الرئيسية مجتمع قصص مرعبة من ” ملفات قتل الأطفال”

قصص مرعبة من ” ملفات قتل الأطفال”

كتبه كتب في 29 نوفمبر 2013 - 18:04

خلق ارتفاع وتيرة اختطاف الأطفال في مدن مختلفة رعبا في نفوس الآباء والأمهات، مما جعل أسرا عديدة تصر على اصطحاب أبنائها إلى مدارسهم في الذهاب والإياب، خاصة مع تسجيل حالات اختطاف أطفال عند خروجهم من المدارس أو أثناء لعبهم أمام منازلهم….. فطومة بتارودانت، مريم بن الشيخ من المحمدية، وئام بسيدي قاسم،وأخيرا قضية سليمة من أكادير التي لا زال مصيرها مجهولا، وأصبحت قضيتها تؤرق الجهاز الأمني وجمعيات المجتمع المدني.

 أثار تزايد حالات الاختطاف علامات استفهام كبيرة، ووضع سيناريوهات حول هوية المختطفين ودافعهم لاقتراف مثل هذا “الجرم” في حق طفولة بريئة. أغلب الحالات تقترف من طرف أشخاص يعانون من ميولات غير سوية ، يتميزون ببنية مرضية خاصة، تدفعهم شخصيتهم للاختطاف والاغتصاب بل ويقبلون على القتل دون الشعور بتأنيب الضمير أو الندم، فبنيتهم النفسية تجعلهم خارج النسق المجتمعي والوجداني، هؤلاء يدخلون في خانة المرضى والمجرمين، يكون ضحاياهم أطفال سيعانون على امتداد سنوات من جراح الروح والجسد، هذا إن أفلتوا من القتل.

فلا يكاد يمر يوم دون أن نطالع خبرا في جريدة أ نسمع عن اختفاء طفل، أوهتك عرضه واغتصابه، وقد يكون مصيره القتل ورميه في مكان مهجور هذا إن لم تقطع أوصاله. جرائم تكاد تصبح مألوفة لتكرارها دون حسيب أو رقيب، يختلف رأي الكثيرين حول أسباب استمرار انتشارها، يرى البعض أن ردع المجرمين ضعيف على مستوى الأحكام والغرامات، حيث غالبا ما يفلت مقترفوها أو يحكم عليهم بعقوبات بسيطة لا تتناسب مع فداحة الجرم الذي يطال طفولة بريئة، مما يجعل الظاهرة تصل مستوى مقلقا.

فطومة بتارودانتخنقت وردمت جثتها

طفلة لا يتجاوز عمرها سنتين ونصف وجدت صباحا مقتولة بعد أن تعرضت للخنق، وقد ردمت جثتها في ورش للبناء معروف باسم جنان أخياط بمدينة تارودانت. كانت عقارب الساعة تشير ذلك اليوم إلى الخامسة والنصف مساء، حرارة مفرطة جعلت الطفلة تستعطف جدتها للخروج أمام البيت واللعب قليلا، ابتسمت الجدة وهي تقبل جبهتها وسمحت لها باالخروج شرط اللعب أما باب البيت الكائن بدرب إيقاوة باب تارغنت لتلعب أمام البيت. هرعت فطومة بكل عفوية، واتجهت نحو باب المنزل لتتحر من أسوار البيت.

ارتفعت ضحكاتها عاليا وهي تتنقل كفراشة تلعب بجرو صغير، فيما بقيت جدتها في البيت تستمع إلى تحركات فطومة، سرعان ما لاحظت توقف الطفلة عن الضحك واللعب. خرجت لاستطلاع الأمر والاطمئنان لكنها لم تعثر على فطومة.

ارتكبت الجدة وانتابها القلق فتحركت هنا وهناك للبحث علها تجد الطفلة في أحد جوانب البيت، لكن لا أثر لها. لم أمامها سوى سؤال بعض أبناء الحي وشبابه، أفاد بعضهم أن رجلا أربعينيا شوهد يحملها قبل فترة قصيرة على أكتافه فوق دراجة هوائية، واتجه بها إلى محل للبقالة بسور باب ترغنت لشراء الحلوى. هرعت الجدة نحو المكان المشار إليه لكن لم يكن للطفلة أي أثر، كأنما تبخر الرجل المجهول ومعه حفيدتها. فكرت الجدة مليا قبل أن تهرول لإخبار ابنتها التي تعمل بأحد الحمامات الشعبية. ص الصغيرة المختفية عند سماع الخبر، صعقت والدة فطومة وأجهشت بالبكاء، قبل أن تقوم للاتصال بطليقها – أب الطفلة المختفية- لينتشر الخبر كالنار في الهشيم في الحي، وتجمهر الجيران أمام بيت الطفلة يستفسرون عن ظروف غيابها ويعرضون خدماتهم للبحث عن فطومة الغندور.

