الرئيسية اراء ومواقف آنــجــيــلا مــيــركــل: دكــــّـاكــة 2013

آنــجــيــلا مــيــركــل: دكــــّـاكــة 2013

كتبه كتب في 24 سبتمبر 2013 - 13:24

اكـتــاســحات مـيــركـل البـارح الساحة السياسية الألمانية (62 مليون ناخب/ناخبة على 82 مليون نسمة)، حيث صوّتـوا عليها % 41,5 من الألمان، على الحزب الليبرالي، حليفها فى الحكومة، يـلا ّه % 4,8، يعني ما غـاديش إكون أمــّـثـل فى برلمان 2013، لأن شرط العتبة كيبلغ % 5 فى ألمانيا، أمـا الإتحاديين حازوا يـلا ّه على % 25،7، يعني زيادة طفيفة، 3% فقط، أما الخضر اللي تمـنــّـاوْا يـتـجاوزوا عل الأقل %10، كـيـتـوجـّـب عليهم إقـبـلوا بـاللي جاب الله أو الصـندوق، يعني % 8،4، أو هاد النسبة كـتشـكل تراجع ملحوظ، من % 10،7 فى الإستحقاقات الأخيرة ديال 2009، أمــّا اليسار كانت حصـّـتو % 8،6، هاكدا رجع حزب اليسار ثالث قوة سياسية من بعد المحافظين أو الإتحاديين اللي رافضين بجوج يـتـحـلافـوا معاه.

بالنسبة ألــْ “إيــنــجــي”، كـيف كــيـســمــّــيــوْا شباب الحزب المحافظ المستشارة الألمانية القديمة أو أكــيد الـجديدة، كـانت هاد الإستحقاقات بمثابة ماشي غير فـوز، ولاكن نجاح ساحق، فى العمق ماشي الحزب ديالها اللي ربح، ولاكن هي، أو هاد الشي راجع فى الأساس ألــْـتــعــلــّـق الألمان بيها، بالثقة، بالــمــصــداقـية اللي كـتـــّـمــتع بـيها، الرصـيد السياسي الوحيد، العملة الصعبة ديال كل حزب كيحترم راسو أو ذكاء اللي صوتوا عليه، ما عـمــّر بـاعـت ميركل الوهم لولاد بلادها،  نتاقمات منهم، نـفراتهم، لاحتهم فى عافية المقايسة بحال بنكيران، ثــقــّــلات كاهلهم بضرائب ولا ّ زيادات مجـحـفـة ولا ّ حتى كـذبات عليهم، بحال اللي كـيــعــمــلوا دياولنا إيلا حصـلوا أو ما عرفوا كـيفاش إســلـــّـوا راسهم من مـشـنــقــة الـتـــّـبـوحـيـط أو بـكـى الــتــماسيـح، يعني اللذة، الشهوة اللي كـيشعروا بيها غير كيكونوا كـيـفتارسوا الغنيمة، لذلك إيلا شفتي التمساح، كيبكي عرفو كـيـتلـذذ، مـاشي حزين.

أكــيد غـادي تـدخول ميركل بهاد الفوز الباهر التاريخ من بـابو الواسع، ماشي بحال شحال هادي غير جابها المستشار الألماني السابق هيلموت كول لـَـحداه، دخــّـلها ألــّــكــوزيـنة الحـكــومية، عـلـــّـق ليها الــطـــّابـليـة الوزارية، قـال لـيها: “يــلا ّه ورّي لــيــنا حـنــّـة يـدّيــك الشرقــية!” أو ما مشات حتى قـلـبات عليه الكرسي، جـمـعات ليه الـرّجيلات، حيث ما بغاش يـفـهم راسـو أن الديمقراطية ماشي حكم مطلق، أبدي على يد ولا ّ هوى شخص واحـد، الديمقراطية هي التنواب السلس على السلطة أو بالأخص تدبير الإختلاف بطريقة خـلا ّقة، متـحـضرة أو مقبولة، أمــّا الهضرة الخاوية ما عندها باش تفيدنا كيف كـيـقول المثل المغربي الحكيم: الـهــضــرة مــا تـشــري الخضرة.

