الرئيسية مجتمع شك في خيانة زوجته له.. فقتلها ووارى جثتها في غرفة…

شك في خيانة زوجته له.. فقتلها ووارى جثتها في غرفة…

كتبه كتب في 30 يناير 2014 - 11:39

كانت صدمة الجيران كبيرة، وهم يتابعون أطوار وصول التعزيزات الأمنية من مختلف المصالح، تفد على المنزل السفلي لبيت يتكون من طابقين أحدهما سفلي، وآخر علوي فوق سطح، بأحد الأحياء الشعبية الهامشية بالدارالبيضاء. حلت الشرطة العلمية، ومعها عناصر الشرطة القضائية، وكذلك عناصر فرقة الصقور. طوقوا المنزل من كل جانب، فتعذر على مستعملي الزقاق القريب منه مواصلة استعماله، قرب أحد الأحياء الشعبية بالدارالبيضاء.
وقف أكبر أطفال الأسرة مشدوها، لا يدرك ما أحل بأسرته. هو الذي كان يعيش نشوة أيام الصيف الأخيرة، قبل معاودة الحنين إلى فصول الدراسة. كان المشهد مؤلما، ليقف من تحلقوا من السكان لمتابعة أطوار ما وقع، فزعين غير مصدقين ما حصل. كانت الجريمة قد نفذت قبل أيام مضت على اكتشافها، لكن تفاصيلها لم تنكشف إلا في بداية الأسبوع الموالي لوقوعها، بعد أن شاءت الأقدار أن ينكشف سرها، لأن المثل الدارجي يقول “الروح عزيزة عند الله”.
جلست والدة الجاني/ المقعدة التي لا تقدر على الكلام، تبكي وهي تسند رأسها على فخذ إحدى قريبات الأسرة، في غرفة من شقة جمعتهم إلى جانب جثة ظلت مدفونة حوالي ثلاثة أيام، هي المدة التي فصلت بين وقوع الجريمة، وانكشاف أحداثها، دون أن تدري بما كان يجري حولها…
تفاصيل مروعة..
ـ “واش نتوما ما عرفتو والو”..
ـ “أنا كنت في البحر..”…
سؤال طرحه أحد الجيران على الابن البكر للضحية، ليعرف كيف “تعايش” أفراد الأسرة مع جثة قتيلة في شقة واحدة دون أن يعلموا أن بيت الأسرة كان مسرحا لجريمة قتل، ذهبت ضحيتها أم، ولم يكن الجاني غريبا، بل هو رب الأسرة الذي يتخذ من عمل موسمي حرفة له تعينه على تدبر مصروف أسرته اليومي.
جمعتهما عشرة زوجية، كان ثمرتها ثلاثة أبناء، ذكر هو البكر كان يبلغ من العمر ساعة إرتكاب الجريمة، حوالي 14 سنة، وبنتان كانت إحداهن تقترب من سن العاشرة والثانية عمرها حوالي 3 أو 4 سنوات. كانت إحدى خالات الأبناء أول من اتصل بها الابن البكر للضحية..
“خالتي جي عندها بسرعة”، لم تفهم لماذا تمت هذه المكالمة في وقت مبكر.. كان فقط يسعى لاستعجالها للحضور على وجه السرعة إلى المنزل، بعد أن زارت عناصر من الشرطة بيتهم صباحا، وبرفقتهم والده الذي حضر مقيدا اليدين.
لم يكن الابن البكر يعرف سبب الزيارة، لكن ما تناهى إلى مسامعه من حديث دار بين والده، وعناصر الأمن، أدرك من خلاله أن أباه كان السبب في اختفاء أمه منذ مدة ذات شهور صيفية.
تفاصيل هذه الجريمة البشعة التي ارتكبها رب الأسرة، التي كان السكان يصفونها بأنها كانت «تعيش على الكفاف»، هو أحد الأشخاص الذي لم يكن يتوفر على عمل قار، وقد انطلقت من شقة بالطابق السفلي بأحد المنازل المنتمية لأحد الأحياء الشعبية الذي آوت سكان أحد الأحياء الصفيحية في إطار عملية إعادة إسكان خلال ثمانينيات القرن الماضي.