تحول الحي الذي تقطن به فطومة الغندور خلال ساعات إلى تجمهر شعبي جمع الجيران والأقارب. وتفرق الجميع عبر مجموعات للبحث عن الطفلة في الأزقة والمناطق المجاورة للمنزل وتمشيط الأماكن المهجورة طيلة ليلة بأكملها لكن دون جدوى. مرت الساعات وازداد توجس العائلة فيما أصيبت الأم بحالة انهيار نفسي، ولم تتوقف عن البكاء والدعاء أن تعود فلذة كبدها سالمة إلى بيتها. لم تطل المدة حتى تلقت أسرة الطفلة بعد مدة قصيرة الخبر الصاعقة، فقد عثر أحد السكان على جثة فطومة مردومة في بيت مهجور بحي جنان أخياط، بعد أن صادف القاتل بمكان الحادث وشك في أمر تواجده بذلك المكان، خاصة وقد تناهي إلى سمعه قصة اختطاف الطفلة مباشرة بعد عودته إلى الحي.

بكى الرودانيون مقتل الطفلة فطومة الغندور، وتحول بيت أسرة فطومة ملجأ للمعزين وارتفع نحيب النساء وذرف الرجال الدموع لهول الفاجعة، فالقتيلة لم تكمل عامها الثالث، كانت الحسرة تأكل قلوبهم من حرقة قتل الطفلة وردم جثتها في ورش للبناء، بشكل وحشي لم يرحمها الجاني ولم يرأف لحالتها.

فطومة تعرضت للاغتصاب ثم القتل من طرف وحش آدمي عرف بين وسطه بمطاردته للأطفال وشهوته للصبيان، حتى وصفوه ” بعدوهم”. قاتل فطومة تربص لها وانتظر خروجها ليتقرب منها ويغريها بشراء بعض الحلوى. قبلت بالعرض ببرائتها فرافقته عند البقال، حيث ابتاع لها الجاني حلوى وكأسا من اليوغورت وحفاظة واحدة، ثم قبلها أمام البقال ليمثل دور الأب الحنون، وانطلق بها وهو يحملها معه على دراجته الهوائية نحو البناء المهجور، ليغتصبها بشكل وحشي ويفرغ  ويكتم أنفاسها بعد ذلك حتى لا تدل الشرطة عليه.

اعتقل الجاني”فريميجة” وهو الاسم الذي كان يعرف به الجاني البالغ 30 سنة، عرف في وسطه بميولاته غير السوية، مما دفع الآباء إلى تحذير أبنائهم من الاقتراب منه، فهو من ذوي السوابق يقطن مع إحدى أخواته بتارودانت، سبق له الزواج لكنه لم يستمر سوى أسبوع حتى طلق زوجته. المصادفة العجيبة أن فطومة قتلت بنفس الطريقة التي قتل بها ابن خالها من طرف سفاح تارودانت الذي أرعب تارودانت.

مريم المحمدية...اغتصاب ثم تقطيع

الإثنين 30 أبريل، يوم أسود في ذاكرة عائلة مريم بن الشيخ ذات 8 سنوات. خرجت يومها من مدرسة الفلاح بحي الراشدية، متوجهة نحو بيتها وهي تحمل حقيبتها المدرسية، لكن لم تبلغ المنزل فقد ارتأت شراء بعض الحلوى، حسب ما جاء في وسائل الإعلام واعترافات الجاني. رمقها البقال العازب البالغ 37 سنة، الذي يملك دكانا بجوار مدرسة مريم، ولبراءتها قام بإغراء الطفلة بالحلوى. استدرجها إلى داخل محل البقالة، أعطاها حلوى وانهمكت في أكلها فيما انهمك هو بمداعبتها قبل أن يغتصبها بالقوة ويكمم فمها حتى لا تصرخ، قبل أن يعالج جسدها ب 15 طعنة بسكين.

فكر مليا بعد إشباع رغباته الحيوانية بمصير الجثة ومكان إخفاءها، لم يكن أمامه سوى تقطيع جثتها ودفنها داخل محله.  مضت أيام، وفاحت رائحة العفن من الأشلاء التي وضعها في أكياس بلاستيكية بفعل ارتفاع درجة الحرارة، فاهتداه تفكيره نقلها إلى مزبلة ورميها لإخفاء فعلته خوفا من افتضاح أمره. هلع وسط أسرتها جعلها تنشر إعلان عن اختفائها، لم تكف والدتها عن البكاء، فعوضا عن عودة طفلتها إلى أحضانها تلقت الأم صاعقة بعد أسبوعين، بعد أن أطفال في مثل سن مريم على أطرافها داخل أكياس بلاستيكية في خلاء مجاور للمعهد الصناعي التابع للتكوين المهني بحي الراشدية.

