الرئيسية اراء ومواقف موسم التبوريدة

موسم التبوريدة

كتبه كتب في 13 نوفمبر 2013 - 10:55

زمان….وفي ثنايا الزمن الجميل،كانت تقام مواسيم التبوريدة ،بعد الحصاد مباشرة …يصطف الخيالة بخيولهم شامخين في ساحة واسعة ذات تربة حمراء مرشوشة بعناية بماء بارد ،تشق رائحته الطييبة النفوس وكانها خليط من بخور مولاي ادريس ….ويتسابق الفرسان بنخوة الرجال وأولاد البلاد،ويطلقون البارود في طلقات تصاحبها الأهازيج والزغاريد ….وصيحات الفرسان “الله مصلي على رسول الله”

حلو الكلام ….اما الان فموسم التبوريدة الذي سنشاهده ونحن مخدرين مسبقا بمخدر حصلنا عليه مجانا من الهواء الملوث بما يصطلح عليه في البلاد العربية بالشيخوخة السياسية ،هذا المخدر الذي يشل الحركة ويترك فقط الإحساس بالشعور بكل ما يجري أمامنا،ولكن مع وقف التنفيذ اي لا حركة ولا سكون …فقط الحملقة الشذيذة والتعرق مع الاحتفاظ بدقات القلب ،وانسياب الدموع بدون أدنى تحكم فيها ،وجفاف في الحلق وثقل في اللسان ،لا اعرف المدة التي يبقى فيها الجسد مخدرا ،ربما يرجع هذا الى جرعة المخدر ….وهذا أيضاً اذا كنا محظوظين والعهدة على خيالتنا الشداد ان هم أصروا على المكوت طويلا في ساحة الوغى ،هنا ينصح بحفظ آيات قرانية وتلاوة اللطيف …فالعد العكسي بدأ …فرجاء أعدوا العدة وتزود وا  بالصبر والسلوان ،لان دخان البارود سيكتسي صبغة ألوانا قزحية ستبقى محفورة في إدمغتنا الى ما شاء الله.

       إرهاب بنكهة محلية

مخلوقات هذا الوطن الجميل تعيش تحت وطأة القلق ،ونفسية محطمة وترقب مستمروغد لا تبدو ملامحه،وليل يُصلَّى من اجل ان لا يطلع النهار ،فالنهار الان مخيف ومقلق ومرعب ،ولا احد يستطيع ان يتحسس موطئ قدمه فيه ،انه إرهاب الراحة النفسية والعيش مع الخوف ….الخوف تلبَّس الجميع ،واصبح جليسنا ،ينام معنا،ويشرب الشاي معنا باسترخاء تام ،يصحبنا حتى الى دورة المياه ويدس انفه حتى في مسمات جلدنا،يلعب “الداما”مع الشيوخ ويصر على أصطحابهم الى الجوامع والى مصلحة البريد لاستلام تقاعدهم المزري ….

يدحرج الكرة مع أطفالنا ،ويقفز الى أفلامهم الكارتونية ،ويقشر البطاطس وينظف سمك السردين مع أمهاتنا ،ويصر على اضافة الملح لطناجيرهن ،ويترامى على الرواتب المزرية ليطحنها في فاتورة واحدة ،ويقفز منتشيا الى الأدوية والبنزين….و..و….

ويفقد خيرة شبابنا المعطلين أعصابهم وحواسهم ،ويدور دورته الشيطانية ليطلق العنان لبشاعة الأجرام والقتل والاغتصاب والسطو المسلح ،وتتكدس الأجساد في السجون والمخافر ،والمستشفيات ،ويصر على احتلاله لجرائدنا اليومية ومواقعنا الاكترونية ،تجده في كل زاوية كأنه “عم فضولي “في مجلة ماجد للأطفال ايام الزمن الجميل ،ويفتح أعيننا بقوة لنرى ترتيبنا في المؤخرة عالميا في كل شئ .ويزحف على أحلام المخبولين امام مكاتب سباق “الخيول “او”الكلاب”او”اللوطو”ويتلاعب في أرقامهم التي لا تربح أبدا ،ويدخن معهم سجائرهم الرخيصة ويفترش الارض الوسخة معهم، ويتناوب معهم على ارتشاف كؤوس الشاي الحارة التي فقدت نكهتها ،ويزحف على ليل ونهارات المتخلى عنهم في الشوارع ،ويتبرج مع نساء الليل ويسهر في البارات المقرفة المظلمة ،ونكاية بهم جميعا يذهب عنهم نشوة السهر والنبيذ والجعة الرخيصة….

حتى قطط الليل وكلابها لم تسلم منه يعاكسها ويشعل فيهم حربا طاحنة على الأزبال ،ويزحف على “كوريات”البهائم ،ويضع الخطط المسعورة ليشعل في اثمنتها حين تقترب الأضحية ،وتصبح تطاردنا ونطاردها كالمجانين …لم نعد نحلم بدخان الشواء او “بولفاف” لانه يكوينا قبل ان يشرفنا في منازلنا ،نفخ في أضحية العيد واصبحت “بوعو”،واسترخى في جلسته الشيطانية داخل قطارتنا المجنونة وسياراتنا وطرقنا وأشعلها حربا يومية تدهس الأرواح بلا رحمة ولا حس مسؤولية ،وصار مخلوق هذا الوطن يتحسس راسه داخل الحافلات ولا يغمض له جفن ،يلعب الغميضة مع الموت ،حتى ان وصل سالما الى وجهته ونادرا ما يحصل للجميع ،يقول في نفسه “على سلامتي هاد المرة زگلتها”

فهل هناك إرهاب أقوى واشرس وأبشع من نزع الراحة النفسية والعيش الرهيب والمستمر مع هذا الإرهابي العفن المتربص لنا بكل هذه الرعونة ؟؟؟؟

مشاركة