 2008 حول موضوع “الشراكة المؤسساتية من أجل المدرسة المغربية” وذلك بتعاون مع وزارة التربية الوطنية والتعليم العالي وتكوين الأطر والبحث العلمي ووزارة التشغيل والتكوين المهني والاتحاد العام لمقاولات المغرب والمديرية العامة للجماعات المحلية.

حيث خلصت الجلسة العامة الأولى لهذه الندوة، إلى أهم الخلاصات التي للأسف لازالت لم تتحقق رغم أهميتها ومنها:

1. ان انخراط عالم الأعمال والمقاولات حيوي في التفاعل الإيجابي بين المدرسة والفاعلين الاقتصاديين لتنمية قدرات وعطاءات الطرفين ؛

2.  الملاءمة السريعة للنصوص القانونية ذات الصلة بالمجال للاستجابة الناجعة للمتطلبات الجديدة للمحيط؛

5. إحداث مجلس استشاري لدى الوزارة وقطاع التعليم العالي كفضاء للتفكير في الارتقاء بالشراكة على قاعدة انتظارات الأطراف؛

6. الرفع من تمثيلية الفاعلين الاقتصاديين والمهنيين في مجالس التدبير والمجالس الإدارية للأكاديميات ومجالس الجامعات وداخل اللجنة الوطنية للتعليم العالي؛

 7. إنشاء بنك للمعلومات حول التداريب المتاحة على مستوى المقاولة، وقاعدة معطيات تحدد الحاجة إلى هذه التداريب من طرف التلاميذ والطلبة؛

وقد خلصت العروض المقدمة في هذه الندوة الوطنية الهامة الى ذكر تجارب دولية ببلدان (الأردن، الولايات المتحدة الأمريكية، كندا، كولومبيا) إلى تسطير عدد من القضايا نجملها في ما يلي:

1. بالنسبة للتجربة الأردنية، فللشراكة التربوية دور هام في تحسين نوعية التعليم وتطوير السياسة التعليمية والتخطيط الاستراتيجي ونظام المتابعة والتقويم وذلك بالتركيز على الشراكات القائمة ما بين المدرسة والأسرة والمجتمع المحلي والمحيط الخارجي، مع عرض مبادرة المدارس الاستكشافية التي أفرزت نتائج إيجابية وملموسة في ما يخص تأهيل البنيات التحتية وتنمية القدرات المهنية وتطوير صناعات التكنولوجيات الرقمية واعتماد المناهج المحوسبة، مع التأكيد على أهمية التقويم المنتظم للنتائج لآثار الشراكات على مختلف الجوانب التربوية والمادية.

 2.  بالنسبة للتجربة الأمريكية،  فالشراكة تعتبر مقوما أساسيا للمنظومة التربوية إذ تقوم على علاقة عضوية بالتمويل الذي تتكفل الولايات والجماعات بالقسط الأوفر منه، مع اعتماد قاعدة الربح المتبادل بحيث أن الشراكة التربوية في التجربة الامريكية منظمة وفق الحاجة ونوعية التدخل في إطار تكاملي ومثال على ذلك، فإن المؤسسات التعليمية الامريكية تدعمها الولاية والجماعة، وتتكفل مؤسسات اقتصادية واجتماعية ومالية بدعم أبناء الأسر المعوزة من أجل الرفع من مستوى تعلم أبنائها، وإرساء تكنولوجيا الإعلام والتواصل ومدى دورها في بناء مدارس المستقبل، وإحداث مدارس ابتدائية للامتياز يديرها باحثون جامعيون.

 3. وفيما يتعلق بالتجربة الكندية، فقد تم التركيز على تبادل الخبرة ما بين المدرسة ومختلف الهيئات والمؤسسات والمقاولات والاستثمار المشترك للموارد المالية والمادية والبشرية مع إرساء مشاريع مجددة ومشاريع البحث ونقل المعارف والتأكيد على إسهام المجتمع المدني على أساس التطوع، ماديا وبشريا ومعرفيا، على أن تكون الإسهامات غير متعارضة مع أهداف المدرسة وضوابط المجتمع الكندي.

 4.  أما عن التجربة الكولومبية، فقد تم التركيز على تجربة المدرسة الجديدة في الارتقاء بجودة التعليم الأساسي على مستوى التدبير والبيداغوجيا، وعلى تجارب الشراكة بين القطاعين العمومي والخاص من مقاولات وشركات ومؤسسات خدماتية (النقل، الصناعة الغذائي..) وقد برزت من هذه التجربة أهمية عقد شراكات حول أهداف محددة توخيا لنتائج ملموسة، وأهمية تمتين علاقات بين الدولة والمدارس الحكومية، من جهة، وبين الدولة ومؤسسات التعليم الخاصة في إطار شراكات تلزم القطاع الخاص بالمشاركة في تسيير المدارس الحكومية، وفي تخطيط السياسات التربوية، وكذا أهمية دور المقاولات التي تساهم بنسبة كبيرة من رواتب مستخدميها في تمويل التربية والتكوين، باعتبارها المستفيد الأساسي من نتاج المدرسة.

