الرئيسية اراء ومواقف عاشوراء بين التسول و السحر…

عاشوراء بين التسول و السحر…

كتبه كتب في 13 نوفمبر 2013 - 00:25

عاشوراء قديما، أو على الأقل هذا ما كانت تعرف به لدى طبقات الشعب المغربي المعوزة، عندما كان أغنياء القوم، مجبرين لا مخيرين، بإخراج نصيب من أموالهم لصالح الفقراء، لتحقيق نوع من التكافل الاجتماعي الذي صار واجبا يؤديه البعض قصرا لا ضرورة وجب العمل عليها، لكن عاشوراء تعرف عند البعض بأنها ذكرى قتل الحسين حفيد الرسول صلى الله عليه و سلم على يد مسلمي أهل العراق هو و ذريته، و بالتالي فهي ذكرى دينية تستوجب التأمل و أخذ العبر.
لكن بين هذا و ذاك ظهرت معاني جديدة لعاشوراء بالأعوام الأخيرة.
أولها و أكثرها غرابة و إثارة للانتباه أن هذه المناسبة الدينية تحولت و بدون منازع على الأقل بمدينة تاوريرت إلى أكبر مسيرة أو مهرجان للتسول المنظم. فيكفي أن تمر بإحدى الشوارع الرئيسية التي تضم بعض المحلات الفارهة حتى تتفاجأ بعدد النساء و الشيوخ و الأطفال الذين ينتظرون صدقة عاشوراء. و يكفي فقط أيضا أن تقف في أي مكان داخل المدينة، حتى تتوافد عليك الجموع و تتهاطل عليك الدعوات من أجل عاشوراء. وربما هذه الظاهرة الغريبة هي التي كان على القناة الثانية تغطيتها آنيا عوض الحديث عن الأزبال داخل المدينة و التي أصبحت ظاهرة استأنست بها الساكنة على مدار السنة لأن هذه الأرض الخراب هي مزبلة بحد ذاتها. و للذين يجوبون الشوارع و بيوت الألبة من بورجوازية هذه المدينة نقول لهم “الله يحسن لعوان”.
لكن الفقر و ضيق الحال ليس دافعا للتسول سواء في عاشوراء أو غيرها، وليس بالقمح وحده يعيش الإنسان.
و المعنى الثاني الذي ظهر لعاشوراء، و الذي لا يعرفه عديد الرجال منا بالخصوص أنها صارت موسما سحر بامتياز، فكما يقول مصطفى وعراب فان عاشوراء هي واحدة من أبرز و أهم المناسبات في يوميات المتعاطين للسحر بالمغرب، إذ لها في اعتقادهم منزلة خاصة توافق أعمال السحر، و بالأخص منها تلك التي تستهدف جلب المودة و الوئام بين الأزواج أو العاشقين.
و لعل من أشهر الوجبات المطبخية التي تحضرها الزوجات الراغبات في كسب ود و طاعة أزواجهن، أو بهدف إخضاعهم هي “طبق الكسكس بذيالة الحولي”، حيث تأخذ المرأة ذيل الخروف الذي احتفظت به مجففا بالملح، و نقعه في الماء الساخن لتحشو فقرات الذيل بمستحضرات سحرية، ثم تضع الذيل في الكسكس مع إحكام إغلاقه.
و تؤكد بعض ربات البيوت المتخصصات في إعداد هذا النوع من العمل السحري أن مفعوله مضمون، و يدوم لمدة عام كامل حتى عاشوراء الموالية.
و من أشهر الممارسات التي لا تزال رائجة حتى اللحظة حسب نفس المصدر تلك التي تقوم بها الزوجات الراغبات في كبح تسلط أزواجهن، و نذكر منها على الخصوص وصفة حرق “الشرويطة”. و المقصود ب”الشرويطة” هنا تلك الخرقة التي تستعمل بعد المجامعة الجنسية، حيث تحتفظ بها الزوجة لتلقي بها في نار عاشوراء بعدما تكون قد مزقتها إلى سبعة أطراف متساوية.
وحسب الاعتقاد السائد فإن مفعول هذا العمل يدوم عاما كاملا مع إمكانية التجديد بحسب الرغبة.
هكذا إذن تضيع الأمة، و تضيع مبادئ الدين السمحة في هذه الأيام الصعبة بين مؤيد و معارض، و شيعة و سنة، و متسول و ساحر، و مازالوا يقولون: “نحن خير أمة أخرجنا للناس!!!؟”.

مشاركة