الرئيسية وطنيات رجل النكتة “سعيد الجماني” الذي وضع يده في يد الحسن الثاني وقال لا للجنرال فرانكو

رجل النكتة “سعيد الجماني” الذي وضع يده في يد الحسن الثاني وقال لا للجنرال فرانكو

كتبه كتب في 7 ديسمبر 2013 - 15:37

منذ بداية سبعينيات القرن الماضي أخذت قضية الصحراء تجثم بكل ثقلها على كاهل الراحل الحسن الثاني، وكان قد دخل فيما يشبه لعبة الشطرنج مع الجنرال فرانكو حاكم إسبانيا حول كسب رهان الأراضي الصحراوية الرازحة وقتذاك تحت نير الاحتلال الإسباني، ذلك أن الحسن الثاني، الملك الذي تمنع ضد “خبطات” الدهر، بعد خروجه من حرب شرسة مع الجزائر، وانسلاله كـ “الشعرة من العجين” إثر تعرضه لانقلابين فاشلين سنتي 1971 و1972، وجد نفسه أمام مأزق الصحراء وخصم من نوع آخر إسمه “فرانكو”، فكان عليه – حسب أحد المتتبعين لملف الصحراء – أن يوظف بعض الأوراق الرابحة لكسب المعركة، أو استقطاب ما يمكن تسميتهم بـ “مفاتح الصحراء”، إلى محيطه الضيق، لشل حركات جيوش فرانكو بالصحراء، ولعل خطري ولد سعيد الجماني كان إحدى أهم تلك الأوراق والمفاتيح التي مهدت للملك الراحل استرجاع الأقاليم الجنوبية إلى حظيرة الوطن.

يجزم كثيرون بأن علاقة الملك الحسن الثاني بخطري ولد سعيد الجماني كانت وليدة لمتطلبات المرحلة (سنة 1975)، بيد أن آخرين، وهم مقربون إلى الرجل الصحراوي، فندوا كل تلك الأقاويل، بتأكيدهم أن العلاقة بين الرجلين ابتدأت منذ عهد الراحل محمد الخامس، أو بالأحرى خلال نهاية الخمسينيات، ذلك أن الملك الحسن الثاني دشن أول لقاء مع الرجل عندما كان وليا للعهد سنة 1958، أثناء قيامه بزيارة لمدينة طرفاية، وكان صلة الوصل بينهما عامل المدينة آنذاك علي بوعيدة، كما قام بنفس الدور خلال مرحلة أخرى رجل آخر (الداي ولد سيدي بابا) وذلك – حسب الصحافي محمد باهي – لربط الصحراء بالبلاد، وإعمال القلائل وإحداث مناورات ضد الإسبان في المناطق المحتلة، خاصة وأن خطري كان محسوبا على إسبانيا لتقلده مهام سياسية آنذاك. بالإضافة إلى ذلك كانت مهام عامل طرفاية “علي بوعيدة” محددة في تبليغ ولاء خطري ولد سعيد الجماني للحسن الثاني. وأشار باهي إلى أن الاتصالات بين الرجلين ابتدأت منذ سنة 1956 إلى حدود سنة 1975، هذه الاتصالات، حسب تفسير البعض، كانت قد تعمقت خلال المراحل الأخيرة، قصد إعمال خطة بين الملك وخطري لتوجيه ضربة قوية للإدارة الإسبانية في الصحراء، وقد اتضح ذلك بشكل جلي، تقول مصادر إسبانية، خلال اللقاء الذي جمع الجنرال فرانكو بخطري ولد سعيد الجماني مرفوقا بشيوخ القبائل الصحراوية في قصر “البرادو” بمدريد، بحضور كبار المسؤولين الإسبان آنذاك، كان ذلك ثمانية أشهر قبل انطلاق المسيرة الخضراء، حيث كان الجنرال فرانسيكو فرانكو الذي كان يعيش آخر أيامه آنذاك، يهدف من وراء اللقاء إلى إقناع الشيوخ الصحراويين، بأن يكونوا إلى جانب إسبانيا، إذ وجه سؤالا محددا للجماني – حول ردة فعلهم إذا ما قام المغرب بدخول الصحراء عنوة، وهل سيدعمون القوات الإسبانية لترجيح كفتها على القوات المغربية، حينها رد الجماني بأن الصحراويين غير معتادين على محاربة إخوانهم المغاربة، فغضب فرانكو وأنهى اجتماعه قائلا : “هذا يعني بأنه لا يمكننا المراهنة عليكم إلى هذا الحد”، ليكون جواب الجماني : “بالتأكيد سيدي الجنرال”، وجاء الرد حاسما من فرانكو : “انتهى الاجتماع”. وعن الاتصالات التي كانت بين الراحل الحسن الثاني وخطري ولد سعيد الجماني، أشار أحد المقربين منه، إلى أن الرجل الصحراوي كان يبعث برسائل كثيرة للملك، إحداها أكد فيها بأنه لا يزال على عهده ولا ينتظر إلا الإشارة من الحسن الثاني، هذه الإشارة، وفق تفسير المقرب منه، كانت ترمي إلى منح الحسن الثاني الضوء الأخضر لخطري قصد الالتحاق بالمغرب وإعلان بيعته، ولعل الملك المنهمك آنذاك في لعبة الشطرنج مع فرانكو، كان ينتظر التوقيت المناسب للعب بورقة خطري ولد سعيد الجماني، إذ بمجرد ما أشهرها أواسط سنة 1975 حتى أضحت الصحراء، بقبائلها وشيوخها في جيب الملك، الأمر الذي شكل منعطفا حسما في النزاع الإسباني- المغربي حول الصحراء.

ربيعة ولد الغشوة، الهدهد

مشاركة