الرئيسية سوس بلوس TV كيفاش بدات زراعة الكيف في المغرب؟ وظهير شريف لضبط زراعتها

كيفاش بدات زراعة الكيف في المغرب؟ وظهير شريف لضبط زراعتها

كتبه كتب في 9 ديسمبر 2013 - 10:43

قبل سنوات أطلق الحقوقي شكيب الخياري رئيس جمعية الريف لحقوق الانسان، دعوة لتقنين إستعمال الكيف، لكن قبل ذلك تم تقنين زراعته بموجب ظهير ملكي سنة 1919 أي خلال عهد الحماية، حيث كان القرار بضغط من سلطات الحماية لتقنين القنب الهندي، وذلك حتى تنشغل قبائل الريف بزراعة “الكيف” وتكون تحت سلطة الدولة بموجب القانون الذي يحاصر زارعي النبتة ويجعلهم تحت رحمة السلطة.

 لا توجد أي دراسة تعطي بالتدقيق متى ظهرت نبتة “القنب الهندي” بالمغرب لكن المؤرخ الفرنسي أوغوست موليراس يؤكد أنه حين دخل الاستعمار الفرنسي والاسباني للمغرب كانت النبتة موجودة بالفعل، بل حتى الدراسات التي أعدها الاستعماريين قبل دخولهم اشارت إلى أن مجموعة من القبائل المغربية موزعة بعموم المملكة تزرع النبتة، لكن قوة القبائل الريفية جعلت النبتة تبقى فيما تم إجتثاتها من باقي المناطق المغربية.

وقد أكد المؤرخون أن نبتة الكيف كانت تزرع بالمغرب نهاية القرن التاسع عشر (1890)، الامر الذي يوضح أن القنب الهندي كان موجودا قبل عقود طويلة من خروج ظهير 1919 الذي حاول تنظيم زراعة الكيف وتسليمها للسلطات، والسؤال هو لماذا تم إصدار الظهير؟
ظهير يخدم السلطات الاستعمارية في مواجهة القبائل 
ينص ظهير 1919 “أنظر الوثيقة” على أن زراعة الكيف لا يمكن أن تتم في المغرب إلا بإعلام السلطات بذلك، حيث يفرض الظهير على الفلاحين إبلاغ السلطات بالكمية التي يرغبون في زراعتها، في حين أن أي فلاح سيتعرض لعقوبات مالية في حالة زراعته للقنب بدون ترخيص.
هذا وقد فرض الظهير تسليم غلة القنب الهندي كلها إلى الحكومة، وفي حالة إكتشف المراقبون نقصان الكمية المسلمة عن المزروعة فإن الامر يعتبر مخالفة وبناء على ذلك سيتم تحديد عقوبة مالية في حق الفلاح الذي لم يسلم الكمية كاملة ل”صاكة التبغ”.
هذا بالاضافة إلى العديد من القوانين التي تكبل المزارعين وتجعلهم تحت رحمة السلطات، وهنا كانت السلطات الاستعمارية هي من يستفيد من الظهير، حيث أكد موليراس أن الاستعمار لاحظ بأن قبائل الريف هي الاكثر ضراوة ومواجهة للاستعمار “الكافر” لذلك سمح بإنتشار النبتة إنتهي كلام المؤرخ، وهو الامر الذي ظهر جليا في مفخرة الحروب الريفية التي قادها المجاهد والتي يسميها الاسبان ب”كارثة واد الذئب”، وهي معركة قادها الريفيون ضد الاسبان في 1909 لمنع التوسع الاستعماري بالمنطقة، حيث بلغ قتلى الاسبان خلال ثلاثة سنوات من مقاومة الشريف أمزيان ما يزيد عن عشرة ألاف جندي من بينهم جنرالات وكولونيلات في معارك دامية، وتكرر الأمر مع الريسوني في قبائل جبالة، ثم مع محمد بن عبد الكريم الخطابي في جبال الريف لتخسر إسبانيا عشرات الالاف من جنودها.
ولكل هذا كان على الاستعمار الفرنسي والاسباني أن يجعل الفلاح الامازيغي تحت سيطرته سيما أن المجاهدين كانوا كلهم في الاصل فلاحين، حيث أعلن عن ظهير 1919 بعد مقتل الشريف محمد أمزيان وخلال أوج الدفاع الريفي بقيادة محمد بن عبد الكريم الخطابي، وهو الامر الذي جعل المستعمر على صلة بالفلاحين ليعرف أحوال المقاومة وما تعد له، وذلك بسبب تقنين زراعة الكيف.
القضاء على المقاومين بقيادة الخطابي وعودة الكيف بقوة 
كان الخطابي يعي جيدا لماذا تم تقنين زراعة الكيف لذلك كان يمنع زراعتها أو الاتصال بشكل مباشر مع السلطات الاستعمارية، لكن مع تنامي ظاهرة الخونة وضعف المقاومة بسبب النقص الغذائي وإستعمال الاستعماريين للاسلحة الكيماوية المحرمة دوليا، إنهارت مقاومة الخطابي الذي سلم نفسه حقنا لدماء الابرياء من النساء والاطفال والشيوخ.

الامر الذي جعل النبتة تعود مرة أخرى بقوة بعدما كان زرعها آخذا في التضاءل، حيث ومنذ سنة 1926 ستعرف النبتة طريقها إلى معظم أراضي الشمال في حين كانت النبتة تزرع بقوة في منطقة الغرب والحوز إلى غاية سنة 1954 حين أعلنت فرنسا عن منع زراعة القنب الهندي وذلك سنتين قبل خروج المستعمر الفرنسي، بينما بقيت النبتة في منطقة الريف والشمال، وذلك بسبب أن هذه الاراضي الوعرة التضاريس لا يمكنها إحتمال أي زراعة أخرى غير القنب الهندي.