لكن اكتشاف أمرها جاء بعد إخبارية تقدم بها أحد الجيران إلى أمن الدائرة التي يخضع منزل أسرة الضحية عن اختفاء الضحية، وشكه في جريمة قتل قد يكون الزوج ارتكبها في حق زوجته، بعد أن سمع أخ المتهم يردد أن أخاه قد يكون قتلت زوجته التي اختفت عن الأنظار.
تحركت عناصر «الدائرة الأمنية» في صباح ذلك اليوم، بقيادة العميد نائب رئيس الدائرة، وبعض الضباط وعناصر أمنية أخرى، إلى المكان الذي يشتغل به المتهم في أحد الشوارع البيضاوية، بجوار محطة للحافلات. عند سؤال المتهم عن زوجته، ادعى أنه تركها بالبيت تعد وجبة الفطور. رافق الأمنيون المتهم إلى الشقة التي يقطن بها، حيث وجدوا الأبناء نائمين، وعند سؤالهم عن والدتهم صرحوا أنهم لم يروها منذ أيام. عندها تمت محاصرة الزوج بالأسئلة، ليعترف بما اقترفه في حق زوجته، مدعيا أنها كانت تخونه مع أحد الأشخاص.
في زاوية من إحدى الغرف حفر حفرة، بعد أن ادعى لأهل البيت من إخوانه وحتى أبنائه أن يقوم بإصلاح قنوات الصرف الصحي التي أصابها عطب. هو الذي اغتنم فرصة خروج أبنائه من البيت حيث غادر ابن البكر صوب الشاطئ، في الوقت الذي أوفد فيه ابنتيه الصغيرتين صوب أحد بيوت العائلة، ليقوم في أول يوم من العطلة الأسبوعية، بخنق زوجته، وتكفينها.
حفر القبر في جانب قريب من أحد جدران الغرفة، بفأس استأجره من محل لبيع مواد العقاقير قريب من المنزل، دفن زوجته، وعاد لمزاولة حياته العادية وكأن شيئا لم يقع. وبعد التحقيق ومداهمة المتهم بالأسئلة دل المتهم الشرطة على المكان الذي دفن به زوجته، دون مداراة ولا إنكار، وبإبلاغ عناصر الضابطة القضائية تم نقل المتهم إلى مقر الأمن الاقليمي لمباشرة عملية التحقيق في جريمة القتل والأسباب، بعد أن تمكنت عناصر الدائرة من فك الخيوط الأولى لدفن زوجة في غرفة شقة طالما جمعت بين الزوجين، وأثمرت علاقتهما ثلاثة أبناء في عمر الزهور، ظلوا عرضة للضياع بوفاة الأم، ودخول الأب في غياهب المجهول بعد اعتقاله بتهمة ثقيلة: هي القتل العمد مع سبق الإصرار…!
الشك في الزوجة سبب الجريمة
عاش “الزوج البسيط إلى جانب زوجته سنوات عديدة، لكن سنوات اقترانهما لم تكن دائما سعادة وودا. رزقا بالأبناء الذين أنعشوا بهجة البيت فرحا وشغبا، لكن المشاكل التي كانت تطفو على سطح علاقة الزوجين سرعان ما كانت تعكر الأجواء، وتسم أيامهما بالمشاحنات. لكن النقطة التي أفاضت كأس العلاقة بين الزوج وزوجته، هي أحاسيس الشك التي كانت تنتابه إزاء سلوك زوجته، التي تغيرت معاملتها له.
