الرئيسية وطنيات شيوخ الأنترنت: أقنعة للتطرف والإرهاب وأخرى إباحية

شيوخ الأنترنت: أقنعة للتطرف والإرهاب وأخرى إباحية

كتبه كتب في 15 سبتمبر 2013 - 11:10

تفلح وسائل الإعلام في “فلترت” الخطاب الديني مما يحول دون وصول فكر غرائبي إلى أذهان المواطنين، غير أن السيطرة على الخطاب الديني أصبحت شيئا غير متاح في زمن الأنترنيت، حيث ينجح الكثير في إيجاد “منبر رقمي” يمكنه من نشر أفكاره الغريبة التي تصاغ باسم الدين على نطاق واسع يتجاوز الحدود الجغرافية التي نشأ فيها هذا الخطاب، لتتحول إلى مادة دسمة تتناولها المنتديات وصفحات التواصل الإجتماعي بين مؤيد ومعارض.

 وسط ارتفاع صوت الرصاص داخل سوريا، وارتفاع عدد الضحايا برزت فتوى حلبية تحرض “المؤمنين” على عدم التشبه بالكفار طمعا في عودة الخلافة القوية، وعلى الرغم من أن أهل سوريا يعيشورن ظروفا صعبة قد تحول دون وصول الطعام، إلا أن موقع المدد السوري سارع إلى إصدار فتوى تحرم على أهل الشام تناول “الكرواسان”!!

تحريم الكرواسان يسبق تحريم دماء الأبرياء !

كشفت الفتوى نوع الإهتمامات التي تعكف عليها الهيئة الشرعية بحلب في وقت يحصي فيه المجتمع الدولي عدد ضحايا حرب لم تحدد بعد معالم نهايتها، إلا أن الفتوى ارتأت استخراج كتب استندت عليها من أجل الخروج على الأمة بهذا “الإجتهاد السبق” مشيرة أن الهيئة اعتمدت على كتاب “الحضارة الاسلامية بين أصالة الماضي وآمال المستقبل”، وهو الكتاب الذي تتبع “المسار المثير” لظهور الكرواسان اللعينة، حيث كان الزحف العثماني يمتد نحو كل أرجاء المعمور، إلا أن البابا حشد قوات أروبا لوقف هذا الزحف وذلك بمؤامرة الدولة الصفوية، «ولولا توقف العثمانيين على أبواب فيينا بمؤامرة الصفويين، لأصبح الأذان يسمع من فوق أبراج كاتدرائية القديس بطرس» يقول بيان هيئة شيوخ حلب المنشور على موقعها، والذي ذكر أن ابتكار “الكرواسان” التي تعني الهلال الإسلامي باللغة الفرنسية وفق تعبير الفتوى، كان بمثابة تنكيل بالمسلمين وتخليدا لذكرى هزيمتهم حيث صنعت هذه الحلوى على هيئة هلال ليأكله الأروبيون في أعيادهم ويفرحوا بالإنتصار على المسلمي، لأنه كان شعار دولة الخلافة الاسلامية. «وبناءا عليه فإن الهيئة الشرعية تهيب بالابتعاد عن طعام الكفار والتشبه بهم في المأكل والملبس والتعويض عن الكرواسان بالفطائر العربية والإسلامية». يقول بلاغ الهيئة !!
تناقل الفتوى بين رواد شبكات التواصل أثار الكثير من السخرية بعد أن تساءل المعلقون عن خارطة الكوكب الذي يقيم به أصحاب هذه الفتاوى، وعن ابتعاد الشيوخ عن الواقع الذي تعرفه المنطقة والأخطار التي تتهددها، في الوقت الذي هاجم البعض فكرة مشاركة هذه الفتاوى، أو الإشارة لها معتبرين الأمر دعاية مجانية حول موضوع لا يستحق حتى النقاش، «لو كان التشبه بالكفار حراما، فإن تداول هذه الفتوى على موقع الكتروني من أكبر الكبائر لأن الأنترنيت صناعة شيطانية يجب على الشيوخ تجنبها !!

