الرئيسية مجتمع الدجاج العصري : المعاناة المخفية

الدجاج العصري : المعاناة المخفية

كتبه كتب في 29 مارس 2014 - 11:24

القناة الفرنسية أرتي وجامعة بريسطول تكشفان حقائق صادمة عن ظروف الإنتاج الصناعي للطيور في أوروبا في السنوات الأخيرة، تحتجز ملايين  الطيور من أجل الانتاج الصناعي في مستودعات عملاقة بدون نوافذ للتهوية بطريقة تشوه المشاهد الطبيعية الكبرى. مناظر هذه الكائنات الهجينة والمرباة بطريقة نفعية تستهدف تضخيم الكتلة والعضلات، تظهر إلى منحدر سحيق انساقت صناعة تربية الطيور، في العالم .

الدجاجة مثلا أنثى طير تحتضن بعناية بالغة صغارها، وتحتويهم تحت جناحها خلال الشهرين الأولين بعد الوضع . الأنواع التي تختار من أجل الانتاج الصناعي المحول وراثيا تعد للبيع الاستهلاكي في ظرف لا يتجاوز 6 إلى 7 أسابيع بعد فقص البيضة. هنا يجب أيضا أن نتذكر أن الحياة الطبيعية للطيور في صحة جيدة تمتد إلى ست سنوات كاملة .

في البحث الذي أشرف عليه البروفيسور جون ويبستر من جامعة بريسطول البريطانية والذي استعادته القناة الفرنسية أرتي في تحقيق متلفز صادم وخطير، وصف دقيق للوضعية المقلقة و المأساوية التي تنتج فيها الطيور صناعيا. البحث المثير، يضج بالمعلومات الخطيرة عن هذا الانتاج، وهذا المقال مقتطف منه ويهتم بنوع واحد فقط : دجاج المائدة .

الدجاج العصري غول معدل جينيا قابل للتعرض لكل الأمراض الفيزيائية والنفسية المترتبة عن :

– انتقائية صارمة بهدف إنتاج طيور بكتل لحمية مهمة

– تغذية مخدرة تستهدف الزيادة في الوزن بمتواليات هندسية

– وسط صناعي يفتقد لمقومات الحياة الضرورية كالتهوية والنور الطبيعي وانتشار الأوساخ وضيق يحد من حرية التنقل والتحرك

حياة قصيرة وعنيفة

وضع جون ويبستر ترتيبا في هذا البحث لأهم النقط السلبية التي تلطخ وجه هذه الصناعة الغذائية. أول هذه النقط يتعلق بالحياة القصيرة والعنيفة لعشرات الآلاف من هذا النوع من الطيور. فحوالي 90 بالمائة من الدجاج المعد للاستهلاك في الأسواق تمضي أيام حياتها القصيرة فيما يشبه المستودعات العملاقة الخالية من أية نوافذ تدخل النور الطبيعي أو الهواء النقي، وبدون توجيه من الدجاجة الأم كما هو الحال في التربية الطبيعية. وهو ما يجبر الكتاكيت على تدبر أمرها منذ أول يوم بعد الوضع. بعض هؤلاء الصغار مثلا، لا يستطيعون الوصول إلى مكان الأعلاف أو الشرب. باقتراب فترة التربية، يصاب بعض الدجاج باعاقات قد تمنعهم من التنقل. هذه الطيور تنفق في موضعها من الجوع أو العطش .

كتاكيت عملاقة

الانتقاء الصناعي الذي يقدم عليه منتجو هذه الصناعة الغذائية، لترجمة رغبتهم في تخريج أفواج كبيرة من الطيور «التي تبدو سمينة وفي صحة جيدة» ، يتم بربط الملحقات العلفية بالمواد المسرعة للنمو في تغذية هذه الطيور من أجل إخراج منتوج كامل، بحجم مضاعف بمرتين تقريبا عن حجمها الطبيعي في تلك الفترة من حياتها الطبيعية، وأكثر من أربع مرات عن حجمها الطبيعي في فترة ما قبل التربية الصناعية، ودخول الصناعة الكيميائية والدوائية لهذا القطاع . والنتيجة  : أرباح مالية طائلة لمنتجي هذه الوحدات الصناعية، ومعاناة قاسية لهذه الطيور مع أمراض وتشوهات بالجملة.

شروط إنتاج مختلة

جمع بقايا الطيور الميتة يكاد يكون عمل يومي داخل هذه المستودعات . وهذه طريقة الجمع على لسان أحد مستخدمي هذه الشركات :«الجمع يجب أن يكون يومي بسبب ارتفاع درجة الحرارة وبسبب تراكم جثث الدجاجات النافقة . في بعض الأحيان وحين نلتقط الدجاج الميت يمكن أن يكون قد تحلل أو تحول إلى مجموعة عظام وسوائل متعفنة».

