الرئيسية مجتمع عاشوراء …طقوس وعادات مغربية خاصة

عاشوراء …طقوس وعادات مغربية خاصة

كتبه كتب في 13 نوفمبر 2013 - 12:21

طقوس عاشوراء أو عيشورا بالعربية و أمعشور و أمعشار بالأمازيغية، لها نكهة خاصة بما تتميز به سواء الأكل أو الاحتفال الذي يستمر من التاسع من محرم إلى الخامس عشر منه. بمدينة تيزنيت يحتفل السكان بأمعشور أو إمعشار وهو احتفال تقليدي متوارث أبا عن جد تعود بعض طقوسه إلى ما قبل دخول العرب إلى شمال إفريقيا، ويرجع البعض أصوله  إلى فترة انتشار اليهودية بشمال إفريقيا استنادا إلى بعض الأهازيج المتداولة و الخاصة بالعاشور والتي تتحدث عن حياة اليهود أيام كانوا يتعايشون مع الأمازيغ بالجنوب المغربي، لكون اليهود يقدسون يوم عاشوراء بصيامه.

ومن أشهر طقوس الاحتفال بعاشوراء بتيزنيت تنظيم فعاليات كرنفال “إمعشار” بعد صلاة العشاء، حيث يخرج الشباب في موكبهم يغنون و يرقصون يرتدون ملابس تنكرية ذات تصاميم غريبة و يقومون بتسويد وجوههم بالسواد و يضعون على وجوهم أقنعة و لحى مصنوعة من جلد الخروف أو الماعز و هناك من يفضل ارتداء ملابس رثة بالية ويلتقي الجمع في الساحة و ينتظمون في صف دائري و يوقدون النار،ثم ينشدون موالا بالأمازيغية : ” يلاه أن منكار، أوداي أمسلم أمازيغ أعراب، كولواخ ان آنمون غيد، آنيني أوال نخ، باش آديسان ايس كولواخ يان آنكا” ما معناه :” هيا نجتمع ،يهودي مسلم أمازغي عربي، نلتقي كلنا هنا، لنقول كلمتنا، لبشهد الجميع أننا كلنا سواسية”. وتعتمد الفرقة الموسيقية على آلات بدائية عبارة عن “دفوف أوتالونت بالأمازغية” المصنوعة من جلد الماعز، بالإضافة إلى الطبل والمزامير و الناقوس دون نسيان ضربات الأخشاب و الأقدام على الأرض لتدخل هذه الفوضى الموسيقية.  ومن مظاهر الاحتفال بعاشوراء ايضا اجتماع الشباب والأطفال حول النار التي يوقدونها على شكل سبعة أكوام على خط مستقيم، المسافة الفاصلة بينهم تقريبا ثلاثة أمتار يقفزون عليها مناوبة مع ترديدهم لأشعار خاصة بالنار.

وبتارودانت لا زالت العديد من الأسر الرودانية تحافظ على عادة إعداد ” الشرشم” وهو حساء من القمح والفول و”الذرة “، تقوم ربة البيت بسلقها في الماء والزيت، ثم إضافة الماء الساخن، وتضيف قطع ” القديد ” و ” الفول ” وبعض التوابل من قبيل “رأس الحانوت “، وتقدم بعد مغرب ليلة عاشوراء. ويقسم الرودانيون حفلا ” ليلة البركة” تنضم خلاله قصائد الملحون والأمداح النبويةن وفي الغد تعد ربات البيوت كوجبة الإفطار “الهريسة” المحضرة من القمح والحليب، فيما تكون الوجبة الرئيسية للغداء هي الكسكس بالقديدة و الكرداس.

بمراكش تقتضي العادة أن يحتفظ بالديالة إلى ليلة عاشوراء، حيث يتم طبخها مع الكسكس المعد مع آخر مجففات أضحية العيد من القديد والكرداس والذيالة والحنك، الذي يقدم في العشاء، وبعدها تنخرط نساء الأحياء في الغناء والرقص بأحد المنازل، ويؤدين الأغنية الشهيرة: ” هذا عاشور ما علينا الحكام ألالة، عيد الميلود كايحكمو الرجال ألالة”، أما الرجال، وبعد صلاة العشاء، فإنهم يشكلون بأجسادهم دائرة في ساحات الأحياء أو “رك الجامع” كما يسميه المراكشيين، ويشرعون في أداء ما يسمى بالعيط، ولا تنتهي لعبة الدقة هذه إلا مع “تهليلة” المؤذن إيذاناً باقتراب صلاة الفجر.

وتحتل لعب الأطفال الواجهة في الأسواق، فعاشوراء مناسبة للاحتفاء بالطفولة، كما تعرف القريشلات والفواكه الجافة إقبالا لا نظير له ولا تخلو مائدة منها. وعلى إيقاع الدقة والهواري، يقوم الشباب في كل حي بإيقاد النار والقفز عليها فالتحوم حولها والتنافس حول من يستطيع النط  من أعلى فورة لألسنة لهبها ، يتنافس الجميع للقفز على أعلى ألسنتها. وتعرف ” التعريجة” رواجا لا مثيل له في الأسواق المراكشية وفي الاحتفال بعاشواراء حيث تشتهر منطقة الموقف بصناعتها من طرف صناع تقليديين، تقوم نساء المدينة العتيقة بتزويقها ويسمين ب ” العواشريات ” فعملية تجليد التعريجة وصباغتها وتزويقها وتنميقها إنجاز نسائي مائة بالمائة، أما التعريجة البيضاء مخصصة للرجال ووصفها بالبيضاء كناية عن عدم إخضاعها للتزويق، ويتوج الصناع مدة عملهم مع حلول عاشوراء حيث يبيعون منتجاتهم والاحتفال عبر ” التكوار” والرقص والدقة المراكشية.