لم يخف الكثير من السكان ممن تابعوا أطوار اكتشاف الجثة، الأنباء التي لاكتها الألسنة مع افتضاح أمر الجريمة. لأنهم دعموا ما كان ينتاب الزوج من شكوك. فلم يمهل الزوج زوجته اثر خلاف معتاد، قرر بعده وضع حد لما وصفه بمعاناته المستمرة مع زوجة أصر على وصفها بـ «الخائنة».
كان الزوج رفقة الضحية يتجاذبان أطراف الحديث عندما طفا على السطح المشكل الذي طالما أرقه، تجاذب معها الحديث، واثر شعوره بالإهانة عمد إلى الضغط على عنقها بكلتا يديه، محاولا كتم أنفاسها. لم يطلق الزوج زوجته، التي كان يشك في ارتباطها بعلاقة غير شرعية مع أحد الأشخاص الذي كان يذكره بلقبه أمامها، فتصر هي على الإنكار، إلا وهي جثة.
خارت قوى الزوجة، وسقطت مغشيا عليها لتلفظ أنفاسها الأخيرة. لم يكن الزوج ينوي إزهاق روح زوجته، ولكنه تورط في الجريمة، فلم يجد فكاكا للتخلص من الجثة. فكر كثيرا، وفي الأخير عمد إلى حفر قبر وسط الغرفة التي كانت تأوي الزوجين وأبناءهما. حفر حفرة بعد أن انتزع رليج الغرفة، ونبش الأرض رغم سمك خرسانة قاعدتها، وعندما هيأ القبر، وضع فيه جثمان الزوجة، ليعاود ممارسة أجواء حياته العادية وكأن شيئا لم يقع.
ظاهرة تستحق التحليل
تؤكد إحدى الأستاذات الجمعيات التي قامت بدراسة هذه العينة من الأحداث البشعة، أن مثل هذه الجرائم الأسرية «تعتبر قضايا بشعة تستحق التحليل لمعرفة ما الذي طرأ على الإنسان، خاصة أن تطورها لا يمكن أن يجعل المهتمين من الباحثين في معزل عن الخوض فيها». وتتساءل: «هل هو عدم الرضا ؟ أم أن فيروسا انتشر في الحياة الاجتماعية ؟.. هل أصبح القتل هو الحل عندما يغضب الزوج من الزوجة ؟ أم هل فقدت الزوجات في البيوت اللغة الودودة في الحوار وتخطي الأزمات.. ؟، هل فقد الرجل التواصل مع الأبناء عندما تحل به ضائقة مالية اجتماعية وأولاده في مرحلة يستطيعون تفهم الموقف والاستغناء عن الرفاهية.. ؟ إنها حقا مشكلة تستوقفنا بشيء من المرارة والحزن».
المخدرات والمشاكل من الأسباب
البعض يشير إلى أن المخدرات عامل في ارتكاب مثل هذه الجرائم المفزعة التي طرأت على المجتمع، حيث إن للمخدرات دور هام في تغييب العقل الواعي، الذي يشمل صوت العقل والضمير، فيصبح الإنسان أشبه بالقطار المندفع المعطل الفرامل يتجه بطاقة شديدة وعنف إلى حيث لا يدرى، حيث تفقده المخدرات عقله الذي ميزه عن سائر المخلوقات، فالمخدرات لها تأثير عنيف وعلاقاتها بالجريمة شديدة وأكيدة. إنها تجعل الشخص كالطفل الصغير الذي يبحث دائماً عن المتعة فقط مهما دفع فيها من أثمان باهظة وتجعله يتجنب ولا يستطيع تحمل المسئولية نهائيا. ويوضح أحد أساتذة الطب النفسي أنه لا يمكن توقع أعراض سابقة لارتكاب مثل هذه الجرائم، ولكن إذا كان الشخص يتمتع بالاستقرار النفسي والرضا والقناعة وعدم الاندفاعية، ولا يتسم بسهولة الاستثارة ويتمتع بالعديد من القدرات على التكيف مع الظروف المحيطة المتغيرة، يكون الشخص بعيدا تمام البعد عن هذه الجرائم..
رشيد قبول

مشاركة