دبي .. المدينة المحرمة

موجة السخرية من مشايخ “التكنولوجيا” تعرف أوجها مع تغريدات التويتر الذي اتخذ منه الكثير من الشيوخ منبرا لتمرير رسائل قصيرة، تتولد عنها موجة من الإنتقادات التي ترى أن لجوء المشايخ لتويتر أصبح من الأمور التي توجب سن قوانين لمعاقبة بعض الشيوخ على فتاويهم الغريبة التي ينشرونها على التويتر، معتبرين أن هذه “الفتاوى المغردة” للشيوخ الأنترنيت تتضمن إساءة لبعض البلدان، كما هو الحال مع الداعية السعودي محمد شنار الذي نشر في تغريدة على توتير، «سألتني امرأة هل يجوز الذهاب لدبي من غير محرم؟ فأجبتها لا يجوز الذهاب لدبي ولو بمحرم لغير الضرورة لفشو المنكرات ويزداد الإثم بدون محرم» يقول الداعية الذي سبق له أن أجج العديد من النقاشات على صفحات التواصل الإجتماعي بسبب إشهاره لفتاوى غريبة بين الحين والآخر، حيث سبق أن روج عبر حسابه لجواز الزواج بالقاصرات، و هو الأمر الذي خلف الكثير من الانتقادات على مواقع التواصل الخليجية، حيث وصفت إحدى المعلقات على الفتوى بأن « شرعنة زواج القاصرات يعني اغتصاب طفلة من متحرش مريض مصاب بسعار جنسي»
إلا أن الرجل تمسك برأيه وأشار على صفحته بتويتر أن «تزويج القاصرات مسألة أباحها الله في كتابه وسنة رسوله، ونقل اجماع أهل العلم على ذلك» وهو ما دفع بعض المعلقين للتساؤل : و هل زواج القاصرات صحيح في هذا العصر؟ فأجابه الشيخ «ليس كل القاصرات كما يسمونهم، لكن بعض البنات قد تكون ناضجة فكريا وبدنيا وعمرها 15 مثلا، وتريد الزواج، هل نمنعها؟» يجيب الرجل الذي يرى أن المصدومين من فتواه يلزمهم التشرب بمنطقه الذيي يزن به الأمور حتى يتمكنوا من فهم ما يقول.
صولات الرجل مع الفتاوي الغريبة لا تنتهي على صفحته، حيث شدد على ضرورة تحريم الإختلاط بين الجنسين كنوع من الرد على المرونة التي أبداها بعض الأمراء السعوديين في ضرورة التخفيف من حدة الفصل بين الجنسين داخل المملكة، وقال الرجل على صفحته، « الإختلاط بدأ ينتشر ويقنن بشكل مخيف فإن لم يتداركه العقلاء سيفتك بالأمة وهو طريق للزنا، والزنا من أعظم أسباب الهلاك» وهو ما ترتب عنه دعوته لتحريم عمل المرأة والدراسة المشتركة حتى في الأقسام الأولية.
ردود فعل المتتبعين اتسمت بالكثير من السخرية في بعض الأحيان، حيث رأوا أن الشيخ ينضاف إلى لائحة الشيوخ الذين يفاجئون المتتبعين كل يوم بفتوى صادمة على صفحاتهم الشخصية، مثل تحريم اختلاء الرجل برجل وسيم، وشرب بول المجاهدين في سوريا، وضرورة وضع الحجاب أو النقاب للطفلة الصغيرة إذا كانت شديدة الجمال، ونكاح الجهاد … وهي أمثلة رأى فيها الكثير من المعلقين رغبة في البحث عن الشهرة ولفت الإنتباه، في الوقت الذي اعتبرها آخرون معيارا لتبين مدى الجهل الحقيقي الذي يتسم به بعض الشيوخ خلال تعاملهم مع الأنترنيت.
يقف رد البعض حد التهكم، في الوقت الذي اختار آخرون تأسيس “هشتاك” باسم فتواى الشيوخ الغريبة من أجل فتح نقاشات حول الموضوع، وحول أحقية هذه الفئة في استغلال هذا الفضاء المفتوح لبث عبارات لا تشكل مجرد رأي مناقض قابل للنقاش، أو للأخذ والرد، بسبب استنادهم على خلفية شرعية توهم البعض بأن هذه الاجتهادات الخاطئة في الكثير من الأحيان جزء من الدين، وفي هشتاك يحمل اسم “السفر لدبي حرام” هاجم الكثير من الخليجين شيوخ “فتاوى التويتر”، في الوقت الذي اختار فيه البعض طرح أسئلة من باب الأستنكار، «هل تنفس الهواء حلال أم حرام؟»، « هل يمكنكم يا فضيلة الشيخ أن تزودونا بلائحة البلدان التي يعد السفر إليها حلال»…

