الرئيسية مجتمع قصص مرعبة من “ملفات قتل الأطفال”(2)

قصص مرعبة من “ملفات قتل الأطفال”(2)

كتبه كتب في 30 نوفمبر 2013 - 09:33

مسيرات ترفع شعار: ” ما تخطفش ولدي

ليست حالة مريم أو فطومة، وئام الوحيدة، فهناك العديد من الحالات اقتصرنا على بعضها فقط، أبطالها مرضى ومهووسين بالجنس وعابثين بطفولة بريئة، الأدهى من ذلك أن يقوم شخص ” ثقة” بارتكاب الفعل الشنيع في حق الطفولة وتطلع علينا وسائل الإعلام يوميا بأخبار وحوادث من توقيع ” إمام مسجد، أستاذ، مدير….” نسبة قليلة لكنها موجودة وتطرح علامات استفهام حول أسبابها النفسية والاجتماعية.  تؤكد نجاة أنوار رئيسة جمعية “ماتقيش ولدي” أن الأرقام الحقيقية تتجاوز ما يعلن عنه، لأن عددا من المناطق القروية والنائية  غير مشمولة بالدراسة التي اتخذت من منطقة الغرب شراردة نموذجا للدراسة والبحث وأقرت وجود نسبة كبيرة من حالات اغتصاب الأطفال.

اندهاش واستنكار الأسر لمدى قدرة شخص على اغتصاب طفل بريء وقتله، دفعهم في غير مرة إلى الخروج في مسيرات احتجاجية كما حصل في المحمدية وغيرها من المدن، نددت خلالها جمعيات المجتمع المدني بارتفاع نسبة حوادث الاستغلال الجنسي والاغتصاب وهتك العرض والاعتداء الجسدي التي تطورت إلى حوادث اختطاف وقتل، وأطلق الجميع صرخة : ” أطفالنا في خطر” ، و” ماتخطفش ولدي” بأكادير، وتيفلت، والمحمدية والدار البيضاء، سيدي قاسم ….

جمعيات المجتمع المدني المهتمة بالطفل خرجت للشارع لتأطير المحتجين، وحث الأمن على التفاعل مع بلاغات اختفاء الأطفال والتعامل معها بنوع من الصرامة والسرعة، بإحداث خلايا أمنية خاصة لاقتفاء آثار الجناة، وطالبت وزارة العدل والمجلس الأعلى للقضاء والبرلمان بغرفتين بسن قوانين زجرية رادعة، كافية لحماية الطفولة المغتصبة من ذئاب بشرية تصطاد الأطفال وتقضي على مستقبلهم وتجهز على حياتهم لتحرمهم من نعمة العيش في أمان. من جهة أخرى، طالبت بعض الجمعيات الحقوقية بوضع عقوبة قاسية تصل في حدها الأقصى إلى الإعدام وفي حدها الأدنى إلى المؤبد في حق الجناة، إلى جانب اعتماد مقاربة تراعي البعد الإنساني والحقوقي والاجتماعي للحد من ظاهرة اختطاف الأطفال وقتلهم، فالمعتدي جنسيا وتفاديا لإمكانية فضحه من طرف الضحية الذي قد يتعرف عليه، يقوم في حالات كثيرة بتصفيته ومحو آثار الجريمة، خاصة إذا كان الجاني من أقارب أو جيران أو معارف الضحية أو أسرته.

فنانون وإعلاميون ومسؤولون سابقون طالبوا بدورهم بحماية الطفولة، وخرجوا في مسيرة سلمية بالدار البيضاء للتحسيس بخطر جريمة الاغتصاب في حق الطفل، وتشديد العقوبات المفروضة على الجناة حتى يرتدع آخرون، خاصة بعد حادثة الطفلة وئام التي تعرضت لحالة اغتصاب وحشية وأفلتت من مصير فطومة وغيرها بفضل مقاومتها للمغتصب حتى لا تقتل، بعد أن تعرضت للتنكيل بواسطة ” منجل”. المسيرة ضمت حالات تعرضت لنفس مصير وئام وغيرها، إلا أن الإعلام  لم يسلط عليها الضوء، فوئام كانت النقطة التي أفاضت الكأس.