خلاصة:

– تعد الشراكة التربوية شرط أساسي للنهوض بالمؤسسات التعليمية، باعتبار أنها شأن يهم المجتمع برمته؛

 – ضرورة الأخذ بعين الاعتبار أن الشراكة ليست مسألة دعم مالي فقط، وإنما يجب دعم الجوانب التكوينية والبيداغوجية والمعرفية في إطار الجهود لإعداد مواطنين مؤهلين علميا ومعرفيا وإنسانيا؛

–  الوعي بكون الشراكة بين المدرسة ومحيطها هي شراكة ذات فائدة متبادلة، وأن للمدرسة والجامعة دور الشريك الناجع في التنمية المجتمعية.

– إعداد استراتيجية حكومية واضحة تحدد أدوار الشركاء حسب اختلاف نوعيتهم ومجالات تدخلهم؛

– إحداث مكاتب خاصة  للشراكة والتعاون بجميع الاكاديميات الجهوية للتربية والتكوين.

– إدراج الشراكة المؤسساتية بين الجماعات المحلية والمدرسة المغربية ضمن مكونات الميثاق الجماعي لتيسير انخراط الجماعات المحلية فعليا في دعم إصلاح المنظومة التربوية؛

– تأهيل الجمعيات والفاعلين التربويين لتعزيز قيامهم بأدوراهم في ميدان الشراكة على نحو فعال؛

– إحداث شبكة للجمعيات المتدخلة في ميدان التربية لتبادل الخبرات وتحديث تدخلاتها وترشيد الموارد، ضمن منظور جديد للشراكة القائمة على القرب؛

– جعل الشراكة إطارا تفاعليا يتيح إشراك جميع الفاعلين المعنيين بموضوعها، ولاسيما التلاميذ والطلبة بوصفهم شركاء يتعين أخذ دورهم في الاعتبار.

– وضع نظام قار وناجع لتتبع وتقويم سير ونتائج الشراكات، وتمكين مختلف مستويات التدبير من استثمار هذه النتائج؛

– وضع إحصاء شامل بقاعدة بيانات تخص مختلف الشركاء وتصنيفهم حسب  مجالات تخصصهم أو تدخلهم أو خبرتهم.

–  وضع سياسة للشراكة التربوية وصيَّغها ضمن استراتيجية وطنية متكاملة، وكذا استراتيجيات جهوية تكون منسجمة معها؛

–  اعتماد شراكات جديدة حول برامج للتكوين المستمر أثناء العمل لفائدة المدرسين والمكونين،

– فتح أبواب المقاولات أمام المدرسين والمكونين من أجل متابعة تداريب داخلها خلال العطل، بشكل يشجعهم على امتلاك كفايات وقدرات تأطير التلاميذ والمتدربين، وحفزهم على روح المقاولة؛

– تبسيط مساطر عقد الشراكات إقليميا وجهويا ووطنيا لتحقيق النجاعة والفاعلية وثقافة القرب؛

– الاهتمام بإدماج ذوي الحاجات الخاصة أثناء عقد الشراكات؛

– الدعوة إلى عقد شراكات ذات قيمة مضافة عالية مع مراكز البحث العالمية، على أساس مبدأ الفائدة المتبادلة، بما يخول تعبئة قدرات بلدنا في مجال البحث العلمي، وتقوية الأثر الإيجابي لهذه الشراكات على مؤسساتنا التعليمية.

المراجع :

–        د.بلقيس غالب الشرعي، دور المشاركة المجتمعية في الإصلاح المدرسي ،دراسة مقدمة لمؤتمر الإصلاح المدرسي تحديات وطموحات، كلية التربية – جامعة الإمارات العربية المتحدة،قسم الأصول والإدارة التربوية – كلية التربية،جامعة السلطان قابوس،17-19 ابريل 2007

–        جميل حمداوي استاذ جامعي، الشراكة التربــــويـــة في نظامنا التعليمي المغربي

–        عبد العزيز سنهجي مفتش في التوجيه التربوي/أستاد بمركز التوجيه والتخطيط التربوي مركز التوجيه والتخطيط التربوي – الرباط.
وزارة التربية الوطنية …. ومنتديات الأصلاح تحت شعار – الشراكة دعامة اساسية للتربيةوالتكوين

–        مشاريع الارتقاء بالتدريس وأنشطة الحياة المدرسية لتحسين التعلمات عن الوحدة المركزية لنكوين الاطر نونبر2012 ص 49

مشاركة