الرئيسية تمازيغت الحزب الديموقراطي الأمازيغي المغربي ..وقفة للتأمل في الذكرى الثامنة لتأسيسه

الحزب الديموقراطي الأمازيغي المغربي ..وقفة للتأمل في الذكرى الثامنة لتأسيسه

كتبه كتب في 2 أغسطس 2013 - 02:02

في خضم الذاكرة الجماعية، وبين طياتها، تتبلور الهوية. ومن تم، تكون الهوية السياسية للحزب رهينةٌ بمدى قدرة أبنائه، ومنتسبي مدرسته الفكرية، وعموم المتعاطفين معه في الداخل والخارج، على ممارسة فعل الاستذكار باستمرار l’action mémorielle. وحينما أقول الاستذكار، فإنني أعني بذلك تأمل مرحلة الثماني سنوات المُنصرمة، والتي، إن كانت تعني شيئا كثيراً بمقياس الزمن الفردي، فإنها لا تساوي الشيء الكثير بمعيار الزمن الجماعي/الاجتماعي. فما عاشته الحركات السياسية البديلة، والمناقضة في بعض الأحيان مع إيديولوجية الدولة وأجهزتها، بما في ذلك الأجهزة الحزبية التي تُقاسم الدولة نفس المرجعية المذهبية، في مناطق مختلفة وعلى مرّ التاريخ، من الصعب مقارنتها بتجربة الحزب الديموقراطي الأمازيغي المغربي. فالشوط ما يزال في بداياته الأولى.

فرغم الحصار والمنع في الوجود المثبت بقوانين الدولة، لازال هذا التنظيم في تطور مستمر، وحضور متنامي في تحدّ للاكراهات والصعوبات التي يفرزها الواقع السياسي المغربي، وهو في تفاعل دائم مع مستجدات الوضع السياسي الوطني والإقليمي والدولي.

ومنذ تأسيس هذا الحزب يوم الأحد 31 يوليوز 2005/ 17 يوليو 2955 بالرباط من طرف مجموعة من المناضلين والفاعلين في حقل الأمازيغية، وهو يخوض مرحلة الوجود والشرعية في كل مستوياتها، وهو الآن على مشارف استكمال السنة الثامنة من حياته، بكل ما تقتضيه الحياة من لحظات فرح ولحظات حزن وقلق ومراحل القوة ومراحل الضعف، مثله في ذلك مثل سائر الكائنات البشرية، يتطلب الأمر من كل المناضلين والمتعاطفين وقادة الحزب الاستعداد للمراحل المُقبلة، بالنظر للتحديات والرهانات التي تنتظر الأمازيغية كلغة، وكثقافة، وكهوية، وقبل ذلك وبعده، كمشروع سياسي يستقي مشروعيته من فلسفة التعدّد التي كانت منطقة شمال أفريقيا حضنها بامتياز. إنها رهانات مُملاة من قبل السياق الوطني والإقليمي والعالمي في أبعاده السياسية والثقافية والمعرفية والقيمية.

تقتضي اللحظة الراهنة اليقظة من أجل المساهمة في الاستجابة للانتظارات الملحة التي ما فتئ يُعبّر عنها الجمهور الأمازيغي من ضرورة مُواكبة التحولات الجارية في المغرب وفي المغارب بشكل عام. كما أن على أطراف صناعة القرار السياسي النهائي ببلادنا إدراك كون تمثيل الحساسية الأمازيغية في مؤسسات الدولة سياسياً، سيمرّ، بالضرورة، آناً أو مستقبلاً، عبر تنظيم سياسي له فلسفة ومذهب فكري يستلهمه من المرجعية الأمازيغية بكل أبعادها ومظاهرها. وأن هذا المستجد يفرض ضرورة إعادة النظر في المقومات الهوياتية التي بُني عليها الحكم والسيادة ببلادنا منذ فجر الاستقلال على الأقل. وهذا يقتضي من كل الأطراف بدل مزيدٍ من الجهود على كافة المستويات بهدف إعادة صياغة الحقل الهوياتي الوطني بما يتماشى مع التحولات الجارية دون أن نتمادى عما يجري من حولنا..

إن قراءة وتمعّن تجارب بعض البلدان تجعلنا نتفادى جميعاً بعض المنزلقات والهفوات التي يمكن أن تقع فيها بلادنا، بفعل الأخطاء السياسية في معالجة سؤال الهوية الوطنية في علاقته بالدولة والسيادة والحكم. فإذا كانت الأمازيغية تعدّ صُلب الهوية المغربية وجوهرها، بناء على مستندات التاريخ والجغرافيا ودفوعات الاجتماع والثقافة، فإن الإجراءات العملية في مجال السياسة العامة للدولة، سواء تعلق الأمر بالسياسة الثقافية أو بالسياسة الاعلامية أو بسياسة تدبير الحقل السياسي وضوابطه، يجب عليها أن تكون في مستوى اللحظة التي يعيشها مجتمعنا. وبذلك يحق لنا القول بأن بأن الأمازيغية كلٌ شامل، تماماً كما هو الأمر بالنسبة لحقوق الإنسان، من الصعب، بل سيكون من الخطأ، تجزئيها ومحاولة إفراغها من حمولتها الفلسفية والقيمية التي تزخر بها في مجالات مختلفة، ومن بينها التنظيم السياسي الذي يهمنا في هذه المقالة.

 

مشاركة