 الاغتصاب الطفولي …جرح غائر لا يندمل 

حوالي 80 بالمائة من جرائم الاغتصاب بالمغرب غير مصرح بها لدى المحاكم، حسب الإحصائيات الرسمية فغالبية الحالات يحكمها الخجل و” الحشومة” التي تجعل بعض الأسر لا يصرحون بحالة الاغتصاب التي يقع ضحيتها الطفل، في الوقت الذي لا تمحى فيه آثار جريمة الاغتصاب، وتضفي بظلالها على شخصية المغتصب الضحية. يرى الأطباء وأخصائيو علم النفس أن 60 بالمائة من الشواذ جنسيا الذين يغتصبون الأطفال يعيدون نفس التجربة التي عاشوها في صغرهم وغالبا ما يكونوا قد تعرضوا للاغتصاب، وتصرفهم يعتبر انتقاما من مجتمع ومن واقع مرير وجروح غائرة عاشوها منذ طفولتهم، وتدل على حالتهم تلك طريقة اغتصابهم الأطفال، حيث تطالعنا الجرائد بحوادث تقشعر لها الأبدان لبشاعتها، كما تعرضت له الطفلة نادية التي تبلغ من العمر 6سنوات، فقد اغتصبت بوحشية وعنف وشدة من قبل شاب مجهول في حي الدومة بالجنوب ووصلت لمرحلة الموت، حيث تم اغتصابها من الأمام والخلف بوحشية قل نظيرها بين الحيوانات فما بالك بالبشر”.

ترى نسبة كبيرة ممن تحدثنا إليهم أن السبب في ارتفاع نسبة حوادث الاختطاف والاغتصاب الذي يفضي في أحيان إلى القتل، إلى مسؤولية الأسر المغربية والمدرسة. ويرى الباحثون أن المغتصب تكون لديه في أغلب الحالات رواسب تؤثر على حياته ومستقبله، كأن يتعرض لاغتصاب طفولي، أو سوء المعاملة. وينصحون بضرورة مناقشة الأمر وعلاج المغتصب عند تعرضه لفعل الاغتصاب. فيجب جعل النقاش أساس التعامل مع الأطفال، والحديث بشكل صريح معهم وبجرأة، والتربية الجنسية كفيلة بتفادي الكثير من الحالات.

 حملات تحسيسية

الحسين النجاري رئيس الجمعية المغربية لحماية الطفولة، وبعد قضية سليمة، قاد قافلة للتحسيس والتضامن ولفت الانتباه للاختفاء القسري الذي تعرضت له سليمة وأطفال آخرون. قامت الجمعية بحملة تحسيسية بإيمنتانوت ضد الاعتداءات الجنسية، ومن أجل تشجيع الأسر على تمدرس أبنائهم وعدم تشغيلهم في سن مبكرة ما يتسبب في بعض الأحيان في استغلالهم والاعتداء عليهم جنسيا دون أن تتبين أسرتهم واقعهم حيث لا يعلمون في جل الحالات مكان عملهم.

الفاعل الجمعوي اعتبر أن قضية استغلال الأطفال واغتصابهم، أصبحت تتجاوز الحالات العادية ” حالات تلاميذ مؤسسات تعليمية واستغلالهم من طرف بعض الأطر جنسيا” إلى تلاميذ المدارس العتيقة، لذلك طالب بضرورة التحسيس داخل المساجد واعتماد التربية الجنسية في المدارس، وتجاوز ” الحشومة” والإفصاح عن الحالات المستورة.

