بداية تجريم زراعة “ساحرة الملايين” بالمغرب
بعد إستقلال المغرب ستحدث مناوشات بين قبائل الريف والقصر كانت في غالبها مكائد ضد الريفيين، وذلك ما أوضحه مستشار الملك الراحل عبد الهادي بوطالب، مؤكدا أن أشخاص كانوا يحاولون تأليب الملك ضد الريفيين، الامر الذي سيجعل المخزن يقود تصفية دموية لمواطني الريف سنة 58 ـ59 وعلى إثر ذلك سيتم منع زراعة الكيف التي تعتبر الدخل الوحيد لسكان مناطق كتامة وجبالة، لكون هذه المناطق لا يمكن أن تزرع غير هذه النبتة، التي ورثوها عن أجدادهم الذين وقع لهم الجنرال فرانكو خلال عهد الحماية وثيقة تضمن لهم زراعة النبتة.
وتلتها وثيقة لخليفة السلطان بشمال المملكة مولاي الحسن بن المهدي سنة 1934، تسمح أيضا بزراعة الكيف من قبل سكان هذه المناطق دون الحصول على تراخيص كما كان الحال بالنسبة لباقي المناطق، وهو الامر الذي سيؤكده السلطان محمد الخامس الذي منح كتامة الحق الحصري لزراعة النبتة، لكن الظهير الشريف الصادر في 21 مايو سنة 1974 والذي يتحدث عن تجريم زراعة وترويج وتعاطي المخدرات سيفتح باب جديد لمحاربة النبتة التي كانت قد بدأت تطوف العالم خصوصا مع بدء ظهور موضة الهيبيز التي كانت تنادي بإباحة إستعمال المخدرات، الامر الذي تمخض عنه زيارة العديد من مشاهير العالم إلى منطقة كتامة للوصول إلى منبع النبتة الساحرة.
وفي سنة 1977 ستقوم الدولة بإنشاء اللجنة الوطنية للوقاية من المخدرات، وهي اللجنة التي جاءت بسبب الضغوط الدولية على المغرب، لكن هذه اللجنة ما فتئت أن تبخرت ولم تقم بأي عمل يذكر في محاربة المخدرات والادمان عليها، في الوقت الذي بقي الفصل الثامن من ظهير 1974 غير مطبق منذ الاعلان عنه، حيث يعاقب هذا الفصل الاشخاص الذين يتعاطون المخدرات بعقوبة حبسية تتراوح بين شهرين وسنة سجنا، إلا في حالة إعلان رغبة المدمنين المعتقلين التداوي، حيث يقوم وكيل الملك طبقا للفصل بتسليمهم لمصحة خاصة بعلاج الادمان، وقد جاءت صعوبة تنفيذ هذا البند القانوني بسبب عدم وجود مصحات لعلاج الادمان آنذاك والتي بدأت الدولة في إحداثها فقط خلال العقد الاخير.
حملة تطهيرية.. بضغط أوروبي
منذ بداية تسعينيات القرن الماضي ستعرف نبتة الكيف الانتشار الاوسع لزراعتها بالمغرب، وذلك بسبب الطلب الكبير عليها من قبل المروجين في مختلف أنحاء العالم، الامر الذي جعل مرصد للمخدرات بباريس يصدر تقريرا يتهم فيه المغرب بإغراق أوروبا بالمخدرات لتتدخل اللجنة الوطنية للوقاية من المخدرات وتدافع عن المغرب.
وبعث الملك الحسن الثاني سنة 1992 رسالة إلى رئيس المجلس الاوروبي جاء فيها التالي : ” لقد تحدد منذ عدة سنوات، موقف المغرب من هذا المشكل، بما لا يدع مجالا لأي التباس، إننا نعلم أن بعض ما يصل إلى أوربا من مخدرات، يأتيها من المغرب،غير أن هذا النوع من المخدرات ليست شديدة المفعول، بدليل أن بعض الدول الأوربية، تسمح باستهلاكه، ومن جهة أخرى، نعتبر كذلك أن كل مجهود في مجال محاربة المخدرات،لابد له أن يكون موضوع تعاون وثيق بين جميع البلدان المعنية”، وقد كانت إشارة الحسن الثاني لدول أوروبا التي تسمح بإستهلاك المخدرات إلى دولة هولاندا.
بعد الرسالة وفي سنة 1996 ستقود الدولة حملة على المخدرات سميت آنذاك ب”الحملة التطهيرية” وهي التي أسقطت العديد من الرؤوس بالشمال وبعموم المغرب على حد السواء، حيث كان غرض السلطات المغربية من الحملة إيقاف مد وإنتشار المخدرات، لكن ورغم إعتقال بارونات مخدرات ومسؤولين وسياسيين، في حين ظلت نبتة القنب الهندي تزرع رغم محاولات السلطات بإحراق المحاصيل.
ولازالت المخدرات المغربية تغزو الاسواق الاوروبية تؤكد وزارة الداخلية المغربية أن نسبة الاراضي المزروعة بالقنب الهندي بالمغرب تراجعت بنسبة 60 بالمائة عن سنة 2003، حيث أشار وزير الداخلية السابق أمحند العنصر أن المساحة المزروعة تراجعت من 134 ألف هكتار سنة 2003 إلى 56 ألف هكتار سنة 2012.