عندما تكدس الطيور بالمئات أو الآلاف في هذه العديد من هذه المستودعات يصبح من الصعب بل ومن غير الممكن أحيانا التـأكد من سلامتها الصحية. العديد من الطيور النافقة أو المريضة، تغفل أو تتحلل تحت التراكمات العلفية أو غيرها. موجات الحرارة تتسبب في الكثير من حالات النفوق

أمراض جديدة وقديمة

العديد من الطيور تموت في أيامها أو أسابيعها الأولى تحت تأثير الأمراض، أو الأزمات القلبية أو أعراض الكبد أو الكلى المنتفخة بالدهون. اليوم الأمراض الفيروسية تقتل الطيور بكثافة مثل مرض كامبورو الذي يدمر الجهاز المناعي والذي يشبه بفيروس السيدا لدى الانسان. هذه النوعية الجديدة من الامراض تقضي على حوالي عشر المنتوج في هذا النوع الصناعي عالميا كل سنة . الاسيتيس مرحلة إنتاجية أخرى في تفريخ الطيور الضخمة من حيث العضلات أو الكتل اللحمية لكن مع فتور أو اختلالات في وظائف الأعضاء. هذا المرض الذي يكشف عليه من خلال أعراض تراكم سوائل صفراء في جسم الطير أو بقع دم متكتلة يرتبط ب «خصاص قوي في الاوكسجين يعود إلى النمو غير الطبيعي للطيور العصرية مع ضيق أو صعوبة في جريان الدم بالرئتين» . ( من كتاب أمراض الطيور لاف. تي. و. جوردان 1990 ) .

نهاية مأساوية

عمليات الجمع، والنقل و ذبح الطيور تعرضها للكثير من المعاناة . في عمليات الجمع عظام الكتاكيت النافقة التي تكون هشة للغاية تتكسر والمفاصيل التي تكون غالبا تعاني من تشوهات عميقة تتحلل. طريقة الجمع غالبا ما تتم بسرعة على يد المستخدمين الذين يطلب منهم الأداء بسرعة أيضا، وهو ما يؤدي إلى تكديس غير ممنهج أو مدروس قبل أن تحمل في شاحنات إلى وجهات بعيدة . الملايين من الطيور تتأذى من حروق مؤلمة في أطرافها وقروح لا تقل ألاما في الأرجل. النسبة المرتفعة للامونياك في الهواء يمكن أن تتسبب في بعض الانتفاخات. كل هذا في فترة مبكرة جدا من حياتها في المستودعات.

في غالب الأحيان تعلق أطراف أو أجنحة الطيور في طريق نقلها إلى المذبح. القطع أو الأطراف  التي تعرض للاستهلاك في الأكلات اليومية والحفلات قد تعود لطيور مريضة أو مصابة قضت فترة حياتها في ظروف معاناة كبيرة داخل مستودع رهيب

حالات الذبح فيها الكثير من الحيثيات التي تستوجت الوقوف عندها. الكثير من الطيور تدفع للتقطيع داخل المذابح المتخصصة بالرغم من كونها لم تتعرض لعملية ذبح كاملة. بعد يدخل إلى غرفة الترييش أو التقطيع وهي ماتزال حية أو نصف ميتة.

الدجاج المنتج

الملايين من الطيور المنتجة، دجاجات أو ديوك، تحشد بالملايين في هذه المستودعات بطريقة فيه الكثير من المعاناة. هذه الأجناس المخصصة للتبييض و التفقيس، حيث تتعرض الدجاجات لتشوهات في الريش أو الجلد جراء التزواج المكثف. الديوك تعاني آلاما مستمرة بعد أن يقوم المصنعون بازالة مناقيرها في أفق الحد من عدوانيتها.

هذه الأجناس تطبق عليها أنظمة انتقائية في التغذية جد صارمة. الدجاج ينتقى لكي يتحول إلى كتلة لحمية عظيمة لإنه يصبح بذلك مربحا على أن لا تتجاوز مدته الافتراضية في الحياة 6 إلى 7 أسابيع. التنظيم الصارم للأكل يستهدف الحفاظ على القدرة الانجابية لهذه الطيور المبيضة وبالتالي فإنه يحـظر عليها الأكل بوفرة مخافة تعطل هذه القدرة . ولهذا الغرض تقدم نسبة إطعام محدودة جدا لهذه الأجناس لدرجة أنها تقدم على نقر المواد المعدنية لحاملات الاعلاف أو افتراس البقايا المكدسة أو شرب كميات إضافية من المياه لسداد الاحساس بالجوع الذي ينتابها طيلة الوقت.

هذا الاسراف في الشرب يجعل هذه الطيور تفرز سوائل كثيرة ما يحول المستودعات إلى فضاءات ذات رطوبة. هذا النظام الغذائي يفرض خلال الستة أشهر الأولى من حياة هذه الطيور وحسب العديد من اللوائح القانونية فإن هذا الإجراء الغذائي ممنوع ويجب أن يتوقف في كل وحدة إنتاجية تعتمد عليه لرفع وتيرة الانتاج . وبالرغم من تجاوزها لهذا السن، فإن نظام الجوع يظل مفروضا على هذه الكائنات للحفاظ على قوتها في التزواج إلى أبعد حد. يلاحظ أيضا أن هذه الطيور تحرك رأسها بطريقة متواصلة وهو ما قد يعود إلى الضغط الممارس عليها من طرف هذا النظام الغذائي ومن طرف تزاوح مفروض ومكثف تجبر عليه .

مشاركة