وانتقد النجاري بعض الحالات التي يشترط فيها القانون وجود شاهد لإنزال عقوبة على المعتدي جنسيا على طفل، وعبر قائلا: ” واش المعتدي خصوا يجيب شاهد باش يغتصب أو يقتل؟ هادا ماشي معقول خص القانون يتراجع وينص على فصول جديدة تعاقب الجناة عقوبة قصوى. وعن قضية سليمة صرح النجاري أن الجمعية شكلت لجنة خاصة للبحث والتقصي حول من يمكن أن تكون له المصلحة في خطف سليمة سعيد.، وتمنى أن تكون سالمة وألا تلقى مصير غيرها من الأطفال الذي خسرتهم أسرهم.

جمعية ما تقيش ولدي: نطالب بتطبيق إنذاراختطاف

بعد توالي حوادث متفرقة ذهب ضحيتها أطفال أبرياء، دعت جمعية ” ماتقيش ولدي” مسؤولي العدل والداخلية إلى تطبيق نظام “إنذار الاختطاف” المعروف عالميا ب”ALERTE-ENLEVEMENT” المعمول به في دول أجنبية. تشرح نجاة أنوار، رئيسة جمعية ما تقيش ولدي قائلة : ” يعتمد النظام على إنذار كل الجهات المعنية لحظة التبليغ عن اختطاف طفل، من خلال نشر صوره وبث الخبر مباشرة عبر وسائل الإعلام المرئية والمسموعة مباشرة بعد التبليغ عن الحادث. حنا طلبنا من الوزارتين المعنيتين إشراك المجتمع المدني في الحد من ظاهرة اختطاف الأطفال واستخدامهم في أمور غير أخلاقية تعرض حياتهم للخطر، من قبيل الاغتصاب… تنتهي بهم أحيانا جثثا هامدة كحالة الطفل الوردي في عوينات سيدي جابر ضواحي بني ملال، والطفلة خرماز في مدينة تيفلت. نطالب المسؤولين المركزيين والجهويين والإقليميين بتعبئة كافة المصالح الصحية والأمنية بالتدخل بشكل عاجل وفوري، مع تعميم برقية بحث على كافة الدوائر المختصة لتكثيف البحث والمراقبة، بدل الاكتفاء بنشر صورة الطفل المتغيب أو المختطف داخل مراكز الشرطة والدرك الملكي. وقد وضعت الجمعية رهن إشارة المواطنين عريضة لتوقيعها تحت عنوان: ” أنقذو طفلي”، فالإحصائيات تفيد أن ما يناهز 26 ألف طفل يتعرضون للاغتصاب سنويا بالمغرب أي بنسبة 71 طفل يوميا. كلنا اليوم معنيون بترسيخ مكتسباتنا والضرب بيد من حديد على كل من سولت له نفسه التلاعب بمصير بلدنا. لقد سبق وتدخلنا في قضية فطومة حيث نصبنا الأستاذة زينب الخياطي لتنوب عن عائلة الضحية، وكذا في مجموعة من القضايا كوئام وزينب وخديجة…. نقوم بالتوعية والحملات التحسيسية، وتضيف أنور” حنا مامفاكينش”، فالقانون المغربي ليست له الشجاعة لحماية أطفالنا، ونطالب بتطييق الفصل 12 من مقتضيات الدستور، بالنسبة للأطفال الذين نجوا من القتل وتعرضوا للاختطاف والاغتصاب، يجب أن توفر لهم فرصة التتبع النفسي للأطفال الضحايا، ثم محاربة ظاهرة ” البيدوفيلي”، ويجب أن يعمل حسب ما تنص عليه الاتفاقيات الدولية بالأخذ بتصريحات الضحية، لحماية أطفالنا. من جهة أخرى، طالبت جمعية “ما تقيش ولدي” باتخاذ جميع التدابير الملائمة لمنع جميع أشكال العنف ضد الأطفال وحمايتهم، والتسريع بتأسيس المجلس الاستشاري للأسرة والطفل.”

أمينة المستاري

مشاركة