تاريخ. كيفاش بدات زراعة الكيف في المغرب؟ التاريخ الرسمي والاستعماري للنبتة التي غزت العالم وجعلت شبابه يحلقون في (ظهير شريف لضبط زراعتها )
بداية تجريم زراعة “ساحرة الملايين” بالمغرب
بعد إستقلال المغرب ستحدث مناوشات بين قبائل الريف والقصر كانت في غالبها مكائد ضد الريفيين، وذلك ما أوضحه مستشار الملك الراحل عبد الهادي بوطالب، مؤكدا أن أشخاص كانوا يحاولون تأليب الملك ضد الريفيين، الامر الذي سيجعل المخزن يقود تصفية دموية لمواطني الريف سنة 58 ـ59 وعلى إثر ذلك سيتم منع زراعة الكيف التي تعتبر الدخل الوحيد لسكان مناطق كتامة وجبالة، لكون هذه المناطق لا يمكن أن تزرع غير هذه النبتة، التي ورثوها عن أجدادهم الذين وقع لهم الجنرال فرانكو خلال عهد الحماية وثيقة تضمن لهم زراعة النبتة.
وتلتها وثيقة لخليفة السلطان بشمال المملكة مولاي الحسن بن المهدي سنة 1934، تسمح أيضا بزراعة الكيف من قبل سكان هذه المناطق دون الحصول على تراخيص كما كان الحال بالنسبة لباقي المناطق، وهو الامر الذي سيؤكده السلطان محمد الخامس الذي منح كتامة الحق الحصري لزراعة النبتة، لكن الظهير الشريف الصادر في 21 مايو سنة 1974 والذي يتحدث عن تجريم زراعة وترويج وتعاطي المخدرات سيفتح باب جديد لمحاربة النبتة التي كانت قد بدأت تطوف العالم خصوصا مع بدء ظهور موضة الهيبيز التي كانت تنادي بإباحة إستعمال المخدرات، الامر الذي تمخض عنه زيارة العديد من مشاهير العالم إلى منطقة كتامة للوصول إلى منبع النبتة الساحرة.
وفي سنة 1977 ستقوم الدولة بإنشاء اللجنة الوطنية للوقاية من المخدرات، وهي اللجنة التي جاءت بسبب الضغوط الدولية على المغرب، لكن هذه اللجنة ما فتئت أن تبخرت ولم تقم بأي عمل يذكر في محاربة المخدرات والادمان عليها، في الوقت الذي بقي الفصل الثامن من ظهير 1974 غير مطبق منذ الاعلان عنه، حيث يعاقب هذا الفصل الاشخاص الذين يتعاطون المخدرات بعقوبة حبسية تتراوح بين شهرين وسنة سجنا، إلا في حالة إعلان رغبة المدمنين المعتقلين التداوي، حيث يقوم وكيل الملك طبقا للفصل بتسليمهم لمصحة خاصة بعلاج الادمان، وقد جاءت صعوبة تنفيذ هذا البند القانوني بسبب عدم وجود مصحات لعلاج الادمان آنذاك والتي بدأت الدولة في إحداثها فقط خلال العقد الاخير.

حملة تطهيرية.. بضغط أوروبي

منذ بداية تسعينيات القرن الماضي ستعرف نبتة الكيف الانتشار الاوسع لزراعتها بالمغرب، وذلك بسبب الطلب الكبير عليها من قبل المروجين في مختلف أنحاء العالم، الامر الذي جعل مرصد للمخدرات بباريس يصدر تقريرا يتهم فيه المغرب بإغراق أوروبا بالمخدرات لتتدخل اللجنة الوطنية للوقاية من المخدرات وتدافع عن المغرب.
وبعث الملك الحسن الثاني سنة 1992 رسالة إلى رئيس المجلس الاوروبي جاء فيها التالي : ” لقد تحدد منذ عدة سنوات، موقف المغرب من هذا المشكل، بما لا يدع مجالا لأي التباس، إننا نعلم أن بعض ما يصل إلى أوربا من مخدرات، يأتيها من المغرب،غير أن هذا النوع من المخدرات ليست شديدة المفعول، بدليل أن بعض الدول الأوربية، تسمح باستهلاكه، ومن جهة أخرى، نعتبر كذلك أن كل مجهود في مجال محاربة المخدرات،لابد له أن يكون موضوع تعاون وثيق بين جميع البلدان المعنية”، وقد كانت إشارة الحسن الثاني لدول أوروبا التي تسمح بإستهلاك المخدرات إلى دولة هولاندا.
بعد الرسالة وفي سنة 1996 ستقود الدولة حملة على المخدرات سميت آنذاك ب”الحملة التطهيرية” وهي التي أسقطت العديد من الرؤوس بالشمال وبعموم المغرب على حد السواء، حيث كان غرض السلطات المغربية من الحملة إيقاف مد وإنتشار المخدرات، لكن ورغم إعتقال بارونات مخدرات ومسؤولين وسياسيين، في حين ظلت نبتة القنب الهندي تزرع رغم محاولات السلطات بإحراق المحاصيل.
ولازالت المخدرات المغربية تغزو الاسواق الاوروبية تؤكد وزارة الداخلية المغربية أن نسبة الاراضي المزروعة بالقنب الهندي بالمغرب تراجعت بنسبة 60 بالمائة عن سنة 2003، حيث أشار وزير الداخلية السابق أمحند العنصر أن المساحة المزروعة تراجعت من 134 ألف هكتار سنة 2003 إلى 56 ألف هكتار سنة 2012.
گود: يونس أفطيط

 

مشاركة