منذ شعبان والمغاربة ينتظرون أن تهل الحكومة عليهم بعد انسحاب وزراء حزب الاستقلال وانفراط عقد الأغلبية، وحل رمضان لينشغل الناس بالصوم والعبادة إضافة الى الانشغال بهاجس الحكومة، وجاء عيد الفطر ليحل بعده عيد الاضحى.أشهر طويلة مرت، عاش المواطنون خلالها لحظات عصيبة من التوقع والأمل.طيلة هذه الأشهر عرف المغاربة حكومات كثيرة كلها كانت تخمينات وتوهمات على بعض المواقع الالكترونية والصحف والاشاعات التي يتناقلها الناس، صلاح الدين مزوار يحظى بحقيبة المالية، والعثماني وزير دولة، والشرقي اضريس وزير الداخلية وما إلى ذلك.وتمخض الجبل، وظهرت حكومة 10 أكتوبر ليلة، عيد الأضحى وليلة قرار الزيادة في أسعار الخبز.جاءت الحكومة بعد أسابيع من تطبيق نظام المقايسة على المحروقات وبعد ارتفاع أسعار الحليب، وتزايد أعداد المعطلين، والأزمة الاقتصادية المتفاقمة. العبارة التي رددها المواطنون بعد ساعات من الاعلان عن الحكومة الجديدة هو أنها حكومة ترضيات، فالمؤشر الأول الذي يعزز ما ذهب اليه هؤلاء المواطنون هو رفع عدد الوزراء الى 39 أي بزيادة 8 حقائب، فبينما كان الجميع يعتقد أن الأزمة ستفرض تقليص عدد الحقائب لتعادل عدد حقائب حكومتي اليابان أو الصين اللتين يعد سكانهما بالملايير، حدث العكس، 39 وزيرا برواتبهم ومصاريفهم وإقاماتهم وسياراتهم. إنها مبالغ بالملايير، يمكن توظيفها في التشغيل وسد العجز. إنها حكومة ترضيات بالفعل، وزراء منتدبون بالعشرات الى جانب وزراء رئيسيين وأسماء مستحدثة، اللوجيستيك والاقتصاد الرقمي وما إلى ذلك. المواطنون الذين سيؤدون من ضرائبهم رواتب وزراء مكلفين باللوجيستيك والاقتصاد الرقمي، هم مضطرون لأدائها رغم أنهم لايعرفون معنى هذا الاقتصاد الرقمي ولا هذا اللوجيستيك، بل حتى لايعرفون مدلول الحكامة.والمغاربة لايعرفون لماذا ظل صلاح الدين مزوار طيلة ثلاثة أشهر من المشاورات متشبثا بحقيبة المالية والاقتصاد لتسند الى وزير من حزبه. لماذا قبل مزوار بهذا المخرج؟ألا يكون ذلك قد تم في إطار الصفقات والترضيات؟ومن أجل إثبات أن الحكومة تسعى الى تطبيق المناصفة بين الرجل والمرأة، قررت إضافة خمس وزيرات الى الحكومة، ليرتفع العدد إلى ست وزيرات، وربما فإن ذلك قد تم من أجل الإثبات على سعي الحكومة لتفعيل المناصفة. وإذا كنا نؤيد هذه المناصفة وليس لنا لحد الآن أي مأخذ على الوزيرات الجديدات، فإن لدى المواطنين شعور بأن هذه العملية هي الاخرى قد تمت في إطار الترضية.هذه خواطر أولية يشعر بها بعض المتابعين للشأن السياسي سبقت بعد ساعات من الإعلان عن الحكومة الجديدة، الذين كانوا يجمعون على أنه كان على رئيس الحكومة عبد الاله بنكيران، أن يختصر هذا الكابوس المضني من المشاورات الماراطونية وذلك بالجلوس على الطاولة مع حميد شباط الذي تقدم بملاحظات الحزب حول الاغلبية وهيكلة الحكومة.نعم لو كان قد اهتم بعرض الامين العام لحزب الاستقلال لكفى الله المومنين شر القتال.
عمر الدركولي