سفاح تارودانتقاتل بالتسلسل

أعادت قضية مريم وفطومة ووئام إلى الأذهان قصة سفاح تارودانت. فما زال الكثيرون يتذكرون عبد العالي الحاضي “سفاح تارودانت” الذي أخرج تارودانت سنة 2004 من روتينها وهدوئها، لينكشف سر الجثث الصغيرة والهياكل العظمية التي عثر عليها قرب مجرى الواد الواعر. سلسلة من جرائم الاغتصاب والقتل كان ضحيتها ثمانية أطفال متشردين اختارهم الحاضي، وكشف تقرير الطب الشرعي أن الضحايا تعرضوا للاغتصاب ثم القتل خنقا قبل ثلاثة أعوام. الحاضي وهو مساعد أحد باعة المأكولات الخفيفة بالمحطة الطرقية بتارودانت، كان يقيم بمسكن صفيحي بمنطقة بويكيدو بالقرب من مقبرة بوذهب. يختار فرائسه من بين الحمالة والمتسولين وماسحي الأحذية بالمحطة الطرقية، ويمنحهم مأكولات مجانا قبل أن يستدرجهم إلى مسكنه ويخدرهم، ثم يمارس عليهم الجنس ويقوم بعد ذلك بخنقهم بكيس بلاستيكي، ويدفنهم تحت سريره. لكن في يوم من الأيام، سمع أن صاحب الأرض التي يقيم عليها الحاضي يستعد لبناء إقامات سكنية، مما دفعه إلى التخلص من الجثث في الواد.

سليمة بأكاديرمصير مجهول

“ما تخطفش ولدي” صرخة أطلقها المجتمع المدني بأكادير للمطالبة بوضع حد لاختطاف الأطفال واغتصاب طفولتهم، مباشرة بعد حادث اختطاف الطفلة سليمة التي لم تكمل بعد سنتها الرابعة. اختفت من أمام منزلها كمن ابتلعتها الأرض. تركها والدها سعيد الذي يعمل نجارا بورشته الكائنة أسفل البيت، وصعد الطابق العلوي من المنزل ليصلي ويتناول الغذاء، تأخرت الطفلة بالالتحاق بوالدها فأرسلت الأم في طلبها، لكن شقيقتها لم تعثر عليها مما دفع كل الأسرة إلى البحث عنها في الجوار، بل قام بعض شباب الحي وسكانها بتمشيط المنطقة، بل انتقل البحث من أطراف المدينة إلى مدينة إنزكان وبلدية القليعة، كما شمل الآبار المهجورة، والوديان المحيطة بالمدينة وقنوات صرف المياه. لكن دون جدوى.
لغز محير ما زال يؤرق الأمن والأسرة والأقارب والجيران، فكل جهود مصالح الأمن باءت بدورها بالفشل في العثور على الطفلة سليمة، ما جعل النساء يتكاثفن ويخرجن في مسيرات عفوية يوميا بعد صلاة العصر صحبة أطفالهن، يستنكرن حالات الاختطاف التي تعرض لها أطفال في الآونة الأخيرة، مطالبات بإيجاد سليمة قبل تعرضها لمكروه، ورفعن شعارات لحماية أطفالهن: ” جيناكم بهاذ العار سليمة ترجع للدار” و” سليمة مشات اليوم، والنوبة على من تكون”، تؤطر الوقفات الجمعية المغربية لحماية الطفولة التي دخلت على الخط في قضية سليمة بعد أن غابت بعض الجمعيات المعروفة، وحمل الشباب خلال الوقفات أقمصة كتبت عليها ” ما تخطفش ولدي”.

سليمة أصغر أفراد الأسرة، لها شقيقات ثلاث وشقيق، اختفاؤها دفع والدتها إلى حالة من الانهيار والهستيريا، حتى أصبحت تتوهم رؤية دم صغيرتها بكل مكان بالمنزل. طرحت السلطات الأمنية فرضيات من قبيل: فرضية الاختطاف من أجل الاغتصاب أو الاختطاف من أجل الاستغلال في التسول، وكل ما تتوفر عليه شهادة عامل بناء على بعد حوالي مائتي متر من بيت الأسرة يؤكد بأنه شاهد الطفلة بعد الزوال تسير وحيدة بجوار الشارع.

أمينة المستاري

مشاركة