الرئيسية للنساء فقط «أنا هنا» … نساء لايرفعن «الراية البيضا»

«أنا هنا» … نساء لايرفعن «الراية البيضا»

كتبه كتب في 2 ديسمبر 2013 - 13:27

نساء التحدي، نساء المثابرة، نساء المقاومة والتغيير.. هؤلاء النساء تحديدا، تبحث عنهن مبادرة «أنا هنا» وتسلط الضوء عليهن كنماذج محفزة على دعم قدرات المرأة وجهودها، ومن خلالها جهود مجتمعها، في أن تكون فاعلا حقيقيا في تنمية محيطها ومجتمعها ولتحقيق المساواة بين الرجل والمرأة خدمة للكائنين معا وللمجتمع ككل.

«أنا هنا» مبادرة لدعم دور المرأة في الاقتصاد تهم بلدان منطقة «مينا» خاصة الأردن، مصر، تونس، والمغرب. وهي المبادرة ذات الطابع التحسيسي، التي ترعاها وكالة التعاون الألمانية في إطار برنامج «إيكووين» بالبلدان العربية المعنية بها، من خلال تعاونها مع مجموعة من الجمعيات والمنظمات غير الحكومية المشتغلة بحقل المرأة. ‪وذلك بغاية تحفيز الرجال والنساء للتصدي لعدم المساواة في الاقتصاد بين الجنسين. المبادرة، التي استغرق العمل عليها سنتين كاملتين، تغييت في عملها التحسيسي والداعم لتطوير الدور الاقتصادي للمرأة، الصورة وأساسا السينما وسيلة. وفي هذا السياق، انبنت المبادرة على دعم إنجاز مجموعة من الأفلام القصيرة التخييلية والروائية والوثائقية (9أفلام في المجموع ضمنها فيلمان مغربيان)، بالبلدان المعنية المذكورة، والتي تتخذ من عمل المرأة موضوعا رئيسا لها. المبادرة رسمت الإطار العام لهذه الأفلام، التي لابد أن تعرض لنماذج نساء شجاعات يتخطين الحواجز التقليدية ويتحدين التنميطات ليكتسبن الاستقلالية المادية، وتكون (الأفلام) محركا لنقاشات عامة حول التحديات والإنجازات وإبراز قيمة عمل المرأة، وتبادل الآراء والخبرات الشخصية ..

وفي هذا الإطار، انتهت المبادرة إلى إنجاز 9 أفلام قصيرة، تتراوح مدتها بين 15 و30 دقيقة، هي : أم أميرة (مصر)، ومافوق السحاب (الأردن)، حكاية «ن» (مصر)، والنجاح (تونس)، وليلهن(المغرب)، وسلمى (تونس)، وامرأة ونصف (تونس)، والراية البيضا(المغرب).

وفي بحر الأسبوع الماضي، بالمكتبة الوطنية بالرباط، تم عرض الفيلمين المغربيين المنجزين في إطار المبادرة، وهما : «الراية البيضا» لليلى التريكي، و«ليلهن» لناريمان يامنة فقير.

«الراية البيضاء» .. التمدرس وسيلة المرأة الأساسية لتغيير واقعها

العنوان «الراية البيضا»، الذي يسم الفيلم القصير، الذي أخرجته ليلى التريكي بمساعدة نادية لمهيدي، التي كتبت السيناريو، لا يحيل على ضعف واستكانة المرأة.. بل على العكس، ومنذ البداية، أفصحت السيناريست ومخرجة العمل نيتهما الفعلية : نساء الفيلم (خاصة البطلة) يرفضن رفع الراية البيضاء، التي تعني الاستسلام. إنهن راغبات بل متشبثات بتغيير واقعهن. واقعهن ككائنات مستضعفة (فضاء استغلالهن يتمثل في مصنع لتعليب السردين حيث يواجهن القمع و التحرش في أشكاله المتعددة).

وليس من باب الاستسهال أو السذاجة المفرطة، اختارت كاتبة سيناريو العمل نادية لمهيدي الإيجابية في تطور أحداث الفيلم وصولا إلى نهايته السعيدة، التي تمثلت في حصول البطلة على عمل يليق بمستواها الدراسي بما يعنيه ذلك من احترام لمبدأ الاستحقاق والكفاءة في التشغيل.. الفتاة المتعلمة، ستكون قائدة وصانعة التغيير بفضل تعلمها وتوفرها على شهادات عليا. وهو ما سيمنح الأمل لباقي نساء الفيلم في أن التغيير ممكن إذا ما تجندن لتحقيقه.

«ليلهن» … نعومة صلبة

«ليلهن»، الفيلم الروائي الرائق للمخرجة الشابة ناريمان يامنة فقير، رسم بسلاسة وجمالية فنية كبيرة قدرة المرأة على التكيف مع الأوضاع الصعبة وتحويل نعومتها إلى صلابة من الصعب تكسيرها. فبقلب ليل المدينة الدامس، تعيش روح ناعمة (البطلة) .. وفيما تنام المدينة ملء الجفون، تصحو البطلة (تقمصت الشخصية باقتدار كبير أمال الأطرش) بقوة عملها حارسة ليلية. جفناها مفتوحان على آخرهما وهي ترصد كل الحركة الدائبة في سكون الليل، التي تأتيها إلى حيث هي. الروح الناعمة، تسكن جسدا صلبا وتحركها عزيمة أشد صلابة. امرأة هجرها الزوج وسلبها روح روحها (ابنتها) ـ المشاهد لا يعرف إن كان الأمر مجرد هلوسة امرأة وحيدة أم أنها الحقيقة).. فالبنت الغائبة، حاضرة باستمرار على مدى أحداث الفيلم .. تسكن عقل الأم، وتتبادل وإياها المحادثات الهاتفية. لكن ما هي حقيقة الأمر؟ الحقيقة، التي يتوصل إليها مشاهد العمل أن امرأة تمنح الحياة لامرأة أخرى (البنت تمنح لأمها سبب العيش والاستمرار على وجه الحياة)..

الحارسة الليلية، تنام لتصحو على الرتابة.. هو نفس العمل ينتظرها بطقوسه التي لاتتغير بدءا من تلك الخاصة بالتحضير لبدئه وانتهاء بتلك الخاصة بالانتهاء منه، نفس الوجوه تلتقيها في ليلة العمل تلك (أما النهار فتقضيه في النوم) من بائعات الهوى إلى مفتشي الشرطة. ومع ذلك، هذه الرتابة، تخترقها حكايات إنسانية عميقة تجعل من البطلة «عالمة» بخبايا المدينة وقصص أهلها.

مشاركة