بقلعة السراغنة يحتفظ بالذيالة والوحيمة إلى ليلة الشعلة في ليلة عاشوراءن وتأخذ النساء في البوادي أحزمة من أعشاب البرومي يضعنه داخل زريبة الماشية، ثم يقمن بإشعال النار وإطلاق البخورفي زريبة الماشية حتى لا تصاب قطعان الماشية الأبقار والغنم بأمراض وفي الصباح ينهضن ويأخذن بعض الرماد مع الماء يرش به المنزل لابطال السحر والتابعة، أما الرجال فيأخذون قليلا من الرماد وسطل ماء بارد ويستحيمون به بعد صلاة الفجر ويرددون كلمات: ” تزمزم يا لي عمرك ما تزمزمت”.

وبتاونات وكغيرها من المدن المغربية، تحرص العديد من الأسر على صيام يوم التاسع والعاشر من محرم من كل سنة هجرية تيمنا بالسنة  المحمدية حيث كان الرسول يصوم اليومين تميزا عن اليهود اللذين يصومون العاشر من محرم احتفالا باليوم الذي نجا الله فيه موسى وقومه من آل فرعون ويسمى عيدهم ” يوم كيبور”، فقد شرع الرسول صلى الله عليه وسلم في صيامه عندما علم أن يهود  المدينة يصومونه وقال: ” أنا أولى بموسى منهم”، كما أن الشيعة يحتفلون بهذا اليوم حزنا على مقتل الحسن والحسين. وقد درجت بعض الأسر بتاونات على الاستعداد للاحتفال بيوم عاشوراء بتنظيف المنزل، وشراء بعض اللعب للأطفال من التعاريج اللعب الإلكترونية…فيصبح الأطفال “نجوم العيد” .

وتقتني الأسر الفواكه الجافة من التمر واللوز والجوز الذي تشتهر به منطقة ودكة ومرنيسة بكثرة  والتين الزبيب ويخلط الكل قصد تقديمه يوم عاشوراء للضيوف والأطفال، مع ” السفنج” الذي تقوم بإعداده الأمهات ليلة العيد أو صبيحة يوم عاشوراء مع الخبز المعجون بالزبيب، فيما يكتفي سكان بعض الدواوير النائية بإقليم تاونات بإعداد المأكولات للأطفال لبعد دواويرهم عن المركز حيث تباع اللعب، ويقوم الأطفال بإشعال النار ” الشعيلة” والقفز عليها اعتقادا من أن ذلك يزيل الشر عن الدوار. وبمنطقة غفساي، تعد النساء الخبز وتوزعه على المساكين وإعداد الكسكس ب”القديدة” أو “الذيالة”،فيما تلجأ بعض الأسر إلى ذبح الدجاج البلدي ويسقى به الكسكس ويرسل للمساجد كصدقة، وبمناطق أخرى من الإقليم، كان بعض الفلاحون قديما–خاصة من الكسابة- يأكلون “الذيالة” بطريقة عمودية حتى لا يبقى به اللحم، ويخرجون بحثا عن قرية النمل ويتم دفنه، وذلك اعتقادا أنه يعود على الماشية بالنفع ويتكاثر عددها فيقولون “قرم يقاوي الغنم”.

وتمتنع النساء عن كنس المنازل يوم عاشوراء لاعتقادهن أن ذلك يسرع باختفاء الرزق من المنزل حيث يطبقن المثل: ” الشطابا عروسة والجفافا انفيسة”. كما تحرص المرأة العاقر على جمع 101 قديدة وتعد الكسكس وتتصدق بأطباق منه يوم عاشوراء حتى يفرج الله كربتها ويرزقها بأطفال. ومن الاعتقادات السائدة أن تقوم النساء يوم عاشوراء باكرا وقبل طلوع الشمس للاغتسال، لكون الماء في تلك اللحظات ينبع مباشرة من بئر زمزم، فيما يحرصن على تقليم الأظافر وقص جزء من شعر الرأس أو ما يسمى ” التعشيرة” وتخضيب شعورهن بالحناء أو أيديهن ووضع بعضها في يد الأطفال وإطلاق البخور بالمنزل مع ترديد ما يلي ” عاشوري عاشوري، عليك نطلق شعوري” وتكتحل بعضهن ويضعن السواك خاصة في الدواوير، وينصب اهتمام المرأة خلال هذا العيد على إظهار زينتها حيث يشاع أن المرأة في هذه الفترة تستعيد زينتها وحريتها، كما تتصدق ببعض ملابسها.

أمينة المستاري

مشاركة