من اليوم فصاعدا ضروري نـذكــروا ميركل مع كونراد أديـناور، المستشار الألماني اللول اللي نـفـاوه النازيين باش يرجع من بعد بقوة حتى فاز بالإستحقاقات الإنتخابية اللولة فى ألمانيا فى 15 سبتانبر 1949، أو ما مشى حتى قــرّب إعـشــّـش تمــّـا، لأنه بقى 14 ألــْـعام أو هو مستشار، يعني المسؤول اللول على سياسة البلاد، بحال رئيس الدولة عندنا فى المغرب، هو الوحيد لحد الآن اللي حصل على الأغلبية المطلقة فى عام 1957، بالنسبة ألــْـميـركل يمكن لينا نعـتـبــروا 22 سبتانبر 2013  أجمل لحظة فى حياتها السياسية، لأنه يمكن ليها من دابا ألــّــفــوق تبسط نـفــوذها، حـكمها، تصورها على حزبها “بدون أي منازع”، أو العجيب فى السياسة الناجحة ديالها، مـا عمـّـرها كـتـدخول فى خصومات جوفاء، تقذف، تسب، تشتم الخصم السياسي، مـركــّـزة جميع حواسها على هواجس الناس، بلا ضجيج ولا ّ بلبلة، كـتــمـارس السـلـطة بلا ما عـمــّرك تحس أنــّـها كاع مـوجودة، كـتـجي على صباع الرجل أو تـرجع عليهم، أو حتى إيـلا ضربات ليك شي شـوكة سياسة “من العيار الثقيل”، أو تـكون بالنهار الـكــهــّار، والله ما تحـسّ بيها، شـهـبة بحالها، ما كـتبانش فى شعى الشمس.

شحال من واحد حكـرها، نـعـــّـتـهـا بمستشارة “الــتـــّـقــريـبي”، يــعــني جسم، روح السياسة المحافظة ما مشات حتـى بــخـــّراتـها أو خـلا ّت الضـّـبابة كـتــدبـّـر أمور الدولة “نيابة عنها”، ولاكن بالنسبة ألألمان اللي نـتــاخــبوا عليها آيــْــهــاي! ما هي لا غـبــيــة، لا مولاي أبــّـيـه، بالنسبة ليهم اللي ذكي ما كـيـجـرّش عليه الـبــلا بـكـثـرة الكــلام الخاوي، كـيـكون حكيم، جامع فـمــّـو، رجـليه، ماشي اللي قـرّب ليه ركلو، لا! دائما كـيـخــلــّـي الباب مـعــشــّــقة لــَـنــهار الحــزّة، كــيف كـيقولوا المغاربة أو المغربيات: المــلــك بالتاج أو كـيـحــتــاج، الدعم من جمـيع شرائح  المجتمع المغربي ضروري، أمــّا غير الطبقة السياسية ما عـنـدها ما أدّيــر، لأن الأغلبية الساحقة متورطة فى أعمال غير أخلاقية، بحال توظيف الموالين أّلــّحزب، القبيلة، الدشيرة، العائلة ولا ّ التوسط، ستغلال النفوذ أو السلطة.

عـشــّاق، المعجبين بميركل كـيـشوفوا فيها ممثلة السياسة “الليبرالية المحافظة” اللي ما عمـّرها تـفــزع ولو تـقــول ليها خصـّـكي تــعــتـارفي بـزواج المثليين، أو المثليين بـنـفــسهم كــيـتــوفـــّـروا على جمعية خـاصة بيهم فى قلب الحزب المحافظ الألماني، ولاكن فوز ميركل الباهر كيرجع بالأساس ألــسـياستها الفطينة، حـيث عـرفات كيفاش أدّبر أمور الشعب، تـشـق ّ طــريقها فى أوسط العاصفة الإقتصادية اللي طاحت بالهراوة فى القارة العجوز، يــلا ّه ألمانيا بوحدها اللي عـرفات كيفاش تـخلق مناصب جديدة للشغل حتى هاجروا المئات من الآلاف من بلدان الجنوب ألألمانيا، بالأخص من صبانيا أو اليونان، هاد البلدان اللي كتعرف اليوما الكساد، التقهقر، النكوص، الأفق المسدود أو ظاهرة الإنتحار، بحال اللي عندنا دابا.

أمــّا حليف ميركل، الحزب الليـبرالي الألماني، خسر الإستحقاقات حتى فقد التمثـيـلية فى التشكيلة الجديدة ديال “البوندسطاك” 2013، البرلمان الألماني، لأن الأمر بسيط، كل حاجة كانت ناجحة إلا ّ أو تنسبات ألـْ “إيـنـجـي”، أمــّا جيمع الإخفاقات، القرارات السياسية اللي كـتـعرف جدل، رفض كـتـــّـنسب ألإئتلاف اللي كيـجمع المحافظين بالليبراليين، هاكدا تـحــرق حزب الليبراليين فى زيت، فى شـعـبــية ميركل اللي تفـنـّـنات دوما فى ربط علاقة ودّ، صداقة حتى مع اللي كـيـكـره حزبها.