“الفتاوى المغردة” لشيوخ التويتر

تستمر تغريدات الشيوخ العجيبة على التويتر، حيث صدرت فتوى بعنوان تحريم التكييف على النساء من توقيع الشيخ أبو البراء الذي رأى أنه «لا يجب على المرأة تشغيل المكيف في حال غياب زوجها، لأن ذلك يعطي إشارة للجيران بتواجدها في المنزل، وقد يقع المحرم في غياب زوجها والعياذ بالله» يقول الشيخ الذي لم يفلح الكثير من المطالعين لرأيه في فهم الرابط بين غياب الزوج، وتشغيل المكيف، والوقوع في المحرم .. رابط قد يوجد في خيال الشيخ الذي أراء سد كل الأبواب التي يتهيأ أن الشيطان قد يدخل منها ليشتت شمل الأسرة، لا لشيء سوى لأن الزوجة اختارت أن لا تموت من الحر في غياب زوجها !!
وزيادة في الحيطة والحذر من وقوع المرأة في المحذور، على اعتبارها “رأس الفتنة ومدخل الشيطان لنقصان عقلها ودينها” تبعا لنظرة المتشددين، استغل بعض المتحدثين باسم الدين صفحات التواصل للترويج لبعض الفتاوى، لكن هذه المرة بتوقيع نسائي من سوريا كما هو الحال لفتوى تحريم المرأة لجوار الحائط!! واعتبرت الأمر مفسدة لأن المرأة أنثى والحائط يحيل على ذكر ينام على مقربة منها.
كما حرمت الداعية السورية التي تنتشر فتاواها ومواعظها على صفحات الفايسبوك الجلوس فوق الكراسي، لأن ارتفاعها على الأرض ينسي الإنسان أن أصله من تراب، على عكس الجلوس فوق الأرض الذي يعد محفزا على تذكر أن أصل الإنسان من طين وأن مآله تحت الأرض، مما يزيد من قوته الإيمانية ورغبته في التعبد. ويصبح تحريم استعمال الكراسي أكثر إلحاحا بالنسبة للمرأة لأن وضعية الجلوس فوق الكرسي تحفزها جنسيا، «لأن المرأة قد تشعر برغبة جنسية محرمة بعد جلوسها على الكرسي، وهو الأمر الذي باحت به مجموعة من النساء التائبات اللواتي أخبرنني بما كن يشعرن به » تقول “الشيخة السورية” التي قررت على ضوء هذا البوح النسائي إصدار فتاواها العجيبة التي ما كان لها أن تتسلل للعموم عبر قنوات رسمية، ليصبح الأنترنيت بديلها الآمن الذي يسوق لآراء شاذة موغلة في الإيحاءات الجنسية التي تحول كل ما يحيط بالمرأة إلى معطى محفز على نشأة علاقة جنسية، حيث اعتبرت “الشيخة” أن الكرسي وما يشبهه من الأرائك وكل ما يصلح للجلوس، ” بأخطر المفاسد التي ابتليت بها أمتنا العظيمة، لأن السلف الصالح و أوائل هذه الأمة، وهم خير خلق الله، كانوت يجلسون على الأرض ولم يستخدموا الكراسي ولم يجلسواعليها » تقول الشيخة التي كشفت عن الأسباب “الأكثر إقناعا” لتحريم استخدام الكراسي لكونها تجعل الجالس يسترخي ويتخيل أشياء غير لائقة، كما أنه يدفع المرأة إلى تفريج رجليها عند الجلوس، أو اختيار جلسة مغرية مما يشكل سببا للفتنة والتبرج، وهو ما يعنى أن المرأة قد مكنت الرجل من نفسها، سواء كان هذا الرجل من الجن أو من الإنس .. والغالب أن رجال الجن هم من ينكحون النساء وهن على الكراسي» تقول المرأة التي تترأس مجموعة من النساء اللواتي يطلقن على أنفسهن لقب “القبيسيات”، ويعملن على نشر فكرهن الديني عبر صفحات الأنترنيت !!!

شيوخ التشدد يستبحون الدماء على صفحات الأنترنيت

وعلى الرغم من أن الكثير من الشيوخ يلجؤون للأنترنيت من أجل مخاطبة فئة عريضة من المتتبعين بعيدا عن رقابة الإعلام الرسمي، إلا أن بعض الفتاوى تبين أن الشيوخ يقصون من لائحة المتتبعين النساء، لأن المرأة وفقا للفكر المتشدد لا يمكنها أبدا أن تطرق أبواب الخير وسط أبواب الحرام التي يعج بها الأنترنيت حسب اعتقاد بعض المتطرفين، لأجل ذلك كان لابد من اصدار فتوى تناقلتها مواقع الأنترنيت وهي المتعلقة بتحريم تتبع الأنترنيت على المرأة بدون محرم، وذلك « بسبب خبثها طويتها»، لذا يفضل أن تتم عملية التصفح بمرافقة محرم «مدرك لعهر المرأة ومكرها» حسب تبرير الفتوى التي لاقت الكثير من الانتقادات وردود الأفعال التي طالبت بمحاسبة مثل هؤلاء الشيوخ، غير أن فكرة الرقابة تبقى أمرا غير متاح بالمرة، وهو ما يعد بخروج المزيد من الفتاوى خاصة تلك المتعلقة بالأحداث السياسية، مما نتج عنه سيل من الفتاوي عبر صفحات الأنترنيت، وتغريدات التويتر، وكذا الفيديوهات المتداولة عبر موقع اليوتوب لأسماء محسوبة على التيارات الإسلامية التي ظلت لوقت طويل تصف نفسها بالمعتدلة، « لقد أمر الله بقتال الخارج عن الحاكم فقال قاتله، وقد سأل الصحابي رسول الله أرأيت إن قتلني، فقال له الرسول أنت في الجنة، فسأله أرأيت إن قتلته، قال فهو في النار» يقول أحد الشيوخ عبر فيديو متداول على الأنترنيت وهو يستند على قول النبي عليه الصلاة والسلام لإعطاء مشروعية لفتواه في جواز قتل المتمردين على حكم الرئيس المخلوع مرسي، «اللي عايز يخش جهنم ان شاء الله، يجي ياخد فلوسنا، ويشيل ريسنا ويعتدي علينا ان شاء الله ، وحنشوف يا احنا يا هم.. الصليبيون العلمانيون ، البلطجية »!!
حدة لهجة الشيوخ لا تقتصر على اللهجة المصرية فقط، «أضرب السيدة عائشة.. اضرب السيدة عائشة .. هيك وصلت للأطفال.. يا شيخ نصر الله إزا ما بتداركو هازا الأمر بإذن الله إزا بقيت في هذه الحياة ما راح حليكم تنامو الليل» يقول الشيخ الأسير في حالة هيجان وهو يحمل بين يديه لعبة على شكل بندقية سبق أن جمعت من الأسواق بعد أن ثبت أنها تحتوي على مقطع يأمر بضرب السيدة عائشة.
الأسير من أكثر الأمثلة عن الشيوخ المتشددين الذين صنعوا نجوميتهم عبر صفحات الأنترنيت من خلال مشاركة مقاطع الفيديو التي تأرخ لخطبه النارية التي تجاوزت الحدود اللبنانية لتصل إلى الحدود السورية، وتصل لحد تأجيج مشاعر المعجبين بخطه داخل مختلف الدول العربية من أجل المشاركة في حرب سورية باسم الجهاد ونصرة السنة، تمهيدا لنصرة الإسلام في كل بقاع الأرض تمهيدا لقيام الدولة الإسلامية الموعودة … !!

سكينة بنزين/الأحداث المغربية

مشاركة