أو فى العمق سياستها ساهلة ماهلة، مفهومة، حـيث أتــّـخـذات من أديناور عـبرة لمـّـا ركــّـز الحملة الإنتخابية ديالو على ثـلاثة ديال الكـلمات: “ما بـغـينا تـجـارب!” أمــّا ميركل قالت ألألمان: “راكوم كـتــعـرفـوني، أو الربع سنين اللي دوّزنا جميع، كانت ناجحة”، الدورة التشريعة فى ألمانيا 4 سنين، ماشي 5 سنين، يعني بكل بساطة: “اللي بغى ينجح فى حياتو، خصــّو ينتخبني!” أو الشعب الألماني اللي كيخاف من الجديد، تبـرّع عليـها بأعز ما عندو: بـصـوتـو، أحسن دليل هو أن كثر من %70 مشات تصوت، الخاسر الكبير هو حزب أوزير الخارجية الألمانية فيستارفيلو، شحال هادي كانوا الليبراليين هوما اللي كيمثلوا اللوبيات الإقتصادية القوية، جميع المهن الحرة، أو كان عندهم رصيد معرفي مهم أو كفاءات عالية، اليوما تصلــّـبوا ليهم شرايين الدينامية الخلاقة، المنتجة بالهضاضر الفارغـة حتى نساوْا يـتـنــفـــّــسوا. شحال هادي كان عندهم باع فى السياسة الخارجية، فى وقت هانس ديتريش ـ كـانشار، اليوما ميركل هي كـولـّـشي، ها هي فى بروكسيل، موسكو، باريز، واشنطن، لندن، بيكين إلخ، حتى شكـّـينا بعد المرات واش ألمانيا عندها كاع أوزير فى الخارجية.

الإتحاديين، زادو شي %3، ولاكن بالنسبة ألطموحاتهم، هاد النتيجة غير مشرفة، حيث باقيين كينالوا ضربات قاسية من طرف الناخب الألماني اللي ما نساش ليهم الهجمات المتتالية على يد المستشار الألماني كيرهارت شرودر، لـمـّا ميـيــّـع، قـزّم أو بـتـر الحزب من المد الجماهري، لما قام بــتـقـليص المعونات، حرر السوق من قيود قوانين الشغل اللي كانت صارمة من قبل حتى ضاع من الحزب جـوهر كـيـانـو: “العدالة الإجتماعية”، اللي كان ديما كـيــتـعــنــّى بيها، اليوما يمكن لينا نـعــتـابروا الحزب فى مرحلة نتقالية، أو فى المستقبل القريب ما غاديش يمكن ليه إنافس حزب المحافظين الألمان إيـلا ما عرفش يبني جسور ماشي غير مع الحليف التقليدي ديالو، يعني الخضر، ولاكن حتى مع حزب اليسار الألماني.

الخضر الألمان فى مفترق الطرق اليوما، ضروري إعرفوا شنو بغاوْا بالضبط، أو بالأخص إرسمو خارطة طريق جديدة، بـوجوه جـديدة، لأنه يمكن لينا نعتابروا “تــْـريتين”، أمين الحزب الحالي، من ديناصورات حزب الخضر، أو من الأحسن ياخوذ مسافة معينة بينو أو بين مسيـيــرين الحزب الجدد، باش ما إشوش عليهم، ولاكن ضروري يبقى فى الصفوف الخلفية باش إطـعــّم الحزب بأفكارو، رصيدو السياسي المخضرم أو تجربتو الطويلة.

أكـيد ما غـاديش أتـــّـرشح ميركل من بعد الربع سنين الماجية، لأنه كتعرف أن  من بعد النجاح الباهر ما كاين غـيـر الرجوع الله، على حـقــّاش النجاح براسو بحال حياتنا،  نسبي، لـذلك ضروري تفسح المجال ألـــّـجيل الصاعد، لــَـنـاشئة فى نسخة الدورة التشريعة المقبلة، يعني 2017.

د. مراد علمي

أستاذ جامعي، كاتب ومترجم

مشاركة